الخميس ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٥
بقلم عشم الشيمي

الشــــتاء

الشتاء المسافر يعلن وقتَ المجئِ ،
يزاحم كلَّ الفصولِ ليأتىَ
يرفض أمرَ التناوبِ و" الإنتظارْ "
سيأتى – يحاول – مثلَ جميع الشتاءاتِ أبَّهةً ،
وسيترك رفرفةً خلف كلِّ الفصولِ
لتعلن عنهُ ،
ليبدأ وقتُ التراجعِ فصلاً بفصلٍ
ويبدأ وقتُ المجئِ لهُ
إننى قادمٌ ، قادمٌ ..
قادمٌ ، إننى ......
لن أصير إلى دعةٍ لا تناسبنى
إننى أتحدى جميع الفصولْ :
لن تجيئوا لمثل الذى جئت لهْ
إننى أتحدى !
ولا فخر ، سيد كلِّ الفصول أتى
 
* * *
 
الشتاء يطوِّف بالبلدةِ
- الآنَ -
يزرع فى كلِّ ناحيةٍ بسمةً ،
يتنقل فى خُيَلاءَ
ليلفت أنظار مارٍّ بِهِ
يتدثَّر طقطقةً ،
وستزعج حتماً مزاج الشتاءْ
فيخفِّف من حدَّتِهْ
ويداعب نافذةً من بعيدٍ
فيخرج وجهٌ ينقِّل عينيه فى أفقٍ باردٍ
ثم يدرك أن الشتاء قريبٌ ،
فيحكم إغلاقَ كلِّ النوافذِ ،
يضحك سيدُ كلِّ الفصولِ
فيُسمع ضحكتَهُ كلَّ فجٍّ عميقٍ ،
يواصل جولتَهُ :
إننى قادمٌ ،
إننى .....
 
* * *
 
سيمر الشتاء بأخبار هذا الصباحِ
يكذِّبها ،
لن أجئ لمثل الذى تدَّعونْ !
إننى طيبٌ
أفلا تعقلونْ ؟
فامنحوا فرصةً للشتاء ووقتاً يبرهن عن نيَّتِهْ !
 
* * *
 
الشتاء المسافر لم يعد الآن يختال فى عودتِهْ
حزنُهُ لا يُرى
من يراه سيدرك حتماً مراثىَ قد سكنتْ
منذ وقتٍ بعيدٍ بأركانه البارداتْ
سيفيض بودٍّ
وبردٍ خفيفٍ ، خفيفٍ بوقت العشاءِ ،
يداعب رقةَ خدٍّ صغيرٍ
ويمنحه حمرةً حانيهْ
ثم يدنو برفقٍ على خدِّ أنثى
ليمنحه حدةً واشتهاءً
لفارسها المتَّكِى فى الفراشِ ،
يقلِّب هذا المساء جريدتَهُ
التى ظل يقرأها صفحةً صفحةً
ينتهى من قراءتها ، فيعيد بلا مللٍ !
آن أن تنتهى
آن أن تشتهى
إنها بانتظاركْ !!
هكذا ظن أو ربما هكذا جمع الآن أفكارَهُ
عندما كان فى سفرتِهْ
سيتوق إلى فعل ذلك حتماً :
أرانى بكلِّ الزوايا
أقدِّم رِجلاً ، أؤخِّر أخرى
وأصنع وقتاً جميلاً لمن يبتغينى
 
* * *
 
الشتاء يمر بـ " راكية الشاى " وقتاً قليلاً قليلاً
ليُذكيَها
كم تمنى يشارك من يجلسون بجانبها ،
حولها
إنْ يحاولْ ستذهب أمنيتُهْ ..
 
الشتاء سيبقى بعيداً قريباً ،
ربما يستطيع يشاركهم !
قد يداعب فى خلسةٍ جالساً بينهم
فيشدِّد معطفَهُ علَّهُ يتلمس دفئاً بهِ ،
أو يداعب موجةَ مذياعهم ،
حين يستمعـون إلـى ( هـذه ليلـتى )
فيضيِّع ( حلم حياتى )
فيضبطها جالسٌ مستهامٌ ،
يحاول فى قلقٍ .....
الشتاء سيبتسم الآن مبتعداً ،
هكذا يستطيع يشاركهم
 
* * *
 
عاشقٌ للشتاء يناجيه ،
يهمس فى رعشةٍ بـ " اسمها "
فيدور يدور الشتاء ، يعيد على مسمعيْهِ الحكايا
يطمئنُهُ ،
فسيجعلها تمكث الآن بالبيتِ ،
تحكم إغلاق نافذةً ،
كان يطرقها عاشقٌ قبل وقتٍ قريبْ ....
مللٌ سيدبُّ بأركان غرفتها ، ثم لا تستطيع الخروجْ
الشتاء يساعد عاشقَهُ ..
الشتاء سيقتحم الآن غرفتها ويبعثر أوراقَها !
سترتب أوراقها فى هدوءْ
ربما تتذكرُهُ حين تمسك صورتَهُ
ربما تمسك الآن هاتفها
ثم تغلقُهُ فجأةً ..
لا يهمُّ فلم تغلق القلبَ عنهُ ، نعم !
لم تزلْ تذكرُهْ ..
 
* * *
 
الشتاء سيبحث عن ضفَّةٍ غائبةْ ....
ربما يستطيع يشاركهم ، ربما ..
الشتاء صديقٌ لمن يبتغيهِ ،
وأيضاً جميلٌ ، رؤومٌ ،
قوىٌّ بلا شدةٍ ،
سيدٌ ،
طيبٌ ويحبُّ الغناءْ
 
* * *

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى