السبت ٢٢ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
حوار مع
بقلم ريمون جرجي

الدكتور يوسف زيدان ورواية عزازيل

كنتُ منذ خمسة أشهر تقريباً على موعد للحوار المباشر مع الدكتور يوسف زيدان مدير مركز ومتحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية/مصر وعاشق المخطوطات (وهو عنوان كتاب له عن أعماله التراثية) أثناء زيارته لمدينة حلب (بعد أن قضيتُ أياماً أتصفح موقعه الألكتروني محاولاً معرفة تاريخ الرجل الذي يوصف بالرجل الكنز)، وعرفتُ حينها كيف تنبأ له أحد المشايخ قائلاً له بأنه: "سيكون سفيراً، عندما يعرف سر النون!!!" ( والسفير حامل السِّفر أي الكتاب، ومعناه أنه سيبقى مشغولاً بالكتب كما شرحها له الشيخ وَدْنان لاحقاً )، ولكن لم تنجح حينها كل المواعيد بيني وبين د. يوسف (العالم المتواضع) ، فغادر حلب مزوداً بقائمة طويلة جداً من الأسئلة التي زودته بها حينها بعد تعذرْ إجراء الحوار على أن يجاوب عليها لاحقاً، و لكن لم تأت الأجوبة حينها( دي محتاجة تأليف كتاب بحالو... قالها مازحاً)، ومن المؤكد بأن الأسئلة تغيرت بعد أن اشتعلت الحرب على عزازيل في نهاية الشهر السابع حين أصبح د. يوسف يقرأ عند كل صباح تنشره الصحف والمجلات والمواقع حول عزازيل بعناوين نارية وخطيرة جداً في بعض الأحيان.

إلا أن التقينا في حلب مجدداً، وتجدد الاتفاق على الحوار بعدما أن تم اختصار ما تناوله خلال الندوة النقدية الثانية لعزازيل في مدينة حلب.

وقد اشتهرت رواية "عزازيل" بسبب اعتراض أقباط مصر عليها وبيان الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس ودعوى احد المحامين ضدها، والذين رأوا فيها تشكيكاً في العقيدة المسيحية، وانتقاداً للبابا كيرلس الملقب ب" عمود الدين"، إلى أن نفذت الطبعة الثالثة خلال أقل من عام و هناك توجه لإصدار الطبعة الرابعة.

رواية عزازيل هي عمل أدبي تحدثت عنها الصحف والمواقع والمجلات بشكل ملفت وأعطوها شهرة كبيرة جداً، مثل:الأهرام، المصور، الوفد، الحياة، الأخبار، السياسة، روز اليوسف، المصري اليوم، البوابة، المصريون، محيط، أقباط الولايات المتحدة، وغيرهم.


من هو الدكتور يوسف زيدان:

هو من مواليد 30 يونيو/حزيران 1958 بمدينة سوهاج بصعيد مصر، باحث ومفكر مصري حائز على دكتوراه الفلسفة الإسلامية من جامعة الإسكندرية عام 1989 (أي في سن 31 عام وهو أمر نادر)، ودرجة الأستاذية في الفلسفة عام 1999، قام بفهرسة ما يزيد عن 18000 مخطوطة.

كتب حوالي خمسين كتاباً حول المخطوطات والتأليف المباشر ونشر حوالي ثمانين بحثاً توثيقياً، إضافة إلى الندوات والمؤتمرات الكثيرة، عمل مستشارا لعدد من المنظمات الدولية مثل منظمة اليونسكو والأسكوا وجامعة الدول العربية، وحاصل على العديد من الجوائز العلمية مثل جائزة الفقه الطبي وتحقيق التراث من مؤسسة الكويت للتقدم وجائزة عبد الحميد شومان في مجال العلوم الاجتماعية، وهو من أكبر الدارسين لموسوعة الشامل في الصناعة الطبية لابن النفيس التي نشرها ضمن ثلاثين مجلدا وهو أضخم عمل فى التراث العلمى الإنسانى يكتبه شخص واحد.
*


نص الحوار:


* إلى أين وصلت الاحتجاجات ضدك وضد عزازيل في الوقت الحالي؟

 لا أعرف ، فلا أتابع هذا الأمر، ولا أعلم عنه إلا ما تنشره الجرائد وتذيعه وسائل الإعلام. وقد ذكر القُمُّص القبطي (عبد المسيح بسيط) أنه يقوم بتأليف كتاب ضد الرواية، وأن الأنبا بيشوي سكرتير المجمع القبطي المقدس يقوم أيضاً بتأليف كتاب للرد عليها. ومن ناحية أخرى، هناك مقالات لا حصر لها، ودراسات بديعة، كتبها نقادٌ ومفكرون أقباط، امتدحوا فيها الرواية، ووجدوا فيها فرصة لإعادة النظر في تاريخٍ طويلٍ مهمَل.

* هل تؤيد بأن "عزازيل" هي أخطر رواية عن الصراعات المذهبية المسيحية فعلاً؟
 هذا ما تقوله وسائل الإعلام، لكنني أعتقد أن خطورة الرواية تأتى من كونها معبرةً عن الصراع الإنساني بشكل عام، وأزمة الوعي الفردي في مواجهة فوضى العالم الخارجي.

* كتبتَ في مقدمة الرواية: "هذه الرواية هي عمل أدبي ولا يجب مناقشته بعيداً عن حدود الأدب والإبداع"، هل كنت تستبق الأحداث؟
 لم أقل هذا في المقدمة، كان ذلك تعليقاً على الموجة الهوجاء من الهجوم غير المبرر على الرواية، من ناحية البعض.. لقد أرادوا تناول هذا العمل على اعتبار أنه بحث متخصص في (اللاهوت) فكانوا بذلك يُخرجون الرواية عن طبيعتها، ليسهل عليهم نقدها حسب فهمهم وزعمهم ومعتقدهم، والنص الروائي بعيد بطبعه عن مثل هذا التناول.

* قبل إصدار الرواية أطلعتَ عليها أصدقاءك (المرحوم سامي خشبة، جمال الغيطاني، المطران يوحنا إبراهيم، رجال الدين في الإسكندرية) ماذا كانت انطباعاتهم؟ وهل أخذت بآرائهم وعدَّلت من الرواية قبل نشرها؟
 قالوا إنها عمل مختلف ، يستحق التأمل.


* هل هناك اتجاه لترجمة الرواية إلى لغات أخرى؟

 أظنها ستخرج مترجمةً إلى عدة لغات ، العام القادم، حيث يتم حالياً مناقشة هذا الأمر مع عدة أطراف أوروبية.

* هل لديك الجرأة لنشر روايات تتحدث عن الدين الإسلامي كما هو الحال في عزازيل؟ أم أنك تخاف من الفتاوى، خاصة أن عزازيل تفتح أبواب النقاش حول التزمت والتعصب لدى رجال الدين بشكل عام؟
 إن تسعين بالمائة من أعمالي، وربما أكثر، تتناول التراث الإسلامي، ولى فيها آراء لا تعجب بعض الإسلاميين. غير أنني أهتم عموماً بالإنسان أيا ما كانت الديانة التي يؤمن بها، ولا أستهدف بالنقد ديناً معيناً أو مذهباً بعينه.


* هل كانت هناك أصوات إسلامية تنتقد رواية عزازيل تآخياً مع موقف إخوتهم المسيحيين؟

 الرواية أحدثت صخباً شديداً عند أولئك وهؤلاء، وتجرأ كثيرون على إبداء الرأي فيها من دون أن يقرؤوها، وتطوعوا بإبداء (الرؤى) قبل أن يطالعوا الرواية .. وهذا عندي عجيب.


* وردت في الرواية عبارة عن الأسقف نسطور متحدثاً إلى هيبا بطل الرواية "إن قتل الناس باسم الدين لا يجعله ديناً" هل ينطبق هذا النص على الواقع المعاش اليوم؟

 ينطبق على الواقع المعيش في كل زمان ومكان.


* هل يمكن الاستنتاج من الرواية أن الإيمان لا يطيق الإناث الجميلات، فكل جميلات الرواية كن وثنيات ما عدا أم هيبا المتدينة والتي شاركت في قتل زوجها؟

 هذا غير صحيح، فإن المحبوبة الثانية للبطل، مرتا، كانت امرأة مسيحية بديعة. وزوجة عمه الطيبة كانت مسيحية، ولا توجد (وثنيات) في الرواية غير أوكتافيا وهيباتيا .. ومسألة الوثنية هذه، تُطرح في الرواية على نحو مختلف عن معناها المعتاد المبتذل.


* في رواية عزازيل هناك متاهة وهنالك مفاتيح لها، هل هو تأثير الفكر الصوفي ومفاتيحه هو المحرك والدافع؟

 يجوز، والمسافة بين التصوف والرهبنة عموماً، ليست بعيدة. فكلاهما نزوعٌ روحيٍ وسعيٌ دؤوب للخروج من أزمة الغرق في الحسيات. غير أن المتاهة والمفاتيح هي أمور تتعلق بطبيعة البنية العامة للرواية، أما النـزوع الصوفي والرهبان، فهو يتجلَّى في اللغة وتقنيات السرد الروائي.


* هل تشعر بخيبة الأمل تجاه أصدقائك الأقباط لعدم تفهمهم وجهة نظرك الأدبية في "عزازيل"؟

 أعتقد أنهم سوف يهدأون قريباً، ويعرفون أن (عزازيل) هي رسالة في المحبة، وخطاب من أجل الإنسان.

* بماذا تتوجه إلى أقباط مصر الذين يشعرون بأن الرواية قد نالت من تاريخهم ومن عامود الدين لديهم؟
 أقول لهم إن هذا التاريخ الذي يحسبونه خاصاً بهم، هو تاريخ مشترك ليس من حق أحد أن يعزله عن سياقه العام، فالقبطية مرحلة تاريخية مصرية، والزمن المسيحي بعامة هو مرحلة من مراحل تاريخ المنطقة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى