الخميس ٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤
بقلم
حائطيات طالب المقعد الأخير 12
قبل أن أقول لك إن سعادتنا برسم البيعالموسم هذا العام ليس دافئاً والعصافير التي تحب أشجار التوتلم تنتظر المطرمرّ الوقت سريعاً تماماً كتلك الغفوة التي تتلو منبه الصباحوالمدينة التي ركضنا فيها كانت تعج بالأحصنةكان يجب أن نردم الخنادق كي لا تضيع سفننا الورقيةالبحر أصبح طفلاً سميناً فقد زر بنطالهأتنفس هواء الحدائق برسم دخولوأشاهد البحر ببطاقة دخولولا أذهب إلى السينمافي الصباح ألبس بدلة العمل وربطة عنقكما كنت ألبس بدلتي المدرسية و«فولاري» الجميللكن أين تلك الخمس ليرات التي كان فيها عطر أبي!قبل أن أقول لك إني سعيد معك لا تغيبي عني طويلاًأكره البحث عنك في هذا العالم الافتراضيولا أعلم إن كنتِ قد سمعت مثلي أن غوغل يخطئ في الأسماء كثيراً هذه الأيام***لا دكاكين عطر في حارتكم، إذن حدّثيني عن الغدأعرف أن الموضة حزينة هذه الأيام وأن اللون مفرقعة تكبر بأول شظيةوأنا لا أحزن كثيراً إلا حين أغلق باب الغرفة وحيداًوأفجر نفسي حينما أفتح حقيبتي القديمةكان القمر يزور قريتنا ويحمل في جيوبه قطع نقود قديمةلا تكفي الولد ليشتري قطعة حلوىولا أذكر أن أحداً من قريتنا كانت هوايته جمع النقود القديمةكنا نبيع عشر حبات بيضٍ بقطعة بسكويتونعلق على أفخاذ القمر البيضاء أمانيناأن نشتري جراراً يحرث الأرض ويحمل الفلاحين أيام الشتاءلا دكاكين عطر في حارتكم والقمر أحدب هذه الأيام كقطعة موزوهذا العالم كبير كالغوريلامع ذلك وضعتُ ربطة عنق حمراء ولبست طقمي الفاخروأعرف أن الطريق إلى بيتكم موحل***أحبكِ لأنك تشبهين قريتي فاحفظي سري حين أسافر إلى المدينةصار لي زمن لم أشاهد مباراة كاملةألبس الشعارات وأبتلع الهتافاتمنذ أن تشاجر الفريقان في الملعب وألقوا القبض على الجمهورلم أعد ألبس قميص فريقي المفضلقالت لي أختي هذا الصباح إن أمي تنظف البيت كثيراً هذه الأياموإن الضيوف بأحذيتهم الترابية يدعسون سجادة بيتناتلك السجادة التي نسجها جدي ذات صيف مقمرعندما كانت جدتي بمشيتها المقوسة تنقل الوسائد الثقيلة إلى السطحلدي الكثير من الأسرار، والبحار هنا أرهقتها السفنأعرف أنك كقريتي تخبئين أسراري حين يشتد الليلوعند الصباح توزعينها على النسوة اللاتي يجلسن أمام عتبة البيتبالمناسبة هل قلتُ لك إنيكنت ديكتاتور طفولتيألعب الكرة بالحجارةوأمزق ألعاب أولاد الجيرانوهل تعلمين أنك الآن حدقة عيني التي لا تصل لها الدماءمهما امتد الجرح في جسد هذا العالم***البطاقة التي سقطت مني في السوق ربماأو في القميص الذي وضعته أمي في الغسالة في يوم جمعة ماكانت تقص آخر حكاية قبل أن أقص قالب الحلوىلا تسألي الدخان الممتد كالشرائط في الأسواق المكتظة عن رائحة حطب القرىولا تسألي عن الذي مر عارياً في هذا الشتاء العاريلمَ حدّق طويلاً في البطانيات الرمادية تلك التي رسمت عليها النمورلم تغره الشفاه الساخنة ولا جوارب المومس الطويلة في هذا الشتاء الطويلهل قلت لك إني أحب الحياة وحين أسهر مع الأصدقاءأسرد ذكرياتي مع جارتي حياةالبطاقة التي سقطت منّي سقطت مني كما يسقط الجميعلا تسأليني لمَ أضع يدي كثيراً عند عتبة الأبوابولا تطبقي الباب على أصابعي النحيلة حين تخرجين