الأربعاء ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٣
ولد في القدس وكان أبرز المدافعين عنها

رحيل المفكر العربي الفلسطيني إدوارد سعيد

لمحة عن حياته وأبرز الآراء فيه

وأخيرا رحل المفكر العربي الفلسطيني البروفيسور إدوارد سعيد عن عالمنا يوم الخميس الخامس والعشرين من ايلول ـ سبتمبر ـ 2003 بعد صراع طويل مع مرض سرطان الدم ـ لوكيميا ـ الذي أصابه من عشر سنوات وأوهن جسمه لكنه لم يوهن عقله وارادته وظل حتى وفاته يكتب ويقاوم كعادته التي عرفناه بها كاتبا يتقدم الصفوف الاولى .وكما وصفه البروفيسور الفلسطيني الراحل إبراهيم أبو لغد ـ ورفيق حياة المفكر إدوارد سعيد ـ بأنه أي سعيد كان أبرز وأفضل من دافع عن القضية الفلسطينية في الغرب .
بأ
في السطور التالية لمحة عن المفكر الفلسطيني وآراء بعض النقاد والكتاب فيه جمعناها لكم من الصحف والمواقع المختلفة .

ولد في القدس

ولد إدوارد سعيد في الاول من نوفمبر/تشرين الثاني 1935 في القدس من والدة بروتستانتية تنتمي الى عائلة ميسورة وتاجر فلسطيني مسيحي ثري حصل على الجنسية الامريكية.

وصل الى القاهرة مع اسرته في العام ،1947 ثم توجه في سن السابعة عشرة الى الولايات المتحدة ليتابع تحصيله العلمي. وتخرج اولا في جامعة برينستون، ثم حصل على شهادة دكتوراه في الأدب المقارن من جامعة هارفرد.

في ،1963 بدأ التدريس في جامعة كولومبيا في نيويورك.

بعد هزيمة العرب في يونيو/حزيران ،1967 انصرف الى العمل على شرح قضية شعبه في الولايات المتحدة. وقد خاض مرات عدة مواجهات مع القيادة الفلسطينية.

واصبح إدوارد سعيد عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني في 1977 وحاول عبثا اقناع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بأهمية الجاليات الفلسطينية المنتشرة في انحاء العالم.

وصدر ابرز كتبه “الاستشراق” في العام 1978. وقد ترجم الى 26 لغة. واعتبارا من ،1979 بدأ ينتقد اسلوب منظمة التحرير والدول العربية في التعامل مع القضية الفلسطينية، وظهر ذلك جليا في كتابه “مسألة فلسطين”. وقد صدر له العديد من الكتب التي تناولت النزاع في الشرق الاوسط.

في ،1991 استقال من المجلس الوطني الفلسطيني بسبب معارضته الشديدة لياسر عرفات وانتقاده له بسبب سعيه التقرب من “اسرائيل”. الا انه واصل النضال. وبدأ يطالب منذ العام 1994 باستقالة عرفات الذي وصفه ب “بيتان الاسرائيليين” (نسبة الى المارشال هنري بيتان الفرنسي الذي تعاون مع الالمان خلال الحرب العالمية الثانية). واعتبر سعيد ان عرفات وافق، من خلال اتفاقات اوسلو “1993”، على التبرؤ من التاريخ الفلسطيني.

وقد وصف اتفاقات اوسلو بين “اسرائيل” والفلسطينيين بأنها “اداة استسلام العرب” في وجه الدولة العبرية والولايات المتحدة.

وكان إدوارد سعيد متخصصا ايضا في الموسيقا، وقد اسس مع قائد الاوركسترا “الاسرائيلي” الارجنتيني دانيال بارنبويم فرقة “ديوان الشرق والغرب” التي تضم موسيقيين من كل انحاء الشرق الاوسط.
وكان لايزال يناضل من اجل انشاء دولة فلسطينية سيدة يعيش فيها شعبان متشابكان اصلا. وكان يقول ان الفلسطينيين و”الاسرائيليين” يعيشون “في دولة مزدوجة الجنسية بحكم الامر الواقع، الى جانب التمييز العنصري فيها”.
وتزوج إدوارد سعيد عام 1970 وله ولدان.

جانب من سيرته بقلمه:

أبي الذي ولد في القدس

ولد أبي في القدس في العام 1895 في حين ترجح أمي انه قد ولد في العام ،1893 ولم يخبرني حرفياً بأكثر من عشرة أمور أو أحد عشر أمراً عن ماضيه، وكلها لم تتغير روايته لها أبداً، ولم تكن سوى سلسلة من الكلمات القابلة للتحريض من حالة إلى أخرى.

كان أبي في الأربعين حين ولدت، ومع أنني ولدت في القدس وقضينا فيها أوقاتاً متباعدة، إلا انه لم يقل لي عنها شيئاً سوى انها تذكرة بالموت. وقد أخبرني ان والده كان في مرحلة من مراحل حياته ترجماناً، وقيل انه بسبب معرفته باللغة الألمانية قد جال بالقيصر ويليام في ربوع فلسطين، هذا الرجل الذي مات منذ زمن طويل لم يشر احد إلى اسمه قط، فقد كانت أمي تشير إليه باسم “أبي أسعد”، ولم تكن تعرفه أبداً، فقد كان من آل إبراهيم، ولذلك عرف والدي باسم “وديع إبراهيم”. أما انا فحتى هذه اللحظة لا أعرف من أين جاءت كلمة “سعيد” ولا يبدو انني قادر على تفسير الأمر، بل ان الكتابة عن جدي تبدو لي الآن اشبه بالتعامل مع أشياء مجردة، والشيء الوحيد الذي كان والدي يفضل ان يذكره لي عن هذا الجد، ان ضربات أبيه بالسوط، كانت أشد قسوة من ضربات أبي لي، وقد سألته ذات مرة، كيف تحملت الضرب؟ فأجابني ضاحكاً: كنت أهرب معظم الأحيان. أما أنا فلم أكن قادراً على الهروب بل لم أفكر بذلك على الاطلاق.

أما جدتي لأبي فكانت صورتها مبهمة أيضاً، كانت من آل شماس بالولادة، وكان اسمها “حنة” وكما قال لي أبي، فإنها هي التي أقنعته بالعودة من الولايات المتحدة العام ،1920 وكان أبي قد غادر فلسطين العام ،1911 اقنعته بالعودة لأنها كانت تريده بالقرب منها، لذلك كانت عودة أبي إلى المنزل الوطن أمراً، وكان أبي يقول انه نادم عليه، لكنه كان يقول في الوقت ذاته ان سر نجاحاته في أعماله يعود إلى انه “دار باله” على أمه، وأنها في المقابل كانت تصلي باستمرار كي تتحول الشوارع تحت قدميه إلى ذهب، وكانت أمي هي مصدر هذه التفاصيل الجزئية من هذه المعلومات المتعلقة بالسيرة الذاتية، والدرس الأخلاقي، واعتقد ان والدي هو الذي اخبرها بها دون ان يذكرها أمامي قط. ومع أنني لم أر شكل جدتي قط، ولم أر صورة واحدة لها، إلا انها كانت تمثل في النظام الأخلاقي الذي رسمه لي والدي كلمتين مأثورتين متناقضتين، لم استطع فهمهما، أو الوصول إلى حل لهما. فقد قال لي: على الأمهات ان يحببن وأن يعتنى بهن دون شروط، ولكنهن بسبب حبهن الأناني يحرفن الأطفال عن طموحاتهم المختارة، (فقد كان أبي يود ان يبقى في أمريكا) ولذلك يجب ألا يسمح لهن بالاقتراب كثيراً من أولادهن.

أما المعلومات التي قدمها لي ابن هذين الجدين، فقد كانت أشد تضليلاً وافترضت وجود تاريخ طويل بعض الشيء للعائلة في القدس، واعتمدت في هذا الافتراض على طريقة سكن عمتي “نبيهة” وأولادها في المكان، وكأنهم ولا سيما، عمتي جسدوا روح المدينة الغريب، كي لا أقول القاحل والضيق. وفي فترة لاحقة سمعت أبي يتحدث عنا بوصفنا (خليفاويين)، وعلمت ان أصلنا البدوي الحقيقي، ولكن (الخليفاويين) من الناصرة، وفي منتصف الثمانينات ارسلت لي عمتي بعض المقتطفات من تاريخ منشور الناصرة، وكانت مع هذه المقتطفات شجرة عائلة لأحد (الخليفاويين) لعله والد جدي، ومنه كما يبدو لي، جاء أبي وأعمامي وعمتي، ولما لم تتطابق هذه المعلومة غير المتوقعة حتى حدود الدهشة، والتي اعطتني فجأة طقماً جديداً كاملاً من أولاد العم، مع أية تجربة معيشية أو ملمح إليها، فإنها لا تعني لي إلا القليل القليل.

هرباً من التجنيد

أنا أعلم بالتأكيد ان أبي ذهب إلى مدرسة القديس جورج في القدس، وبرع في كرة القدم والكريكيت وكان من بين لاعبي المدرسة الأحد عشر طوال أعوام متتالية كقلب هجوم وكحارس في اللعبتين على التوالي، وهو لم يصف لنا شيئاً عن تعليمه في مدرسة القديس جورج، سوى انه اشتهر بمحاورته بالكرة من أول الملعب إلى آخره قبل تسجيل الأهداف، ويبدو ان اباه قد حثه على مغادرة فلسطين هرباً من التجنيد الإلزامي في الجيش العثماني، وفي فترة لاحقة قرأت في مكان ما ان حرباً اندلعت في بلغاريا العام ،1911 فاحتاجوا إلى جنود، وتخيلت أبي من دون أية اشارة خفيفة منه، وهو يفر هارباً من المصير المروع لفلسطين.

ان اياً من هذه الأمور كلها، لم يعرض لي في تسلسل منتظم وكأن النبذة القصيرة عن السنوات التي سبقت رحلته إلى أمريكا لم تكن على صلة بهويته الحالية بوصفه أبي، وزوج هيلدا ومواطناً أمريكياً. وكانت أهم قصة من القصص العظيمة الجاهزة التي اخبرت بها أكثر من مرة اثناء نشأتي، هي حكاية مجيئة إلى الولايات المتحدة، كانت رواية أو نسخة رسمية يقصد بها ان ترشد وتعلم مستمعيه الذين كانوا في معظمهم أولاده وزوجته، وقد رسخت هذه الحكاية كل ما يريد ان يعرف عنه قبل ان يتزوج أمي، وما سمح للملأ ان يعرفه منذ ذلك الحين فصاعداً، ان ما خلف اثراً قوياً في نفسي حتى الآن لا يعود إلى انه التزم القصة ذاتها، بكل أحداثها وتفاصيلها القليلة طوال الأعوام الستة والثلاثين التي كان فيها أبي الحقيقي الحي حتى وفاته العام ،1971 بل يعود إلى ان هذه القصة قد نجحت ايما نجاح في أن تعيد كل الجوانب الأخرى المنسية أو المنفية من قصته، وهي الجوانب التي يشركني فيها بوصفي ابنه الوحيد، ولم يخطر ببالي إلا بعد عشرين عاماً على وفاته اننا كنا انا وهو من عمر واحد تقريباً، حين جاء كل منا بفارق أربعين عاماً بالضبط، إلى أمريكا جاء هو ليصنع حياته، وجئت انا من أجل ان يصنعني مخططه لأؤديه، إلى ان عصيت إرادة مخططه وبدأت احاول ان اعيش وان اكتب مخططي الخاص بي.

عياش يحياوي : كرمته الامارات بجائزة الانجاز العلمي

رحل أصدق من قال: الأرض كلها فندق.. وبيتي القدس

“سكنتني رغبة العودة منذ إصابتي بمرض سرطان الدم. لكن ثمة عندما استيقظ كل صباح شعور غريب يتملكني منذ أن عدت إلى البلاد فأقول لنفسي: أنا في بلادي، في الأرض حيث شهدت عيناي النور. بيتي على بعد خطوتين ولكنه ليس لي، بل أنام في الفندق وأستيقظ فيه”. بهذه العبارات خاطب المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد إحدى الصحف الفرنسية في القدس.

لقد كانت الأرض بما رحبت في فكر هذا المفكر العضوي الكبير مجرد فندق، أما بيته العائلي حيث تقيم ثقافته وجذوره فهو القدس، فهو فلسطين التي عاش مكافحا من أجلها من خلال ترسانة من الأفكار الجذرية التي كان يتمتع بها في مقارعة الفكر الصهيوني الاستيطاني. ولا تأتي شهرة هذا الرجل في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا وبقية العالم من جراء ترجمة بعض مؤلفاته الفكرية الى اللغات الحية ومنها كتابه الذائع الصيت “الاستشراق” فقط بل من كونه من أهم الباحثين الذين فتتوا الظاهرة الاستعمارية وتعمقوا في آلياتها ومرجعياتها ونبهوا الضمير الانساني والأنتلجنسيا الثقافية في العالم الى خطورة ما يحدث في فلسطين، خاصة وأن ادوارد سعيد استطاع أن يخترق الثقافة الامريكية ويتفهم بعمق مشكلاتها وتناقضاتها، وقد استغل ذلك بذكاء كبير لتوصيل رسالته الوطنية التحررية.

وقد تفطنت المؤسسة الاعلامية والثقافية في الامارات مبكرا الى أهمية ما يرسله هذا المفكر من إشارات سياسية وثقافية عميقة الصلة بالوجدان القومي الاماراتي والعربي، فاستضافته جريدة “الخليج” على صفحاتها محللا ومفكرا مرتين في الشهر عام 1996. كما منحته مؤسسة العويس الثقافية جائزة الانجاز العلمي سنة ،1998 وهي جائزة لا ينالها الا كبار المثقفين الذين قدموا لأمتهم الكثير في نضالها ضد العدو الأجنبي الاستيطان والعدو الداخلي التخلف.

وها هو، إدوارد سعيد “الصورة” يتسلم من فقيد الوطن والعروبة تريم عمران وفقيد الثقافة في الامارات والوطن والعروبة سلطان علي العويس جائزة الانجاز العلمي، إنهم ثلاثة فرسان من طينة أصيلة تجمعهم صورة واحدة، كما جمعهم حب العروبة والأرض العربية.

وكم كان معرض الشارقة الدولي للكتاب حريصا على نشر ثقافة التأصيل والمقاومة ضد الاحتلال والصهيونية، ومن أبرز ملامح ذلك توزيع كتاب “فلسطين.. إليكم الحقيقة” مجانا على زوار المعرض ومن أبرز ذلك شغف القراء والمثقفين في الامارات بشراء كتب المفكر الراحل ادوارد سعيد المقرون اسمه دائما بالرهبة لمكانة الرجل العالية في قلوب كل العرب كل المسلمين كل محبي الخير والعدل من أبناء البشرية. وفقيد القضية الفلسطينية ادوارد سعيد هو في واقع الأمر فقيد الثقافة الانسانية كلها، وفقيد الأحرار الذين نبذوا العنصرية والصهيونية والاستعمار في كل مكان ولا بأس أن نقدم نبذة عن مؤلفاته والجوائز التي نالها في مشواره الكفاحي، الذي سيظل نبراسا لأجيال الشباب في الوطن العربي فقد قذف الحجارة في وجه الجنود الصهاينة من “بوابة فاطمة” بعد تحرير جنوب لبنان مثلما قذف بالحق ثقافتهم الضالة.

سطع نجم ادوارد سعيد في الغرب مع صدور كتابه “الاستشراق” في العام 1978 حيث تناول فيه مصادر الافكار والانطباعات التي استنبطها الكتّاب الغربيون عن العرب والمسلمين، وفند كثيرا من الآراء المسطورة في كتب المستشرقين حيث لم تكن تخلو من تشوهات كثيرة تعكس افكار هؤلاء حول الشعوب “الدونية المتخلفة”.

ثم جاء كتابه “الثقافة والامبريالية” الصادر في العام 1993 بمثابة وثيقة تاريخية كشفت مباركة ابرز الادباء الانجليز لسياسات بلادهم الاستعمارية واستعباد الشعوب في افريقيا وآسيا، وقدم ادلته من داخل نصوص كونراد وكبلينيج وبيتس وجين اوستن.

وقد اثار كتابه “الثقافة والامبريالية” ردود فعل واسعة بعضها اثنى على الكتاب ومعظمها هاجمه بشدة فكيف يجرؤ هذا العربي ذو المواقف السياسية المعروفة على التعرض لكاتبة مثل جين اوستن لها منزلة عليا عند الانجليز والايحاء بأن روايتها “متنزه مانسفيلد” تقدم ادلة كافية على تأييدها للرق في الكاريبي؟

نال سعيد عشرات الجوائز الادبية والقى مئات المحاضرات في الجامعات الامريكية والبريطانية وهو عضو في هيئات اكاديمية ومؤسسات وجمعيات ادبية عديدة.

وضع الدكتور ادوارد سعيد 18 كتابا من بينها “الاستشراق” ،1978 “المسألة الفلسطينية” ،1981 “الادب والمجتمع” ،1980 “اكتشاف الاسلام” ،1981 “العالم النص النقد” ،1983 “لوم الضحية” ،1978 “القلم السيف” ،1994 “غزة اريحا” ،1994 و”اوسلو 2 سلام بلا ارض” 1995.
وقد ترجم كتابه “الاستشراق” الى العربية والفرنسية والاسبانية واليابانية والتركية والهولندية والصربية والكرواتية والنرويجية والبولندية والايرانية والايطالية والبرتغالية واليونانية والسويدية والالمانية كما ترجمت كتبه الاخرى الى معظم هذه اللغات والى الصينية والعبرية.
وللدكتور سعيد اهتمام موسيقي واسع، وهو عازف بيانو ماهر ويمتلك ثقافة موسيقية واسعة وكتب دراسات موسيقية عديدة، وله كتاب عن الموسيقا ترجم الى عدة لغات.

المفكر الفلسطيني البروفيسور : هشام شرابي

ادوارد سعيد المناضل العربي الأول

من الصعب في هذه العجالة ان اعالج النواحي الاخرى الأدبية والفكرية التي أبدع فيها ادوارد سعيد وكان في طليعة جيله من الاكاديميين العاملين في هذه الحقول. ولا شك في ان كتابيه "الاستشراق" و"المسألة الفلسطينية" وكلاهما ترجما الى العربية، يشكلان المساهمة الرائدة التي حققها ادوارد سعيد في النقد الأدبي وفي الدراسات الفلسطينية المعاصرة، بنظري ان كتاب "المسألة الفلسطينية" من حيث الدقة والعمق والأثر لا يضاهيه عمل آخر في الحقل الفلسطيني، الا كتاب جورج انطونيوس "يقظة العرب".
برحيله، ترك ادوارد سعيد فراغاً لا يمكن ملئه. لقد كان المناضل العربي الأوّل والأكثر فعالية على صعيد مجابهة الصهيونية في أميركا. وكان كذلك المفكر والناقد الأدبي الذي لم يصل الى مستواه أي أكاديمي عربي من جيله.

عبدالباري عطوان : جريدة القدس العربي

ادوارد سعيد مفخرة علمية

ادوارد سعيد كان مفخرة علمية واكاديمية، ليس للفلسطينيين وللعرب فقط، وانما للانسانية جمعاء، فالرجل وظف حياته وتجاربه وعلمه الغزير من اجل مكافحة الاستعمار الثقافي بكل اشكاله وألوانه، ولم يكن ابداً طائفياً او عنصرياً، فقد دافع عن الاسلام والحضارة الاسلامية ما لم يدافعه اي مسلم آخر. وتصدي للتغول الامريكي وهو في عقر داره، ولم يهادن مطلقاً كل العرب والمسلمين المتأمركين والمبهورين بحضارة الكوكاكولا والماكدونالدز، والكارهين لعقيدتهم الاسلامية، وجذورهم العربية.

غسان تويني : جريدة النهار البيروتية

حفنة تراب مقدسي لادوارد سعيد

عندما يرحل عن الارض انسان في حجم ادوارد سعيد، هل تظل الارض هذه هي اياها؟
أم تراها قطعة من الارض ترافقه الى زوال... قطعة من الارض، وطناً وتراثاً وتاريخاً، ثم كذلك التطلعات المثالية، والفكر المحرّك، والشجاعة، والامل الذي بوجوده كان يتشجع المجاهدون للحق وتطمئن الناس الى ان ثمة من لا يزال في وسعه ابتكار طريق الى خلاص.
أوَنحزن على ادوارد سعيد؟
أم هي فلسطين التي يزداد حزننا عليها؟... مسكينة هي فلسطين، كم كانت، الآن بالذات، في غنى عن هذا الغياب الرهيب الذي بدأت، في اللحظة، تشعر بالفراغ الذي يخلّفه.

بول شاؤول : المستقبل اللبنانية

سعيد استعاد الوظيفة السياسية للثقافة

إدوارد سعيد من قلة استعادت، بإصرار وبوعي عميق، واجتراح، وتجذر، الوظيفة السياسية للثقافة والإبداع والكتابة، من دون أن يقع، حتى في أكثر المراحل سخونة وانفعالاً وعاطفية وذاتية، لا في المباشرة، ولا في التبسيط، ولا في الخطاب التعبوي الآني، أو الدوغمائية المغلقة أو الدعائية الضيقة. كان لنضاله أفق. بل كانت كل الآفاق المشرّعة على المعاصرة في خدمة نضاله: من الفكر الذي رفض أن يكون مرتبطاً بما يسمّى "ما بعد الحداثة" بمضونه العدمي أو التدميري، أو المفرّغ من القيم والحقائق الكبرى، الى السياسة التي جعل التزامه فيها التزاماً بالقضية الفلسطينية وبكل القضايا العالمية، والشعوب الخاضعة للكولونيالية، ومطامحها وآلياتها المتوحشة وجنونها.

الكاتب صادق جلال العظم: استعادة العروبة

في البدء كانت الهزيمة. في البدء جمعتني هي بالعملاق في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك بعد سنتين تقريباً من وقوعها المزلزل في 5 حزيران (يونيو) 1967. أنا واحد من الكثرة المثقفة هنا التي أصابها مسّ من جنون ما فطفشت تبحث عن خلاص ما. وهو واحد من كثرة مثقفة هناك مسّتها هزة كيان لا يعرف أحد أعماقها فطفشت هي ايضاً باتجاه معاكس لا تلوي على شيء مما كانت عليه في الجامعة أو في المدينة أو في المجتمع الأميركي المحيط. استعاد العملاق وقتها عروبته وعربيته وفلسطينيته وعالم ثالثيته. ولكنه لم يكن رجل استعادة فقط، اذ سار قدماً ليغنيها كلها ايما إغناء باعطائه العالم ذلك الوصف الرائع والهادئ والمرهف والأخاذ لتجربته الكيانية مع الهزيمة ومع عودة الوعي اللاحقة عليها. كانت هي البداية الثابتة في كفاحه وكتاباته ودراساته واسهاماته التي كسرت النموذج الاكاديمي التقليدي المنعزل وأدخلته في رحاب ومتاهات الالتزام بقضايا العصر الكبرى، قضايا الانسان والشعوب والقهر والتخلف والاستعمار وفلسطين. قضايا حقوق الانسان والتحرر والديموقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية في كل مكان. وكان في ذلك كله موضوعياً من دون ان يكون لامبالياً، ملتزماً من دون ان يكون مزوّراً، علمياً من دون ان يكون محايداً، صادقاً من دون ان يكون محابياً. قال الحقيقة في وجه القوة الغاشمة والسلطات المستبدة كلها. من هنا مصداقيته وتأثيره معاً كعالم وباحث وناقد وكاستاذ جامعة. لم نخسره وحدنا. خسره العالم بأجمعه لأنه ما آن لهذا الفارس العملاق ان يترجّل.

جريدة الحياة اللندنية : سعيد من ابرز المدافعين عن فلسطين

يعد إدوارد سعيد من ابرز المدافعين عن قضية فلسطين في الولايات المتحدة الأميركية ومن المعارضين لسياسة "السلطة الوطنية الفلسطينية" منذ اتفاق اوسلو. وكان بحق صاحب نزعة طليعية وثورية وحديثة في كل الحقول التي كتب فيها. وكان دأب على الإطلالة الصحافية عربياً من خلال "الحياة" عبر مقالات كان الكثيرون من القراء ينتظرونها، علاوة على إطلالاته الدائمة في ابرز الصحف والمجلات الأميركية.

نجيب محفوظ : للحياة اللندنية

أعتبر وفاته خسارة فادحة ليس فقط للنقد الأدبي بل أيضاً للقضية الفلسطينية التي كانت رؤية الراحل الموضوعية ازاءها تحظى باحترام كبير في كل مكان في العالم.

وزير الثقافة الفلسطيني زياد ابو عمرو : وفاته خسارة

"وفاته تشكل خسارة فادحة للشعب الفلسطيني؛ لأنه كان رجلا عمل بكل قواه لحمل العالم أجمع على التعرف على قضيتنا"، كان رسولنا النير إلى العالم عندما كان يتحدث عن مشاكل الفلسطينيين".
من جهتها، اعتبرت النائبة حنان عشراوي أن وفاته تشكل "خسارة فادحة بالنسبة للفلسطينيين والإنسانية".
وأضافت حنان عشراوي: "كان رجلا نزيها للغاية ومتفانيا في سبيل القضية الفلسطينية، لم يكن يتوقف أبدا عن سعيه وراء توفير العدالة للفلسطينيين". وقالت أيضا: "كان يلقى التقدير الكبير لدى الفلسطينيين. سنفتقد إلى رؤيته وصدقه".

الدكتور احمد القديدي : استاذ الاعلام بجامعة قطر

غياب الرجل الملحمة .. ادوارد سعيد

في جو من الغفلة العربية المعهودة يتوارى من المشهد السياسي والفكري العالمي المفكر المناضل د. ادوارد سعيد. ولم يتغير الروتين في الاعلام العربي كامل يوم امس إلا اذاعة وتلفزيون «بي. بي. سي» (لسان الأمة العربية .. !) غيرت برامجها لاعادة بث الاحاديث معه والتذكير بكفاح هذا الرجل الهاديء العميق ..

رجل التأمل والحكمة في قضايا العالم ورجل التعريف الحقيقي بمأساة شعب فلسطين، وهو رجل ملحمة فلسطيني عربي حتى النخاع وأميركي مئة بالمئة لانه يحمل قيم المؤسسين الاوائل للجمهورية الاميركية. وهو الرجل الذي قاوم العنصرية الصهيونية دون ان يسقط في فخ المعاداة لليهود ودينهم، بل عرف كيف يكسب احرار اليهود لقضيته امثال الموسيقار اليهودي المعروف يهودي مناحم، وهو الرجل الذي سماه الصهاينة في مجلتهم النيويوركية استاذ الارهاب وهدد الصهاينة المتطرفون عائلته ولم يبال فواصل طريق الدفاع عن شعبه بلغة العلم والتاريخ والثقافة وحتى بلغة الموسيقى حين اصبح عبقرياً في العزف على آل

جلال أمين: عطف المثقفين

الخسارة في فقد ادوارد سعيد شخصية وقومية وانسانية. شخصية لأنني عرفته فوجدته صديقاً حميماً رقيق المشاعر وصادقاً في التعبير عنها. وهي خسارة قومية لأنني لا أعرف رجلاً أو امرأة كسب لقضية الفلسطينيين عطف المثقفين في مختلف انحاء العالم الذين يتكلمون ويقرأون بمختلف اللغات، أكثر مما كسبه إدوارد سعيد لهذه القضية.
وهي خسارة إنسانية لأنه استطاع ان يستخلص من القضايا الفردية والقومية معاني انسانية واخلاقية يستجيب لها عقل قارئه وقلبه او المستمع اليه بصرف النظر عن انتماءاته الشخصية والقومية.
ولكن مع كل هذا أغبطه على أنه نال بالضبط النهاية التي كان يتمناها، ظل يكتب ويخطب، ويكتب ويخطب، مدفوعاً بشعور دائم بالواجب والمسؤولية حتى آخر لحظة يمكن أن تكون فيها الكتابة أو الخطابة ممكنة. وعندئذ فقط استجاب لحتمية الموت، تاركاً لنا ثروة لا تنضب، وتكفي لإثارة التعاطف والحب لعشرات من السنين.

فيصل دراج: رحيل الأخلاقي

أعطى إدوارد سعيد في مساره درساً نموذجياً في "الهُجنة الخصيبة". فقد كان اميركياً يدافع عن القضية الفلسطينية، وكان فلسطينياً يندد بالسياسة الصهيونية، وكان ذلك الفلسطيني الأميركي الذي ينقد "المؤسسة العرفاتية" ويرى فيها شراً وبيلاً يهدد الحق الفلسطيني... غير انه في هذا كله كان المثقف المتمرد على التربية الأكاديمية التي ترى في المثقفين نخبة مختصة تتبادل المفردات الصعبة، وتدرس اعمال المبدعين بلغة طقسية غريبة عن "العوام".

منح الصلح: قوّة الانقياء ونضارة الشهداء

ادوارد سعيد من القلائل الذين نجحوا في ان يذهبوا بعيداً وعميقاً داخل الضمير الفردي للانسان الأكثر تقدماً والأكثر قدرة في العالم. فمراجعة الذات كادت تكون قبله حكراً على أفراد وأوساط هامشية في قطار التقدم الانساني، حتى اذا بدأ يقول كلماته الأساسية في ما هو الاستشراق كما مارسته المدارس الفكرية المرتبطة بالاستعمار والتمييز العنصري وقيم الأقوياء وأديانهم.

رضوان السيد : علمتنا كيف يكون الجهد عربيا

دأبت في الاعوام الاخيرة، على متابعة كل نتاجات ادوارد سعيد، وقد كانت مقالات رائعة بعد ان اشتد عليه المرض. وأكثر ما كتبه أو حاضر به - وآخره محاضرتان أذاعتهما الفضائية المصرية من الجامعة الأميركية في القاهرة قبل ثلاثة شهور - تقاسيم على تلك الأطروحة الانسانية الكبرى لمثقف شمولي، يشعر بأنه معنيّ بكل العالم، وبثقافة رفيعة تصل لدى العارف الى شغاف العقل والقلب معاً. بيد ان سيرته الذاتية "خارج المكان" تستعصي على الوصف، وتلامس أعمق أعماق النفس: مَنْ الذي زعم ان الناقد الأدبي لا يكتب نصاً أدبياً مبدعاً؟
لقد علمتنا حياتك، وعلمنا جهدك الأسطوري، كيف يكون عربياً في عالميته، وعالمياً في عروبته، وكيف يكون كبيراً بثقافته الشمولية، وبانسانيته التي بلورتها أهوال فلسطين، ليس خارج المكان، بل في كل الأزمنة والأمكنة.

محمود درويش : سعيد ضميرنا، وسفيرنا إلى الوعي الإنساني

لا أستطيع أن اودّع ادوارد سعيد، من فرط ما هو حاضر فينا وفي العالم، ومن فرط ما هو حيّ. ضميرنا وسفيرنا إلى الوعي الإنساني سئم، أمس، من الصراع العبثي الطويل مع الموت. لكنه لم يسأم من مقاومة النظام العالمي الجديد، دفاعاً عن العدالة، وعن النزعة الإنسانية، وعن المشترك بين الثقافات والحضارات. كان بطلاً في مراوغة الموت طيلة اثني عشر عاماً. بتجديد حياته الابداعية الخصبة، بالكتابة والموسيقى وتوثيق الإرادة الإنسانية، والبحث الحيوي عن المعنى والجوهر، ووضع المثقف في حيّزه الصارم. لو سُئل الفلسطيني عمّا يتباهى به أمام العالم، لأجاب على الفور: إدوارد سعيد، فلم ينجب التاريخ الثقافي الفلسطيني عبقرية تضاهي إدوارد المتعدّد المتفرّد. ومن الآن، وحتى اشعار آخر بعيد، سيكون له الدور الرياديّ الأول في نقل اسم بلاده الأصلية" من المستوى السياسي الدارج إلى: الوعي الثقافي العالمي. لقد أنجَبتهُ فلسطين. ولكنه - بوفائه لقيم العدالة المهدورة على أرضها، وبدفاعه عن حق أبنائها في الحياة والحرية - أصبح أحد الآباء الرمزيين لفلسطين الجديدة. إن منظوره إلى الصراع الدائر فيها هو منظور ثقافي وأخلاقي لا يبرر فقط حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، بل يرى إليه باعتباره واجباً وطنياً وإنسانياً أيضاً. كان إدوارد كُلاً لا ينفصل. توحّد فيه الإنسان والناقد والمفكر والموسيقي والسياسي، من دون أن تشوّش طبيعة كل نشاط من هذه الأنشطة على طبيعة النشاط الآخر. وامتازت شخصيته ذات السطوة العالية بكاريزما حوّلته ظاهرة عالمية فريدة. فنادراً ما يجتمع المثقف والنجم في صورة واحدة، كما اجتمعت في إدوارد سعيد، الأنيق، البليغ، العميق، الشرس، السلس، المفتون بجماليات الحياة واللغة. وفي وداعه الصعب، في وداعه المستعصي على الغياب" يلتقي العالم مع فلسطين عند لحظة نادرة، فلا نعرف الآن من هم أهل الفقيد، لأن عائلته هي العالم. خسارتنا مشتركة، ودموعنا واحدة، لأن إدوارد بضميره الحيّ وموسوعيته الثقافية، قد وضع فلسطين في قلب العالم، ووضع العالم في قلب فلسطين

لمحة عن حياته وأبرز الآراء فيه

مشاركة منتدى

  • رحل من كان لنا قدوة , قدوة ماذا , قدوة ومثال في التعلق بالارض , أي ان تكون منتمي الى المكان وانت خارج المكان , كم من مغتربين الآن يحتاجون الى قراءة ادورارد سعيد كم من مدارس اكتمل فيها المنهج التعليمي وينقصها مبادىء التمسك بالارض ,
    هذا اللامنتمي الى المكان بعد ان خلق مكان لا يفنى ولا يزول ,
    في قلوبنا وضمائرنا وكتبنا سيبقى ادوارد سعيد ,
    متمنيا من كل الجهات المختصة أن يبقى ( وهو الاهم ) ادوارد سعيد في مناهجنا وعقولنا وعقول مغتربينا ,
    تحية لكل مفكر مخلص ,
    تحية لك ادوارد سعيد .
    وداعا ادوارد سعيد .

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى