الجمعة ٢٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٥
بقلم رامي ياسين

ضدّ الموت

هو الموتْ..

سرّ الطبيعة السّادي، ولغز توحّشها.

لا أدري ما سرّ هذا السرّ في انتقاء الأنقى والأكثر حقيقية من مبدعينا؛ ليغتالهم.

وحين ألاحظُ موتَ أغلبِ المبدعينَ الحقيقيينَ في ريعانِ شبابهم، أستطيعُ الإدّعاءَ أيضاً بأنّه يفعلها بغرورٍ فاضحٍ.. وفرح.
وما يتركه لنا سوى الخائبينَ المنتحبينَ المدّعينَ المهزومينَ من الدّاخلِ؛ لذلك لم يهزمهم الموت.

مهزومونَ مأزومونَ في الهُويّة، مهزومونَ في الفعل، مهزومون في اللقاء.. مهزومون في الوداع، مهزومون في الانتصار!
فماذا تبقّى لنا؟ ما تبقّى لهم في هذا الزمنِ الموحشِ؟ ماذا نملكُ من أدواتٍ لمحاربةِ هذا الموت؟ ماذا صنعنا كمثقفينَ غير النّحيب على الهاماتِ التي سقطت بيدِ الموت؟

على المثقّفين الناجينَ من سطوةِ الموت أن يخرجوا من موتهم السريريّ، ويبدؤوا بتشكيلِ أنويةٍ للفعلِ الثّقافي تضمّ جيل الشباب الواعدِ لبناء جيلٍ مثقفٍ حقيقي لا ينقص بالموت، بدلاً من توريثهم أمراضِ تضخّم الـ أنا والهم الذاتي المنعكس في الذات وكلّ هذا التنظير السّخي في المقاهي وروابطِ واتحاداتِ العجزة.

وعلى الدّول أن تتحمّل مسؤولياتها في توفير المناخِ الثقافيّ الحقيقيّ بدلاً من محاربتِه، أو على الأقل تحييده، وعلى القوى الحية الفاعلة في المجتمع أن ترفضّ الثقافة التي تُسقى لها وتشربها كالإسفنجة..

غيرّ ذلكَ؛ فلنكفّ عن النحيبِ..

ولنمضِ في جنازاتنا ونحن مبتسمين..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى