الأحد ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٧
بقلم الكبير الداديسي

الكبير الداديسي

 الكاتب المغربي: الكبير الداديسي
تاريخ الميلاد الكامل1/1 1967
مكان الميلاد : بلدة ابزو سفح الأطلس المملكة المغربية
مكان الإقامة الحالي: مدينة آسفي المملكة المغربية
الجنسية الأصلية: مغربي
الجنسية الحالية: متزوج واب لثلاثة أبناء ذكور
التخصص الأدبي: الأدب

موقعه على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/eddadissi

المستوى الأكاديمي: تعليم عالي
التتخصص الجامعي: الأدب العربي
اسم الجامعة، والدولة: جامعة القاضي عياض كلية الآداب المملكة المغربية
سنة التخرج: 1990

اتحادات أدبية عضو فيها:

فاعل جمعوي في عدة جمعيات منها:
رئيس شرفي سابق لجمعية إدماج المهتمة بالمعاقين بصريا
عضو مكتب كل من : جمعية شباب آسفي / جمعية شمس المحيط للإعلام / الجمعية الرياضية للسباحة بآسفي/ جمعية المستهلك بآسفي/ جمعية إبداع بالمعهد الموسقي آسفي / نائب رئيس نادي القلم المغربي فرع آسفي / كاتب عام وعضو مؤسس لتعاونية سكنية وفرت السكن اللائق لحوالي 200أسرة

جوائز أدبية حصلت عليها؟

العشرات من شهادات التقدير والاعتراف من المجتمع المدني والحكومي ونظرا لكثرة الشهادات نقتصر على بعضها في السنوات الأخيرة

في السنيما

الجائزة الثانية في المهرجان الوطني للفليم الوثائقي التربوي بخريبكة
شهادة تميز في المهرجان الوطني الأول للفيلم القصير بالسمارة
شهادة من النسخة الثالثة للمهرجان الوطني للفيلم الوثائقي التربوي خريبكة
شهادة في المسابقة الرسمية للنسخة 11 للفيلم التربوي بفاس
إنتاج وإخراج عدة أفلام وثائقية وتربوية

في الصحافة

مؤسس منسق نادي الصحافة والإعلام بثانوية الحسن الثاني
ضمن فريق عمل وكتاب رأي متعاون مع عدة مواقع إليكترونية
مندوب الاتحاد العربي للصحافة الإليكترونية بآسفي سابقا
عضو النقابة المغربية للمراسلين الصحفيين
عضو العصبة الدولية للصحفيين
شهادة تدريب من الرابطة المغربية للصحافة الإليكترونية مراكش مارس 2011
شهادة تدريب وتكوين من الأكاديمية الدولية للصحافة والإعلام الدار البيضاء دجنبر 2012
شهادة تدريب من الأكاديمية الدولية للتعليم والتدريب والترجمة بماليزيا و الاتحاد العربي للصحافة الإليكترونية ، الدار البيضاء غشت 2011
شهادة تدريب من مؤسسة شرق غرب والاتحاد العربي للصحافة الإليكترونية خريبكة دجنبر 2011
شهادات من مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة في إطار (تأطير الصحافيين الشباب) سنة 2013/2012/2011
شهادة تدريب وتكوين من منتدى الصحافة الإليكترونية الجهوية آسفي فبراير 2014
شهادة تقديرية من المكتب الشريف للفوسفاط : تأطير الصحافيين الشباب في إنجاز تحقيق حول المركب آسفي 2014
شهادة اعتراف من موقع أبوليوس الرواية الجزائرية 2015
شهادة اعتراف من موقع الصدى .نيت الولايات المتحدة الأمريكية 2017

في التعليم:

تنويه وشهادة تقديرية من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة دكالة عبدة ماي 2010
تنويه من نيابة إقليم آسفي 2009
شهادة شكر وعرفان من نيابة إقليم ورززات وجمعية فورباك على الدروس التفاعلية عبر الشبكة العنكبوتية 2011
شهادة تقدير من جمعية آباء وأولياء ثانوية الحسن الثاني على دروس دعم التلاميذ
شهادات من جمعية المنتدى المغربي للنساء على دروس الدعم
في الإنصات والدعم النفسي
مشرف على مركز الإنصات والتتبع النفسي بثانوية الحسن الثاني سابقا
شهادة تكوين علم النفس التربوي من مؤسسة شرق غرب
سلسلة تكوينات مع مختصين في الإنصات والدعم النفسي للمراهقين ( جمعية المنتدى المغربي للنساء)

الكتب التي أصدرتها:

كتاب بيداغوجي تحليل النص السردي والمسرحي صادر عن دار الحرف بالقنيطرة الطبعة الأولى 2007-2008 الترتيب الدولي 9954-0-9032-0
كتاب الحداثة الشعرية العربية بين الممارسة والتنظير ، دار الراية للنشر والتوزيع عمان الأردن 2014
تأليف كتاب المدح في عصر المرابطين، دار الراية للنشر والتوزيع عمان الأردن 2014
تحليل الخطاب االسردي والمسرحي ، دار الراية للنشر والتوزيع عمان الأردن2015
في الرواية العربية المعاصرة ج1 دار الراية للنشر والتوزيع عمان الأردن 2015
أزمة الجنس في الرواية العربية بنون النسوة . مؤسسة الرحاب الحديثة بيروت 2017
رواية تحت الطبع. مؤسسة الرحاب الحديثة بيروت
رواية جاهزة للطبع


مشاركة منتدى

  • رمز افتخار لنا استاذي العزيز

  • رمز افتخار لنا استاذي العزيز

  • شاكر مروركم الكريم أخي أيمن ولست أدري سبب عدم نشر كل المقالات التي أرسلها ل ديوان العرب

  • التشكيل العربي المعاصر
    6– واقعية عادل أصغر بين المحلية والعالمية
    الكبير الداديسي/ المغرب
    نواصل هذه السلسة حول الفن التشكيلي المعاصر، لنقف اليوم حول علامة فارقة في التشكيل العراقي والعربي المعاصر، لا يملك من يتأمل لوحاته إلا الوقوف احترام للأنامل التي تبدع هذا الإبهار سواء بالصباغة المائية أو الزيتية، نقصد الفنان التشكيلي العراقي عادل أصغر العبيدي ابن ديالى مولدا، وجلولاء تربية ونشأة، خريج معهد الفنون الجميلة في بغداد فكان لكل ذلك تأثيره في بزوغ فنان يمتح من واقعه يعكس تربيته ونشأته، وتكوينه الفني في لوحاته، ليقدم للعالم تحفا فنية لا تقل شأنا عما قدمته أنامل عباقرة الفن التشكيلي العالمي وإن سرم ما هو محلي...
    عندما يرسم عادل أصغر البادية يرى كل من يعشق الريف نفسه في كل لوحة، لحسن اختيار المشهد بعناصره الطبيعية الحية والجامدة، وزاوية الرؤية لتقدم ريشته لوحات تقطر رومنسية واقعية وحنينا لألوان المزارع ولباس المزارعين فيختار في الغالب الصباغة المائية التي تتناسب شفافيتها مع رهافة قلوب البدو حتى ليشم المشاهد عبق العراق، وتحمله النوستالجيا إلى رائحة البادية في عفوية بسيطة لا تبخس البدو نخوتهم وشهامتهم، وطيبة قلوبهم، ورضاهم عن ظروفهم رغم قسوتها... معتمدا في كل لمسة فنية على عناصر طبيعة والشمس ومساقط الإضاءة في تناسق مع نقاء الألوان وتجانسها... ولس متاحا لكل فنان أن يجمع في رضربات ريشته داخل إطار اللوحة تناقضات البساطة والنخوة في شظف العيش... وهو اختيار واع لخطٍ فني استحق به عادل صفة فنان الفقراء فقلما لجأت أنامه لتصوير حياة الرفاهية وحياة الطبقة المخملية في العراق، فحتى حينما يختار رسم المدينة تنحاز ريشه إلى رصد ذبذبات الأحياء وتفاصيل الأسواق الشعبية، والإنسان العراقي البسيط....
    وعلى الرغم من ارتباطه بالمحلي، وحرصه الشديد على رسم كل ما هو عراقي في العمارة واللباس، والمطبخ وسلوك الناس... فإن عادل أصغر قدم لوحات لا تقل قيمة عن لوحات عباقرة التشكيل العالمي ويمكن كتاب دراسة طويلة في مقارنة بعض أعماله بلوحات عالمية خالدة، ونكتفي في هذا المقال بإضاءات صغيرة حول لوحة الرجل والمجرفة للفنان التشكيلي الفرنسي جان فرانسوا ميليه، ولوحة الأحدب لعادل أصغر، ليكتشف مشاهد اللوحتين مدى قوة اللون، وتعبيرية الصورة في لوحة "الرجل الأحدب" فنظرة أولى إلى ملامح الشخصين، تبرز أن عادل أصغر وإن لم يكشف ملامح بطل لوحته فقد كانت طبيعة الشعر، وبروز أوردة العنق، وعروق اليدين وتدرج اللون بين العنق الرقبة والوجه وبين الشعر أكثر دلالة من وحدة اللون التي كست كل ما بدا عاريا من جسد صاحب المجرفة للرسام الفرنسي، أما الأطراف سواء العلوية أو السفلية فلامجال للمقارنة بين رجلي الأحدب ورجلي صاحب المجرفة، فبينما كانت الرِجلان في لوحة فرانسوا ميليه كثلة لونية واحدة، كانت رجلا الأحدب وحدها عالما دالا من الألوان والمعاني، تعكس رؤية للعالم سواء في نتوء عظام الرجلين وبروز العروق فيها، أو في تدرج الأولان من الغامق إلى الفاتح: فاليدين والرجلين في لوحة الأحدب لعادل أصغر أكثر تعبيرية، وعلى الرغم من لجوء فرانسوا ميليه إلى تأثيث عالم لوحته بمؤثرات طبيعية وخلفية رمادية تناسب وما يحترق في الخلف وفي عمق اللوحة، فإن عادل أصغر لعب على تفاصيل دقيقة وعلى إبراز الظل في اللوحة كرمز دال سواء ظل العصى، أو ظل الأحدب نفسه، الذي بدا كمن أرهقه ثقل جر ظله بحذائه المهترئ والمتآكل وقد تغير لون الجزء الذي يلامس الأرض من قدم الأحدب، وساهمت الظلال في تحديد مصدر الضوء فيما ظلت لوحة فرانسوا ميليه دون ظلال وإن كان وقت التقاطها يحتم ذلك... أما إذا ما قارنا بين لوحة الطفلة صاحبة المجرفة بفستانها الأزرق لعادل أصغر وبشحناتها العاطفية التي تكتسبها من براءة الطفولة وقوة الإضاءة، وكثافة الخلفية وعمق اللوحة فالقارئ وحده يحكم....

    وعلى الرغم من كون كل النقاد يجمعون على أن الرسام أكثر حرية من باقي الفنانين التشكيليين كالنحاتين والمعماريين الذين تقيدهم المادة، فيما الألوان تبدو أكثر طواعية في ريشة الرسام وبين أنامله إذ يكفيه التنسيق بين الخطوط والألوان وحسن استعمال ضرباته للريشة للتأثير في المُشاهد، كما أن تعدد المدارس وتنوع المذاهب في الرسم تفتح للرسام آفاق لا تتاح له في باقي الفنون التشكيلية المعتمدة على الحجر والخشب وغيرها من المواد الصلبة... رغم كل ذلك وأكثر، فإن عادل أصغر اختار الواقعية والانحياز مع سبق الإصرار والترصد إلى نقل معاناة الفئات الهشة من أهل الريف، وفي الأحياء والأسواق الأسواق الشعبية من الساعين لتأمين لقمة العيش متجاوزا نقل الصورة كما هي في الواقع إلى نقل مشاعر الشخوص في الأعمال القروية البسيطة والشاقة، وضنك العيش، وتقديم مُحيا وملامح تلك الشخوص تفوح منها قيم الرضى والقناعة، جاعلا من الإنسان بؤرة أعماله، لدرجة تجعل كل متأمل يرى جزءا منه في كل لوحة بل يرى نفسه وواقعه في اللوحة...
    فجاءت لوحاته مشحونة بالمعاني والدلالات، مليئة بالأحاسيس والمشاعر وصخة متمردة على واقع مرفوض فرضه واقع ما بعد سقوط بغداد، ومناشدة واقع حالم يهرب من ال "آن" وال"هنا" ليحتمي بالنوستالجيا في الماضي حيث الطفولة البريئة، وريف العراق بصفائه ونقائه، مفضلا التعبير عن كل ذلك بواقعية رافضا كل الرفض الانسياق وراء الاتجاهات التشكيلية الحديثة من وسريالية وتجريبية، تكعيبية، تجريدية، رمزية وحشية... لأن الواقعية في نظره تبقى الاتجاه الأنسب لرسم ملامح عالم عربي متخلف ومتأخر يقول (نحن نعيش وسط شعب مازال متأخرا عن العالم كثيرا، والبعض منه لا يفهم الحداثة بالفن التشكيلي... والواقعية هي أنسب شيء لطرح الواقع لأنها مباشرة في الطرح لا تقبل الرموز والايحاءات، وهي أيضا من المدارس الصعبة لدقة الطرح فيها، وتحتاج الى مهارة كبيرة في استخدام اللون والتخطيط والخبرة في اسقاطات الظل والضوء في اللوحة، بالإضافة الى النسب والمنظور...) مقتنعا في خياره حتى الثمالة أن الفن يجب أن يصور معاناة الشعوب، وآلامهم وآمالهم، وألا يحتمي وراء رموز لا يفهما أحد.
    وحتى إذا ما حاول تجريب التنقيطية كأسلوب يُعتبر عادل أميره بامتياز، فالنقط عنده تبقى مجرد مساحات لونية نقية متجاورة تأثث اللوحة، والتنقيط لا يُخرج اللوحة عن واقعيتها، إذ يكتشف المتأمل أن النقط والتنقيط في لوحات عادل أصغر ليس سوى امتزاج وهمي ماتع لا وجود له إلا في عين المشاهد الذي يستمتع بالنقط، وبتلك لمسات سريعة الخاطفة والمتتابعة وهي تجسد أشكالا واقعية تسبح في التقليد سواء في رسم الأبعاد الأشخاص والأشياء أو في الخلفية والعمق بطريقة تبدو أقرب إلى الانطباعية في لمسات الفرشاة للقماش...
    ومن المظاهر الواقعية في تجربة عادل أصغر رسم الشخصيات سواء من خلال البورتريه، إذ قدم أعمالا كثيرة تضم شخصيات من الواقع العربي من أصدقائه أو من الشخصيات العامة، بطريقة تدعو الفتوغرافيين إلى تكسير آلاتهم، مادامت لوحاته تحاكي الواقع وتقدم لوحات ماتعة للعين بل وأكثر إمتاعا من الواقع، لقدرتها على الجمع في البورتريه الواحد بين ملامح المرسوم وإبراز مشاعر الرسام، فيشعر المتأمل أن اللون قد استحال مادة حيوية أو كيميائية تتفاعل وتنقل صدق الأحاسيس وكأن الرسام لا ينقل واقعا وإنما يخلق الواقع ويبعث فيه حياة تأسر بجمالها لبَّ المتلقي...
    واقعية عادل أصغر جعلته تشكيلا جامعا ينقل كل تفاصيل الواقع وكل شرائحه الاجتماعية، فهو عندما يرسم الطفولة يُشعِر المتلقي بالبراءة مشخصة داخل إطار اللوحة، ولما يسم المرأة العراقية يقدم من خلاها حضارة وثقافة أمة بكاملها في الملابس والحلي، بعيدا عن تلك النظر النمطية للمرأة كمصدر إغواء بالتركيز على مفاتنها في بعدها الإيروسي، سواء المرأة التقليدية المكافحة في حقول العراق العميق ، أو المرأة العصرية

    وواقعية عادل اصغر حتمت عليه أن يظل قريبا من قضايا الوطن الاجتماعية والسياسية يهتم بما يغلي داخل العراق، من طائفية وتهجير، وتفاعل مع الحراك الشعبي وثورات العراقيين على الفساد ومناشد وطن حر في لوحات معبرة تتجاوز للواقعية المفرطة l’hyperrealisme ، إلى واقعية انتقادية وأحيانا قواقعية يثور فيها الرسام والمرسوم إلى تغيير الواقع فينعكس ذلك الإحسان في رسم وتشخيص الملامح وتحديد أبعاد الفضاء المكاني التي تتحرك فيه تلك الشخوص فيقدم لوحات معبرة أقرب للكارت بوستال يشعر المتلقي أن شخصياتها واقعية بالعزف على أيقونة العلم الوطني أو رسم الرسام نفسه كشاهد متذمر على ما تخريب العراق وتهجير أهله .

    يستنتج إذن أن اللوحة التشكيلية في تجربة عادل أصغر عالم واقعي بؤرته الإنسان، وهدفه تحرير الإنسان لذلك اختار الواقعية منهجا فنيا في الرسم متجاوزا نقل ومحاكاة الواقع إلى خلق واقع خاص يختزل الزمان والمكان بتخليد اللقطة الزائلة والمنفلتة وتقديما للمتلقي في تحفة خالدة رأسا دونما حاجة لجهد كي يفهم رسالتها الظاهرة والباطنة، واختيار الواقعية والتعبير المباشر ليس تقصيرا أو قصورا من المبدع وإنما هو اختيار واع ومسؤول يعكس التزاما اختاره المبدع منهجا في الرسم في نزعة تشخيصية محورها حياة الإنسان وهو القادر على الإبحار في الرسم إلى تخومه القصوى....

  • التشكيل العربي المعاصر 5
    الرسم بالقهوة وحرق الخشب
    في تجربة أبي علي العميري
    تعد الفنون التشكيلية والرسم خاصة من أقم الأشكال التعبيرية وأقدرها تعبيرا عن الجمال، وقد تعددت الأدوات والوسائل والمواد الأولية التي يعتمد عليها التشكيلي لإخراج أعماله الفنية عمارة كانت ، نحتا، نقشا زخرفة أو رسما... وبما أن الإبداع لا حدود له، فإن التشكيليين لا زالوا إلى اليوم يجددون في ما يشتغلون به من أدوات وتقنيات، مما وسم تجاربهم بالحداثة والتجديد، وإن ظلوا يستعملون بعض الوسائل الموروثة كالريشة ، الفرشاة، القلم ، القماش، الصباغة والأسندة... فاستبدل بعظهم القماش بالزجاج، والفرشاة بالسكين، والقلم بالفحم، والصباغة بالشكولاتة أو القهوة لكن تبقى غاية الرسم واحدة هي تفجير الطاقات، التعبير عن المكنونات وإمتاع المشاهد...
    ولعل من أهم صيحات في الرسم العربي المعاصر، الرسم بالقهوة، وتحويل لحظة الاستمتاع باحتساء فنجان قهوة من متعة آنية ذاتية يستفيد منها شاربها فقط، إلى لحظة إبداع خلاق تتغير فيها الوسائل والأهداف فيغدو الفنجان محبرة والمتعة الآنية متعةً سرمدية وخالدة يستمتع بها الفنان وكل من يتأمل حمال لوحة تتجاوز رسم الظاهر إلى رسم الأحاسيس وبواطن النفس... كما تجلى في تجربة الفنان العراقي "أبو علي العميري" الذي ركب مغامرة اعتماد ألوان جديدة مستخلصة من القهوة تارة وحرق الخشب تارات أخرى في رسمه لبورتريهات شخصيات معاصرة مشهورة أو مغمورة، مقتصرا على اللون الوحيد وتدرجاته لتقديم بورتريهات آسرة بذوق ورائحة البن أو الخشب المحروق، في ابتكار تغدو فيه القهوة والرماد أشبه بالصباغة المائية في تدرجاتها بين الكثافة والشفافية.... لتنبني هذه الفكرة الجنونية على إحالة فنجان القهوة إلى محبرة، والاقتصار على القهوة دون باقي الألوان والأصباغ الطبيعية والصناعية، مع اللعب على إبراز الملامح والتركيز على الضوء والظل
    إن المتأمل في بورتريهات أبي علي العميري يدرك كيف أضاف اللون البني ونكهة القهوة لمسة جديدة لعالم التشكيل، من خلال الجمع بين بساطة الأداة وحداثية الفكرة ، فكانت لوحاته لمسة تكسر قواعد الزمن فتعبُر باللحظي الآني إلى الخلود والسرمدية، وهذا ما يفرِّد الفنان عن الإنسان العادي، فإذا كان ملايين الأشخاص يحتسون فناجين القهوة كل يوم، ويظل فعلهم آنيا لحظيا منتهيا في الزمن، فإن الفنان لقادر على أن يبدع من ذات الفنجان تحفا تسخر من الزمن، وتصرخ بأن الإبداع الفني لا حدود له، وأن تلك المواد السريعة التلف، القابلة للتبخر يمكن أن تمسي معينا لا ينضب يرسم منها الفنان تحفا خالدة... هذه هي تجربة أبي علي العميري في اللعب باللون البني في تدرجاته...
    تنطلق تجربة كل لوحة بإعداد مسبق لخلفية مناسبة متمردة على القواعد المعتادة في رسم البورتيريهات: فإذا كانت البرورتريهات التقليدية تقوم عادة على خلفية داكنة، ويتدرج الضوء نحو واجهة اللوحة ليكون بياض بؤبؤ العيون والأسنان مصدر الضوء، فإننا ألفينا أبا علي في بورتريهات بالقهوة والحشب المحروق يقلب المعادلة، فجاءت جميع لوحاته بخلفيات مضاءة، وبألوان فاتحة هكذا كانت خلفية لوحة عمر المختار مثلا بيضاء، و كان البياض سيد الفضاء ليبرز من خلاله الوجه معتما ويتدرج التعتيم ليتركز في العينين بخلاف المألوف في رسم البورتريه... وكذلك الأزرق في خلفية لوحات كثيرة كلوحة: كوفي عنان، عبد المنعم مدبولي، الكبير الداديسي ، والطفل الباكي الذي الذي حكم عليه رسامه الأصلي أن يظل باكيا إلى الأبد جاعلا من دمعتيه مصدر إضاءة، وحولهما أبو علي العميري دمعتان مترقرقتان من القهوة مصرا على الحفاظ على بؤرية بياض العينين كمصدر إضاءة وسط في هذه اللوحة لكن وسط تعتيم داكن تفوح منها رائحة القهوة لونا ورائحة، ويتضح هذا القلب للمعيارية أكثر في صورة أنطوني كوين عند مقارنة اللوحة بالصورة الأصلية ذات الخلفية السوداء التي جعلها الفنان عن قصد خلفية بيضاء خدمة لفلسفته التشكيلية....
    وبالقهوة وحدها والخلفية الفاتحة استطاع الفنان تمييز الشعر الأبيض عن الشعر الأسود في لحية عمر المحتار ورأس كوفي عنان، وبتدرجات اللون البني يستطيع المتلقي التمييز بين الضوء والظل في الوجوه، نظرا لصرامة الفنان الدقيقة، وموهبته التي مكنته من كشف تفاصيل الوجوه رغم محدودية اللون وتناسل الأبعاد في هندسة ومعمارية الوجه بتجاعيده وثناياه، على الرغم من صغر حجم الكتلة وقرب اللقطة المرسومة التي تتطلب إبراز تعبيرات الوجه، وصفاء العيون وما تعكسه الملامح من حالة نفسية مع السعي إلى إظهار الوجه أحسن مما هو عليه في الواقع دون تزلف أو مبالغة في محاولة لنيل لإعجاب المتلقي وإدراكه لمدى تعاطف الفنان مع الموديل المرسوم

    إن رسم بورتريهات لشخصيات لها تأثيرها في المشهد الثقافي والساسي المعاصر اعتراف و تخليد للرسام وللمرسوم، وسير على نهج متوارث - من القدماء الذين رسموا ونحثوا الملوك والألهة - سلكه أبو علي في رسم عباقرة وعظماء زمانه... بحثا عن الخلود... فقد يموت المرسوم ويتحلل جسمه لكن يبقى بجسده وابتسامته في اللوحة، وقد يفنى الرسام ويخلد توقيعه وإبداعه... ليصبح الموت أمام الفن أصغر من شعرة، وتقف اللوحات ساخرة من عبثية القدر الذي يحب أن يضع حدا لكل شيء، إلا الفن فإنه لا يتأثر بالزمن، بل لا يزيده الزمان إلا قيمة وجمالا، وتبدو فلسفة الرسام واضحة أكثر عندما يختار رسم البورتريه بمواد سريعة التلف كالقهوة أو رماد الخشب المحروق، لتغوص التجربة بالرسم في جذور الإنسانية وتحرك في الأعماق حنينا، وهي تعود بالرسم إلى أصل الوجود، وفكرة الخلق والبداية: فكما كان الانفجار الكبير والاحتراق الأول سبب نشوء المادة، فإن أول عملية في تجربة أبي علي بعد الحرق هي خلط المحروق لتشكيل اللون بالتقاء مواد أصل الوجود (الماء،النار،الهواء والتراب) وفي عملية مقصودة يستبدل الفنان التراب بالرماد متعمدا خلق الحياة من الموت، ومقتصرا على تدرّج الأبيض والأسود الذي يسهّل التعامل مع اللوحة بصريا لما بين اللونين من تباين ويغدو من اليسر التمييز في لوحات أبي علي بين الضوء والظل وإن قامت لوحاته على لون وحيد فقط، هو البني في الرسم بالقهوة، و الأسود في الرسم بالحرق الخشب، ليتدفق هذا اللون على القماش الأبيض ويحول الوجوه إلى أيقونات تبحر بالمشاهد في رحلة بصرية عبر عدد لا متناهي من النقط والخطوط فيرى المشاهد في تلك الملامح الفيسيولوجية مرآةً روحيةً تجلو صفاء النفس، ونقاء الجوهر، وهو يرى كل تلك الوجوه سعيدة بقدرها بما فيها الطفل الباكي، لأن اللون المختار يكسو الوجوه وقاراً وأصالة لقربه من أصالة اللون الطبيعي للبشرة ولما فيه من تناسل قريبة من ألوان فطرية كالصمغ والحبر...
    بهذه التقنيات البسيطة تتجاوز بورتريهات أبي علي العميري الصورة الفتوغرافية وحتى الصور الرقمية، لما تحويه لوحاته من حيوية بلمسات تعكس أسلوبا خاصا في التشكيل يجعل كل مهتم بالرسم قادرا على تمييز لوحات الفنان وأسلوبه، وتقنياته التشكيلية التي تمنحه هامشا يتيح له التبديل والتحوير في وجوه الشخصيات بفنيه تنقلها من وجوه مادية وأشكال مجسمة بأبعادها الواقعية إلى بورتريهات فنية ببعدين على مسطح، في تجسيد لعلاقة حرية الإبداع بالقدَر وتحويل الإنسان الفاني إلى كائن فني سرمدي داخل تحفة فنية تحافظ على هوية الشخص وإبداع الفنان وتمنحهما إكسير الخلود، خاصة إذا كان هذا الفنان مقتنعا بأن لا حياة دون حرق واحتراق، وبأن هاتين العمليتين ضروريتان في الحياة نجدهما في الحياة اليومية العادية كما في تشغيل السيارات، تحليق الطائرات، وتدفئة البيوت... أو في الصناعات الأساسية كإنتاج الكهرباء،صناعة الإسمنت الزجاج والمواد المعدنية. ولا حرج إن وضفتا في الرسم..
    لذلك أبى أبا علي العميري أن لا يلج عالم الفن إلا عبر بوابة الحرق والاحتساء... في برهنة منه على أن الفن لا حدود له، وفي تأكيد على أن الإبداع وإمتاع الآخرين يمكن أن يكون من أشياء لا حياة فيها، وأن الحياة برمتها يمكن اختزالها في لحظة احتساء فنجان قهوة... وفي ذلك إطفاء لظمأ ابدي في أعماق النفس للخلود حاولت أساطير وحكايات كثيرة التعبير عنه من خلال فكرة البعث من الرماد والحياة من الموت كما في(أسطورة الفينيق و أسطورة العنقاء) لما تحمله تلك الأساطير من دلالات على قدرة الإنسان على أن يكون صلبا أمام الضربات، وقادرا على النهوض بعد العثرات... فكانت لوحات أبي علي بعثا من الرماد ، وهِبة من فنان يمنح اللون الرمادي رمزية وقيمة نغمية متدرجة بين الشدة والنسبية أبعدته عما التصق به من دلالات تحيل على الحياد والسلبية فجاء الرمادي والبني في لوحات العميري مشحونين بالدلالات والمعاني يختزل شدة ولمعان باقي الألوان الأخرى... فيبتعد الرمادي والبني عما التصق بهما من دلالات الحزن الإحباط والكآبة، وتمرد الرمادي عن سلبيته وتموقعه في الوسط بين الأسود والأبيض... لكن أبا علي باعتماده على اللون الرمادي والبني، واستغنائه بحرق الخشب والقهوة لونا بدل أقلام الرصاص، الفحم والصباغة المائية أو الزيتية المستعملة في رسم البورتريه والاكتفاء بلون واحد يتدرج بحسب قربه وبعده من الضوء يكون قد أعاد الاعتبار للرمادي، فرض نفسه أسلوبه الفني رائداً من رواد البورتيريه في التشكيل العربي المعاصر الذين جددوا شكلا ومادة على الرغم من قدم هذا الفن في التشكيل الإنساني، واستطاع تطويع البن رغم صعوبة الرسم بالقهوة لميوعة وسيلان القهوة وسرعة خروج الفنان المبتدئ عن الإطار المراد رسمه، وما يحويه النمقيط بالقهوة من صعوبة....

  • التشكيل العربي المعاصر
    7- المرأة الريفية في لوحات صالح المالكي
    ذ. الكبير الداديسي

    شكلت المرأة منذ القديم تيمة أساسية في مختلف الفنون الأدبية و التشكيلية، وكان لها حضور خاصة في النحت والرسم عبر منحوتات، نقوش ولوحات في المعابد والكنائس والأديرة، ومادة تعكس قدرة الفنانين على إعادة تشكيل ما تراه العين في لمسات جمالية تجاوز ما تراه العين إلى إبراز ما تحسه إزاء مكامن الجمال في الجسد الأنثوي...
    لكن لمسات الفنان العراقي صالح المالكي في تجربته التشكيلية تتجاوز النظرة النمطية للمرأة، والصورة المستهلكة عنها في الفن والتي تكاد تشيؤها من خلال التركيز على مفاتن الجسد بإظهار هذا الجسد عاريا في بعده الأيروسي، أو إبرازها في وظائف أنثوية الإغرائية في مجالس الأنس والرقص منحية، متغنجة أو متكئة في منبع مائي ، منظر طبيعي أو على السرير... ولفت أنظار المتلقي إلى ما استدار وتكور وتغور في الجسد الأنثوي..

    إن المتأمل في المرأة بلوحات صالح المالكي يدرك أنها امرأة فاعلة ديناميكية رافضة للجمود تحضر بكل هالات ورمزية الحياة الطبيعة والخصوبة، بأناة وكبرياء الترفع عن التشييء وحصر المرأة في كونها مصدر إغراء ، إغواء وإمتاع، فلا مجال في لوحاته للمرأة النائمة ، وكأن اللوحات تعلن رفضها الانحصار في زوايا منغلقة وأن تكون وظيفتها التزيين والديكور والإمتاع فقط ... جاعلة من المرأة قضية ، انتماء ووطن، فتنزل تلك اللوحات صورة المرأة من برج الأرستقراطيات الباذخات العاريات إلى بساطة المرأة الريفية حيث مواسم الحصاد والكد اليومي من أجل تأمين لقمة العيش والعمل في البيت وخارجه ، فتراها في لوحة تجتهد لإيقاد النار ، وفي أخرى تحمل فوق رأسها مؤونتها ، أو قد شمت عن ساعدها تتأمل ما ينتظرها من أشغال، والمرأة في جميع اللوحات رمز للوقار والعفة حتى في حفلات الرقص والأعراس، قوتها في بساطتها ، فرغم الخلفية الداكنة والثياب المحتشمة التي تكبح جموح الجمال المستور، وتغطي جميع مفاتن الجسد الأنثوي ، ورغم محدودية الألوان فقد استطاع الفنان إبراز الأنوثة من خلال الحشمة دون دلع ولمسات غير إيروسية ، ومن خلال البساطة وتناسق الألوان وجعل وجه المرأة مصدر الضوء مما يخلق متعة بصرية تتجاوز الإثارة وتشعر المتلقي بحيايدة ومحايثة الفنان ، وإن كان من المستتحيل الحديث عن فن أبيض، وفن محايد وخاصة في معالجة موضوع المرأة ، ذلك لوحات صالح تبدو أكثر حيايدة فهي لا تتثير أية جنسية ،سياسية، جنسية، طائفية، أو دينية وكأنما يقدم في لوحاته المرأة المكافحة في حياتها ، الرافضة للتحنيط في إطار ضيق التي تملك المتلقي بجديتها ولا تترك له أي فرصة للتمييز على أساس جنسي، عرقي أو ديني ، وترمي به في أتون صور منبثقة من الواقع وليس من الحلم والخيال، إنها تصوير لما هو كائن وليس لما ينبغي أن يكون، هكذا تستحيل كل لوحة تعبيرا، رمزا وعلامة دالة تختزل خصوصية الجغرافيا والتاريخ دون تعصب، ودون أن تكون صورة المرأة اختلاسا وتسللا لعوالم الحريم (الحرملك ) ما دامت عدسة الفرشاة تلقط المرأة في الفضاءات العامة، فلا حضور للمرأة النائمة، ولا إشارة للملابس الداخلية، ولا إظهار لأي عضو إثارة بل حتى الخطوط والظلال والمنظور والخلفية والكتل... وحتى إشراقة الشمس ومنبع الضوء... تكاد تبدو في لوحات صالح محايدة في فن لا حياد فيه، ومن تم تبعد اللوحات المرأة عن الشهوة اللحظية، والغريزة الآنية لتكرس سرمديتها، ودورها التكاملي في العمل مع الرجل...
    صحيح أن اللوحات تركيز على المرأة العربية المحلية في زينتها، في لباسها و في عملها ووظيفتها الحياتية، لكن بتعال عن الفلكورية و استعراض الجوانب التي تستهوي الآخر فينا، وبتنزه عن تجنب السخرية من العادات، التقاليد والرموز الدينية والاجتماعية، فكانت اللوحات معرضا يعكس تفاصيل حياة النساء في الريف بطريقة تشعر المتلقي أن وراء كل لوحة حكاية... وتتوسع خيوط تلك الحكاية عندما تظهر المرأة وسط الجماعة في الأعراس والأعمال الجماعية عندما تغدو المرأة لمسة تضفي جمالا ضمن رؤية تشكيلية بانورامية متكاملة. سواء كانت كل شخصيات اللوحة نساء، أو خليطا من الرجال والنساء... لتختلف التقنيات التشكيلية بين رسم المرأة منفردة، ورسمها ضمن الجماعة، فإذا كانت لوحات المرأة المنفردة قد تميزت بخلفيات داكنة، محدودية الألوان، جعل وجه المرأة مصدر الإضاءة تبدد عتمة الخلفية الداكنة في لقطات متوسطة بؤرتها الأساس المرأة دون التزام بالمنظور ... فإن اللوحات الجماعية انفتحت على الأفق والخلفية المضاءة وانسيابية وشفافية الألوان في منظر بانورامي تتلاشى فيه الألوان نحو العمق وفق تقنيات المنظور بلمسات رومانسية تحمل الكثير من عبق النوستالجيا لصدى السنين المترسبة في أعماق النفس الشرقية، وحتى وإن ظهر الرجل في المستوى الأول من اللوحة، وتراجعت المرأة نحو العمق للمستوى الثاني فقد كانت المحتفل والمرحب بها، وما الرجال سوى عازفين أو راقصين مهللين لحضورها المحمولة وهي مصانة في الرقصة بوجود الرجل في طرفي صف الراقصين، أو وهي مهابة احمولة على الهودج و فوق الجمال، والرجال يقرعون الطبول وينفخون المزامير وقد اختار الفنان أن يضع على رؤوسهم كوفيات حمراء بألوانها الساخنة تعكس الحرارة الملتهبة التي أذكاها حضور المرأة في رؤوسهم، وإلا ما سر اقتصار البياض على كوفية الشيخين في يمين لوحة الراكبات على الجِمال ...

    وعندما تتحول ريشة الفنان صالح نحو عمل المرأة الريفية، صبرها وكدها تكتب كل لوحة أساطير يعجز القلم عن شرحها، وتكون اللوحة وحدها القادرة على نقل ذلك الكم الهائل من الدلالات والمعاني التي تئن اللوحة بحملها، إذ تقدم اللوحات المرأة رمزا للعمل، الصبر، المسؤولية، القيام بالواجب في البيت وخارجه، وإذا كان المرء يبحث عن جواب سؤال الحواريين لعيسى (يا روح الله، كيف لنا، ندرك جماع الصبر ومعرفته؟) فما عليه سوى التأمل في تفاصيل لوحات المالكي ، ليدرك مدى صبر المرأة وقناعتها وتجلدها، وهو يراها تقف مرفوعة الهامة تمشى الهوينى بخطوات ثابتة غير متذمرة تحمل على رأسها أكواما ورزما من القش والكارتون في تحد وإصرار ، أو وهي منهمكة دون كلل في الحصاد، تتضاءل خصوبة الأرض أما خصوبتها ، أو وهي على ألة الخياطة ترتق ما قطعه الزمان، أو وهي تغمر كل ما ومن حولها بعطفها وحنانها... لتكون رمزية المرأة في هذه اللوحات اختزال لعطاء بدون حدود، سير دون تعب مهما اتسع المدى، وقدرة على التحمل مها ثقل الحمل... وما يوضح كل ذلك هو حرص الفنان على أن تظل المرأة محتفظة بابتسامتها، ونضارة وجهها، وطلاقة أساريرها، مجدة تعمل في همة ونشاط بدون انتظار أجرة أو ثناء أحد، تحب وتقبل على ما تقوم به دون تذمر، والصبر ضياء الوجوه، وتبديد لعتمة الكلل،
    بتقديم المرأة في صورة الخادمة غير المخدومة، العاملة غير الكسولة، النافرة من الهجوع والخلود للفراش... تكون المرأة في لوحات المالكي معادلة للحياة، وحتى وإن أوحت ملامح النساء للبعض بالفقر والأمية، فإن ذلك لم ينقص من قيمة المرأة، كمحرك ومحور الحياة الريفية، فقد يعتل الرجل أو يغيب في اللوحة وتستمر الحياة، لكن لا تستقيم حياة في البادية دون امرأة، إنها نصف المجتمع والمسؤولة عن تربية وتنشئة وإسعاد النصف الآخر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى