الخميس ٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٨
بقلم خلود فوراني سرية

كلمة عادية لإنسان غير عادي

أتحدى كل فرد حضر إلى قاعة كريغر الواقعة على سفح كرمل حيفا، يوم الثلاثاء في الرابع من أيلول الجاري في الساعة الثامنة والنصف مساء، تحديدا، أن يدّعي أنه خرج من القاعة كما دخلها! أتحداه!

عن بكرة أبيها ازدحمت القاعة، لم يكن حفلا موسيقيا أو عرضا فنيا أو حتى مهرجانا استعراضيا.. بل كانت مئة وعشرين دقيقة (وليس تسعين دقيقة) قدم فيها أفضل من أفضل ما عنده، فجعل الأدرينالين، يرافقه الدوبامين، يتقافزان في دورتنا الدموية.. لنعود ونعيد ترتيب أوراقنا من جديد.

والسبب: أشرف قرطام.

في تقديمي له بمناسبة إطلاق وتوقيع كتابه "الهدية" ذات أمسية، قلت:

قاده حدْسُه ذات ليلة وتبعه... فكانت الانطلاقة، وتغير الطقس وتغير المناخ.. وغدا علما يشار إليه بالبنان.. تتزاحم عليه المؤسسات التربوية والمعاهد التعليمية والمنظمات الاجتماعية والشركات الاقتصادية والصروح الثقافية وغيرها في طول البلاد وعرضها فترتقي به المنصات ويرتقيها، يسبقه صدق كلمتة أولا، عنفوانه الجامح، رؤيتة الحياتية الواضحة، رسالتة الإنسانية السامية، وإيمانه الراسخ بتلك الرسالة وثقته واعتداده وعن جدارة بنفسه، هو أشرف حسن قرطام،لكن أشرف لم يصل إلى ما وصل إليه بين ليلة وضحاها، فوراء كل نجاح قصة ودرب.

ودرب أشرف نحو تحقيق الذات لم تكن أبدا مفروشة بالرياحين، لكنه بذكائه الفطري وعصاميته وصدق عزيمته ونَزَقه، ظل قابضا على الجمر، ماضيا نحو العلا، صَدَق عزمُه، فوضح سبيله.

أشرف، ذاك المُلهِم الاستثنائي، ولن أقول محاضرا كي لا أظلمه - مع احترامي الشديد للمحاضرين - لأن ما يصنعه وبشق الأنفس أبعد وأعمق من مجرد محاضرة بالمفهوم الأكاديمي للمفردة، هو حالة استثناء، يعرف بتفرده في قدراته الخاصة كيف يلج عوالم المتلقي فلا نلبث أن نراه يخاطب عقولنا ومشاعرنا. ومن حيث يدري، أو لا يدري، يحرك الخناجر المغمدة في جراحها، يستفز الوجع الساكن فينا لننهض من تحت الردم، فيترك في قلبنا ثورة وفي عقلنا ألف سؤال وسؤال.

وهو ومن تجاربه الشخصية والحياتية يعي جيدا، أن الألم طريق الحكمة.

أشرف، أيها الملهِم المُوجع، ذاك الوجع الذي يقودنا معصوبي العينين للسعي نحو تحقيق ذاتنا، أحلامنا، أهدافنا، طموحنا... حتى أخر رمق في حياتنا دون مساومة أو مهادنة، إلا وقد اعترتنا نشوة الانتصار.

الانتصار على خوفنا، ضعفنا، خيباتنا، يأسنا وشكنا القتال. وليس على المُحبَطين (بفتح الباء) المُحبِطين (بكسر الباء) حولنا. فهؤلاء خارج مجال بصرنا وبصيرتنا.

في كل مرة أسمعك أو أقرأك، تعيدني للمقولة التحفيزية:

" DON’T WISH FOR IT.. WORK FOR IT ".

يهمني أن أنوه بأني لست منتفعة، ولا مصلحة لي وراء كلمتي هذه، باستثناء محاولة منح فرصة لمن تعذّر حضوره معنا أن يستشعر ما كان.

وكإنسانة عادية تفاعلت ولاحظت تفاعل الجمهور برمّته مع بنات أفكار أشرف وبنات شفاهه، مع تواصله البصري ولغة جسده، مع قوة كلمته ونبرة صوته المنبعث من قصب الرئة، مع توقّده المتزن واتزانه المتوقد.. لم يترك أمامي خيارا إلا الكتابة عن التجربة التي عشتها ولمستها لإشراك الأخرين، وهذا أضعف الإيمان.

لك تحية الحرف وسؤاله الأزلي عزيزي...

من قمة إلى قمة... حلّق وحقق أيها الأشرف... حلّق وحقق...

دُمت مُلهِما... لك الحياة....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى