الجمعة ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٢
بقلم أشرف شهاب

الرشوة الجنسية.. من الضحية؟

تنتشر فى أوساط عديدة من المجتمعات مفاهيم مختلفة للفساد. وربما تكون الرشاوى هى أحد الوجه الظاهرة والمعروفة منذ القدم للفساد بكافة أشكاله. وتتنوع أشكال الرشوة ما بين الرشوة بالمال أو الرشوة "المقنعة" عبر تقديم الهدايا للمسئولين أو للموظفين العموميين لتسهيل التعاملات. لكن الرشوة اتخذت أشكالا أخرى من أهمها "الرشوة الجنسية". وفى هذا التحقيق يحاول مراسلنا فى القاهرة أشرف محمود بحث هذه الظاهرة:

قد يشتكى الكثيرون منا من عجزهم عن إنهاء بعض المعاملات التى يمكن أن تكون مصيرية بسبب تعنت بعض الموظفين أو جشعهم فى بعض الأحيان الذى يصل إلى حد التبجح بطلب الرشوة. ولهذا السبب تعددت أشكال الرشاوى التى أصبحنا فى بعض الأحيان نعتبرها جزءا من الضروريات اللازمة لكى نستطع التخلص من التعنت و من التعقيدات البيروقراطية. وإذا كان البعض منا يقدم الرشوة كنقود سائلة، فإن البعض يقدمها على أنها هدية حتى لا يقع الأشخاص المتعاملين بها تحت طائلة القانون.

لكن تقديم الأموال والهدايا العينية يعتبر من أهون أنواع الفساد مقارنة بالرشاوى التى يطلبها بعض الموظفين. وتمتلىء محاضر النيابات المصرية وأقسام الشرطة فى طول البلاد وعرضها ببلاغات متعددة قدمتها سيدات يشتكين فيها من تعرضهن لابتزاز أو لتحرش جنسى من جانب المسئولين أو الأشخاص الذين يلجأون إليهم لإنهاء مصالحهم. وعلى الرغم من تعدد أماكن وأشكال البلاغات إلا أنها تصب فى النهاية فى خانة واحدة هى خانة الابتزاز الواضح.

فى منطقة العمرانية تقدمت المدرسة الشابة ببلاغ تتهم فيه مدير المدرسة بالتحرش بها جنسيا. وقالت فى بلاغها إن مدير المدرسة أعطاها جدولا للحصص يزيد بتسع حصص عن زميلاتها. وعندما ذهبت إليه لتعترض على هذا التقسيم، وعدها بإنهاء المشكلة فورا. بل ووعدها بأن يعطيها عددا من الحصص أقل مما هو مقرر لها بشرط أن توافق على طلباته. فماذا كانت طلبات السيد المدير؟

بالطبع اتضحت الحقائق أمام وكيل النيابة الذى قام بالتحقيق حيث اتضح أن مدير المدرسة يزيد عمره عن خمسين عاما والمدرسة ما زالت شابة جميلة ولا يزيد عمرها عن خمسة وعشرين سنة. وتطوعت بعض زميلات المدرسة للشهادة ضد المدير وقالوا أنه دائم التحرش الجنسى بهن. واتضح أن السيد المدير يعشق ترديد الألفاظ الخارجة على مسامع المدرسات، بل وتمتد يده فى بعض الأحيان لتلمس أماكن خاصة فى أجسادهن. وكشفت التحقيق أن المدير وافق على تخفيض عدد حصص المدرسة من 28 حصة إلى 9 حصص فقط بدلا من 19 حصة حسب القانون. وكل ذلك مقابل أن تقضى معه سهرة حمراء.

وفى واقعة أخرى تقدمت سيدة مطلقة (عبير) من منطقة إمبابة إلى قسم الشرطة لتشكو واحدا من رجال الشرطة. وقالت فى بلاغها إن أحد أفراد الشرطة طلب منها قضاء ليلة كاملة معه بمنزله. وخافت السيدة على أطفالها الأربعة من بطش الشرطى. ووافقت على قضاء ليلة معه. ولكنه كان يرغب فى مزيد من السهرات ويطمع فى إخضاعها لنزواته الخاصة طوال الوقت. وبدا وكأن السيدة دخلت فى متاهة لن تنتهى منها. واستيقظ ضميرها وطلبت من الشرطة أن تحميها من بطش هذا النموذج المريض الذى يشوه سمعة جهاز الشرطة بأكمله. وعند التحقيق اتضح أن الشرطى اعتاد على هذه الممارسات، وأن ضحاياه الآخرين كانوا يخافون التقدم بشكاوى ضده. وأنهم تشجعوا للتقدم بالشكاوى ضده بعد أن علموا أنه وقع فى أيدى العدالة.

وتنتشر بشكل كبير البلاغات التى تقدمها سكرتيرات ضد أصحاب الأعمال التى يعملون فيها. فعلى سبيل المثال تقولى "ل. ل" فى بلاغها إن مديرها راودها عن نفسها أكثر من مرة. وأنه كان يتعمد الاختلاء بها كثيرا أثناء العمل. وكان يطلب منها دائما البقاء لإنهاء بعض الأعمال بعد مواعيد العمل الرسمية. وفى المرة الأخيرة التى فاض بها الكيل كانت فى مكتبه عندما تحسس مؤخرتها بيده. وعلى الفور علا صوتها بالصراخ وتجمع الموظفون والعاملون بالمكتب ليكتشفوا حقيقة ما يحدث. الغريب حسب الموظفة التى فقدت عملها أن بعض زميلاتها كن يحسدنها على المكانة التى كانت تتمتع بها فى قلب صاحب الشركة. ونصحها البعض منهن بأن تتحمل قسوة الحياة. وأوضحن لها أن ظروف العمل تتشابه فى كل الأماكن وأن الرجال هم الرجال فى كل مكان. وأنها لن تجد عملا بنفس المواصفات دون متاعب مشابهة.

وفى منطقة راقية من أحد أحياء القاهرة تقدمت السيدة الجميلة ببلاغ ضد أحد المسئولين عن الحى الذى تقيم فيه. فقد طلبت الحصول على رخصة افتتاح محل. ورفض المسئول منحها الترخيص ما لم تستجب لرغبته فى ممارسة الجنس معها. ومع إصراره على هذا المطلب تقدمت السيدة سرا ببلاغ إلى البوليس الذى طلب منها مجاراته فى مطلبه. وبالفعل تظاهرت السيدة بالموافقة على ما طلبه منها المسئول. والغريب أنه طلب منها أن يمارس معها الجنس فى مكتبه. وبعد الاتفاق على كافة التفاصيل، وصلت السيدة فى موعدها تماما، وبدأ الرجل فى خلع ملابسه تماما فى نفس الوقت التى كانت كاميرات التصوير تدور فيه لتلتقط كل صغيرة وكبيرة تحدث داخل المكتب. وفى اللحظة الحاسمة هاجم البوليس المكتب، وتم القبض على المسئول الذى قال إنه لم يطلب منها شيئا. وأنها هى التى حاولت إغواءه وتعمدت أن تثير غرائزه وطلبت منه أن يمارس معها الجنس.

ولا يمكن بالطبع أن نلقى بكل اللوم على الرجل ونعتبره المسئول الأول والأخير عن جريمة الابتزاز الجنسى أو الرشوة الجنسية. ففى منطقة مدينة نصر تقدم الزوج ببلاغ إلى شرطة النجدة لشكه فى وجود أحد الغرباء بشقته. وعندما قام رجال البوليس بتفتيش الشقة اكتشف أحدهم وجود عشيق الزوجة مختبئا داخل دولاب الملابس بغرفة النوم. وحاولت السيدة رشوة رجل الشرطة الذى اكتشف مكان العشيق وأعطته مبلغا ماليا، وعرضت عليه أن ينام معها مقابل أن لا يكشف مكان العشيق. ولكن رجل الشرطة رفض الرشوة وأبلغ عن مكان العشيق ليتم القبض عليه. وفى واقعة مشابهة ألقى أحد ضباط الشرطة القبض على سيدة وعشيقها يمارسان الجنس فى سيارة الأخير. وعندما تقدم الضابط للقبض عليهما عرضت عليه السيدة أن يمارس معها الجنس ثم يتركهما فى حال سبيلهما. ولكن الضابط رفض العرض الجنسى، وقدمهما للنيابة بتهمة ممارسة فعل فاضح فى الطريق العام.

الوقائع كثيرة. وهى فى معظمها تدل على وجود انحرافات خطيرة وتسيب أخلاقى خطير داخل المجتمع المصرى الذى يشهد أنواعا مختلفة من الانهيارات الأخلاقية. وقد يرجع هذا التفسخ الأخلاقى إلى مجموعة متداخلة من العوامل. خصوصا وأن ظاهرة الرشوة الجنسية لا تقتصر على فئات معينة ولكنها امتدت لتشمل مختلف طبقات وفئات المجتمع. وأصبحت هذه الظاهرة تشبه إلى حد كبير ظاهرة الدعارة من حث أسلوبها. على سبيل المثال حاول أحد رجال الأعمال رشوة أحد المسئولين بجمارك مطار القاهرة مقابل تسهيل خروج البضائع من الجمارك. ولما رفض المسئول قبول المبالغ المادية بدأ رجل الأعمال فى إرسال الفتيات الساقطات إلى المسئول على أساس أنها بديل لترضيته بدلا من الأموال. ولكن مسئول الجمارك رفض الوضع وتقدم ببلاغ ضد ممارسات رجل الأعمال.

من جانبه يعتبر المحامى صلاح ياسين أن جرائم الرشوة الجنسية أو الابتزاز الجنسى تعتبر واحدة من أبشع الجرائم... خصوصا عندما يستغل الموظف الحكومى منصبه وسلطاته القانونية لتحقيق أهداف أو مصالح شخصية. وهو بهذا يخالف القانون مخالفة صريحة. وخلافا للمتهمون بالرشوة فى القضايا العادية يواجه المتهمون بالرشوة الجنسية فى القانون بتهمتين الأولى هى الرشوة والثانية هى المساعدة فى الفجور وفساد الأخلاق. ويواصل المحامى ياسين القول بأن معظم المتهمين فى جرائم الرشوة الجنسية يحصلون على البراءة بسبب صعوبة إثبات أركان الجريمة. كما أن ظهور الجريمة يستلزم قيام أحد الطرفين بالإبلاغ عنها. وهو مالا يحدث إلا نادرا بسبب الإحراج والخجل الذى يسيطر على المجتمع الشرقى. وفى معظم الأحيان تتم عمليات الرشوة الجنسية والابتزاز الجنسى على أعلى المستويات سواء كنوع من تخليص المصالح أو كنوع من لوازم التواجد فى أوساط معينة، وأحيانا من أحل الاستمرار فى العمل فى ظل الظروف الخانقة التى تعانى منها البلاد مع انتشار البطالة.
وعلى ما يبدو فإن مجتمعنا الشرقى يعانى كبتا مزمنا من الجنس، ويعانى من حرمان جنسى مستديم بسبب التعتيم والمبالغة فى تجريم الممارسة الجنسية. ولما كان الكبت يولد الانفجار فإن من الطبيعى أن يحاول الشخص المحروم من متعة الجنس أن يعبر عن رغباته بأى شكل وأن يحاول تلبية رغبات جسده طالما شعر أن هناك فرصة يمكنها أن تلبى له ذلك. ولهذا يمكننى أن أعتبر أن كلا من الرجل والمرآة هما فى نهاية الأمر ضحية المجتمع وضحية التقاليد القاسية التى لا ترحم والتى لا تتيح فرصة التعبير القانونى عن الرغبة الجنسية ولا تسمح بإشباع تلك الرغبة إلا عن طريق الزواج. فى حين أن الزواج أصبح واحدا من العقبات الكبيرة التى تواجه الشباب المصرى.


مشاركة منتدى

  • لا أدري لمذا الهجوم على المجتمع المصري فقط كان يكفي أن تحذف كلمه "المجتمع المصري" من المقالة أو"المصرين" لأنك شوهت صورتهم أمام العالم بوجود المقالة على صفحات الانترنت ألا يكفي أنك مصري مع العلم لو بحثت في جميع بلدان العالم فيكون " المجتمع المصري " أهون وأقل مجتمع في الجريمة سواء جنسيا أو إعتادء أو تحرش
    * على الأقل أنظر إلى المجتمع الكويتي فهم يظهرون بالمجتمع المتبرع والمشروعات الخيرية في النهار وفي الليل لا تعرف منهم أحد وتجدهم في كل مكان وزمان يمارسون الجنس ومع أي شيء حتى الخادمات التي يحضرن من الخارج وما بالك بالمواطنين نفسهم

  • لقد فقد المجتمع الوازع الدينى ولم يبقى فى اهتمامة غير المصلحة الخاصة بكل شخص غير مبالى بالله وغير مبالى بدين الامة ومايحاط بها من كوارث فكل شخص يبحث عن مصلحتة ومتعته فقط فالمحب للمال يبحث عنة بشتى الطرق والمحب للجنس يبحث عنة بشتى الطرق أيضاً..الخ وان هذا يعود فى جانب كبير من المسئولية على الاعلام المنحط فى معظم دول العالم الاسلامى الذي يهتم بالمال وبالزنا وبالفساد والضياع والمخدرات تحت الكثير من المسميات البراقة والجذابة للشباب والشابات المسلم تحت مسمى الفن والاصلاح والتهذيب الروحى الذى لم نرى منة الا كل ما يغضب الله ورسولة و يقول الله العظيم فى سورة البقرة(وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الارض قالوا إنما نحن مصلحين ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون ) لكن فى الجانب الاخر فهناك بعض القنوات الاعلامية تحارب هذا النوع من الفساد والضياع وإنى أحسبك منهم والله حسيبك فسير على بركة الله وبارك الله لك ولأمثالك فى جميع أنحاء العالم الاسلامى وجعلك سداً فى وجة هذا الفساد

  • ايها الكلب كاتب هذا المقال المدعو اشرف وانت ليس لك اى شرف انت تدعو من خلال هذا المقال الى تبرير الفاحشة بقولك "ولهذا يمكننى أن أعتبر أن كلا من الرجل والمرآة هما فى نهاية الأمر ضحية المجتمع وضحية التقاليد القاسية التى لا ترحم والتى لا تتيح فرصة التعبير القانونى عن الرغبة الجنسية ولا تسمح بإشباع تلك الرغبة إلا عن طريق الزواج. فى حين أن الزواج أصبح واحدا من العقبات الكبيرة التى تواجه الشباب المصرى"

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى