الاثنين ٣ نيسان (أبريل) ٢٠١٧
بقلم عادل سالم

(تيا تميم) تشق طريقها بنجاح رغم الحرب

في الصورة أدناه فتاتان من فتيات البوسنة اللواتي هاجرن مع أهاليهن إلى الولايات المتحدة هربا من الحرب التي دمرت يوغسلافيا، وفرقت بين الأهل، والجيران الذين فجأة أصبحوا أعداء. في يسار الصورة (تيا تميم)، وفي اليمين زميلتها نسيت اسمها بعد حوالي خمسة عشر سنة من الصورة، المهم أن موضوع حديثنا (تيا تميم) ابنة البوسني المسلم (عقائد تميم)، وأمها مسيحية صربية، وبالمناسبة كان في البوسنة الكثير من العائلات المختلطة بين مسلمين، ومسيحيين سواء من جهة الأب، أو الأم، فقد كانوا يعيشون في سلام، وأمان إلى أن اندلعت الحرب ودمرت كل شيء جميل بينهم. ولهذا عاشت هذه الابنة الوحيدة للسيد عقائد تميم (رجل طيب عرفته وصار صديقا لي في تلك الأيام). ولأنها من أم مسيحية صربية، وأب مسلم بوسني فقد كان تواجه مشاكل من الطرفين كما كانت تخبرني، فبعض المسلمين كانوا ينظرون لها بريبة لأن أمها صربية مسيحية، وبعض المسيحيين كانوا يرونها مسلمة بوسنية معادية لهم. لذلك عانت كثيرا جدا من هذه المسألة، فبنت معظم صداقاتها خارج اللاجئين البوسينيين، والصرب الذين هربوا من نار الحرب لكنها تغلبت عليها، فقد كانت ذكية، ومتفوقة في المدرسة فشقت طريقها بنجاح، تقيم اليوم في نيو يورك مع زوجها، وتعمل في معهد لعلوم الفضاء لتكتشف جمال الفضاء الذي يشبه وجهها البشوش. كانت جميلة جذابة ومحط أنظار الشباب الذين كانوا يطلبون مني أن أخطبها لهم، لأنها كانت تعمل عندي في مجل تجاري، وكان بعضهم يتردد على المحل فقط لتبادل أي حديث معها. وكنت أقول لهم أنني لست والدها، وأنها ليست من بلاد العرب وعليهم أن يتقربوا منها إن كان أحدهم فعلا يرغب بالزواج منها.
سألت والدها يوما: سيد عقائد، من أين لك هذا الاسم (تميم)، هذا اسم عربي؟
هز رأسه وقال:
نحن نعود بجذورنا لقبيلة تميم العربية جاء منها أخوان، وسكنا في بلادنا منذ مئات السنين، ولا نعرف منهم الآن (والحديث له)، إلا أنا وأخي، لكن آه ماذا أقول لك، فأنا وأخي لم نرزق إلا بابنة لكل منا، وهذا يعني أن عائلتنا (تميم) سوف تنتهي بموتنا، وستنسب كل ابنة منا لعائلة زوجها.

كان فعلا حزينا وهو يحدثني بذلك، شعرت بالأسى والحزن البادي على وجهه، لكن حزنه الأشد كان بسبب هجرته من البوسنة بسبب الحرب التي دمرت، كما قال، كل شيء جميل بناه في تلك البلد.
كنا جيران، نعيش في أمن، وأمان، نتزوج من بعض، نتعلم معا، وفجأة أشعلوا الحرب بيننا، وحرضوا المتطرفين ليدمرونا معا، وها نحن، وهم لاجئون في بقاع الأرض.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى