الثلاثاء ١٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم راندا رأفت

رجال الدين يسيطرون على المشهد الثقافي في مصر

أكثر ما يلفت النظر في المشهد الثقافي المصري هو قضية حبس الصحفيين وتطوراتها، منذ أن ثارت إشاعة مرض الرئيس وحتى تصريح سوزان مبارك في حوارها لقناة العربية بوجوب محاسبة مروجي الشائعات، وخاصة أن إشاعة كهذه أثرت على النشاط الإقتصادي والسياحي في مصر- هذا على حد زعمهم- تبع هذا التصريح القبض على ابراهيم عيسى وعادل حمودة وعبد الحليم قنديل ووائل الإبراشي، ويبدو أن فكرة القبض على الصحفيين والحكم عليهم بالحبس كان ينتظر إشارة البدء لتنفتح موجة لحبس الصحفيين وإن تعددت الأسباب، فتم الحكم على الهواري رئيس تحرير جريدة الوفد وبعض من صحفيي الوفد، بالإضافة إلى محمد سيد سعيد رئيس تحرير جريدة البديل، رغم عدم مرور عام على صدورها. وغيرهم من الصحفيين.

وصل هذا المشهد أو هذه المهزلة الثقافية إلى أن تطوع طنطاوي شيخ الأزهر بإصدار فتوى تحث على رجم الصحفيين باعتبارهم يرمون المحصنات ( هذا على اعتبار أن رئيس الجمهورية من المحصنات!!!) كما أفتى فضيلته أن مقاطعة تلك الصحف واجب قومي وأن شرائها حرام !!!، في حين أنه لم يبد أي رد فعل حين طالب الشعب بمقاطعة البضائع الاسرائيلية، هذا الموقف أثار نقابة الصحفيين، وأعلن مصطفى بكري أنه سيتقدم بطلب لرئيس الجمهورية يطالبة بإقالة طنطاوي من منصبه.. ولو جرى استفتاء على المستوى الديني والثقافي في مصر لأكدوا على ضرورة إقالة طنطاوي، فهو كشيخ للأزهر يلقى إعتراضا من كافة الأوساط على فتواه أو بالأصح تصريحاته الرسمية.

من منطلق نفس الإشكالية بين رجال الدين والمثقفين كانت قد أثارت في يوليو الماضي موضوع الشيخ يوسف البدري الذي قام برفع دعوى ضد الشاعر عبد المعطي حجازي في قضية سب وقذف أقامها البدري في عام 2003م وصدر الحكم على حجازي بدفع تعويض 20 ألف جنيه، ولم تكن هي القضية الأولى من نوعها الشيخ البدري مستندا إلى قانون الحسبة، فقد قام في العام 1994 برفع قضية ضد الدكتور نصر حامد أبو زيد أستاذ التاريخ واتهامه بالكفر بسبب بعض كتاباته، انتهت القضية بالتفريق بين د. نصر وزوجته.

وقد قام البدري هذا العام برفع عدد من القضايا بتهمة السب والقذف ضد صحفيين في أخبار الأدب والأهرام يطالب بتعويض مليون جنيه ضد كل منهم، وقام على أثرها مجموعة من المثقفين المصريين، في مقدمتهم الدكتور جابر عصفور وجمال الغيطاني ومحمد البساطي، ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، يطالبون فيه بالتحقيق مع الشيخ يوسف البدري، بتهمة اساءة استخدام حق التقاضي (الحسبة).

ناهيك عن التصادم الذي حدث بين علماء الدين والمثقفين عندما قاموا برفع دعاوي تطالب بمصادرة كتبهم، وهذا يعتبره المثقفون تعسف من رجال الدين ووقوفا في وجه حرية التعبير، من أهم الأمثلة على تدخل رجال الدين هو مصادرة رواية أولا حارتنا للكاتب الكبير نجيب محفوظ التي كتبها 1959 وقد استمر هذا الرفض حتى وفاة محفوظ في 2006، ثم صدرت عن دار الشروق.

وقامت شرطة المصنفات الفنية بمداهمة مكتبة مدبولي ومصادرت كتاب " الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الديني" للدكتور محمد فتوح (أستاذ النقد الأدبي) بتعليمات من مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، ومنعت رواياتات من النشر مثل وليمة لأعشاب البحر للكاتب السوري حيدر حيدر، وغيرها من الكتب.

وفي دراسة أعدها حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن مجلس الدولة أعطى للأزهر صلاحيات مراقبة الأعمال الفنية والمصنفات السمعية والبصرية مما أدى لمصادرة الأزهر إلى ما يقرب من 81 كتابا منذ تسعينات القرن الماضي.

وكان سبب المنع في كل مرة إما المغالطات الفكرية أو التكفيرية وكأن الكتب لها تأثير في مجتمعنا وكأن الشعب يقرأ بجدية وبنهم وسيتأثر بكل كلمة تقال من كاتب كبير أو صغير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى