الاثنين ١٩ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم ليلى بورصاص

هل عيدك سعيد يا... أمي؟

انه أجمل الأعياد وأكثرها عمقا ومعنى، ذلك العيد الذي نحتفل فيه بها، رمز العطاء والتضحية، قبلة الوفاء والرحمة، ينبوع الحنان، ارض الأمان والسلام، ست الحبايب، لكني تساءلت في هذا اليوم الخاص جدا وأنا اشتري هدية لحبيبتي في يومها السعيد... هل كل الأمهات العربيات سعيدات في يوم عيدهن؟ هل سيحظين كلهن بهدية عيد الأم؟... لم تكن الإجابة لتكون مرضية أبدا ، و أي أم أقصد؟ الأم الفلسطينية التي فقدت الزوج و الابن، التي تتحدى أعتى وأشرس احتلال غاصب في العصر الحديث؟ التي تقف في مواجهة غير عادلة في وجه دبابة أو شاحنة صهيونية ظالمة؟ التي تقذف الحجر وتتلقى القنبلة؟ الأم العراقية التي تدفن كل يوم بل كل ساعة أشلاء قريب أو حبيب اغتيل غدرا بانفجار سيارة أو عبوة ناسفة أو قنبلة مزروعة هنا وهناك؟ الأم اللبنانية التي رأت بعينيها جثث أطفالها محروقة في أحقر عدوان عرفته البشرية؟ الأم الأثيوبية والصومالية التي تعيش أقسى ظروف معيشية في اكبر مأساة إنسانية؟
الأم الجزائرية و المصرية التي عانت ويلات الإرهاب الأعمى؟ التي ثكلت واغتصبت وأهينت؟ الأم العربية المسلمة التي ترى الدنيا من خلف قضبان حديدية لغرفة مظلمة باردة بدار العجزة؟ انتهت مدة صلاحيتها عند فلذات أكبادها فقرروا لها مصيرا كريها بغيضا، مصير كل شيء غير صالح للاستعمال، مكب النفايات اختاروا له اسما أكثر احتراما، "دار العجزة" اسم مبهر من الخارج لكنه لا يغير معناه من الداخل، ظل مكبا للأشياء غير الصالحة، اقتيدت إليه مسلوبة الإرادة، وممن؟ من سهرت عليه الليالي تربيه وتعطيه وتحميه، وهاهو يرى أنها لا تتماشى والموضة، لا تتماشى وحياته الجديدة العصرية، لأنه ببساطة لا يريد أن يتحمل مسؤولية من تحملت مسؤوليته مذ كان مضغة من ماء مهين، مذ كان خلية لا يراها المجهر، حتى استوى رجلا، وعندما صار يستطيع أن يحمل حملها إلى مكان لا خروج منه إلا إلى القبر، قرر لها مصيرا مشؤوما رغم أنها قررت له أحسن مصير، وضعها كما توضع الأمتعة وانصرف غير عابئ بمشاعرها، غير عابئ بجرح عميق تركه ينزف.. بنفس منكسرة متحسرة على أحلام الماضي الوردي الجميل، انصرف بقلب بارد يلفه جليد القسوة و اللامبالاة، لا تعرف للعيد معنى ولا طعما، لا تعرف للأمومة غير ذكريات بعيدة تراها كالسراب، كأنما لم تنجب ولم تحبل، لو حرمت نعمة الإنجاب لكان أمر الله عز وجل، لكنه الآن أمر من يجري دمها في عروقهم... "عيد الأم" عن أي عيد نتحدث؟ عيد لا نكهة له غير الحزن والأسى والألم... هل نتذكر ونحن نهدي أمهاتنا هدية عيد الأم كل هاته الأمهات التي حرمن رغما عنهن عيدهن؟... لكني لا املك سوى أن أتمنى لامي وكل هاته الأمهات اسعد الأعياد...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى