الاثنين ٨ أيار (مايو) ٢٠١٧
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

إبراهيم رجب الملحن الموهوب

توفى يوم الأحد 30 أبريل عام 2017 الملحن القدير إبراهيم رجب وشيعت جنازته ظهر يوم الاثنين 1 مايو من مسجد الحلواني بشارع أمام مستشفى أحمد ماهر بورسعيد وتوارى جثمانه بين ثرى مقابر الأسرة بباب النصر بمحافظة القاهرة وأقيم العزاء في مسجد الرحمن الرحيم بشارع صلاح سالم يوم الثلاثاء 2 مايو 2017 م.

الملحن إبراهيم رجب من مواليد 31 مايو عام 1931 في حي البغالة بالسيدة زينب بمحافظة القاهرة وعند مولده أطلق عليه (وش فقر) لأن والده كان يعمل في قصر البرنس يوسف كمال أبن عم الملك فاروق ويتقاضى 12 جنيها ذهبيا وهو مبلغ ضخم وبعد ولادة إبراهيم رجب توفى البرنس يوسف كمال وبالتالي انقطع المرتب فأضر والد إبراهيم رجب إلى فتح محل مكوجي.
نشأ إبراهيم رجب في أسرة بسيطة كثيرة الأبناء 4 أولاد و ( 5 ) بنات وكان والده يلتقي مع أصدقائه كل أسبوع وبعد أن تناولوا طعام العشاء دخلوا الغرفة فوجدوا الطفل إبراهيم رجب أبن الـ 4 سنوات يمسك العود بطريقة صحيحة فتنبأ أحدهم بأنه سيكون للطفل إبراهيم رجب مستقبل فني كبير.

إبراهيم رجب لم يكمل تعليمه نظرا لظروف الأسرة وعمل صبي في محل طرابيش وصبي ميكانيكي وعندما بلغ العاشرة من عمره عمل في مهنة الجروم التي انقرضت في مصر بعد سقوط الملكية حيث كان إبراهيم يرتدي بدلة سمراء وبابيون ويجلس بجوار سائق الخاص بالأسرة المالكة ومهمته تتمثل في فتح باب السيارة للأميرة حورية محمود حمدي.
كان إبراهيم رجب يحب الفن ويستمع للإذاعة والأغنيات التى كانت تذاع في فترة الأربعينيات ومن ثم حفظ كل الأغنيات التي كانت تردد في تلك الفترة.

في نهاية الأربعينيات تعرف إبراهيم رجب على الشقيقين محمود وكمال عبد الشافي فدعاه كمال لحضور سبوع بنت أخته فذهب بعوده وغنى مجموعة من الأغنيات وكان من بين الحاضرين الشاب كفيف البصر سيد مكاوي فتعرق عليه وتوطدت الصداقة بينهما وكان إبراهيم رجب يعمل في المطبعة الأميرية صباحا وفي المساء يقرأ لسيد مكاوي الأشعار وعن طريقه تعرف على مجموعة من الفنانين والصحفيين والإذاعيين كما أحب الشعر.

أيضا في نهاية الأربعينيات ذهب إبراهيم رجب بصحبة الشيخ سيد مكاوي إلى سينما حديقة الحرية بميدان سعد زغلول المجاور لقصر النيل فلفت أنتباهما قبل عرض الفيلم إعلان عن منتج من السماد في صورة فيلم غنائي قصير كتبه شاعر لم يكن معروفا والإعلان كان من تلحين أحمد صدقي وإخراج صلاح أبو سيف وقال إبراهيم رجب : هو ده الغناء الجماعي الذي ابحث عنه.

سأل إبراهيم رجب عن الشاعر الذي كتب الإعلان وعرف أنه يبلغ من العمر 17 سنة والإعلان أول عمل يعمله وهو الشاعر صلاح جاهين وبعد مرور فترة طويلة ذهب إبراهيم رجب بصحبة الشيخ سيد مكاوي للغناء في عيد ميلاد الريجسيير الشهير قاسم وجدي وفي هذه المناسبة تعرفا على صلاح جاهين الذي كان يعمل صحفيا ورساما للكاريكاتير في مؤسسة روزاليوسف ثم توطدت الصداقة بينهما بعد ذلك.

بعد قيام ثورة يوليو عام 1952 تقدم إبراهيم إلى المعهد العالي للموسيقى المسرحية وكان يترأسه محمود أحمد الحفناوي ونجح في امتحان القبول ونظرا لعدم وجود شهادات دراسية مع إبراهيم رجب كتب أعضاء لجنة المعهد: (ناجح لكنه غير مستوفي شروط الدراسة حيث لايملك شهادات دراسية).

تقدم إبراهيم رجب إلى معهد خاص لتعلم الموسيقى وهو معهد أحمد شفيق وفيه تعلم قراءة النوتة الموسيقية وأشياء كثيرة في مجال الموسيقى وفي عام 1953 قدم بعض الموسيقيين الذين تتشابه ظروفهم مع ظروف إبراهيم رجب التعليمية مذكرة إلى جمال عبد الناصر للموافقة على دخولهم معهد الموسيقى واستثنائهم من شرط الحصول على شهادة دراسية وخاصة أنهم خاضوا امتحان القبول ونجحوا فوافق جمال عبد الناصر ومن هؤلاء من أصبح مشهورا في مجال التلحين والفن.

تقدم إبراهيم رجب إلى معهد الموسيقى وكان يترأسه وقتئذ محمد ثابت خلفا محمود أحمد الحفناوي وأمام لجنة الاختبار غنى إبراهيم رجب أغنية لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب إلى رؤف ذهني ولكن لم يغنيها وكان رؤف يرددها أمام صديقه إبراهيم رجب فحفظها منه وهى أغنية ياجواهر بالمال ياعنب وأعجبت الجنة بصوت وثقافة إبراهيم رجب الموسيقية ونجح إبراهيم رجب في الاختبار والتحق بالمعهد وتخرج فيه عام 1958 وقرأ إعلانا في الصحف عن إنشاء مسرح القاهرة للعرائس فتقدم بمشهد تمثيلي ونجح والتحق بالمعهد وشارك في أول مسرحية وهى الشاطر حسن تأليف صلاح جاهين والحان علي إسماعيل وبطولة صلاح السقا وإبراهيم رجب وإخراج درزينا تنارسكوفا وعرضت على مسرح معهد الموسيقى العربية والذي كان معروفا باسم معهد فؤاد وقتئذ وعرضت المسرحية يوم 10 مارس عام 1958 ثم توالت الأعمال ثم عمل إبراهيم رجب مدرسا للموسيقى في مدرسة بقرية مرصفا التابعة لمركز بنها بمحافظة القليوبية وكان يتقاضى أجر 8 جنيهات في الشهر وعندما افتتح التليفزيون المصري عام 1960 شارك إبراهيم رجب كلاعب عرائس نظير 4 جنيهات في 10 دقائق فاستقال من التدريس وتفرغ للتلحين لبرامج العرائس بالتليفزيون.

قدمت الليلة الكبيرة على مسرح العرائس بعد تقديمها في الإذاعة وإدخال التعديلات عليها وكتب إبراهيم رجب النوتة الموسيقية لليلة الكبيرة.

ألحان إبراهيم رجب كثيرة ولكنها ماظهر منها هو القليل فلديه رصيد ضخم من الأعمال الإذاعية والتليفزيونية والمسرحية مثل البرنامج الإذاعي شاعر عباد الله أشعار فؤاد حداد وإلقاء صلاح جاهين والبرنامج يتضمن 30 أغنية وبرنامج صور وحكايات الذي يتضمن 68 أغنية والمسرحية الغنائية حلم ليلة صيف والمسلسل الغنائي للأطفال كان ياما كان لصفاء أبو السعود بالإضافة إلى فوازير نيللي وشريهان وسمير غانم.

تعيشي يايلدي : كتب ابن المنصورة ومصر محمد العجمي يوم 12 يونيو عام 1967 بعد نكسة 5 يونيو 1967 أغنية تعيشي يابلدي ولحن الكلمات إبراهيم رجب وغنتها المجموعة ومن هذه الأغنية استوحى الكاتب علي سالم موضوع مسرحية أغنية على الممر التي تحولت على فيلم بعد ذلك وهذا ماذكره علي سالم لصديقه الملحن إبراهيم رجب بعد نجاح هذه الأغنية.
يابيوت السويس : بعد نكسة يونيو عام 1967 رفض الشاعر عبد الرحمن الأبنودى الهزيمة مثلما رفضها كل الشعب المصرى ولذا أخذ الفنان محمد حمام وذهب إلى مدينة السويس وكتب.. يابيوت السويس يابيوت مدينتي.. استشهد تحت وتعيشي أنت..

في هذه الأغنية استشرف الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودي المستقبل من منطلق إيمانه بالله وبحضارة مصر العريقة وعظمة الشخصية المصرية لأن مصر قد تتعثر ولكنها لاتتوقف.. مصر قد تمرض ولكنها لاتموت.. فقد قال الشاعر عبد الرحمن في أغنية يابيوت السويس:

والله بكرة ياعم أبورية.. لهاتضحك واحنا ماشيين سوية

ع المينا ولا عند الزيتية.. وهاتاخد ابنك وبنتك ومراتك

ونعدي على نفس المعدية.. ونقول يادنيا والله وصدقتي.

لحن هذه الكلمات الموسيقار إبراهيم رجب ولم يتقاضى عنها أجرا حبا في فنه ورسالته تجاه الوطن وغناها محمد حمام وتعد من أشهر أغنياته.

وبالفعل تحقق النصر في أكتوبر 1973 وكان الرئيس السادات يحرص على صلاة عيد الفطر في مسجد الغريب من كل عام تيمنا بنصر أكتوبر وفي عام 1974 قال الرئيس السادات في السويس : ( إن مدينة السويس لم تدافع عن نفسها فقط لكنها كانت تعبر عن بطولة كل مدينة وكل قرية في أرض مصر وكانت تعرف أنها تحمل في عنقها اسم الشعب المصري كله من أجل هذا فإن دين كل مدينة وكل قرية في مصر نحو مدينة السويس دين لا ينسى ولابد من الوفاء به.. ) وخلال اجتماعه بالقيادات السياسية والتنفيذية والإعلامية في إحدى المرات قررأن يكون يوم 24 أكتوبر عيدا قوميا للسويس التي صمدت في ذلك اليوم أثناء المعارك عام 1973 ودحضت العدوان الإسرائيلي الذي حاول احتلال السويس وبعد عجزه في ذلك قام بفرض الحصار على السويس لمدة 3 شهور وعشرة أيام وقطع خلالها الإمدادات من مياه وطعام وشرب السوايسة المياه من الآبار وقسموا اللقمة بينهم.

في عام 1974 قامت السيدة جيهان السادات بتكريم الأبطال كما قام كل محافظ تولى محافظة السويس بتكريم الأبطال.

من قلب المواكب: بعد ثورة جامعة الإسكندرية ضد نسبة العمال والفلاحين كتب الشاعر عبد الرحمن الأبنودي من قلب المواكب ولحنها وغناها إبراهيم رجب في كل مكان وفي أحد الأيام ذهب الشاعر عبد الرحمن الأبنودي إلى إبراهيم رجب وأخبره أن عبد الحليم حافظ يريد مقابلته فذهب معه إلى عبد الحليم الذي طلب غناء أغنية من قلب المواكب وبالفعل غنى عبد الحليم حافظ أغنية من قلب المواكب كلمات عبد الرحمن الأبنودي ولحن إبراهيم رجب.

يا بلدنا لا تنامى: الأوضاع فى مصر بعد نكسة يونيو 1967 كانت فى حاجة لما يشبه المراجعة وإعادة ترتيب البيت من الداخل وبالأخص على الجانب التنظيمى والتشريعى والإدارى وكانت هناك وثيقة مهمة فى هذا السياق تضمنت الرؤية العامة لهذه الأفكار التصحيحية ولم تكن هذه الوثيقة سوى بيان 30 مارس الذى صدر عام 1968 وأشار البيان إلى أن مصر استطاعت بعد كبوتها فى عام 1967 أن تعيد بناء القوات المسلحة وفى هذه الفترة كتب عبد الرحمن الأبنودى أغنية يا بلادنا لا تنامى ردا على بيان 30 مارس ولحنها إبراهيم رجب وغناها عبد الحليم حافظ.

والله لبكرة يطلع النهار ياخال: هذه الأغنية كتبها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي ولحنها إبراهيم رجب وغناها محمد حمام في المسلسل التليفزيوني الفلاح وذلك في نهاية الستينيات.
أذكر أن الشاعر صلاح جاهين كان سبب تعارف وصداقة عبد الرحمن الأبنودي وإبراهيم رجب فذات مرة ذهب إبراهيم رجب إلى صلاح جاهين بجريدة الأهرام فوجد في مكتبه شاب أسمر اللون وطويل القامة وهو الشاعر عبد الرحمن الأبنودي ومن هنا بدأت الصداقة.

ياما زقزق القمري على ورق الليمون : هذه الأغنية كتبها الشاعر سيد حجاب ولحنها الموسيقار إبراهيم رجب وغناها المطرب ماهر العطار في نهاية الستينيات.

والقُمْرِيُّ اسم عربي وهو ضَرْبٌ من الحَمَامِ (حمام بر) والجمع : قَمارِيُّ وقُمْرٌ.
والقمري من الطيور التي تهاجر جنوباً لقضاء الشتاء في أفريقيا أما في نهاية الربيع يبدأ عودته من أفريقيا ويعد القمري من الطيور المحببة جدا للناس.

أصحاب القلوب المريضة والأفكار الخبيثة منعوا أغنية ياما زقزق القمري من الإذاعة بعد تولي الرئيس السادات حكم مصر خلفا للزعيم جمال عبد الناصر بحجة أن الأغنية تمدح جمال عبد الناصر في الجزء الذي يقول:

وعشان بلدنا ياوله.. وجمال بلدنا ياوله.. كله يهون.

وغاب عن أولئك أن الشاعر سيد حجاب لم يقصد جمال عبد الناصر ولكنه يتغزل في جمال مصر.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى