السبت ٢٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧
بقلم إبراهيم النمر

أماكن مهملة من ذاكرة الألم

دقات الراديو المنتظمة تشير إلى تمام الساعة بالضبط دقات الساعة المنتظمة تذكرني بتمام الإحباط بالضبط ، اسحب سيجارة من علبتي الملقاة وسط الأوراق فوق المكتب ، أشعل السيجارة وأسرع نحو الشرفة يلاحقني الدخان نحو فضاء الشرفة ، يخرج مني الدخان أراقبه فيمضي بعيدا عني بلا اكتراث ، هي بلاهة مني – بلا شك - أن أضيع الوقت في متابعة ذاك الدخان .. ذاك الدخان لا يكترث بي – بالطبع - ولا يكترث أيضا بتلك العجوز التي تمر عبر الشارع كل يوم بظهرها المنحني وجلبابها الأسود ذي الغبرة.

المرأة العجوز- تمارس سياسة النصب على جوعها - تربط على بطنها بقطعة من القماش المهتريء ، كل يوم تمر المرأة العجوز عبر نفس الشارع وعبر الشوارع الأخرى و المدن الأخرى لا تكترث بالعابرين .. والعابرون لا يحفلون بها بتاتا .. وأحيانا يجفل منها بعض العابرون .

موجات الراديو تحمل إليّ صوت ذاك المسئول يبرر – مثل كل المرات السابقة والمرات اللاحقة - موجة الغلاء بارتفاع الأسعار العالمية ، الرجل المسئول يزين رطنه بحديث عن معدلات نمو مرتفعة تارة .. ومعدلات تضخم منخفضة تارة أخرى ، أعود لغرفتي وأغلق الراديو فيقيني يحدثني – مقسما بالنشيد الوطني - أن الرجل المسئول لا يتقن من عمله سوى عقد رابطة عنقه ، وأن الرجل المسئول يتعاطى قبل كل تصريح حبتين من الفياجرا - على معدة ليست بخاوية - ليضاجع بنات أفكارنا جيدا، أخرج للشرفة ثانية و أنفض أذني جيدا فيسقط كلام الرجل المسئول عبر الشارع.

عبر الشارع تسير المرأة العجوز تحمل في جنبها كيسا أسود ذي غبار تماما مثل أيامها، العجوز في سيرها تقترب من كل كيس قمامة أسود تقبض عليه من مؤخرته وترفع يديها في الهواء فتندلق من الكيس القمامة ، تقلب المرأة العجوز بيديها القمامة حتى تعثر على كسرة خبز فتدسها في كيسها الأسود ذي الغبار غير مكترثة بالمارة ولا بالقمامة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى