الجمعة ٦ آب (أغسطس) ٢٠٠٤
بقلم سليمان نزال

طوى الغيابَ تحتَ إبطيه

شاهدت ُ سنوات السنديان
أبصرتُ أيامَ الجمر
تطوفُ بين كفيه
و عوسج الجهات و الصخر..
على صهوةِ غيمتين من جليلٍ و تذكار
كان أبي ينقلُ صلصالَ الأماني
و يغرسُ بذورَ التلاقي في الصدر
و يرسلُ مهرَ التوقعاتِ الحنطية
في مدى الزيتونِ
و يتشبثُ بجذورِ الصبر...

كان " أحمد" يحوكُ من زفراتِ البيادر
عباءاتٍ لإسماء الصقور
و يرى ندى المواويل
على أطرافِ كوفيته يدور..
فيقرأ الفاتحةَ للشهداء
و يزيلُ بالدعاءِ عن جبينهِ
خريفَ الوعودِ و القهر..

رأيت دروباً يركضُ فيها الماضي و حصانه
أبصرتُ أمواجَ يديه العسلية
تفيضُ حناناً و أسئلةً فدائية ..
و كان صوتُ الشروقِ القديم يأتي
يصالحُ المواقيت البهية..
و يرجعُ مرفوعَ القامةِ إلى زمانه..
على مهل كان يأتي..
يلقي على تفاصيل جرحه تحية..
يتوضأ من غيث الفجر..

إبتسمتْ آهاتُ أبي
لبرتقالةٍ ما زالت في الوريد
تحرسُ الذكريات و النشيد
صارتْ في بريدِ القلب ترسلُ صيحتها
و مع النجوم تُسَجِّلُ الردود
فأدنو من أبي..
ألثمُ طيفاً في عينيه
مرَّ مثل لمحِ البصر..
أدنو من لفتةٍ تكسرُ القيود..
أرى ما تبقى في خاطره
من فصول اللوزِ و الشجر..
يدنو مني..
يسلمني مفتاح َ العهود
فيراني محتشداً بأشواقي
مزنراً بالتنهداتِ و الفِكَر

أبصره في سنواتِ السنديانِ
أقرأُ في زندِ حكمته الصورْ
أرى " لوبية و عنزةَ و طوباسَ"
أرى القدسَ بعينيها مطرْ..
أراه يطوي الغيابَ تحت إبطيه
مثل المنديل و الثمرْ
حتى خلتُ أنني هناك
أراه بَعد قرنفلتين ينتصرْ
على بُعد وثبةٍ ينتصرْ
فأعرفُ أنني في الشتاتِ
طويلاً لن أنتظر..
طويلاً لن أنتظرْ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى