الخميس ١٣ أيار (مايو) ٢٠٠٤
بقلم صلاح الدين الغزال

إحتدام الجذوتين ـ القسم الأول ـ المقدمة والإهداء

الإهـداء

إلى ابن شقيقتي :
المبدع الصّغير سفيان الزُوَيِّ .. أُهديك اليوم ثمرة إجهاد الأمس وكلِّي أملٌ أنْ أرى من خِلالك ازدهار الغد …
ودمت لخالك

صلاح الديـن
1/1/2004م

قراءة أوليّة:

في هذه النّصوص يوجد شاعرٌ تغص ذاكرته بروائع التّراث وهذا مكسبٌ عظيمٌ وحضورٌ لشاعرٍ آخر أو سيطرته على مقاليد النّص ضرورة ـ كذلك رائحة فطاحل الشّعر العربي من القدامى حيث يلاحظ بوضوح زخم المفردات التّراثية وأيضا الإيقاع ـ لكن هذه المفردات بدأت تأخذ دلالات جديدة منذ العصر الأموي ـ وتم التخلص منها في ثورة الشعر في العصر العباسي على يد الحسن بن هانئ وأصحابه ـ وأخذت القصيدة تتشذب وترتقي وتبتعد عن مفردات الأعراب وهي وإن عادت للظهور مرة أخرى في القرون اللاحقة إلاّ أنها لم تنج من إهمال معاصريها ـ وعندما جاء عصر النهضة بالإيجاز ـ كان أول الخاسرين البارودي مثلاً ـ ولذلك كانت نصيحة بشّار جيدة عبر الأجيال ـ وتتلخص في النّسيان ـ وهو ما يعادل في عصرنا اختمار الأشياء وتفاعلها مع روح العصر وتطور الأدب. إنّ الشعر مخلوقٌ متطور والخصوصية ضرورة أنها البديل عن المحاكاة والقفز المحكم إلى الرؤيا الجديدة.

والقارئ الجيد يجد هذه الدّعوة لدى قدامى فطاحل النّقد، وفي قصيدة ابن الشهيد لبدر شاكر السياب نجد الدراما المعاصرة تولد بمفردات منتقاة ونجدها لدى صلاح عبد الصبور في نص (شنق زهران) وفي مسرحية الحلاج الشعرية وفي الشعر الأوربي والآسيوي نجدها لدى إقبال وطاغور وكاسنتزاكيس وبريخت وهي أوضح ما تكون لدى عمر الخيام ـ أن اللغة جزء من النص ـ اللغة تخلق الصورة كما هو في الرسم ـ نحن بصدد علم جديد ـ يعني بالأبعاد الخاصة بتجانس الحروف لتنسيق ألوانها وظلالها ورائحتها لتجد طريقها لعالم الذات من ناحية وعالم الحواس من ناحية وعالم العقل الذي لم يعد مفرداً في المخلوق العاقل الواحد ـ هذا فضلا عن الصّدى الذي أصبح يشكّل عنصراً مهماً بين الفنان والمتلقي.
إنّ معاناة الشّاعر المبدع شرسةٌ لا مع العالم فقط ـ بل مع المخزون ومع المتغيرات ولذلك تمت الاستعانة بالميثولوجيا كلغةٍ أُخرى ـ وبقراءةٍ بسيطةٍ لخليل حاوي نجد هذه الحقيقة بوضوح هكذا:

يعبرون الجسر في الصبح خفافاً

أضلعـي امتدت لهم جسراً وطيد

السّياب نفسه نلمس لديه تطوراً حذِراً فالرّجل قرأ تطوّر الشّعر الإنجليزي ووقف طويلاً عند فرجينا وولف ولجأ إلى الإسقاط والتّوظيف من الأساطير العالمية ـ أساطير كلّ الحضارات وما قبل الحضارات المدوّنة ـ وهكذا نجد أنّ مهمّة الشّعر صعبةٌ وقد اكتشف الرّوائيون ذلك فلجأوا إلى لغة الشّعر ومخزون الشّعر والفن التّشكيلي ـ وكان على شاعر معاصر مثل نزار قباني أنْ يرسم بالكلمة بل وينحت ـ والقصائد الّتي لديّ ذات قيمةٍ عظيمة ـ لأنها جاءت من قلب التّراث وهي ستأخذ كالنّهر مجراها الجديد أي إلى خصوصيةٍ بحتةٍ والشّاعر مُطَالبٌ بأنْ يرفع السّقف إلى أعلى ـ وليس أفقياً ـ لقد انتهت المرحلة الأكاديميّة ومازالت هناك فضاءاتٌ يجب أن تطرقَ وهذه ليست نصائحَ بل هي أبجديات الإبداع تحاشياً للتّكديس وهو ما حدث لأمير الشّعراء ـ لقد أشرت إلى قراءة مبادئ العلوم وتاريخ الحضارات والسّيسيولوجيا فهناك يقبع الإبداع كجزئياتٍ على الشّاعر أن يكون منها فسيفساءه المنشودة.

علي الفزاني
شاعر وكاتب ليبي

يناير 2000م

كلمة عابرة

أودُّ أن أُوضح أن ما كتبه الشّاعر علي الفزاني _ بخصوص ما عرضته عليه من أعمال ـ ليس بمقدمة ولكنّه مجرد قراءة أوليّة حول بعض النّصوص الّتي اطّلع عليها الشّاعر قبل رحيله بفترةٍ وجيزةٍ وإنّني إذ أنشرها هنا فغرضي من ذلك الاعتراف بالجميل لهذا الرجل الّذي لم يبخل على الشّباب في مدينته بنغازي بالعون والتّشجيع حتّى وفاته تاركاً في قلوبنا جرحاً لم يندمل حتّى الآن شاكرين له حسن تعاونه معنا، كما أقدّم جزيل الشّكر إلى كلّ من قدّم العون لي حتّى قيض لعملي المتواضع أنْ يرى النّور، متمنياً أنْ أكون خفيف الظّل على القارئ الكريم الّذي إن كنت قد عجزت أن أقدّم له شيئا جيداً يستحق اقتطاع جزءٍ ثمينٍ من وقته فإن عذري الوحيد أنّني لم أقدّم له سوى ما كتبته بدم قلبي ولم أحاول غشّه بالنّظم الزّائف وأنّ كلّ حرفٍ فيه هو سليل بركانٍ تفجّر داخلي أحاسيس ومشاعر كتبتني ولم أكتبها.

((فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ءَانَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً. قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُواْ إِنِّيَ ءَانَسْتُ نَاراً لَعَلِّىَ ءَاتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَـــذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ))


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى