الخميس ١٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٥
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

غناء القناة

مع بداية إنشاء قناة السويس ودورها الاستراتيجي في تاريخ مصر كانت الأغنية معبرة ومؤرخة ففي أغنية كتبها صلاح جاهين ولحنها محمود الشريف غنى محمد عبد المطلب واحدة من أجمل أغنياته الوطنية وهى (ياسايق الغليون) عن حفر أجدادنا للقناة وقدمت المطربة أحلام أغنيتها الجميلة التى لا تذاع (هنوا القنال) كلمات الشاعر الكبير بيرم التونسى وألحان مهندس الألحان محمد الموجى صاحب الرصيد الأكبر فى ألحان القناة ويقول مطلع الأغنية :
هنوا القناة بينا وهنونا ..

على كنز مفتوح بايدينا

وفى 26 يوليو عام 1956 أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر من ميدان المنشية بالإسكندرية تأميم قناة السويس ونقل الملكية من الحكومة الفرنسية إلى الحكومة المصرية مقابل تعويضات تمنح للأجانب وذلك عقب رفض البنك الدولى تمويل الحكومة المصرية لبناء السد العالى وبعد خطاب الرئيس جمال عبد الناصر اتصلت أم كلثوم بالموسيقار محمد الموجى أو المنقذ كما كانت تطلق عليه لسرعة انتهائه من تجهيز أى لحن يكلف به وتقديمه فى أفضل صورة وطلبت منه تجهيز أغنية بأقصى سرعة تعبر عن فرحة المصريين بتأميم القناة بعد نجاحهما معا فى أغنيتهما الوطنية نشيد الجلاء واتفقا الاثنان على أن تكون الأغنية الجديدة من كلمات صلاح جاهين وبالفعل انتهى محمد الموجى من تلحين الأغنية فى أيام قليلة ورددت الجماهير المصرية والعربية مع صوت أم كلثوم أغنية فرحة القنال التى يقول مطلعها :

محلاك يا مصرى وأنت ع الدفة
والنصره عامله فى القنال زفة
يا أهل مصر تعالوا ع الضفة
شاورولهم وغنولهم وقولولهم
ريسنا قال ما فيش محال .

وردا على هذا القرار التاريخي قامت إنجلترا وفرنسا وإسرائيل بالعدوان الثلاثى على مصر فى الفترة من 29 أكتوبر 1956 حتى مارس 1957م وعلى الفور كتب إسماعيل الحبروك ياأغلى اسم في الوجود وتواجدت الفرقة الموسيقية باستديوهات الإذاعة بالشريفين وحضرت نجاح سلام وجلس محمد الموجي بعوده على سلم مبنى الإذاعة بالشريفين وبدأ يلحن لأن الفرقة الموسيقية ونجاح سلام في الاستديو في انتظار اللحن وانتهى الموجى من تلحين وتم تسجيل الأغنية وأذاعتها الإذاعة وكانت نجاح سلام فارس اللحظة وقد قال الإذاعي أحمد سعيد مدير إذاعة صوت العرب الأسبق : ( إن صوت نجاح سلام كان أول صوت انطلق في إذاعة صوت العرب بعد أربع ساعات من بدء العدوان الثلاثي على مصر وكانت هذه الأغنية بمثابة الوقود التي أشعلت معنويات الشعب المصري والعربي وقال الرئيس جمال عبد الناصر : ( هذه الأغنية بمثابة المدفعية الثقيلة لنا وهذا هو الفن الذي نحتاجه في هذه اللحظات الخطيرة من تاريخ أمّتنا ) .
كانت القناة هى هدف المؤامرة وتحرك شعب مصر القوى لرد ذلك العدوان الأحمق وفى الوقت الذى كان العدو يقذف بطائراته بورسعيد الباسلة ذهبت فايدة كامل إلى مكتبة مدبولي فى ميدان سليمان باشا بوسط البلد تقلب فى دواوين الشعر فوقعت عيناها على قصيدة فى ديوان زميلها فى كلية الحقوق الشاعر كمال عبد الحليم يقول مطلعها :

هذه أرضى أنا
وأبى مات هنا
وأبى قال لنا
مزقوا أعدائنا

ففرحت فرحا شديدا بهذا النشيد ولكن كيف تتصل بمؤلفه لإخراج هذا العمل إلى النور وفجأة وجدت الشاعر كمال عبد الحليم يمر من أمامها فى نفس المكان فأخذته مباشرة إلى مكتب محمد حسن الشجاعى رئيس الإذاعة وهما فى الطريق وعندما علم الشاعر كمال عبد الحليم بنيتها لغناء قصيدته أضاف :

دع سمائى فسمائى محرقة ..
دع قناتى فمياهى مغرقة
واحذر الأرض فأرضى صاعقة

وعلى أثر ذلك اتصلا بزميلهما الموسيقار على إسماعيل الذى قابلهما فى الإذاعة وفى نفس الليلة انطلق هذا النشيد مدويا فى سماء مصر كلها وما كادت الإذاعة تردده حتى هب المواطنين للدفاع عن القناة بأرواحهم وقد أصابت الأغنية القوات المعتدية بالرعب حتى أن مسئولا بريطانيا صرح عبر إذاعة BBC العربية قائلا : لو استطعنا إرسال عشرين طائرة لإسكات هذا الصوت لما ترددنا فى إرسالها.

كما قدمت فايدة كامل أغنية (دهب القنال) كلمات مصطفى عبد الرحمن وألحان سيد مكاوى والتى تقول فيها : دهب القنال دهبى ومالي .

فى بداية الستينات قدمت وزارة الثقافة أوبريت مهر العروسة من تأليف عبد الرحمن الخميسى وألحان بليغ حمدي وتم تقديمه على خشبة دار الأوبرا الخديوية وتدور أحداثه حول قناة السويس منذ حفرها وحتى تأميمهاوقدم المطرب عبد اللطيف التلبانى فى هذه الفترة أغنيته الجميلة فوق القنال كلمات الشاعر عبد السلام أمين وألحان محمد الموجي.
يعتبر محمد قنديل هو أكثر أبناء جيله من المطربين غناء لأي مناسبة قومية مرت فى تاريخ مصر المعاصر، لهذا كان من الطبيعى بعد خطاب التأميم أن يسارع ويحكى بصوته ويهدى للجماهير أجمل وأشجى مجموعة من الأغنيات التى تحدثت عن القناة، سواء كانت أغنيات منفردة أو صورا أو برامج غنائية وكانت البداية مع أغنية " مرشد القنال" كلمات عبد الفتاح مصطفى وألحان عزت الجاهلى والتى يقول فيها :

من بورسعيد للسويس رواح
فايت ع المرة وع التمساح ..
دى الوقتى انا المرشد وليا قنالي

وغنى أيضا أغنيته الجميلة سفينة رايحة وسفينة جاية وأغنية رائعة أخرى باسم قناة السويس ويقول فى مطلعها :

يا وابور يا معدى ...عدي ..
دى قنالنا وهدي... هدي
عدي... بحرية يا ريس ..
دى قنال مصرية يا ريس

وكانت آخر أغنياته المنفردة فى هذه الفترة أغنية بعنوان يا ريس البحرية التى يشيد فيها بمجهود رجال البحرية وسهرهم من أجل راحة الشعب المصري والتى يقول فيها :

يا ريس البحرية يا مصري ..
يا أبو العرق مصرى
يا أبوالكفاح عربي
على القنال سهران ..
يا سهرانيين لأجل ما تعدى العباد

ولم يقتصر غناء محمد قنديل على الأغنية التى تتغنى بالقناة فقدم صورة غنائية مدتها نصف ساعة تحمل عنوان قصة القنال شعر مرسى جميل عزيز وألحان أحمد صدقي وشاركه الغناء سيد إسماعيل وحورية حسن وعصمت عبد العليم وهى من أجمل الصور الغنائية التى عبرت عن حفر قناة السويس وفى أحد المقاطع الصورة يغنى محمد قنديل على إيقاع العمال وهم يحفرون القنال :

افتح باب القنال باب الرزق الحلال ..
عبى وشيل وشيل وعبي
أوعى تقول الحمل تقيل ..
دق الصخر وشق البحر
وخلى جناين العز تسيل ..
لجل بلادنا وعز ولادنا كله يهون

وقدم قنديل أيضا برنامجا غنائيا مدته ربع ساعة بعنوان فرح القنال كتبه مرسى جميل عزيز وألحان عزت الجاهلي وشاركه الغناء أمال حسين وعصمت عبد العليم وأحمد عبدالله والمجموعة وفيه يقول :

الكورس : شوف عندك يا سلام واتفرج على القنال
من بعد الاحتلال وظلم الاحتلال
قنديل : يا وابور الساعة اتناشر يا مبحرع القنال
يامين يجول لبويا ودعنا الاحتلال
عدينا من هوسنا وفتنا كوبرى أسنا
يا شوق اللى هوتنا من نسمة القنال
يا قطر طير وعدى وعلى القنال
وهدى نقول يا بحر ودى بنسلم ع القنال

وكان آخر برامجه الغنائية عن القناة بعنوان القنال كتبه فتحى قورة وقام بتلحينه على فراج وفيه قدم أغنيته الشهيرة إدفع الرسوم لمصر التى يقول فيها:

مصر كانت للقنال
والقنال أصبح لمصر
يلا هتعدى القنال
أدفع الرسوم لمصر

وغنت فايزة أحمد أغنيتين رائعتين الأولى بعنوان بوابة القنال كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان محمد سلطان وفيها تغنت بالقناة فى الكوبليه الثانى قائلة :

أدى القنال وأدى حكمتها صبرت كتير
مقالتش كلمتها إلا النهارده
أنا شفت ميتها شايلة السفينة
من مدينة لمدينة
صوتها يلون كل أغنية حزينة
لما الرجال جاوبوا على السؤال
اتغيرت أحوال وجت أحوال
وأدى السفاين دخله بوابة القنال

وغنت أيضا أغنيتها النادرة عاد القنال كلمات صالح جودت وألحان محمد سلطان وقدم محرم فؤاد أغنيتين الأولى عروسة المواني والثانية أغنية مبهجة راقصة الألحان تتغنى على لسان أحد العاملين فى المينا بعنوان عدينا يا ريس .
شاركت وردة بالغناء فقدمت مع بليغ حمدى وعبد الوهاب محمد أغنية عقبال الجاى يا أهالينا وقد قام عبد الوهاب محمد باستعارة جملة وأنا على الربابة بغني من زميله الشاعر عبد الرحيم منصور وأدخلها بشكل جميل وطريف فى الأغنية فقد كان قرار إعادة فتح قناة السويس للملاحة مترتبا على انتصار مصر فى الحرب لذا تمت أعادة استخدام نفس الجملة التى قيلت فى العبور هنا حيث يقول عبد الوهاب محمد :

وفرحنا وضحكت ليالينا
عقبال الجاى يا أهالينا
وأنا على الربابة بغنى
وبقول دا اللى عدانا من الأول
يا ما لسه كمان هيعدينا
من مينا لمينا بسلامة

وقدم هانى شاكر أغنيته العذبة التى لحنها له الموسيقار أحمد فؤاد حسن والتى يقول مطلعها:

عدينا يا ريس عدينا ..
دى قنالنا ودى أرضنا سينا

بعد انتصار أكتوبر بعامين طلب الرئيس السادات من محمد عبد الوهاب تقديم أغنية خاصة تعبر عن فرحة الشعب بعودة الملاحة في قناة السويس بعد تعطل لسنوات وطلب منه أن يلحنها ويغنيها عبد الحليم حافظ حتى يجتمع اثنان من العمالقة فى أغنية واحدة تعبر عن حدث وطنى مهم وتم اختيار كلمات الشاعر الصحفي مصطفى الضمراني التي بعنوان (المركبة عدت ) من بين عشرين نصا كانت بينها منافسة للتعبير عن الحدث وغنى العندليب عبد الحليم حافظ (المركبة عدت) كما غنى عبد الحليم حافظ من كلمات الشاعر محسن الخياط والحان الموسيقار محمد الموجي "النجمة مالت ع القمر".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى