الأربعاء ١٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
بقلم سامر مسعود

تواصل

قررت الاتصال بوالدي الذي لم اهاتفه منذ عيد الفطر... حملت جهازي النقال
وانتظرت قليلا، تصارعني اللهفة لسماع صدى وطني البعيد....

جاء الصوت كالمعتاد محملا بذكريات تسع وعشرين سنة ملؤها الحب والحنان والعطاء: "الوقت يمر متثاقلا، ولكن على الرغم من محاولاتهم لتوقيفه، يأبى الا المضي نحو غاية مقدرة قدّرهاعلام الغيوب....."

هل مازالت أفيال ابي رغال تدفع بزيتوننا نحو الهاوية؟؟ سألته لعلي اتناسى حضور الاجابة الدامية...

لم يتبق لنا سوى التلهي بذاكرة متعبة... ما أقسى ان يتحول الوطن الى ذاكرة...

وطن ذاكرة...!! حسنا هذا شيء جميل اذ نتذوق حرية التنقل بين ممراته الممتدة ...

حتى هذه لم تعد متوفرة فايدز الوطنية المسفوحة نخر بعضا من أسوارها، وغير كثيرا من عناوينها!! ستفاجأ إذا قلت لك اننا احيانا، ونحن نتمشى على أرصفة ذاكرتنا، نشعر بغربة لم نعهدها الا في شروخ الوطن الحسي.... ذاك المرض اللعين افقدنا العنوان الصحيح....

أخذت أسترجع وطنا فر مني قبل ما يزيد على سنتين، متسائلا: هل الفراق بهذا الحجم الزمني، يرتقي الى مرتبة الخيانة بحيث يتعذر تشخيص هذا المرض العضال الذي نخر بذاكرة ظلت مستعصية لقرون خلت ؟؟!!

يأتي صوت مبحوح من خلف البحار البعيدة... هل مازلت على الخط ؟؟

رحماك والدي... لقد نكأت جرح الحقيقة بهذا السؤال...أشهدك بانني حاضر ابدا، ولكنها الذاكرة المزيفة التي تحاول الولوج لتصير لنا بوابة النصر المبين!!!

أخبرني عن بيت طموحك، أزهار احلامك التي ما فتئت تبوح بها اغنية بين جدران البيت لسنوات طويلة؟؟
أقرؤك جيدا، وافهم خناجر أسئلتك الحادة...أحاول ان التقط انفاس كلمات هاربة لاصوغ منها درقة أحتمي بها:
لقد تحولت الاحلام الى دائرة حلزونية، لا تكف عن الدوران حول محورها...
لا تنسى ان الذاكرة بوصلة صادقة...التذكر سلاح من لا سلاح له... وغاب شعاع صوته من كهف غربتي المعتمة...
لم أدرك ان خيول أحلامي ستتحول في الارض البعيدة حجارة من ضياع... أخذت الملم بقايا ذاكرتي لعلي أؤثث وطنا كما خبرته قبل سنتين في أرض من لا وطن له...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى