الأربعاء ٢٧ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

كفى من الظلم أيها الدكتاتورالعربي

لقد حان وقت الغداء، أعدوا المائدة بسرعة فالسيد القائد جائع أكثر من اللازم كعادته. أعدوا له صدور أطفالكم و أياديهم وسيقانهم ،أعدوا له نهود بناتكم وشفاهن وعيونهن .أعدوا له قلوب نسائكم وخدودهن وقلوبهن.

تفضل سيدي،اجلس، ها هي المائدة مملوءة كالعادة . ستأكل اليوم وجبة خاصة .ستأكل لعب الأطفال وثياب العرائس الصغيرة ورسائل غرام المراهقات وخواطر العوانس. ستأكل أقلام الشعراء والكتاب الصادقين.

هيا يا سيدي على بركة الله وشهية طيبة .ستبدأ بكبد الأم الحزينة وكتف الأب المظلوم ثم سيأتي دور أصابع اليتامى و ألسنة الأرامل. أما آخر ما سنقدمه لك سيدنا القائد فمخ رضيع مع كأس من دموع أمه. لا تغضب فكل شيء معد وما عليك إلا أن تطلب ما تشتهيه معدتك المحترمة.

تريد زهرة مشوية أم غصنا مسلوقا في لعاب شيخ؟ تريد مناضلا نقابيا أم معتقلا سياسيا أم شاعرا له من القصائد ما يبكي الملائكة؟ تريد جنينا أم رضيعا أم مراهقا أم مواطنا معوقا؟ الكل جاهز حتى مشروباتكم المفضلة ،فهناك عرق الخادمات ودم العذارى وحليب الأمهات . و إذا أردت فإننا مستعدون لإهدائك حتى دموع التماسيح التي تهوى أكل المرضى والمتقاعدين.
حان وقت الغداء فافتحوا القبور ليبدأ سيدنا الدكتاتور الوليمة ،افتحوا له الزنازين لأنه يحب الأكل تحت أنغام الموسيقى،افتحوا له الأقفاص لأنه يهوى ضرب العندليب وهو يأكل. افتحوا له حتى أبواب المراحيض لأنه يعشق الأكل وهو يتغوط لكي لا يقع له مشكل في معدته المحترمة.
حان وقت الغداء يا سيدي وها نحن مستعدون.فقد اقتلعنا كل أشجار البلاد وطبخناها لك وأخرجنا أسماك البحار ووضعناها في مطبخك المحترم. ولكي لا تصاب،سيادتكم بعسر الهضم ،جئناك بأجمل بناتنا ليرقصن لك عندما تبدأ في أكل حيطان وتراب الوطن.فهيا سيدي، على بركة الله وشهية طيبة!

لكن لنا طلب إذا سمحت : بعد القيلولة ارحمنا قليلا ولا تطلق علينا قنابلك المسيلة للدموع فدموعنا تسيل من دون سبب منذ قرون. تسيل من الصباح إلى المساء. تسيل جنب الأنهار و البحار و السحب لمساعدتها على تجاوز محنها و أزماتها ساعة عنفوان الجفاف.دموعنا سيدنا الدكتاتور تسيل من أعيننا وقلوبنا و أكبادنا وشفاهنا و أوراق أشجارنا و حتى حيطاننا. تسيل من أرحام أمهاتنا و لحي آبائنا وعظام متقاعد ينا و قبور شهدائنا.

أبعد قنابلك عنا، ضعها في متحف تاريخك الهمجي الحافل بدموع أجدادنا وعرق أكتافنا و أجبننا . لا تحاول سجننا في زنازينك فنحن مسجون في بيوتنا و شوارعنا و شواطئنا و حقولنا. مسجونون في مستشفياتنا ومدارسنا و دفاتر ذكرياتنا و أمكنة مواعيدنا .انسنا و لو دقيقة واسبح في أنهار سلطتك و أموالك و سعادتك. اسبح في دموع فرحك وانبهارك بنفسك و جبروتك. ضع أسلحتك الفتاكة جانبا فالأمراض و الظلم و التزوير و الرشوة و استغلال النفوذ تفتك بنا بلا رحمة من طلوع شمسك القاسية إلى غروب شمسنا المسكينة التي لا حول لها و لا قوة.كفى من الظلم أيها القائد العربي فأيامك تظلمنا و لياليك تسحقنا و سماسرتك يدكون عظامنا و خنازيرك و كلاب حراستك تهجم بالليل و النهار على حقولنا و أزهارنا و لعب أطفالنا.

حافظ على قنابلك المسيلة للدموع لزمن آخر وشعب آخر و أرض أخرى و سماء أخرى لأننا قرأنا و نحن صغار أنك من النوع الذي لا يموت. حافظ عليها لمرحلة ستحكم فيها الشمس و القمر و الدنيا و الآخرة.. لكن سيأتي يوم سينتابك حنين إلى دموعنا و لن تجدها. و سيعود إليك رشدك و سترى نفسك في مرآة اللوح المحفوظ و سترتعش..ستحاول البكاء لكنك لن تجد قنابلك المسيلة للدموع لتلقيها عليك وتبكي.. و ستصرخ حتى توقظنا و توقظ دموعنا و نحن في القبور..إذاك سنبكي فرحا ، حمدا و شكرا للواحد القهار يا من قهرت و ظلمت ونهبت و عذبت و سحقت ولم ترحم لا الأزهار و لا الفراشات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى