الجمعة ١٤ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم رافع رشيد أبو رحمة

شيء عن الحب

[ إلى"نهيل"التي أثبتت أن الحب أيضاً لا يفنى ولا يُستحدث ]

إنّ السّواد المُطْبِقْ على ساعاتنا يُطمئننا بضرورة انعكاسٍ واضحٍ للقمرْ....

من يملك تسمية الإتجاهات، يملك حتماً توجيه البوصلة.. هكذا تبدو الحقيقة أكثر انسجاما مع ذاتها. فمن منّا يقول أنّ تدفق الدم من وإلى القلب يأخذ وصف الجريمة التي تزجّ بمرتكبها إلى حيز المقصلة؟ وهل أن دمنا الموزّع على كافة أنحاء جسدنا المنفيّ _ بالكيفيّة التي يوزّع فيها الطحين على اللاجئين _هو سلاحنا السّري والوحيد الواجب مصادرته احترازا من تدوين وصيتنا الاخيرة...؟؟؟

إذاً... فيا أيّها الدم المشبوه فينا... أخرج منّا فإنك رجيم...

أخرج بكل الوسائل، مع كل السوائل،

مع اللعاب الفائض عن الحاجة،

مع رشح المسامات،

مع ذرف العيون،

بنزيف جرحٍ لا يلتئم إلاّ وداعاً.

أخرج بكل السبل، المباح منها والمستباح.....

أخرج لنقتلع العلاقة ما بين القلب والحواس، ولنحقق شروط الحياة مع الغرباء..... حواسٌ مخمورةٌ تنفعل إنصياعاً لتغيرات الطقس، وقلب خاوٍ من الأحداث والذكرى.

أمّا السؤال، فماضٍ في الثبات. ما انفكّ يغرينا بجماليته لنقدم له مزيداً من القرابين......

"من يملك الحق في أن يشتهي زينة الحياة الدنيا"؟

 أللذكر مثل حظ الأنثيين؟

 أم المساواة بهيئة أسنان المشط؟

 أم انه الإختيار العشوائي للوسواس الخنّاس؟

 وهل يكون فلسفياً (الآخر) لمن حبَّ وكتم وعفَّ وصبر فدخل الجنة...؟

سؤالٌ رابضٌ على أعناقنا، وإجاباتٌ تتهاوى مع قتلاها وجرحاها.

وبعد......

فقد يستيقظ سياجٌ على وردةٍ..... تحلّيه.

وقد تستيقظ وردةٌ على سياجٍ.... يحميها.

وقد تقفر الدنيا.... فلا سياجٌ قوي... ولا وردٌ حقيقي..

فنعلم أن إنساناً من زمن الحداثة قد مرَّ من هنا، لتكون مهمتنا الصباحية التالية"صورتنا في مرآتنا"لا لنندب حظنا، ولكن لنتأكد أننا ما زلنا نرفض سطو الزيف على أسمائنا.. أشكالنا.. مصطلحاتنا وحواسنا.
فإلى أن نعيد للكلمات معانيها.... وحتى آخر خليةٍ أصيلةٍ، أقول لكِ :-

(أمثالنا لا يموتون حباً

ولو مرة، في الغناء الحديث الخفيف

ولا يقفون، وحيدين، فوق الرصيف

لأنّ القطارات أكثر من عدد المفردات

وفي وسعنا دائماً أن نعيد النظر......) [1]

أمّا أنا، ولأنّي منذ زمن لم أعد أنا، وبوأدي جميع مشاعري أكون قد جئت شيئاً فرياً، أعترف بذنبي العظيم تجاهك ولأجلك، وأعلن بأني ( نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا) [2]


[1من قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش (ديوان سرير الغريبة)

[2من آية 26 سورة مريم


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى