الاثنين ٢ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

الاعتصام

لي كجميع الناس مشاكل كثيرة وأعاني كمدرس معاناة لا حصر لها. لكنني لن أعتصم أبدا لا أمام وزارة التعليم ولا أمام مقر البرلمان ولا أمام شرفة الوزير الأول. حينما سأجدني أمام الباب المسدود سأعتصم أمام عيني أجمل فتاة بالوادي وسأطلب منها أن تعطيني حقوقي كاملة لا يشوبها نقصان.سأعتصم أمام صدرها وسأصرح أمام الجميع أني أختنق وأريد أن تسمح لي بتسلق السلم الإداري للوصول إلى أجمل مكان بصدرها لأشم أحلى العطور. سأعتصم أمام شفتيها وسأحمل اللافتات وأردد الشعارات طالبا منها أن تضعهما على تلك المنطقة الحزينة من قلبي لتحل له مشاكله فيستمتع بحقوق المواطنة والعيش الكريم.سأعتصم أمام خديها وسأطالبهما بتحسين وضعيتي والسماح لي بقضاء عطلي بين ظهرانيهما. سأعتصم أمام شعرها وسأطالبها بتنفيذ ما اتفقت عليه مع المنظمات النقابية بمنحي الدفء الذي افتقدته منذ أن ولجت سلك التعليم .

لن أعتصم أبدا أمام أي وزير لأني أعرف أنه يقضي وقته في الاعتصام أمام بيت حماته. سأعتصم فقط أمامك يا فتاة الوادي فلا تخذليني ولا تهضمي حقوقي. كوني كريمة معي لأنسى ولو لبرهة أني أسبح وسط عرق التلاميذ منذ أكثر من ربع قرن. لأنسى أن كل زملائي القدامى غادروا القسم منذ زمن بعيد وأصبحوا مسؤولين كبارا. لأنسى همسات أساتذة العصر الجديد.لأنسى أن جل تلاميذي لا ينتظرون إلا الفرصة السانحة للهجرة وتغيير جنسيتهم وفصيلة دمهم.

لأنسى أخيرا ما قاله لي تلميذ ذات يوم عندما نهرته وكان يثلث القسم، قائلا له: «ألم تتعب من البقاء في نفس القسم مدة ثلاث سنوات؟» فأجابني: «وأنت يا أستاذنا المبجل ألم تتعب من إلقاء نفس الدروس والعمل كأستاذ للسلك الأول في نفس المؤسسة ونفس الحي ونفس المدينة ونفس الوضعية الإدارية؟ ثم زاد: وقد درس عندك والدي وأعمامي وأخوالي وكل مجرمي الحي المنبوذ ولم يتعلموا حتى كتابة أسمائهم».


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى