السبت ٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧
بقلم أحمد عباس الشربيني

الرائية المطروحية

نُوحي عَلَيَّ رِياحَ الصيفِ وانتظري
في بَلدتي وَقِفي كي تسْمعي خبري
إنّي هَوَيْتُ سَرَابا في مُخيّلتي
حتى اقتَرَبْتُ فما ألفيْت مِنْ أثرِ
طارتْ بِقلبيَ أوهامٌ مُضَلِّلةٌ
حتى إذا ارْتَفعَتْ ألْقتْهُ في الحُفرِ
ما حيلتي وَأنا المقتولُ مُهْجتُهُ
يا قلبُ فابْكِ لها يا عينُ فانْهَمِري
ما كُنْتُ أعْلمُ قبْلا للهوي طُرُقا
مَنْ رامَ مِشْيتها لم يَخْل مِن عَثرِ
حَتى خَرَجْتُ إلى مَطْروح في سَفرٍ
كيما أزيلَ هُمومَ القلبِ والفِكَرِ
وَظَنَنْتُ أنِيَ فيها مُلتقي دِعَتي
مَنْ ذا يَرومُ جلاءَ الهَمِّ في السَفرِ
لمّا رأيتُ مياهَ البَحْر هائجةً
هاجتْ بقلبيَ أحزاني على الأثرِ
فاسألْ عجيبةَ عَنْ أمري إذا فَطِنَتْ
حزني على جَنَبَاتِ الرملِ والصَخَرِ
وَسَلْ الأُبَيِّضَ عن ليلٍ مَشيتُ به
هل لاحَ لي في غَياباتِ الدُجَى قمَري
ما هوَّن الأمرُ عَنّي في الظِلامِ سِوى
ضوءُ الصِّحاب أتي مِنْ لذّةِ السَمَرِ
فدع التَّحَزّن عن هذا فذا ترَفٌ
واحْزنْ إذا لم تجِدْ في العيشِ مِنْ وَطرِ
إنّ الحَياة وإنْ زادت مَبَاهِجُها
يوما سَتنْزِلُكُمْ في سَاحةِ القفرِ
وتسُوقُ كُلَّ وَليدٍ غرَّهُ أملٌ
تحتَ الترابِ فلمْ تتركْ ولم تذرِ
فخُضْ الحياة بلا خوفٍ ولا جزعٍ
فطالبُ الشّهدِ لا يخْشى مِنْ الإبَرِ
وامْلِكْ شمائلَ أهْل الجُودِ قاطبة
واسْألْ بهن ثيابَ السُنْدسِ الخُضُرِ
وانْئى بنفسك عن سُوءِ الصّحابِ ولا
تثقْ بِكُل ذميمٍ كاذبٍ أَشِرِ
واعْقلْ أمورَك في الدُنيا بلا عَجَلٍ
للعقلِ في رَأيه ما ليسَ للنظرِ
ومِنْ أوائلك اخْزنْ زاد منفعةٍ
كيما يزيدك في أيامك الأخَرِ
إنّي عَلِمْتُ حَيَاة المَرءِ زائلةً
فليسَ يَخْلُدُ في نَفْعٍ ولا ضَرَرِ
فأنِرْ حياتك بالخيراتِ تنفعها
وبغيرِ أفعالِ الخيراتِ لا تُنِرِ
فالعمرُ تاجٌ وفعلُ الخيرِ دُرّتهُ
فاملأ نواصيّ ذاك التاجِ بالدُرِرِ
واظفرْ بميراثِ الأبْرارِ إنّ بِهِ
فوزا وحوزتُهُ منْ أفضلِ الظفرِ
وابحثْ لنفسك عن دارٍ لتسكنها
يومَ القيامة في الجنّاتِ والنَهَرِ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى