الجمعة ١ نيسان (أبريل) ٢٠٠٥
بقلم رياض أبو بكر

طعنةٌ من الخلف

طعنةٌ من الخلف
بعد يومٍ شاقٍ
أمضاهُ في رصفِ الحجارةِ على أطرافِ الشوارع

رجع إلى بيتِه ، ليختليَ من جديد
مع أفكارِه الكئيبةِ

جلسَ "عادلٌ"على كرسي المطبخ
والتعبُ يغرسُ مخالبَه في جسدهِ النحيل
وكانَ بيتُه صغيراً متواضعاً يفتقدُ الرتابة
وقد استأجرَ هذا البيتَ لقربِه من مكانِ عمله
ويسكُنه وحده

يداهُ المرتجفتان تعباً باشرتا بتقشيرِ " البطاطا"
ليحضِّرَ وجبةَ العشاءِ والمطبخُ يفترشُ أرضَه الماءُ
أخذ يمسكُ بالسكين ويمسك بكلِّ شراذم أحلامه
وآماله التائهة

أحس بحاجتهِ لشريكٍ ليكفكفَ دموعَه التي تملأ وسادته
في الليلِ القاتم
ذهبَ خيالُه لبعيد ، سافر عبر عينية
ليرى أمامه فتاةً
تقترب ، تمد يديها له ويتسربُ عطفُها عبر المسافةِ ليسقط عليه
تركَ حبَّة "البطاطا" التي كانت بيده
وبقي السكينُ معه

اقترب بسرعةٍ وبخطواتٍ تسابق بعضها ليمسك بأيدي الفتاةِ القادمة
الماءُ الذي يطفو في ساحةِ المطبخِ قد عرقله
فانزلق لأن حذائَه يستسلم للماء لدى تلاصقهِ به
تدحرجَ جسدُ "عادل" في الهواء
وتأرجح يميناً شمالاً
محاولاً التماسك
لكن لا مناصَ من السقوط
فبينما ينحني جسدُه بسرعة البرقِ وظهره يودُّ معانقة الأرض بحرارة
حاول أن يجعل يديهِ تتلقى جسده
بإنزالها خلفَ ظهره
ولأن يديه التوتا وانحتا من شدة الانزلاق
وفيهما السكين

صوتُه ملأَ المكان :آآآآآآآآه
دونَ مجيب
ذلك السكينُ الأحمقُ اخترق جسَده ودمُه هاج كالفيضان
تمدَّد على الأرض وبدأت دموعُه بالهطولِ والدمُ أكثر غزارةً
عندها ذهبت الفتاةُ الوهمية واختفت عن ناظره
ولم يبقَ إلا الجرحُ الدامي
تلك الفتاة التي أراد أن يمنحها حبَّه العميق
و إخلاصه
كانت سراباً

عيناهُ المتألمتان تستورد النظرةَ الأخيرة
لمعنى الحبِّ والعشق
فأدرك " عادل " أن الحبَّ خيالٌ والصدقَ محال
والواقعُ طعنةٌ من الخلفِ أفقدته الحياة ……


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى