الجمعة ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٤
تعز: المرأة مظلومة ليس في اليمن وحدها فالهيمنة الذكورية مطلقة في المنطقة وخارجها

منظمات نسائية غير حكومية تتحرك في الوقت الضائع

دعاء القادري ـ تعز ـ اليمن

مثل كل دول المنطقة العربية التي ظلت محافظة في عاداتها وتقاليدها وأنماط الحياة والمعيشة فيها، تتحرك الدولة ومعها المجتمع في اليمن نحو تغيير في آفاق العمل والوظيفة والعلاقة بين مكونات المجتمع. والمرأة اليمنية هي أكبر وأوضح الجديد في هذه المعادلة. والحقيقة أن الحركة النسائية اليمنية شهدت تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة في مسيرتها فى الحياة العامة للمجتمع اليمني. هذا التطور ورغبة الدولة في مسايرة العالم في التغيير ولو بالمقاسات اليمنية، سمح بقيام العديد من المنظمات النسائية التي بات لها الآن دور مؤثر فى الساحة اليمينة من جهة وبدأت أعدادها بالتزايد في حين يتواصل سعي بعض النساء القياديات نحو تأسيس عدد آخر من المنظمات والمؤسسات والملتقيات سواء فى المدن الرئيسية او المدن الصغيرة. هذه الانطلاقة النسوية للمرأة اليمنية تهدف في الحقيقة الى دعم حق مشاركة المرأة فى الحياة العامة ورفع بناء قدرات مؤسسات المجتمع المدني ومؤازرة جهود نشطاء حقوق المرأة في اطار مشروع وطني يهدف الى بناء صيغة مجتمع يمني مدني ديمقراطي يحترم حقوق المرأة ويصون الحريات العامة. وسعاد القدسي الناشطة الحقوقية التي تترأس ملتقى المرأة للدراسات والتدريب، هي أول من أسس منظمة غير حكومية فى مدينة تعز.
وأخذت القدسي على عاتقها مهمة الدفاع عن حقوق وتحرير المراة اليمنية على كافة المستويات المحلية والاقليمية والدولية. وقد اخذت على عاتقها ايضا مهمة الدعوة الى عولمة حقوق المرأة في كل مكان في ظل منظومة عالمية إنسانية، تؤمن بأن النصف الآخر الإنساني يتساوى في الحقوق وعليه لا يجوز المساس بها أو التنازل عنها. وهي ترى وعن قناعة أن حقوق المرأة لا تستند الى شيء أكثر من أنها إنسان وإنسان فقط:
 هذا كلام خطير في مجتمعاتنا المحافظة، لكن في البداية بودي ان اسأل عن الذي اسس الملتقى واين ومتى وعن الدافع الذي حرك هذا التوجه ولماذا الآن فقط، اين كنتم طوال الفترة السابقة؟
 قضية الدفاع عن حقوق ودور المرأة اليمنية، مسألة ليست جديدة وهي ليست بدعة بل حق أصيل. أما فكرة إنشاء ملتقى المرأة للدراسات والتدريب فبالامكان اعتبارها بمثابة إحدى ثمار المداولات مع العديد من الشخصيات الرائدة في حركتي حقوق الإنسان والمرأة.
 ماذا تريدون بالضبط؟ ما هي اهم اهدافكم؟
 هي أولا منظمة مستقلةً تعنى بقضايا المرأة وحقوقها، كما تهدف إلى زيادة تنسيق الجهود الرامية إلى النهوض بوضع النساء وضمان حقوقهن في اليمن. وكان الملتقى قد باشر نشاطه في عام 2000 باعتباره منظمةً غير حكومية وغير ربحية، بموجب الترخيص رقم (51) التابع لوزارة الثقافة لعام 2000. ومنظمتنا تطمح إلى ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان بشكل عام، لا سيّما تلك المتعلقة بالمرأة.
 هل انتم منظمة سياسية؟
 الملتقى لا ينخرط في الأنشطة السياسية باستثناء الجوانب وثيقة الصلة بمهمته، بما في ذلك نشر الوعي السياسي ومناصرة الحقوق السياسية للمرأة. ولا يعني ذلك أن الملتقى يعيش بمعزلٍ عن الحياة السياسية. فنحن نعتزّ بشراكاتنا مع مختلف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، التي تقوم على مبادئ النزاهة، والشفافية، والمسؤولية المشتركة. كما أن الملتقى يزاول نشاطه وفقاً لإجراءات وخطط وآليات محددة سلفاً، فهو يعمل على إجراء البحوث، وعقد المؤتمرات والندوات وورش العمل التدريبية، ونشر المعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان، وكذا تقديم الخدمات الاستشارية والتدريبية. ويساهم الملتقى أيضاً بشكل كبير في إنتاج المواد الإعلامية التوعوية، وتطوير المناهج التدريبية ونشر العديد من الإصدارات الدورية وغير الدورية الأخرى.
 كل هذه الأهداف مهنية بحتة وقضية حقوق الانسان ضمن اشاراتك لأهداف الملتقى مجرد شعار؟
 ابدا بل هي من صميم عملنا. فالملتقى لا يألو جهداً لوضع قواعد اكيدة وقوية وواقعية لثقافة ترتكز على مبادئ الحرية، والعدالة، والمساواة، وتُحترم فيها كافة أجناس البشر باختلاف انتماءاتهم الدينية، أو الأيديولوجية، أو الإقليمية، أو العرقية، أو الطائفية. ومن منطلق هذا الالتزام، فإن الملتقى يبذل قصارى جهده لترجمة تلك المبادئ الحيوية إلى سلسلة متنوعّة من البرامج المدمجة التي تهدف إلى زيادة الوعي، ورصد انتهاكات حقوق الإنسان، وتشكيل قوى ضغط على السلطات الحكومية لضمان حماية الحقوق والحريات، وكذا تقديم الإرشاد والدعم القانونيين.

الذكورة

 كيف تقيمين عمل المنظمات غير الحكومية النسائية في المجتمع؟
 هناك أنواع متعددة وتصنيفات مختلفة لتلك المنظمات وعند تقييمنا لها يجب أن ننظر لأهدافها وأنشطتها وليس من الموضوعية بمكان الحديث والحكم المطلق على المنظمات النسائية بشكل عام.. ومن هذا المنطلق يمكننا أن نقسم المنظمات النسائية خاصة إلى تلك التي أنشئت من قبل الحكومة والإشراف المباشر عليها مثل اتحاد نساء اليمن واللجنة الوطنية للمرأة والعديد من الجمعيات التي تنتمي إلى الأحزاب وهي كذلك أنشأتها الأحزاب بدافع حزبي وليس من أجل قضايا النساء..
وهناك جمعيات ومنظمات أنشأها رجال رصدوا حركة سوق التمويل وبالتالي أوجدوا منظمات ومراكز وبرامج لها علاقة بالنساء لكي يحصلوا على التمويل وهؤلاء الرجال من أكثر الجهات اضطهادا وتهميشا وعداء لقضايا النساء . وكثيرا ما تقحم المرأة في هيئة إدارة هذه المنظمات إقحاما لأن السوق تنادي بضرورة مشاركة المرأة... وهذه نتيجة طبيعية لثقافات سائدة (الذكر أو الذكورة ) لأننا لا يمكن أن ننسى أن هؤلاء المؤسسين للمنظمات الأهلية هم أبناء هذا المجتمع والذين لم يتخلصوا من تلك الثقافات والازدواجية.
وهناك منظمات وعددها قليل لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحد أنشئت من قبل نساء لهن خبرات طويلة في مجال العمل بقضايا النساء، لهن علاقة بالحركات النسائية درسن الاحتياجات الخاصة بالنساء وصممن برامجهن على أساس تلك الاحتياجات ويعملن مع فئات المجتمع كلها من أجل قضايا وحقوق النساء وملتقى المرأة للدراسات والتدريب ينتمي إلى هذه المنظمات.

مكررة

 هذا الكلام طيب لكنه إنشائي أكثر منه واقعي وحقيقي، فهناك العديد من المنظمات والجمعيات والمؤسسات التي تعنى بشؤون المرأة ولا جديد على ارض الواقع فماذا يمكن ان يضيف ملتقاكم الى ما سبق؟
 نعم. بشكل عام قد يبدو ان معظمها قد تأسست بسبب رغبة حكومية لتأكيد نمو المجتمع المدني أو طمعا في الحصول على التمويل، لأن معظم مشاريع وبرامج تلك الجمعيات تتميز بالطابع الموسمي فهي ليست برامج تنبع عن احتياجات حقيقية لها أهداف استراتيجية وأنشطة متواصلة وإنما تكون مكررة مستوردة بحسب احتياج أسواق الممول، وكثيرا ما تساهم في تحقيق أهداف وسياسية الآخرين محليا أو في الخارج دون أن ترتبط بجذور احتياجات النساء.. ولم أسمع حتى الآن أن تلك المنظمات قامت بتحديد احتياجات فعلية قبل أن تخطط لأنشطتها وتسأل المستفيد الأول من الأنشطة وهن النساء: ماذا يردن؟... وكيف يقترحن الحلول لمشاكلهن ؟ وبعضها الآخر تعمل في مجال محو الأمية والتدريب على مهارات بسيطة ذات طابع نمطي، وهي كثيرا ما تدور في خطط قديمة لا يمكنها الابتكار تفتقر إلى كوادر نسائية لها خبرات في مجال التخطيط والتنمية والنوع الاجتماعي.
 لكن، لماذا كل هذا الصراع والتنافس بين منظمات المجتمع المدني؟
 العلاقات الحالية بين هذه المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان بشكل محدد (لأن الملتقى منها) علاقات تنافسية مريضة سببها الرئيسي عدم وضوح الأهداف. نعم هناك استغلال وإهدار للمصادر البشرية. وهناك الفساد الإداري والمالي، ووجود أجندة خفية لبعض المؤسسين والجري وراء الدعايات الإعلامية بدلا من أن تكون الوسائل الإعلامية أداة، أصبحت للكثيرين غاية. بل إن تلك المنظمات منقسمة فيما بينها تسودها الانشقاقات وتعمل غالبا ضد بعضها في الخفاء والعلن ولديها آليات ضعيفة في تبادل المعلومات والخبرات والمهارات ولا يوجد لديها استراتيجية موحدة في أي موضوع حقوقي ولا يمكنها أن تحدث أي تغيير نوعي في المجتمع رغم الجعجعة والأصوات التي تطلقها بين وقت وآخر ما لم تتدارك تلك المنظمات بشكل واقعي مشكلاتها وخلافاتها الداخلية أو الذاتية والأنا المسيطرة عليها. وربما لهذا الإدراك الجيد من قبل الملتقى للوضع الراهن نتلقى بعض الهجوم ومحاولة إبعادنا عن الساحة من قبل البعض ولكنهم فاشلون بالتأكيد.

مستنسخة

 هناك تقارير تصف تلك المؤسسات بأنها نسخة واحدة، أليس ذلك صحيحا؟
 بكل أسف هذه هي الحقيقة. أتعرفين لماذا؟ لأن برامجها مستوردة لا تنبع عن الاحتياج المحلي وإنما تأتي لتحقيق أجندة الآخر سواء كان هذا الآخر ممولا أجنبيا او ممولا محليا أو محركا خفيا لمصالح معينة كالحكومة.. ولكن بالطبع هناك وهم القلة من يحاولون أن يتلمسوا الطريق الصحيح لخدمة مجتمعهم .
 بصراحة، هل هناك خطوط حمراء أمامكم او خلفكم وهل هي من فعل الرجل الذي لا يريد ربما دورا حقيقيا للمرأة لانها قد تنافسه في المراكز والمهام والأدوار ام انها من صنع الدولة أم ان المجتمع يريد ذلك؟
 عفوا، لم أفهم السؤال.. ماذا تعنين الخطوط الحمراء؟
 السؤال واضح، هناك احاديث وشكوك عن التمويل الخارجي للمنظمات النسائية اليمنية، وهناك رفض او امتعاض رجالي وربما اجتماعي من دور مؤسساتي نشيط وفاعل للمرأة في المجتمع اليمني، فمن المسؤول عن ذلك؟
- هناك الكثير من الصحة في مثل هذا الكلام والسبب في ذلك يرجع في اعتقادي الى أن تلك المنظمات لا تعمل بمبدأ الشفافية والوضوح فيما يخص مصادر دخلها وميزانيتها السنوية ومصروفاتها مقارنة بأنشطتها. كما أن تلك المنظمات لا تخضع إلى رقابة وتقييم من خارجها ولا تنشر تقاريرها السنوية. كثير من المنظمات تعمل في أنشطة لها وقع أو اتصال بأهداف الممول أو سوق العمل الإقليمية أو الدولية دون أن تتصل باحتياجات الفئة ونرى كثيرا أن الفئة المستهدفة مغيبة بالكامل ولهذا السبب تلك المنظمات وعلى المستوى البعيد لن تحقق شيئا ولن تحدث تغييراً إلا للترويج لرؤساء المنظمات والممولين لتلك الأنشطة والبرامج.. إذن عندما تعمل أي منظمة بعيدا عن الفئة المستهدفة، بعيدا عن الاحتياجات الحقيقية، عندما تعمل تلك المنظمات تقليدا لما هو مروج له في أسواق المنظمات العالمية، عندما تعمل تلك المنظمات دون استراتيجية واضحة لها وللآخرين، بل نراها تغير أهدافها وأنشطتها في العام الواحد بحسب احتياجات سوق الممول... هنا يجب أن نتوقع كل تلك التهم والشكوك.

احتكار

 ولكن إذا أطلقنا التهم جزافا وعلى كل المنظمات دون تحديد هل نكون غير عادلين في ذلك؟ ما هي الصعوبات التي تواجه المرأة في كسر احتكار الرجل للعمل السياسي؟
 نحن ندرك أيضا أن تعزيز مساهمة المرأة في المجال السياسي يندرج بطبيعة الحال ضمن مسؤوليات الدولة والحكومة والبرلمان، كما نقر أيضاً بأن هذه المسؤولية الجسيمة تقع على عاتق الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، والهيئات المهنية، وجمعيات المجتمع المدني، وكافة قوى الديمقراطية والحداثة المؤمنة بضرورة الارتقاء بأدوار ووظائف المرأة، وتوسيع مجالات مساهمة النساء في الحياة السياسية، بمفهومها العام والشامل ومن خلال آليات جديدة تمكننا من النهوض الفعلي بأوضاع النساء والدفع بالكفاءات النسوية العديدة في اتجاه تبوؤ المكانة اللائقة بهن على كافة مستويات صنع القرار.

نضال

 هل المرأة العربية مظلومة حقيقة ودورها وحقوقها مصادرة وهل يتطلب ذلك تحركا غير تقليدي للمرأة في اليمن مثلا؟
 نعم المرأة العربية مظلومة بشكل واضح وصارخ وهذا الامر ليس في اليمن وحدها فالهيمنة الذكورية تطغى على طابع الحياة في المنطقة وخارجها. ثم ان قضايا النساء هي قضايا نضالية بطبيعتها، حيث أن تحقيق أهدافها يرتبط بإحداث تغير جذري فى بنية المجتمع، فان العمل من اجلها يستلزم أن يكون جماعيا ومنظما عن طريق الاتصال وتبادل الخبرات واقامة الشبكات مع منظمات أخرى في جميع أنحاء البلاد.
ومن ناحية أخرى يعتبر صنع القرار آلية يرتبط وجودها ارتباطا عضويا بكل الوحدات الإجتماعية بدءاً من الأسرة وهي الخلية الأولى في المجتمع، إلى كل المؤسسات الاجتماعية الأخرى وصولاً إلى الدولة ممثلة في مؤسسات الحكم. ولا تختلف مفردات هذه الآلية من مؤسسة إلى أخرى اجتماعية كانت أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية، فردية أو جماعية . . إذن إن استمرار تقسيم العمل على أساس الجنس يحرم النساء من الحصول على الحقوق المساوية للرجل ويؤدي إلي سهولة استبعادهن من المشاركة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومن عمليات صنع القرار. ولذلك فإن معظم السياسات العامة هي سياسات غير واعية أو معنية بالنوع الاجتماعيGender Blind.
 لكن ما هي المصاعب التي تواجه المرأة اليمنية؟
 هي كثيرة وكبيرة ولا حدود لها. فهي تواجه مصاعب جمة في مجال اتخاذ القرارات على كل المستويات وصولاً إلى السياسات العامة للدولة، عادة من قبل الرجال، وبشكل أكثر دقة الرجال من النخبة المسيطرة. ولذلك فإن صنع القرارات والسياسات يعكس رؤية أبوية لمصالح النخبة الذكورية المسيطرة. كما يؤدي التمييز ضد المرأة في المجتمع إلى مضاعفة الآثار السلبية للسياسات العامة على النساء حيث يؤثر هذا التميز على قدرتهن على الحصول على الفرص والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مما يؤدي إلى فقر القدرات.
 كيف تسيرون أنشطتكم في الملتقى في ظل وجود جماعات متشددة وأفكار معادية لأهدافكم؟
 نحن نؤمن بالحوار المستمر والعمل المشترك حتى مع الذين نختلف معهم في الرؤيا والأهداف.. وهذه الطريقة بدأت تعطي ثمارها حيث استطعنا أن نعمل مع أحزاب سياسية دينية ورجال مساجد من خلال نقاط وأهداف مشتركة ومتفق عليها بيننا وهي العدالة والمساواة والأمن والحقوق.
 المرأة تتعرض للهجوم ومحاولة النيل منها وعودتها إلى البيت..
 نحن في الملتقى ندرك إدراكا تاما أن الفجوات الثقافيّة والاجتماعيّة الناتجة عن الفقر والحروب والعنف، وتدمير المجتمعات اقتصاديّاً والضغوطات السّياسيّة، تساعد على إيجاد مساحاتٍ تكون بمثابة موطىء قدمٍ للتعصّب الدينيّ والعرقيّ والجنسي، وكلّما ازدادت هذه الفجوات اتساعاً كلّما تغيَّرت القوى الإجتماعيّة نحو الأسوأ ضد النساء، وهذا ما لمسه العالمُ كنتيجةٍ للتغيرات الاقتصاديّة والسياسيّة السريعة والخاطفة للأنفاس في شرق أوروبا، وآسيا والدول الإسلامية والعربية حيث يزداد التعصب بمختلف أشكاله. علينا ألا ننسى أنَّ قوَّة المرأة في نضالها ضد أشكال وأوجه وأُطر التمييز والتهميش المتعدِّدة، لا تكمن إلا بالتزامها بالحياةِ لا بالموت، وبمستقبلها ومستقبل أطفالِها وعائلتها ومجتمعها. إنَّ قوة المرأة النضاليّة لا تتعزَّز إلاّ من خلال تضامنها مع مثيلاتها والآخرين من أجل بناء مجتمعٍ يُستبدل فيه الضعف بالقوة، ويصبح التهميش فيه مشاركةً، والتردد جرأةً.
 مؤخرا، برز نشاط الجماعات الأصولية في أوساط المتعلمات بهدف إيجاد حاجز بينها وبين الرجل.. ما خطورة ذلك؟
 أي جماعة تنشأ بهدف تمزيق المجتمع وتكريس الفوارق الطبقية والجنسية هي جماعة يجب محاربتها والعمل ضدها ليس فقط على مستوى المجتمع المدني بل على مستوى الحكومات لأنها على المستوى البعيد ستشكل بؤرة للفرقة والفساد والعداء والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.
 ومن جانب آخر دعوة بعض المثقفات والمتعلمات إلى الدعوة للسفور والتحرر الذكوري.. ما رأيكم؟
 يستنكر الملتقى أن تحرم النساء وخاصة الفتيات حيويتهن وحماسهن في التمتع بحياة فاعلة ومنتجة في ريعان شبابهن في اليمن، وذلك جراء بعض المفاهيم الخاطئة والمغلوطة والمضللة التي تتستّر خلف ذريعة التمسّك بتعاليم الإسلام. وفي حقيقة الأمر، إن تلك المفاهيم تعزّز الثقافة القائمة على سيطرة جنس الرجال، وتنذر بديمومة مظاهر الاضطهاد والتهميش للنساء، وتجبرهن على إخفاء آلامهنّ وهمومهنّ عن الأنظار. وتؤدي تلك الهيمنة لدى الرجال في كثير من الأحيان إلى فقدان بعض النسوة لثقتهن بأنفسهن، وبالتالي انسحابهن التام من الحياة العامة. والأغرب من ذلك أن المجتمعات كثيراً ما تحرم النساء من الحصول على فرص عمل، وتعتبرهن في الوقت ذاته عبئاً على المجتمع. وفي ظل مواقف الهيمنة الذكورية السائدة في المجتمع اليمني وغيره من المجتمعات، تجد بعض النسوة أنفسهن أمام منعطف خطير:
إما أن يبدين كامل انصياعهن وخضوعهنّ لإرادة نظرائهن من جنس الرجال، أو أن يتمردنّ على الثقافة كليةً، وكلا الاتجاهين لا يخدم مصلحة المرأة على المدى البعيد.
ومن الغريب أن الكثير من الانتهاكات لحقوق النساء تختبئ وراء تفسيرات مغلوطة لمفهوم التقوى، وتتجاوز الحدود الطبيعية للتعاليم الإسلامية. فكثيراً ما تترابط تلك العادات والتقاليد السلبية بشكل وثيق مع الأنماط الاجتماعية والإجراءات التشريعية، ويعزز كلٍ منهما الآخر. ولذا، فإننا نجد تبريرات حتى لأسوأ أشكال المهانة التي ترتكب ضد النساء تحت ذريعة العادات والتقاليد. وما أن نعي تلك الحقيقة، لا مناص من أن يساورنا القلق من استمرار تحمّل المرأة شقاءً وبؤساً مضاعفاً، ما دمنا نتسامح مع مثل تلك المواقف والإجراءات المنتهكة.
 تعرضتم سابقا إلى تهديدات وتلفيق الأكاذيب وحملات صحفية شرسة... كيف واجهتم ذلك؟
 فقط يكفي أن أقول أن الكلاب تنبح والقافلة تسير.
 كيف تنظرون الآن إلى وضع المرأة اليمنية بالنسبة إلى المرأة في الجزيرة والخليج..؟
 في الحقيقة الدستور وكثير من القوانين في الجمهورية اليمنية أعطى المرأة حقوقا متساوية مع الرجل ومن أهم تلك القوانين :قانون الانتخابات العامة، وقانون التنظيمات والأحزاب السياسية، وقانون المجالس المحلية، وقانون الجمعيات.. الخ وفي تلك القوانين لا يوجد أي تمييز على الرغم من أنها تستخدم تارة ألفاظا شمولية كالمواطن أو الشعب وتارة تستخدم ألفاظا تخص المرأة والرجل معا.. وفي إطار تلك الحقوق شاركت المرأة حتى الآن بشكل أو بآخر في بناء المجتمع إلا أن الناحية الإجتماعية والفقر هما عنصران أساسيان في تنامي الجهل والأمية واللتين تسببان مظاهر النبذ للمرأة بشكل عام. وهنا أرى أن النساء في الوطن العربي دائما ما يعيق تقدمهن هو الفقر والجهل تارة، وتارة أخرى انعدام الديموقراطية والقوانين التمييزية.. وبالتالي الناتج واحد.. المرأة العربية لا تجد حقوقها ولا تمارسها بالشكل المطلوب في كل مكان.. الناتج واحد والمسميات والأسباب مختلفة..

دعاء القادري ـ تعز ـ اليمن

عن المشاهد السياسي


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى