الجمعة ٢٩ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
بقلم ليلى بورصاص

البيان الختامي لمؤتمر آفاق في قضية اللاجئين وحق العودة

في الذكرى الستين والذي أقامه تجمع العودة الفلسطيني (واجب)

فقد عقد تجمّع العودة الفلسطيني "واجب" مؤتمره الأول، تحت عنوان "آفاق في قضية اللاجئين وحق العودة في الذكرى الستين"، في الحادي والعشرين من آب (أغسطس) 2008، في دمشق، برعاية الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، وحضور قادة العمل الوطني الفلسطيني وممثلي المؤسسات الفلسطينية الشعبية وبخاصة المختصة منها بحق العودة، وبمشاركة وفود ومشاركين من الشتات الفلسطيني في العالم العربي وأوروبا، من بينهم ممثلون عن اللاجئين الفلسطينيين في العراق ولبنان.

وعبّر المتحدثون والمشاركون في المؤتمر عن تقديرهم وإكبارهم، لاحتضان سورية العروبة والصمود للاجئين الفلسطينيين على أراضيها، وتمسكها بالموقف الراسخ الداعم للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
وقد خلص المؤتمر بعد جلسته الافتتاحية الحافلة وجلساته وما تخلله من مشاورات ومداولات إلى المقرّرات التالية:

1/ إنّ حق العودة الفلسطيني حق غير قابل للمساس أو التنازل عنه كلياً أو جزئياً، وليس من المقبول خضوعه لأي مساومة كانت أو محاولة القفز عليه أو تجاوزه، ولا يملك أي طرف كان أية مشروعية للإقدام على أية خطوة في هذا الاتجاه.

2/ إنّ الشعب الفلسطيني في شتى مواقع انتشاره؛ في الوطن والشتات هو شعب واحد لا يتجزأ، تجمعه وحدة حال ومصير مشترك، لم تفتتها سنوات اللجوء ولا معاناة المخيمات ولا تباعد المنافي، وهي تعكس الوحدة العضوية لشعبنا والتفافه حول قضيته الكبرى وحقوقه وحريته.

3/ إنّ التهديدات المتعاظمة للقدس الشريف، بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، وبالأخص العدوان المتصاعد حالياً على المسجد الأقصى المبارك، وكذلك العدوان على هويتها التاريخية الحضارية العربية الفلسطينية؛ مما يقتضي يقظة عربية وإسلامية عاجلة لاستدراك هذه المخاطر المحدقة بالقدس والمقدسات، وهو ما ينبغي استحضاره بصفة خاصة في الذكرى الأليمة المتمثلة بجريمة حرق المسجد الأقصى في مثل هذا اليوم من سنة 1969.

4/ إنّ إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس تمثيلية ديمقراطية وشفافة مطلب أساسي، ولم يعد من المقبول مزيد من المماطلة من الاستجابة لهذا المطلب الفلسطيني، الذي يعكس تطلّع شعبنا للانضواء بشتى أطيافه في إطار تمثيلي واحد يتولى إنجاز مشروع التحرير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الوطن الفلسطيني بعد زوال الاحتلال.

5/ إنّ معاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق والنازحين منه تمثل جرحاً غائراً في قلوب أبناء الشعب الفلسطيني أينما كانوا، وهم يواكبون بمزيد من الأسى تلك المعاناة وما تنطوي عليه من مآسٍ وما يترتب عليها من تفاقم حالة الشتات واللجوء في أصقاع الأرض. ويتوجب على كافة الأطراف المعنية الوقوف عند مسؤولياتها الأخوية والإنسانية والأخلاقية إزاء اللاجئين الفلسطينيين في العراق، والتدخل للإنهاء الفوري لهذه المعاناة وبصورة تتوافق مع الحفاظ على حقهم المؤكد في العودة إلى أرضهم وديارهم المحتلة في فلسطين.

6/ إنّ مأساة مخيم نهر البارد ومعاناة سكانه تمثل شاغلاً كبيراً للشعب الفلسطيني أينما كان، بعدما لحق بالمخيم من دمار وبسكانه من تهجير. ويتوجب التشديد على ضرورة إعمار المخيم ذاته في أسرع وقت وتمكين سكانه من استئناف معيشتهم فيه، مع المحافظة على هوية المخيم باعتباره عنواناً للعودة وحاضناً للعائدين إلى الوطن الفلسطيني المحرّر قريباً إن شاء الله.

7/ إنّ واقع الانقسام الماثل في الساحة الفلسطينية يقتضي المضيّ بلا تردد إلى حوار وطني جادّ ومستند إلى الإرادة الفلسطينية المستقلة وبما يراعي المصالح والحقوق الفلسطينية الثابتة غير القابلة للتصرّف. وينبغي العمل على تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وتدعيمها، مع حماية المصالح الوطنية العليا على قاعدة التمسك بحقوق شعبنا وثوابت قضيته.

8/ إنّ هجمة الاحتلال الصهيوني على شعبنا الفلسطيني التي بلغت مستويات شديدة الخطورة في العدوان والحصار الخانق، ومحاولة فرض الأمر الواقع الاحتلالي عبر سياسات الاستيطان والتهويد والجدار التوسعي والسيطرة على الأراضي وتحويل التجمعات السكانية الفلسطينية إلى جزر معزولة؛ تعكس طبيعة الاحتلال ومشروعه كما تكشف زيف توجهه إلى السلام المزعوم. وإنّ ذلك يفرض تضافر كافة القوى والجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية والإنسانية لمواجهتها بجدية والتصدِّي الجماعي لها.

9/ إنّ ما يدعو للاستهجان والإدانة صدور بعض التصريحات والمواقف عن جهات فلسطينية تصرِّح بالتفريط بحقّ العودة أو تلمح إلى ذلك، وما يبعث على القلق أن يتزامن ذلك مع المفاوضات الجارية التي تتصدى لما تسميه الحلّ النهائي للقضية الفلسطينية، وإنّ الشعب الفلسطيني في شتى مواقع الانتشار لن يتهاون مع من يفرِّطون بحقوقه وفي مقدمتها حق العودة.

10/ إنّ تضحيات الشعب الفلسطيني الكبرى ومقاومته بشتى أشكالها التي تتواصل في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطين 48 وفي مخيمات الشتات والمنافي، تجسِّد إصرار الشعب الفلسطيني على التحرير والعودة وكنس الاحتلال من كامل الأرض الفلسطينية، وينبغي أن تحظى هذه التضحيات بإسناد الأمة بأسرها وبكل مناصري الحرية والحق والعدالة في هذا العالم.

11/ إنّ قضية اللاجئين وحق العودة تتطلب تفاعلاً إعلامياً جادّاً وكفؤاً بما يخدم تعزيز هذه القضية وتمكين الشعب الفلسطيني من هذا الحق كاملاً غير منقوص، مع فضح جريمة النكبة وتفكيك مرتكزات الدعاية الصهيونية المضادة للشعب الفلسطيني.

12/ ان تمكين اللاجئين الفلسطينيين من حقوقهم المدنية والاجتماعية دعامة هامة لتعزيز التمسك بحق العودة ويتوجب معالجة كافة الاختلالات وجوانب القصور الماثلة على هذا الصعيد.

13/ إن الجهود المتعاظمة المبذولة في الدفاع عن حق العودة تقتضي ان يتداعى القائمون عليها الى تطوير آليات التنسيق والتعاون فيما بينهم والتوجه إلى إنضاج اطر جامعة ترقى إلى حجم تطلعات شعبنا الفلسطيني ومستوى التحديات والمخاطر المتعلقة بملف اللاجئين الفلسطينيين.

******

في افتتاح مؤتمر "آفاق في قضية اللاجئين وحق العودة"
حمود يؤكد أنّ الأجيال الجديدة من اللاجئين متشبثة بحقها في العودة إلى فلسطين

دمشق (21 آب/ أغسطس 2008)

شدّد الأمين العام لتجمّع العودة الفلسطيني "واجب"، طارق حمود، على أنّ الأجيال الجديدة من اللاجئين الفلسطينيين في سورية كما في غيرها متشبث بحق العودة ولا يقبل التنازل عنه، مندداً بمحاولات المساس بهذا الحق.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها حمود، الخميس (21/8)، في افتتاح مؤتمر "آفاق في قضية اللاجئين وحق العودة في الذكرى الستين"، الذي نظّمه تجمّع العودة الفلسطيني "واجب"، بحضور قيادات فلسطينية سياسية ومجتمعية وخبراء وممثلي المنظمات الشعبية والأهلية من سورية والعالم العربي وأوروبا، ورعته الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين.

وبعدما نوّه حمود بأهمية انعقاد هذا المؤتمر في العاصمة السورية "دمشق الفيحاء والعروبة والصمود والتصدي"، حيث التأم في قاعة المؤتمرات الكبرى بمكتبة الأسد؛ لفت الانتباه إلى أنه ينعقد "على بعد بضع كيلو مترات فقط من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الذين تحتضنهم سوريا، وهاهي حشودهم قدمت إلينا من كل محافظات القطر ومن كل مخيماته من الشمال إلى الجنوب، لا يدفعها إلا عنوانها الوحيد وهو تمسكها بالعودة إلى ديار الآباء والأجداد، نعم ديار الآباء التي لم يرها غالبية من يحضر معنا اليوم لكنها عاشت في قلوبهم، في تفكيرهم، في ملامح حياتهم كلها، عاشت وطناً عاش فينا قبل أن نعيش فيه".

وأكد حمود "نحن لا نمني أنفسنا، ولا نطلق الشعارات، ولا نخوض في العاطفة أكثر من اللازم، بل نحن ندرك تماماً مدى صعوبة المرحلة ودقتها، ولا نشك أبداً في حجم الخطر المحدق بقضيتنا عموماً وقضية اللاجئين وحق العودة خصوصاً". واستدرك أمين عام تجمّع "واجب" قائلاً "لكننا نثق بشعبنا بتاريخه، يتضحياته، بوعيه وإدراكه".

ولاحظ طارق حمود أنّ "عام الستينية قد شهد رقماً قياسياً في حجم التصريحات المعادية لحق العودة"، الصادرة من المسؤولين الإسرائيليين وبعض المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين.

وشدّد حمود على أنّ "قناعتنا وقناعة شعبنا أنّ قضية اللاجئين هي من القضايا التي لا تقبل البحث"، معتبراً أنه "بمجرد أن توضع هذه القضية المركزية والجوهرية في ثوايتنا الوطنية على طاولة التفاوض؛ فهذا يعني أنّ حقوق شعبنا قد انتُقصت، لأنّ حل قضية اللاجئين مما لا يقبل الاحتمالات".

وأعاد الأمين العام لتجمّع العودة الفلسطيني أنّه "لا تزال القرية والدار بحكاياتها وعاداتها وقيمها وروحها هوية وطن مفقود ارتسم على جدران المخيم خريطة وعلى حدوده نزيف الدم الذي كتب حكايات من ضحّوا، وفي ربوعه آمال كهولة من عاشوا هناك في أرضٍ جبلت بعرق الآباء"، كما قال.

ومضى طارق حمود إلى القول "نحن أمام عنوان جامع وموحّد، ويكفي أن أقول أنه عنوان الماضي والحاضر والمستقبل لثلثي الشعب الفلسطيني، عنوان من الممكن أن يكون مرتكزاً لبرنامج سياسي واحد وجامع في ظل الهجمة الشرسة على ثوابتنا، وفي ظل ما يفرضه المجتمع الدولي أحادي القطب من استحقاقات سياسية مرتكزاً على اختلال موازين القوى وتحكمه بمفاصل القرار الدولي". وأضاف حمود أنّ "اللاجئين وحق العودة هما عنوان واحد يمثل الصيغة السياسية والهوية الوطنية وحامية الثوابت، فإذا كانت الثورة في يوم من الأيام تمثل هوية فلسطينية؛ فلم يبق لنا اليوم سوى مخيمات اللاجئين التي صاغت الشخصية الفلسطينية بهويتها الوطنية، بما مثله المخيم من كينونة ومصير مشترك لملايين اللاجئين".


******

في مؤتمر "آفاق في قضية اللاجئين وحق العودة"
الزير يرصد تحوّلات الإعلام الغربي ومواقفه من قضية فلسطين وحق العودة

رصد رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا، ماجد الزير، تحوّلات طرأت على تعامل الإعلام الغربي مع القضية الفلسطينية بعامة، دون أن يبدو ذلك ملحوظاً في ما يتعلق بحق العودة الفلسطيني رغم ما تحقق من تحريك بشأنه.
جاء ذلك في ورقة العمل التي قدمها الزير، الخميس (21/8)، في مؤتمر "آفاق في قضية اللاجئين وحق العودة في الذكرى الستين"، الذي نظّمه تجمّع العودة الفلسطيني "واجب"، بحضور قيادات فلسطينية سياسية ومجتمعية وخبراء وممثلي المنظمات الشعبية والأهلية من سورية والعالم العربي وأوروبا، ورعته الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين.

وركز الزير في ورقته التي حملت عنوان "حق العودة في الإعلام الغربي"، على الغرب الأوروبي منبِّهاً إلى أنّ "الغرب هنا ليس كتلة واحدة في تعامله مع القضايا المختلفة سواء كانت داخلية أم خارجية وفي مجالات الحياة المختلفة".
وبعد أن رصد الزير المؤثرات على الإعلام الغربي بالعموم والتي هي "كثيرة ومتنوعة، منها ما هو سياسي أو إقتصادي مالي أو ثقافي أو إجتماعي إلى كثير من الاشياء التي تؤثر فيه"؛ أعاد إلى الأذهان أنّ "السياسة الإسرائيلية والدعاية الصهيونية نجحتا في التحكم في السياسة الغربية في العقود الأولى لما بعد النكبة".

لكنّ الزير استدرك بالقول "أخذت الممارسات الإسرائلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته وأرضه في الضفة والقطاع تتراءى (في مراحل لاحقة) للعالم الغربي عبر النزر اليسير مما سمحت فيها وسائل الإعلام المتحيزة للاحتلال. وكذلك مما شاهده الزائرون الغربيون لفلسطين، حتى وصلنا إلى أوجّ التغير النسبي باندلاع انتفاضة الحجارة وتاليا إنتفاضة الأقصى بدرجة أكبر".

واستنتج الزير أنّ انتفاضة الشعب الفلسطيني وجدت "مساحة من الوعي في العقل الغربي لمراجعة سياسته، ولكن ليس بالقدر الذي يغير معادلة الإحتلال. فالميزان المختل في التعامل يبقى شاخصاً".

وقال ماجد الزير "تختلف النظرة الغربية فيما يتعلق بحق العودة عنها إذا ما قورنت بالنظرة العامة للقضية الفلسطينية والمظلومية الواقعة على الشعب الفلسطيني".

ولفت الزير الانتباه إلى أنّ "مجهود المجموعات الفلسطينية وبعض الداعمين للحق الفلسطيني بدأ يوجد نوعاً من المعرفة لدى قطاعات من الغربيين على الجانب الرسمي والشعبي بمدى أهمية حق العودة للفلسطينيين وعدم إمكانية القفز عليه".

ولاحظ الزير أنّ "الرواية الفلسطينية حاضرة بقوة وبإيجابية عالية أحياناً في الإعلام الغربي وخاصة اليساري منه"، وتابع "بالرغم من ذلك فإنّ التعامل مع حق العودة الفلسطيني من الإعلام الغربي وتطبيقاته على أرض الواقع يكاد لا يوازي أو يذكر قياساً بما ذكر عن القضية الفلسطينية في العموم".

ورصد ماجد الزير "ضعفاً فلسطينياً رسمياً واضحاً انعكس على محدودية أداء أبناء الجالية الفلسطينية في أن يستخدموا الإمكانات الفلسطينية بحدودها القصوى في التأثير على الإعلام، وتشكيل مجموعات ضغط فاعلة"، معتبراً أنّ "الحال العربي في هذا المجال ليس أفضل؛ فالسفارات العربية في الخارج تعكس حال الترهل العربي".

واعتبر الزير أنه "لعظم الأحداث التي تجري في فلسطين يضطر الإعلام الغربي إلى تسليط الضوء على كل جوانب الصراع ومنها حق العودة واللاجئين وأوضاعهم، ولا شك أن فعاليات الشعب الفلسطيني في الداخل لها نصيب الأسد من هذا التأثير"، مضيفاً أنّ "نشاط فلسطينيي 48 وفعاليتهم وانفتاحهم على العالم الغربي أوجد شيئاً من التأثير في تسليط أكبر للضوء على قضيتهم ومسألة حق العودة ايضاً".

ودعا الزير إلى "الوصول إلى توحيد أو إجماع فلسطيني حول التمسك بحق العودة وعدم التنازل عنه"، معتبراً أنّ "هذا من شأنه أن يجعل الإعلام الغربي يتعامل مع القضية محل الإجماع بإيجابية".

كما نادى الزير بأن تكون هناك "عناية فلسطينية رسمية بالجاليات الفلسطينية بالغرب الأوروبي وتشكيل أطر إعلامية والتركيز على موضوع حق العودة في التحدث مع الإعلام الغربي".

* * *

في مؤتمر "آفاق في قضية اللاجئين وحق العودة"

شاكر يدعو لتحوّل الإعلام الفلسطيني من "الدعاية الفصائلية" إلى الخطاب الجامع

shaker.jpg

دمشق (21 آب/ أغسطس 2008)

دعا الباحث والإعلامي حسام شاكر، إلى تحويل مركز الثقل في المشهد الإعلامي الفلسطيني من خانة الدعاية الفصائلية التي تركز على الخلاف والتناقضات الداخلية إلى مجالات فلسطينية جامعة تسترعي مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرّف.

جاء ذلك في ورقة حسام شاكر، الخميس (21/8)، التي عرضها في مؤتمر "آفاق في قضية اللاجئين وحق العودة في الذكرى الستين"، الذي نظّمه تجمّع العودة الفلسطيني "واجب"، بحضور قيادات فلسطينية سياسية ومجتمعية وخبراء وممثلي المنظمات الشعبية والأهلية من العالم العربي وأوروبا.

وفي ورقته التي حملت عنوان "تفاعل الإعلام الفلسطيني مع قضية حق العودة ـ الواقع والمطلوب"، ناقش شاكر واقع الإعلام الفلسطيني وأوضاعه وكذلك أزماته، مشيراً إلى تجارب النجاح والتعثر، ومستعرضاً آفاق التطوير المتاحة بالنسبة لهذا الإعلام.

وبينما أشار شاكر إلى أنّ الساحة الإعلامية الفلسطينية تتميّز بالامتداد، جغرافياً، بما يكافئ الحضور الفلسطيني في الوطن والشتات؛ فقد لاحظ في سياق عرضه أنّ "مركز الثقل الخاص بمنظومة الإعلام الفلسطيي الرسمية انتقل من خانة الثورة والمقاومة، إلى مربع التفاوض والسلطة، وتجلّت لتلك الانعطافة تأثيرات واضحة على صعيد المضامين، كما على مستوى بعض الأدوات". وتابع شاكر "لقد أدّت تلك الانعطافة إلى إرباكات واضحة في طريقة التناول الإعلامي لمفاصل القضية الفلسطينية، ومن بين ذلك مسألة حق العودة".

ومضى شاكر متابعاً "في ما خيّمت بعض الضبابية على مواقف أطراف في الساحة السياسية الفلسطينية، من مسألة حق العودة وقضية اللاجئين، تساوقاً منها مع أشواط التفاوض وما يلفّها من غموض أحياناً؛ فإنّ الساحة الإعلامية الفلسطينية، المرتهنة إلى حدّ كبير للمستوى السياسي؛ قد عبّرت هي الأخرى في عديد الحالات عن ارتباط العربة الإعلامية بالحصان السياسي".

وبشأن الإعلام الدبلوماسي الفلسطيني وتأثيراته لاحظ شاكر "أنّ الحضور الدبلوماسي الفلسطيني تحوّل منذ أواسط التسعينيات إلى إبراز خطاب التسوية السياسية، ومن المرجّح أنّ ذلك كان له أثر ما، في انفضاض قطاعات من المتضامنين الأوروبيين مع القضية الفلسطينية عن تلك السفارات والممثليّات. بل والأهمّ؛ أنّ معظم هذه البعثات لم يعد بحوزتها ما تقدِّمه من برامج جماهيرية ومضامين إعلامية للشتات الفلسطيني، لأسباب ذاتية وموضوعية، منها قيام جمعيات واتحادات ومؤسسات فلسطينية أو تضامنية تخطّت دورها وتجاوزته بمراحل، وهو ما يُلاحَظ مثلاً في إحياء الذكرى الستين للنكبة".

ورأى الباحث والإعلامي أنّ "المشروع الصهيوني يعاني من أزمة ذاتية وموضوعية تواجهه في المجال الإعلامي والدعائي. فالزخم الدعائي الذي يتمتع به هذا لا يعني بالضرورة تزايداً في قدرته الإقناعية، بل إنّ ذلك الزخم قد يُراد منه التغطية على جوانب مفترضة من الضعف في الذرائع والتآكل في الحجج"، معتبراً أنّ "سياسات الاحتلال ذاته وممارساته وإجراءاته؛ هي أبرز العراقيل في وجه توجّهاته الدعائية، بل إنها تملك المخزون الكافي لإحباط جهود الترويج لذلك الاحتلال برمّته".

وبينما اجتازت القضية الفلسطينية في الأعوام الأخيرة، مخاضات وتطوّرات شاقة للغاية، وما التفاعلات التي أعقبت اندلاع "انتفاضة الأقصى" في أواخر أيلول (سبتمبر) 2000؛ إلاّ شاهد قويّ على هذا، كما قال، فإنها تطوّرات استدعت في واقع الأمر مواكبةً إعلامية في مستوى الحدث. "إلاّ أنّ الاستجابة الإعلامية الفلسطينية لهذا التحدي جاءت متفاوتة تفاوتاً بيِّناً من منبر إلى آخر ومن وسيلة إلى أخرى، وربما غلب عليها الطابع الموسمي. وفي كلّ الأحوال فإنّ المنظومة الإعلامية الفلسطينية الرسمية، على الأقل، لم تتمكّن من تسجيل أداء مميّز في عديد المحطّات"، على حد تقديره.

وتابع شاكر "لعلّ من يدقِّق النظر في مكوِّنات الساحة الإعلامية الفلسطينية؛ سيخلص إلى تساؤل مشروع عن مدى الاستقلالية التي تحوزها وسائل الإعلام الحاضرة في هذه الساحة". وقال شاكر "يحقّ لأطراف الساحة الفلسطينية، من قوى سياسية وفصائلية وشعبية، وكذلك من المجتمع الأهلي (المدني)، أن تكون لها منابر معبِّرة عنها، تنطق بلسان حالها، وهذا أمر معقول ومقبول من حيث المبدأ. إلاّ أنّ الذي يسهل التعرّف عليه؛ أنّ الوسط الإعلامي العريض الذي يفترض أن يكون مستقلاً ويحافظ على مسافة معقولة تفصله عن شتى الأطراف وأن ينضبط بالمعايير المهنية؛ يفتقر إلى مواصفات الاستقلالية بامتياز".

واستذكر حسام شاكر ما كان يُقال في سنوات التسعينيات، "إنه من المؤسف أن تؤول تجربة الصحافة الفلسطينية، التي قدّمت على مرّ عقود، أسماء بارزة في فضائها العربي العريض، بل كانت لها تجربتها الذاتية المبكرة نسبيّاً على أرضها قبل النكبة؛ أن تؤول إلى هذا الانكماش والهبوط الذي جسّدته التجربة التي أمكن معايشتها في الضفة والقطاع، في ما بعد قيام السلطة الفلسطينية". وعلّق شاكر على ذلك بالقول "يبدو أنّ هذا الأسف له ما يبرِّره حقاً، إلاّ أنّ ما ينبغي استذكاره في هذا الصدد أنّ النتائج مرتبطة بمقدماتها، والأسباب مرتهنة لمسبِّباتها".

وبشأن إشكالية التبدّل في المصطلحات رأى شاكر أنه "لم يكن مفاجئاً أن تشهد المصطلحات الرائجة في الساحة الإعلامية الفلسطينية اضطراباً في زمن التحوّلات الحادة التي طرأت على الساجة السياسية الفلسطينية. إلاّ أنّ التساؤل يبقي قائماً بشأن قدرة الوسط الصحفي على معالجة المصطلحات بوعي ومسؤولية من جانب؛ ودون الإخلال بالمعايير المهنية من موضوعية وحيادية وعدم التدخل بالرأي الذاتي ضمن المتابعات الإخبارية من جانب آخر". وأضاف شاكر أنّ "ما يُكسِب هذه القضية أهمية خاصة في هذا السياق؛ أنّ اضطراب المصطلح، هو وثيق الارتباط بأبعاد التناول الإعلامي لقضية اللاجئين وحق العودة. ومن البواعث على الأسف؛ أن يجد المرء ضموراً في الحسّ النقدي في بعض ثنايا الساحة الإعلامية الفلسطينية، إلى درجة تمرير تعبيرات لا تتوافق مع أساسيات المنطق الوطني الفلسطيني".

ولفت حسام شاكر الانتباه إلى أنّ "التصدع القائم في الساحة السياسية الفلسطينية كشف عن أنّ الدعاية السياسية ممارسة مستأنسة في عديد وسائل الإعلام في الساحة الفلسطينية، وذلك بالطبع على حساب التغطيات الموضوعية". وأضاف شاكر أنّ "الانقسام السياسي الحادّ تحوّل إلى انقسام إعلامي أكثر حدّة، ومن البواعث على الأسى والتنديد في آنٍ؛ أن يضمحلّ التناقض الجوهري مع الاحتلال ومشروعه في فلسطين والمنطقة؛ لصالح الانشغال بالتناقضات الداخلية المفترضة".

وتحدّث شاكر عن "منابر إعلامية صارخة، يتحوّل فيها شريك الساحة الفلسطينية إلى خصم إلى درجة الاستعداء السافر، بينما قد يتوافق ذلك مع غياب الإشارات السلبية إلى المحتلّ إلاّ بما يوافق أغراض التراشق الدعائي الداخلي ربّما".

وزاد شاكر "كان لابدّ لهذا التدهور أن ينعكس على قضية حقّ العودة، بدرجة أو بأخرى، لأنّ أجواءً كهذه لا تتجرّد فيها الموضوعات بسهولة عن الأطراف الفاعلة، فيكون الحكم متأسِّساً على الأطراف أساساً وليس على المواقف التي تتخذها تلك الأطراف"، مفترضاً أنّ "تمرير المواقف السلبية من قضية حق العودة، مسألة متيسِّرة من خلال منابر الدعاية تلك، طالما أنها تخلّت عن الموضوعية المهنية، وتنازلت عن وظيفة المواكبة النقدية للتطوّرات والمواقف والأداءات السياسية والمجتمعية، وأنّ "المعيار الوطني" يَضمُر لحساب معايير أخرى".

وشدّد حسام شاكر على أنّ ذكرى ستينية النكبة "تُملي التوجّه لمراجعة تفاعل الإعلام الفلسطيني مع ملف اللاجئين وقضية العودة، مراجعة نقدية تتحلى بالمسؤولية والموضوعية، مع إعمال النظر في جملة من الخيارات التصحيحية والمتطلبات التطويرية للتجارب الإعلامية في الحاضر والمستقبل".

في الذكرى الستين والذي أقامه تجمع العودة الفلسطيني (واجب)

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى