الأربعاء ١٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم وديع العبيدي

في نفسِها اختزلت غيرَها!

بي
رغبةٌ في البكاء
على صدرِها
واشتهاءُ الكرومِ
ولوعتُها.
ألا كلّما عسعسَ الليلُ
أذكرُها
أذكرُ دمعاً لأمي
ولمستَها
وبسمتَها
إذ تجيشُ الصدورُ
وجهشتُها
تودّعني
..
لمن أنتَ يا قلبُ
تترُكها
يا من قضيتَ سنيناً
تجمّعها
تنظّمها
تدثّرُها
بالمحبّةِ..
وتغسلها
كأني أراكَ بلا موعدٍ
تضيّعُها
خلفَ بابِ المخيّم
ملتفة بالعباءةِ
وفي يدِها
صرّة من تصاويرك
والكليجات
وأدمعِها
وفي يدِها
" قلبُ أبني على حجرٍ"
على وطنٍ
على قفرةٍ في الزمانِ
وليسَ لها
مروءةُ بابِ النظام
ولا
ردّة الوعي
لآمر فوج المشاة
ولكنني ابنُها
قبلَ أن أنتمي للشعارات
وشيبتُها
هي عندي البلاد
ومنْ صدرِها
يرتوي ظمأي
..
جمعتني كماء الينابيع
ممدودة يدها
في الليالي الطويلة
نحو السّموات
أسمعُها
كلّما أشعلتْ شمعةً
يرجعُ الدمعُ يطفئها
تعودُ وتشعلها
فيفلتُ من عينها الدمعُ
ويطفئها
كلُّ هذي السنين
وما زال منهمراً دمعُها
كل هذي البلاد البحار المسافات
وفي أذني
صوتُها
تظللُ ليلَ سريري
بِطلّتِها
وتمسحُ وحشةَ عمري
بوحشتِها
تغازلني وأغازلها
تعاتبني وأعاتبها
تداعبني وأداعبها
تطاردني وأطاردها
وتحملُني فوق كفين من ضوئها
وأحملُها
في فؤادٍ تكسّر من لوعة النأي
فتطفو الغضونُ بصورتِها
أفتّش في الذاكرة
لَعلّي أصادفُ
ضحكتَها
بهجتها
أقول لها
تعالي
نصالحُ وجه الزمان
فأفقدُها
..
ضيّعتني المسافات
ضيّعتني الشعارات
ضيّعتني التفاهات
فمنْ يستطيعُ اختزالَ
الحروب الحصار الوطاويط
ونرجعُ للبيتِ
نحضُرُ شايَ العصاري
وتغفو عيوني على صوتِها
فبي رغبةٌ
للبكاءِِ على صدرِها
وبي شهقةٌ
أن أقبّلَ راحتها
وبي كلُّ شوقِ السنين
لأحضنَها
وبي كلُّ ما للغريب
من الحزنِ والموتِ والاختناق
فهيهاتَ لي
وهيتَ لها
..
يا بساتينَ أرضِ ديالى
ودجلتِها
ويا شقشقاتِ الفراتِ
وبصرتِها
وتحنانَ لنزٍ
ودانوبِها
وأحضانَ لندن
وتيمزها
كأني أرى ما يرى
نائمٌ ذاب في صوتها
فأرخى عنانَ الخيال
وأسرى لها
ليس لامرأةٍ أن تطاولَها
أو تقاربَ دفءَ أصابعِها
واحتراقَ الشفاهِ بقبلتِها
واستفاقتها
في الليالي..
تتفقدني..
ترفعُ من فوق صدري الكتابَ
تعدّلُ وضعَ الغطاءِ
وأبصرُها
من خلالِ النعاسِ
ولذتها
فأسكرُ من حنوِها
أحضنُها بين عينيَّ
وأطبقُ جفني على رسمها
كأني..
كأني بها
أقول لها
تعالي..
فقد طالَ ما بيننا
والفراتُ الفسيحُ
الفراتُ الكسيحُ
سيغسلُنا من خطايا الزّمان
لا بدّ..
يغسلُنا
ونلوذ به كالعصافير
حين تفقد أعشاشها
..
تركتني صغيراً
لأشتاقها
فعشتُ سنيني
أفتش عنها
وعن مثلها
كلما شفتُ امرأة..
أتخيلُها
أو هفَتْ مهجتي مرّة..
همْتُ بها..
أقارن بسمتها ببسمتها
وأربط لمستها بلمستها
وأمعن بين نظرتها ونظرتها..
كلما..
لمست حناناً من امرأة..
تمنيت البكاء على حجرِها
واشتهيتُ أصابعها
تمسّد شعري
ومن فمها
دندناتكِ.. في تهجّدها
أغفو على صوتها
وأسافرُ..
كم أسافرُ.. حتام..
هذا أنا..
كلُ عامين لي بلدةٌ
وما زلتُ
في قلق واشتها..
..
أيّما امرأةٍ
تقبل أن تكون
صورة امرأةٍ
أو بديلاً لها
أيّما امرأةٍ
ترتضي أن تكون
إطاراً لصورةِ أخرى
وتمسحَها
وتمسخَها
أيّما امرأةٍ
ليتها خبّرتني
توافقها في التناسخ
ليتها.. حرّرتني
ولم تلقِ في عنقي
إصرَها.
يا رياح اتبعيني..
لنسألها
يا مياه احمليني
إلى وجهها
فأنا.. لا أرى
في النساءِ.. سواها
ولا أشعر فيهنَّ
مما لها..
لكلِّ واحدة منهنَّ
صار اسمُها
ولكلِّ منهنَّ
لكنتُها
أناديهنَّ: أمي
وأردفُها
حبيبة روحي
وأقصدُها
وأحكي لها عن صباي
وعن حجرها
والمساءات..
وأدمعِها
وأشتاقها..
غيرَ انّها
لا تجيبُ
فقد شعرت أنّها
غيرُها!
..
لكلِّ امرأة رغبةٌ
أن تكون
أكثر من نفسِها
تتوزّع بين النساء
ولا تتركُ ابنَها
لكل امرأةٍ رغبةٌ
في الحلولِ
والتناسخ
أن توزّعَ أعضاءَها
وخصائصَها
ولهفتها
وتلاحق حتى النهايةِ
أحلامَها
وتجعل من ابنِها
ملكَ أيمانِها.
كلما شفتُ امرأةً
أعلنتْ شرطَها
وأنا في الليالي
أقلّب تذكارَها
وأدعو بها..
تراودني في الحلمِ
و حين أكونُ بها
فينكسر في الروح
لمعُ البَها
وتنغزني امرأتي
ما جرى!!
لا أقول لها.
..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى