السبت ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٣
بقلم محمد هديب

حين لا يكون الوطن للجميع

ماذا لو كل من في البيت مسلمون؟

لا بد من موقف واضح. ابو الفقير زين العابدين ابو الكلام, رئيس الهند يثير حبورك انه مسلم ابا عن جد, ويرأس دولة, المسلمون فيها اقلية في بحر من الهندوس يزيد على 700 مليون. وهذا الحبور يرافقه نوع من "التطنيش" النفسي لباقي شروط اللعبة, وهي ان الهند بلد علماني وأكبر ديمقراطية على وجه الارض. وإذا انتقل الحديث الى الوطن العربي مباشرة يحدث لديك الانشطار الانفعالي, اي ما هو حلال للآخرين يصبح مباشرة حراما علينا, فنحن من طينة غير اي طينة في العالم وبالتالي لا يجوز القياس. لكن من يجرؤ على الكلام ؟ من يجرؤ على عقد المقارنات ووضعها على المحك؟ هذا يتطلب بالضرورة تربية نقدية تتيح لك النظر افقيا, حتى تتجاوز مصير سقوط الرأس بين القدمين.

لدينا ايضا اقليات دينية وأكبرها على الاطلاق المسيحية. هؤلاء مسيحيون عرب اقحاح, ثقافتهم هي ذات الثقافة التي تنهل منها, وهناك عائلات كما في بلاد الشام تتشارك في اسماء العوائل. وم! ع ذلك يشمر الفقهاء عن سواعدهم لتحديد العلاقة على النحو التالي: هم كفار ونحن "خير امة اخرجت للناس".

وحين يهاجر المسلم الى بلاد الفرنجة يطلب بسيف القانون لا بسيف الفاتحين حقه في بناء مسجد ودعما من الدولة للمساعدة. ويبدو هذا ايضا سببا وجيها للحبور. ومن على منبر مسجد في لندن يقف ابو حمزة المصري ليشتم الكفار ويبارك سواعد الذين هاجموا وقتلوا اولئك "المحرفين" . كيف يستوي هذا؟

ما اقوله ليس له علاقة بالاستراتيجيات السياسية, ولا يضطلع المقال بتحليل: لماذا احتضن السي اي ايه بن لادن ثم انقلب عليه ليطارده في الكهوف. المشكل الاساسي الذي احاوره واسعى الى تفكيكه داخلي بحت, ولعلنا نحتاج الى الكثير من الجهد من لدن علماء النفس والاجتماع العاطلين عن العمل, لبحث التركيبة التي تشكل الذات الفردية والذات الجمعية للعربي والعرب.

في حوار مع امام مسجد في استراليا يقول: اننا والحمد لله لا نتعرض الى مضايقات وقد اسلم العديدون بعد ان رأوا تسامح وسلوك المسلم مما شجعهم على اكتشاف عظمة هذا الدين. ولا غبار على ذلك. لكن الا يثير الغبار بل العجاج الطلسم, حين ننتقل الى ظهرانينا ويصبح مجرد تهنئة العربي المسيحي بيوم الكريسماس قضية قابلة للتحريم؟.

ان اهم آلية تتعرض للاجحاف هذه الايام هي المقارنة. المفردات القابلة للصرف هي: الارهاب, ومن ليس معي هو ضدي, والكفار. هذه البضاعة مستخدمة في الغرب والشرق.

لكنها في الغرب جاهزة للتحاور بل التنديد اذا خرجت عن سياق العقد الاجتماعي. في بلادنا العربية بالضبط لا تتعرض للمحاججة, الا على طريقة "سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى" ذلك بسبب جوعنا الشديد لمجتمعات مدنية تضمن حق التعبير وحق الحرية في الاختلاف, وبالتالي قبول الجميع ضمن القاعدة الذهبية: الدين لله الوطن للجميع.

ولكن مهلا!

هل تنتفي الحال العصابية لو كان جميع سكان البيت من المسلمين الخلص؟ لا اظن ذلك. لانني لا ارى الا طردا متبادلا بين العشائر العربية, مع انهم جميعا يحملون اسماء قريبة من ابو الفقير وزين العابدين وأبو الكلام.. ولكن من يجرؤ على الكلام؟!!

ماذا لو كل من في البيت مسلمون؟

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى