الأحد ١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٣

ذكـــرى خنســاء العصـــر

علية الجعار

شعر الدكتور/ جابر قميحة

تقديم

كنت أقول لها أنت خنساء هذا العصر . . . بكاءة نواحة, فتبتسم وتقول: نعم, ولكن بكائي ليس على أخ و لا ولد, ولكن على أمة الإسلام.

والقصيدة ألقيتها مساء الجمعة 2/ 5/2003 فى الإسكندرية, فى الحفل الحافل الذى أقامه المركز المصرى للإعلام والثقافة، إحياءًَ لذكرى الشاعرة العظيمة. وكان
الحفل برعاية السيدة الفاضلة الأستاذة/جيهان الحلفاوى رئيسة قسم المرأة
بالمركز.

رحلـتِ فصـرنا نود الرحيـلا لنلقى الصحـاب ونلقى الرسولا

فنعـم اللقـاءُ بـدارِ البقــاءِ
نعانــق نُعمَى و ظـلاً ظليلا

دعـوتُكِ خنسـاءَ هـذا الزمانِ
فجـاء جـوابك رداً جميـلا:

"لـقـد ذرفَـتْ دمعهـا فى أخٍ
وكـان – بحقٍ – كـريماً جليلا

كطـودٍ، و نـارٌ علـى رأسـه
تضيء لكـل الهـداة السبيـلا

و لكننى لسـت أبكـى أخــاً
ولو كـان شهمـاً أبيـاً نبيلا

فدمعـى وقفْـتُ علـى أمـةٍ
تهاوت فصارت طلـولاً طلولا

كـأنى بهـا كغثـاء السيـول
وبالأمس كانت – بحقٍ – سيولا

وكانت بنـاءً حـديد الكيانِ
منيعـاً, فصـارت كثيباً مهيلا

وأهــدر قوتهـا الحاكمـونَ
وكُلٌّ مـن الغربِ يبغى القبولا

وأمّـا الشعـوبُ فمسحـوقةٌ
من الذُّلِّ صارتْ تعيشُ الذهولا

سُكارى وما هم سُكارى ولكن
هو الظلم يُنسى الخليلَ الخليلا"

* * * *

ولم تقنطى, فأثرتِ الشعـورَ
لنحـيا المعانى الكبار الأُصولا

ونمضـى نحــرر أوطاننـا
ونطـرد منها العدو الدخيلا

وعشتِ بـروحٍ أبتْ أن تهونَ
أبـت أن تُهـادنَ أو أن تميلا

رفيعـةَ رأسٍ كشُـم الجبـالِ
وعـزمُك يستصغرُ المستحيلا

وتستلهمـينَ جـلالَ الإلـهِ
وقرآنـهُ, والنبى الـرسولا

سلاحُـك قلـبٌ نبىُّ الشعورِ
تدفقَ بالسحر، يُحيى المُـحولا

وشعرٌ عزيـزُ الرُّؤَى عبقرىٌ
إذا ما شـدا كان سيفاً صقيلا

على كـل بـاغٍ عُتُلٍّ زنيمٍ
يعيشُ ظلومـاً, دعيّا‌ً، جهولا

* * * *

كأنـى أراكِ هنـا تُنشـدينَ
وحققتِ فى كل قلبٍ حُلولا

فكم حاضرٍ غائبٌ فى الحضورِ
وإن ملأ الكون صيتاًَ و قيلا

وكم غائبٍ حاضرٌ فى القلوبِ
ولو غـاب عنا طويلاً طويلا

وكـم من قليلٍ يفوقُ الكثيرَ
وكـم كثرةٍ لا تساوى فتيلا

وكم من طويلٍ عريضِ القفـا
تـراه العيـون قميئاً..ضئيلا

* * * *

وفى "الثغر" و المدن النائياتِ
رأينا قصيـدكِ يسبى العقولا

فـآنـاً رقيـقٌ يحاكى الخريرَ
بحسنٍ يفـوق النسيم العليلا

وذلك إن عشـتِ آل النبىِّ
وهِمْتِ كطيفٍ يناجى الأصيلا

وحلقتِ مـن عتباتِ الرضا
وفوق المـدى تطلبين الـوصولا

وصلْتِ. و بالنسب الهاشمىِّ
شرُفتِ, وكـان السنا والسبيلا

وآناً لشعـركِِ عصفُ الرياحِ
يزلـزل مـن نَبْـره المستحيلا

كأنـك فارسهـا العبقـرىُُّ
بميدان حربٍ يقـودُ الخيـولا

تذودين عن ديننا كلَّ عـادٍ
بشعرٍ يفـوقُ القنـا و النُّصولا

* * * *

ترفْعتِ عن عالمٍ مـن نفـاقٍ
لـه شـاعرٌ عاش نذلاً ذليـلا

يسيرُ بدربِ الهوى و الهـوانِ
ويمضى سعيـداً يـدقُ الطبولا

ويلعـقُ أحذيـةَ المحسنيـنَ
ويطوى الموائدَ عرضـاً و طولا

ويحيـا حياةَ السقوطِ الذميمِ
ويبقى لكل المخـازى دليـلا

فغــايـةُ غايتـه أن ينـالَ
من الأدعياءِ الرضـا و القبولا

* * * *

وعشتِ "عليـةُ" عصر الغوىِّ
يُؤمّـرُ فينـا البُغـاثَ الهزيـلاد

وفيه النهيـق – على قُبحِه –
يطـاردُ حَسُّوننـا و الهـديـلا

وللشمس قال الدجى فى غرور ٍ
"أراك ظلاماً شديـداً و بيـلا"

وخنثى الكـلامِ " قصيدةُ نثرٍ"
تهين البيانَ، وتُـزرى الخليـلا

* * * *

رفضْتِ "عليـةُ" هذا الهـراءَ
وأطلقـتِ صوتاً قوياً مهـولا:

"على رِسْلِكم يا أفاعى البيانِ
فهيهاتَ يعلـو الفحيحُ الصهيلا

ولستُ أرى فيكمو من أصيلٍ
ولكن أرى مستهيناً عميـلا"

وإن عشتِ حرباً على جهلهم
فقد كنتِ فينا الربيـعَ الجميلا

وإن كنتِ كالشوكِ فى حلقهم
فقد عشتِ فينا الشذا و الخميلا

ومثلُكِ فى الخلْدِ لا لن يمـوتَ
وشعرُكِ يبقى عليكِ الدليـلا

يُشَنِّـفُ أسماعنـا و القلـوبَ
وينقلـه الدهر جيـلاً فجيلا

 ومن كل قلبٍ إليـك السلامَ
سلامَ الوفاءِ ذكيـاً جزيـلا

علية الجعار

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى