الثلاثاء ١٩ آذار (مارس) ٢٠١٩
المبدع فادي وديع أبو شقارة
بقلم خلود فوراني سرية

رهين الجسد طليق الفكر و

نظم نادي حيفا الثقافي مؤخرا أمسية ثقافية حضرها جمهور غفير من أدباء أصدقاء وأقرباء من حيفا وخارجها وذلك احتفاءً بالكاتب المبدع فادي بديع أبو شقارة من قرية طرعان، وإشهار باكورة أعماله رواية "رهين الجسد" من تصميم وطباعة مطبعة الليوان- يافة الناصرة.
كانت البداية لمسة وفاء لطيب الذكر الشاعر محمود درويش إذ صادف ذكرى ميلاده في الثالث عشر من آذار.

افتتح بعدها الأمسية مؤهلا بالحضور والمشاركين، رئيس النادي المحامي فؤاد مفيد نقارة مقدما بعدها شكره للمجلس الملّي الأرثوذكسي لرعايته الأمسيات الثقافية.

ثم كلمة تقدير لصاحب الأمسية الذي من عجزه عمل معجزة.

تولت عرافة الأمسية الناشطة الثقافية خالدية أبو جبل من طرعان، بصفتها رافقت الكاتب في إصدار إبداعه كان لها تقديم مؤثر عن حياة الكاتب وسيرته.

أما في باب المداخلات فقدمت د. راوية جرجورة بربارة مداخلة بعنوان " قناع الكاتب في النّصّ السّيْرذاتيّ" جاء فيها، في هذه الرواية أخذنا الرّاوي معه في رحلةِ عذابِهَ، فأصبحنا فلاسفةً من الألم ومن التّأمّل، وتَذكّرنا الفيلسوفَ والمفكّرَ الفرنسيَّ ميرلوبونتي الّذي أخذَ الإنسانَ، انطلاقًا مِن واقعِهِ المَعيش، فكرةً وجسدًا وعقلًا وعاطفة ووعيًا ولا وعي، مُحاولًا أن يَجمعَ بينَ التّجربةِ المَعيشةِ والتّأمّلِ الفكريّ، وبناءً على هذا الموقفِ، طرحَ فلسفةَ الالتباس الّتي لا تريدُ أن تَحِلَّ المُشكلات، بل أن تُدرّسَها بعُمقٍ أكثر، وقال إنّ الوجودَ الإنسانيّ هو رهينُ الجسد، (أو بالأحرى البدن كمظهر خارجيّ)، فالإنسانُ لا يتعرّفُ إلى العالم، ولا يتعرّفُ إليه العالمُ إلّا باعتبارهِ جسدًا/‏ لحمًا .وهذا ما فعلَهُ الكاتبُ الضّمنيّ، فقد طرحَ في روايتِهِ فلسفةَ الالتباس، فلم يَطرحِ السّيرذاتيّ ليبحثَ عن حلٍّ، بل ليُريَنا العالَمَ مِن وجهةِ نظرِ إنسانٍ، تعرّفَ إلى الدّنيا الّتي أفقدتهُ الجسد السليمَ، فرآها بمنظاره، وأرانا إيّاها حين تدير ظهرها لإنسانٍ، وأراها كيف عامَلَها وواجهها حتّى أعطته وجهها بعد أن أبدع، بعد أن تماهى الكاتبُ الحقيقيُّ معَ الكاتبِ الضّمنيّ مع الشّخصيّةِ المركزيّة، فالتبستْ علينا نقاطُ التّقاطُع مع نقاطِ الانفصال، وكثُرتْ نقاطُ التّماسِ بينَ الرّوائيّ وبين السّيرذاتيّ، وقد تجلّتْ هذهِ النّقاطُ في التّقاطُعاتِ بين شخصيّاتِ الرّوايةِ وتجاربِها الحياتيّةِ المُشتركة، الّتي جمَعَها ذلك الجسدُ الضّعيفُ فقوّاها وجمّعها، فتناوبتْ على السّردِ، كي نرى الواقعَ مِن وجهاتِ نظرٍ مختلفةٍ.

تلاها د. محمد هيبي بقراءة نقدية للرواية عنونها "رهين الجسد طليق الفكر والروح" جاء فيها أن رواية "رهين الجسد"، مهما حاول كاتبها الهروب من الاعتراف، هي رواية سيرة ذاتية له. فقد حاول أن يتهرّب فنيّا بواسطة أسماء الشّخصيّات وتعدّد الرواة وبعض الملامح الميتاقصية داخل النّصّ. ولكنّ ذلك لم يُسعفه، هذا بالإضافة إلى اعترافه، وإن كان جزئيا أو مواربا، حين وافق على غلاف الكتاب، وقال ما قاله في عتبات النّصّ. كما ساهم ملامح الميتاقص داخل النّصّ أيضًا، ولو بشكل غير مباشر، بتقديم دليل على وجود الكاتب في النّصّ، حين يقول الأب "لا أرى في انعكاس وجهي في زجاج النافذة بطلا لهذه القصّة" (ص13). وحين تقول الأمّ: "لا اعتبر نفسي بطلة هذه القصّة" (ص19).. كل ذلك يطرح السّؤال: من البطل أذن؟ الكاتب ومبنى الرّواية، يقولان: ستجدونه في الفصول التالية. ومما لا شكّ فيه، هذه الملامح الميتاقصية، وما فيها من أقوال حول البطولة، تستفزّ القارئ وتدفعه نحو متابعة القراءة.
ومما تقدّم، تتبيّن لنا جرأة فادي، الّذي لا يتردّد في الاعتراف أمام القارئ، أنّ كاتب الرّواية وراويها وبطلها هم شخص واحد. بل تجاوز ذلك إلى ما يهمّه أكثر، نجاحه في كتابة الرّواية. وربّما الأهمّ من ذلك، هو شعوره وهو يُنجزها، كما حدث في نهاية الرّواية، أنّه يقف على رجليه وينتصب في مواجهة الواقع، ويسدّد الدين الّذي في عنقه لمن وقفوا معه. وقد نجح بكل المقاييس.

في الختام قدم المحتفى به كلمة عن تأثره البالغ بهذه الأمسية شاكرا الحضور وتفاعلهم، وتحدث عن نشاطه الدؤوب في المشهد الثقافي سعيدا بكونه الشخصية الملهِمة في بلده طرعان.

دون أن ينسى شكر كل من المحامي فؤاد نقارة، السيدة سوزي نقارة والناشطة الثقافية خلود فوراني سرية بدورهم القيمين على نشاط النادي بما فيه الأمسية هذه.
يجدر بالذكر أنه تخلل الأمسية فقرات موسيقية مع الفنان عبد السلام دحلة بعزفه على آلة العود وغنائه الشجي الذي تفاعل معه الحضور.

كما وزين القاعة معرض أعمال فنية تشكيلية للفنانة فاطمة رواشدة من قرية الرينة.
بالتقاط الصور للتذكار كان الختام، ولقاؤنا القادم يوم الخميس 21.03.19 في أمسية إشهار رواية " خسوف بدر الدين" للأسير الكاتب باسم خندقجي، بمشاركة د.عادل الأسطة، د. أليف فرانش، د. جهينة خطيب وعرافة الكاتبة عدلة شداد خشيبون. يتخلل الأمسية معرض أعمال فنية تشكيلية للفنانتين صبحية حسن قيس وأصالة حسن.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى