الثلاثاء ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠١٨
بقلم فوزيّة الشّطّي

يَا ابْنَ هَذِي الأَرْض

الإهداء:

إلَى محمود درويش الّذِي استحقَّ الحياةَ بقَدْرِ ما اسْتَحقَّ الشّعرَ.

كُنْتَ فِينَا، فِي مَسَامِّ الْـجِلْدِ كُنْتَ،
فِي الدَّمِ الْقَانِي الْـمُعَطَّرْ.
فِي رَحِيلِ الْعَبْرَةِ الْـحُبْلَى بِأَوْجَاعِ الشَّتَاتْ
فِي جُنُونِ الْقَلْبِ كُنْتَ، قَلْبِنَا الدَّامِي الْمُعَطَّبْ
يَا أَبَا الشُّعَرَاءِ، يَا ابْنَهُمُ الْمُدَلَّلْ.
وَاسْتَقَالَ اللَّفْظُ مِنْ تَعَبِ النَّزِيفْ
ثُـمَّ لَـمَّ الشَّعْثَ، هَجَّ كَالطَّرِيدْ
أَوْصَدَ الْبَابَ، وَأَقْسَمَ: «لاَ مَعَادَ، لاَ نَشِيدْ».
دَرْوِيشُ، مَا خَطْبُ الْمَجَازِ لاَ يُـجَازِي عَاشِقِيهِ وَلاَ يُكَنِّي؟
مَا لِلْحُرُوفِ تُـجَافِي جَارَاتٍ لَـهَا وَتُرَفِّسُ النِّقَطَ الْيَتَامَى؟
وَتَكُفُّ لَيْتَ عَنِ التَّمَنِّي؟
وَالسُّؤَالُ يـُعَدِّدُ الْـخَيْبَاتِ مَكْسُورَ الْـخَوَاطِرِ مَهْزُومَ الْـحِرَابْ؟
وَلَعَلَّ تَلْفَظُهَا النُّصُوصُ الأُمَّهَاتْ؟
لاَ طَرِيقَ إِلَيْكَ فِي شَرَكِ اللُّحُودِ الْمُوصَدَهْ
يَا أَبَا الشُّعَرَاءِ، يَا ابْنَهُمُ الْمُدَلَّلُ وَالْـمُتَوَّجُ بِالْقَصِيدْ.
دَاعَبَ الْمَوْتُ جُفُونَكَ كَالْكَرَى
عَابَثَ الْقَلْبَ دُهُورًا، كَانَ يَلْهُو بِالدُّمَى
كَانَ فِيكَ كَالصَّهِيلْ
شَاغَبَ النَّبْضَ الْكَسُولَ. ثُـمَّ أَنْهَاهَا الْـحِكَايَهْ:
"أَنْتَ لِي. لِي تَبَارِيحُ خَيَالِكْ.
لِي الْأَمَانِي الْوَاعِدَاتُ الْآتِيَاتُ لِطَرْقِ بَابِكْ.
أَنْتَ لِي حَقًّا، مَـجَازًا أَوْ كِنَايَهْ".
كَانَ مَوْتُكَ فِيكَ يَلْهُو، كَانَ يَكْبُرْ
يَعْصِرُ الطِّينَ، وَيَشْرَبُ نَـخْبَهُ الدَّامِي الْـمُعَتَّقْ
يَنْهَشُ خُبْزَكَ الْـحَافِي، وَيَسْكَرْ
كَانَ فِيكَ كَالْوَبَاءْ
يَا أَبَا الشُّعَرَاءِ، يَا ابْنَهُمُ الْمُدَلَّلُ وَالْمُكَلَّلُ بِالْغِيَابْ.
كُنْتَ فِينَا، فِي مَرَايَانَا الْمُهَشَّمةِ الْـخَجُولْ
فِي ارْتِعَاشِ الْقَلْبِ كُنْتَ،
فِي رَحِيلِ الدَّمْعِ مَهْزُومًا إِلَى حَيْثُ الْـجَفَافْ.
كُنْتَ فِينَا كَشُرُوقِ الطَّلِّ فِي الْـمُدُنِ العِجَافْ.
فِي جِلْسَةِ الشَّايِ الْـمُحَلَّى
كُنْتَ تَلْهُو بِالْفَقَاقِيعِ وَتَرْتَشِفُ الْـمَسَاءْ
كُنْتَ جَبَّارا تَشِيدُ الْمُسْتَحِيلَ مِنَ الْـبِلاَدِ.
كُنْتَ فِينَا، تَسْكُنُ النَّبْضَ الْـمُعَطَّبْ
كُنْتَ مِنَّا، تَرْتِقُ الْـجُرْحَ الْـمُخَضَّبْ
ثُـمَّ تُنْشِدُنَا تَفَاصِيلَ الْبَلاَءْ.
فِي انْكِسَارَاتِ الْـمَخَاضِ، فِي صَهِيلِ الْقَافِيَاتْ،
فِي نَشِيجِ اْلوَزْنِ كُنْتَ،
كُنْتَ تَنْزِفُ فِي اللُّغَاتْ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى