الثلاثاء ١ آذار (مارس) ٢٠٠٥
مخرج فيلم " زوجتى والكلب "
بقلم علي عبد اللطيف, ليلى محمود البدوي

محمود البدوى والفنان سعيد مرزوق

أثناء عمل البدوى فى مصلحة الموانى والمنائر فى مدينة السويس عام 1934 ، شاهد رجلا كهلا يجلس على حافة القناة فى بور توفيق وبجانبه كلبه .. وهو فى جلسته هذه لايغير مكانه .. ولا نظرته إلى السفن العابرة ..
وحدثت حادثة فى منارة من منائر المصلحة ، إذ تعارك ملاحظان فى تلك المنارة حتى سالت منهما الدماء ، وسافرت الباخرة " عايدة " ( ضربت فى الحرب العالمية الثانية ) لإحضارهما .

وسمع البدوى بالحادثة .. فأخذ ذهنه يعمل بسرعة .. وتذكر صورة الرجل العجوز الذى يشاهده كل صباح وهو ذاهب وراجع من العمل .. وتكونت قصة " رجل على الطريق " ونشرها فى مجموعتة القصصية التى تحمل عنوان " العربة الأخيرة " فى شهر يونيو 1948 .

وقد تناول البدوى فى هذه القصة رجال الفنار المنقطعين عن زوجاتهم وما ينتابهم من ملل وضيق فى شخصياته ، شخصية الزوج الذى ترك زوجته الحسناء منفردة ، وشخصية هذه الزوجة التى تعانى من بعد زوجها عنها والزميل الذى يحمل رسالة إلى زوجة زميله فى المدينة وما ترتب عليه من قيام صراع وشك قاتلين فى نفس الزوج .

وركز البدوى فى قصتة على وجود كلب مع الرجل الذى خان زميله ثم قتله وعاش فى عذاب من الندم وتبكيت الضمير ، وبعد خروجه من السجن قطع ما بينه وبين الناس ولم يعد يطيق إلا حيوانا أليفا وفيا لكى يعيش معه .

وفى بداية عام1971 رن جرس التليفون فى بيت البدوى وأخبره المتحدث بأن قصة فيلم " زوجتى والكلب " المعروض فى السينما هى قصة " رجل على الطريق " .

وأثير الاتهام على صفحات الجرائد والمجلات المصرية وفى ساحات القضاء :

ففى صحيفة الأخبار الصادرة فى 10|12|1971 تحت عنوان "المخرج يرد على الاتهام .. ويدافع عن نفسه .. لم أسرق قصة زوجتى والكلب .. واسألوا " عطيل " !

ويقول الخبر :

" سعيد مرزوق مخرج فيلم " زوجتى والكلب " يرد على الاتهام الذى وجهه إليه محمود البدوى بأنه أخذ قصة " رجل على الطريق " المنشورة منذ سنوات وأخرجها للسينما باسم " زوجتى والكلب " بعد أن وضع عليها اسمه باعتباره المؤلف .

إن المخرج يرد عن نفسه الاتهام ويقول :

أنا لم آخذ فكرة الفيلم من البدوى ، وإنما من عطيل بطل مسرحية شكسبير الشهيرة ، فالفيلم كله يدور حول شكوك زوج فى زوجته ، تتحول إلى جحيم يحطم حياته ، لأنه أولا يعيش بحكم عمله فى فنار بعيدا عن زوجته الصبية الفاتنة ، وثانيا لأن له ماض من المغامرات مع نساء متزوجات .. وها هو الماضى يصبح عبئا ثقيلا على حاضره ، يطارده ، ويجعله يشك فى زوجته ويتوهم أنها تخونه مع شاب مراهق يعمل مساعدا له ، وكان قد أرسله برسالة إلى زوجته .

ويواصل المخرج دفاعه عن نفسه .. ويقول " بدأت فكرة الفيلم فى ذهنى على أساس أن يكون بطلها رجلا يعمل فى الصحراء بعيدا عن زوجته ، ويتعذب بالشك ، وعندما عرضت الفكرة على المصور السينمائى عبد العزيز فهمى ، اقترح علىّ أن أغير مكان عمل البطل إلى فنار منعزل على شاطىء البحر ، وفعلا ذهبت معه إلى فنار شدوان على شاطىء البحر الأحمر وكان ذلك منذ حوالى عامين ، وهناك أردت أن أعيش الفكرة بنفسى وأن أطابقها بالواقع من خلال الحياة اليومية لهؤلاء الناس الذين يعملون فى الفنار ، وحتى هذه اللحظة كانت فكرتى أن يكون البطل شخصا واحدا تعذب بالشك ، لأن شخصية عطيل كانت فى ذهنى ، ولكن عندما سافرت إلى شدوان ، استرعى انتباهى شاب عزب يستغرق فى أحلامه ، وبعدها قررت أن أجعل للفيلم شخصين رئيسيين : الرجل المتزوج وغريمه الشاب الأعزب .

وأيضا وجدت رجلا يعمل فى هذا الفنار ومعه رسالة ينتظر أن يبعث بها إلى زوجته مع أحد زملائه عندما يسافر عائدا إلى القاهرة .
كان هذا بالنسبة لى شيئا مثيرا ، فقد كنت أعيش الواقع بتفاصيله كلها ولم أكن أحتاج إلى أكثر من ذلك ، فذهبت إلى الغردقة وأمضيت فيها 4 أيام إنتهيت خلالها من كتابة سيناريو فيلم " زوجتى والكلب " وأحب أن أؤكد أننى لم أتقاض مليما واحدا من مؤسسة السينما باعتبارى مؤلفا لقصة الفيلم ، فأنا لم أكتب قصة ولا أدعى لنفسى أننى كاتب قصة ، بل إن الفكرة التى دارت فى رأسى تحولت على الورق مباشرة إلى سيناريو وحوار .

لماذا يوجه إلىّ الاتهام إذن ، إننى لاألوم الأديب محمود البدوى لأنه وجه لى هذا الاتهام ، فلو كنت مكانه لشعرت بالضيق لأن بعض ملامح قصته قد تلتقى مع بعض ملامح الفيلم ، ولكن ضيقه سوف ينتهى لو قرأ دفاعى وسوف يرى معى أن فكرة الفيلم شىء وقصته شىء آخر ".

وتداولت القضية فى ساحات القضاء .

وفى 29|7|1975 ورد خبر فى صحيفة الجمهورية المصرية يقول " القصاص محمود البدوى حكم ابتدائيا لصالحه فى القضية التى أقامها ضد مؤسسة السينما والمخرج سعيد مرزوق الذى زعم لنفسه قصة " زوجتى والكلب " ثبت للمحكمة من تقرير الخبير ومن مشاهدة الفيلم ، أن الرواية المعروضة مأخوذة نصا وروحا بكامل أحداثها من قصة " رجل على الطريق " التى نشرها محمود البدوى فى مجموعته القصصية التى تحمل اسم " العربة الأخيرة " حكم للبدوى بتعويض 1000 جنيه " .

ويقول محمود البدوى فى الحوار المنشور بمجلة الكواكب بعددها 1791 الصادر فى 26 نوفمبر 1985 " كنت أتمنى أن يكون هذا الحكم على مؤسسة السينما .. لكن الحكم جاء على الأستاذ " سعيد مرزوق " وحده .. شعرت بالقرف ولم أنفذ الحكم .. والدعوى كانت برقم 70987 لسنة 1972 كلى شمال دائرة 2 محكمة شمال القاهرة الابتدائية والحكم صدر بالجلسة المدنية فى المحكمة فى يوم الاثنين الموافق 17|2|1975 .. وأنا قرفت بمجرد عدم الحكم على المؤسسة وهى المسئولة الأولى مائة فى المائة .. لأنها هى التى صرفت عليها وطلعتها .. فكان الأجدر بها فى ذلك الوقت أن تعيد إلىّ كافة حقوقى المادية والأدبية بمنطق الأخلاق والنزاهة ".

المراجع :

• محمود البدوى والقصة القصيرة .. للكاتب على عبد اللطيف .. مكتبة مصر 2001

• ص . الأخبار الصادرة فى 10|12|1971

• ص . الجمهورية الصادرة 29|7|1975

• م. الثقافة .. العدد 49 اكتوبر 1977

• م . الكواكب العدد 1791 فى 26 نوفمبر 1985

• قصة " رجل على الطريق " منشورة فى كتاب العربة الأخيرة .. طباعة مكتبة مصر سنة 1948 وأعيد نشرها فى سلسلة الكتاب الذهبى عام 1961


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى