الأحد ٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
بقلم فاروق مواسي

عن قرية الفلسطينيين لمحمد وتد

(زغاريد المقاثي) رواية تتلمس الهاجس الفلسطيني، تضع فيها الإصبع على الجرح تارة وعلى الزناد تارة أخرى. تروي القصة بشكل مفعم بالحيوية، زاخر بالألم، قصة أبي العبد الذي قتلته الدورية ومات مرفوع الهامة. أم العبد في أحلامها، العبد في غربته –في أوروبا- حيث يتعرف على الفكر الثوري، ويساق إلى التعرف على (خلية فدائية).

عائلة ثانية: عيوش التي ترى في (العبد) الغائب فارس أحلامها، وسامح أخوها الذي ينتهي به الجزء الأول من الرواية ويكون معتقلاً.

عائلة ثالثة: عائلة الشيخ عبد الصبور –الإمام الذي يشارك بالعمل الثوري، وابنته صبرية أمضت ثمانية عشر يومًا في الاعتقال، وصابر رسول يخدم الفدائيين المختبئين في الكهف.

عائلة رابعة: أبو أحمد العميل الذي سقط ابنه مضرجًا بدمه، أم احمد جنّت وكانت تقضم عيدان الكبريت، فإذا بها في التالي تفجر (اللوري) وتموت شهيدة.

المختار المنافق، المجموعة الفدائية، ماريسا (صديقة العبد الأوروبية)، سمعان والرجل (الطويل النحيل)، كل هذه نماذج تطالعنا بها الراوية .

ليست الراوية هيكلاً واحدًا ، وإنما هي صور (بانوراما) شاملة لقرية صغيرة هي خربة (الزبداوي) في لواء جنين. نتعرف فيها على تفاصيل الشخصيات التي تنبض بالحياة، يقدمها المؤلف غنية متوهجة بسيطة، ويعبر من ورائها عما هو جوهري مدرك وممكن في الواقع الاجتماعي.

يفجؤك الكاتب بأم العبد وهي تتذكر زوجها أبا العبد في مونولوج داخلي مثير عبر حلم استغرقت فيه:

"كانت جميلة، كانت وكانت مهيوبة... كانت! وكان أبو العبد واختفى حاشاه أن يكون هرب فمثله من...".

إذن من البداية نتعرف على أن أبا العبد قد قتل بتهمة كاذبة، فلا بد إذن من أن يعود الراوي ليخبرنا كيف قتل أبو العبد.

يعمق الكاتب إحساسنا ويؤثر في نفوسنا وهو يصف إباء الرجل أمام الجنود الثلاثة. يرسم الملامح كيف نادوه ، وكيف ضربوه ، وكيف قاوم ، وكيف مات وهو لا يستسلم.

يشدك الوصف الدرامي وأنت تتابع بشوق معذب، حتى إذا كانت الجنازة ألفيت الكاتب يستخرج من مخزون تراثي غني (تعديد) النساء وحركات أم العبد، والوصف يصبح نابضًا مليئًا بالموحيات، وبين شدة الجذب والتوتر لحركة الحياة يرتعش القارئ أمام الجريمة وينفعل.

والكاتب يطّعم الرواية بمعرفة دقيقة لأجواء القرية، هو يعرف أن طائر (الحمرية) له منطقة نفوذ يستميت في الدفاع عنها من غزو الغريب. ولذا أحبه أبو العبد، وساعده في واجبه إذ (خوزق) الباشق، في قصة طريفة (ص 36).

حتى ألعاب (طاق طاقية) و (اشكاب) وغيرهما كانت ضمن (الفلاش باك) أو الاسترجاع في صورة العبد (ص 96، 97).

وإذا كان محمد نفاع خبيرًا في مفردات القرية وبيئتها - كما تمثل لنا ذلك في قصصه القصيرة، فإن محمد وتد يفصّل تعابير لا يكاد يعرفها أبناء اليوم: أقراص السمبوسك ، ألفية، ربعية، يتحمض بمشمشها عندما يمشمش، يروق وغيرها (ص 8، 31، 74، 79).

حتى الفتاة التي اكتشفت أن صديقتها تحب العبد تعلق بعفوية:

"مش قليلة هالمقصوفة الرقبة" (ص 31)

ومثل هذه التشبيهات الشعبية كانت تجسد الجو القروي لأنها منتزعة منه:

"بس رفسته المهرة الشموس بعينيها" (ص 24)

" وضرب أبا العبد على حصة نفوس ضربة قوية" (ص 47).

نغاميش الصبح"، " إطباقة الرمس" (ص 73، 76).

وتتطور هذه التشبيهات تبعًا لمستوى الشخصية، فسمعان يصف العبد بالقرد:

"طالع طازه من نظرية داروين" (ص 23).

ويرتقي التشبيه مع حالة الوجد:

"عادت الفراشة إلى جسد سمعان" (ص 26).

والمثل الشعبي هو حكاية مجتمع، خلاصة تجربة، قصة يتواردها السلف عن الخلف. هذا المثل يضفي مسحة شعبية يسوقه المؤلف من روحه مكتسبًا عمقًا وبساطة وألفة:

"دولة ظلمت ما ظلت"(ص 19)، و "ومصيبة في المال ولا في العيال" (ص 91)، تساق الأمثال في كل قالب وفي كل موضوع، حتى المثل "كف ما بيلاطم مخرز" (ص 104) يجد له من يتفوه به كالمختار.

والكاتب في سرده ينسى نفسه، فيتخلى عن الفصحى ، وإذا به يتحدث بلغة من يتحدث عنه –عامية مباشرة- ولنقرأ:

"غدًا يعود العبد ومعه شهادته. في الموسم الماضي أحضر لها… جابت عيوش بنت جارتهم" (ص 9).

والنموذج في هاتين الجملتين أوضح:

"… لكنه متأكد من أنه سمع وقع أقدام –مشية مرة-" (ص 81).

"ما هكذا يجب أن يكون عيد ميلادها الثمنطاش"(ص 54).

وما دمنا نتحدث عن اللغة فإن الكاتب حرص غالبًا على أن يلائم الموقف بما يلائمه من اللفظ، فهذا الشيخ عبد الصبور يدافع عن نفسه ولا يجد أجمل من قوله (آتوني ببرهانكم) لإحراجهم (ص 91).

وترتفع لغة الكيلاني المثقف إلى الفصحى "يجب إعلان الاستقلال فورًا" (ص 154)، ولكن العامية تندرج عادة في اللاوعي أو ما أصطلح عليه (تيار الوعي)، فصوت أم العبد الداخلي يعبر عنه الروائي بتعاطف وتفهم وتساوق (ص 7). ويكون الصوت مضاعفًا صوتها هي وصوت الراوي من ورائها "منين العزايم" (ص 8) ، وماذا حدث لعيوش؟ ظهر (الصرصور) –سيارة الجيش في لغة القرويين - مليئًا بالأباليس . "هفت قلبها قال- هيل" (ص 15)، وحتى لو سخرت من نفسها فإن المونولوج الداخلي المعبر هو العامية "خرفتني وحياة أبو العبد….. اخص" (ص8).

إن الراوي يتماثل بل يلتصق مع الحدث، فلا تكاد تعرف من الذي يحدثنا هنا الشيخ أم الراوي أم المؤلف؟

"كانت الدنيا مظلمة زي الكلحل.. حط إصبعك عند عينك فلا تراه" ، بل تارة نرى الراوي من وراء الحدث صوته أقوى:

"ونزلا على أبي العبد ببسطاريهما... ويا حدادي طيح الوادي".

وتوظف الفكاهة بلونها الساخر توظيفًا ناجحًا، فخلدون (وهو شخصية حقيقية ماركسية من نابلس) يصلي ذات مرة، وعندما يسألونه عن سر صلاته يقول: " إن عمل الاحتلال الإجرامي يكفّر".

ومع أن هذه القصة قد رويت حقيقة ، فالكاتب يوظفها ويقدمها حية ومرحة (ص 115).

وعندما ينظف المختار والإمام الطريق يسأل الجندي المختار عن الإمام، وكيف يترجم كلمة (الإمام) فلا يعرف، فيقول له " خوري " (ص 134).

لاحظنا كيف أن الكاتب استعمل الألفاظ والأمثال والتشبيهات الشعبية، وكيف أن الراوي الذي كان لسان حاله كان يؤدي التعابير مستمدة من الواقع القروي.

* * *

قدم الكاتب نماذج كثيرة في هذه الرواية ما يدل على براعته في الوصف الدقيق المعبر، وبعضه كان مستمدًا من الجو الأوروبي. ولعل ذلك بسبب رحلاته المتكررة لها (ص 28، 142).

ويظهر الكاتب براعة خاصة وهو يصف العبد (ص 26)، وتتبدى معرفته لدقائق القرية وأجوائها (ص 29، 93)، ولعاداتها وطيورها ونباتاتها، طعامها وأحزانها (انظر مثلاً ص 65) وأفراحها (مثلاً ص 129).

والقدرة على الوصف التفصيلي- أو ما اصطلح عليه (النفس الطويل) بارز في وصفه لمعاناة الشعب الفلسطيني ، وذلك عندما جُمع الأهالي لإهانتهم وتهديدهم (ص 87).

وهو يعرف كيف تزوّر السلطات المعلومات والحقائق (ص 62)، ويعرف كيف يصف بدرامية عملية فدائية نجحت في حرق سيارة عسكرية (ص 78).

ولكن الصورة (الأيروسية) تبقى من أقوى الصور طاقة وزخمًا وسأسوق نموذجًا:

"تفقد ماريسا الوعي عندما تمارس الحب مع العبد. لقد عاشرت دزينة رجال.. ومن كل الألوان والأجناس.. لم تعاشر فحلاً كالعبد.. يدخل فيها كالشلال، يغسلها ويحملها من قمة إلى قمة.. تجري الشلالات في المنحدرات، ولكن هذا الشلال يتسلق المرتفعات.. إلى القمم. يكاد يحطم عظامها وهو يطوق كتفيها بذراعيه القويتين.. يدخلها إلى جنات الأمومة والأنوثة.. يعطي ويأخذ.. كم هي سعيدة بأخذه وعطائه وكم ستكون شقية في اليوم الذي ستفقده فيه" (ص 37- 38- لقطات أخرى ص 20، 33).

والنفس الطويل الذي أشرت إليه نلمحه في التعريف تدريجيًا بشخصية أبي العبد. نتعرف عليه أولاً عندما تتذكره زوجته ، وتتذكر قولته عن فحل البقر وكيف يموت "مثل هذه الموتة لا يموتها إلا ذكر" (ص 9). ونتعرف عليه ثانية كيف عمل في البيارات يومًا واحدًا، وعندما فتشوه ترك زوادته بأيديهم وقال " نجسوها" (ص 11)، ولكنه ما يلبث في موقف آخر يبكي "ما عاد لي عيشة هون".

إنه دقيق في رسم ملامح كل شخصية وتمييز أبعادها ورصد همومها وتداعياتها من دون تعسف، تتصرف الشخصية عنده بما يتلاءم وطبيعتها الوجدانية أو النفسية أو الطبقية.

وقد يضاف إلى هذا وثوق الكاتب (الراوي) من التعامل مع الواقع من غير خشية أن يخل العمل الروائي فنيًا، فهو يستخدم أسماء السلفيتي (الذي سيغني للدولة الفلسطينية) وخلدون وبداية والكيلاني وعبد الهادي.. أسماء معروفة وحقيقية. حتى الفكاهة التي رويناها على لسان خلدون وذكر (الختيار) –المقصود أبو عمار- وهل يتمتع بخصوصية النسخة المكررة من طارق بن زياد وصلاح الدين الأيوبي. بل يحدثنا الراوي عن قصة واقعية حدثت في قفين في الثلاثينيات من هذا القرن (ص 90).

كل هذه تشكل (مونتاجًا) حيًا في بنية الرواية.

* * *

والتراوح الزمني والمكاني يتداخل في الرواية بأساليب مختلفة: تيار الوعي وما فيه من (مونولوج) داخلي و (فلاش باك) –الاسترجاع أو الاسترداد كما يحلو للبعض ترجمته.

فالعبد يتخيل رحلته مع سمعان، والفتاة الخنفوسة تشهر مسدسًا (ص 38)، وهذه اللقطة تخيلية مما يمكن أن يقع مستقبلاً. وعند مصرع أبي العبد نجد تداخل الماضي إذ ينقلنا الراوي إلى دمه المتصبب ومرة إلى ذكرياته، وكيف نطح حصانًا ورماه على الأرض، وكيف كان من المستحيل اختراق خط دفاعه عن جورة الكرة (ص 49).

وعن طريق استيحاء الماضي تعرفنا على تنافس الإمام والمختار على الفتاة التي تزوجها عبد الصبور، وكيف كان العرس (ص 129).

ولعل ما يثير الإعجاب في هذا الباب أن المؤلف يقطع شريط الأحداث، ويحدثنا كيف كانت أم العبد سجينة الزنزانة:

"سحبوني من الحبس زي ما تسحب كيس القصل من القطع ورموني في الساحة البرانية، تكومت مثل الكيس قدام الطابون" (ص 20)، وكيف قادت هي الجماهير وهي تصيح (الله أكبر)، ثم ما يلبث الكاتب بعد وصولها إلى بيت خلدون أن ينقلنا مبتدئًا :

"حكى خلدون النابلسي في سهرة الشلة بمنتزه عبد الناصر في وادي التفاح ما شاهده من فلاحة..." (ص 114).

وهذا القطع رأيناه عند ماريسا وهي في الطائرة ، فتارة تنقلنا الكاميرا إلى واقعها في الطائرة، وتارة أخرى إلى الماضي إلى زيارتها السابقة في الكيبوتس (ص 137).

وقد يتجلى هذا القطع في العودة إلى التاريخ، كما رأينا ذلك عند العبد، فينقلنا إلى واقع آخر:

" سمع (العبد) بأذنيه ورأى بعيني خياله جنود الملك الأسباني ألفونسو يسوقون أحفاد ولادة مصفدين بالأغلال إلى قائدهم. تحول الراقصون في خياله إلى جنود يتمنطقون بالسيوف ويحملون التروس وهم يلبسون التنانير القصيرة ويمتطون الخيول العربية.. خيول بني هلال..." (ص 142).

ولو حذف الكاتب قوله (بعيني خياله) و (في خياله) لبقيت الصورة حيادية ، وهي أروع وأدق.

ومراوحة الزمن لا تقتصر على الماضي فقد تستجمع صور المستقبل المرتقب ، ولعل في القطعة الأدبية (القصيدة مجازًا) التي انتهت بها الرواية، مثل هذا المزيج بين الحاضر والماضي والمستقبل.

* * *

إن طروحات الرواية التي يمكن أن نستشفها كثيرة، وكلها تلتقي في الجوهر الفلسطيني. ولعل أهمها هو أن عبد الصبور الإمام يمثل رجل الدين الفعال لا السلبي، الملتقي مع اليسار بل المتجاوز من التنظير إلى التطبيق. إنه تحد لثورة (الصالونات) يتحدث بالرمز فيقول:

"عندما ينفلق البطيخ" (ص 155).

وثانيها - أن المختار برغم انه يحاول جاهدًا إنزال العلم ، ويتخاذل في أكثر من موقف إلا انه يكون ضحية الاضطهاد قبل سواه ( ص 86).

وحتى العميل أبو أحمد لم تشفع له (عمالته) أن ينقذ ابنه الذي تكوم على العتبة، ويداه على صدره تحبسان الدم المتدفق (ص 14) .إذًا فالتخاذل والتواطؤ لا يغيران من حقيقة الصراع، كما أن التنظير وحده هو في الحقيقة لغة العاجز.

وثالثها- أن جميع قطاعات الشعب يشارك كل بطاقته، من الإمام وحتى أم احمد التي مست في عقلها، وكانت تقضم أعواد الكبريت (ص 88). والمسيحيون الفلسطينيون جزء لا يتجزأ من الوعي الوطني، فالإمام عبد الصبور يعترف بأن (مسعد) أفضل من زميليه (عباس وطارق) ، وأقٌرب إلى التقوى (ص 110) مع أنهما مسلمان.

وثمة عِبرَ تسوقها الرواية على لسان أبطالها الذي غيّر انخراطهم في الثورة الكثير من مفاهيمهم التقليدية، فالمرأة "شرفها ليس بين فخذيها ولا في زغاليل عبها أو استدارة ردفيها.." (ص 117).

ومثل هذا يفضي بنا إلى قيم جديدة في الفهم الجمعي.

ثم أن الكاتب يتعاطف وشخصية (العبد) الممزقة التي تتأرجح بين قبول المهمة التي كلفه بها (الطويل النحيل) ، وهي نسف كنيس يهودي (ص 95).

يسوق الكاتب على لسان ماريسا حوارًا عقلانيًا يؤدي بالعبد إلى قبول موقفه (ص 121).

وحتى في تصور الكاتب يظل سمعان (المتطرف) إنسانًا يحمل قضية، يقول على لسانه: "سيأتي يوم يتبدل فيه كل هذا الذي نحن فيه.. هو لا يحقد على ليفي... وكان في الخلية من لا يعجبه هذا الكلام إلا أنه كان يقرر السكوت" (ص 42).

ولعل (الصمود) أو الثبات سمة ثابتة تطالعنا في أكثر من موقف:

أبو العبد وكيف قتل (ص 49)، فحل البقر وكيف سقط (ص 9)، القنطرة التي بقيت متحدية (معنقرة) بعد هدم الجنود دارًا ظلمًا وعدوانًا ( ص 94)، وسامح الولد كيف ثبت وتحدى السجان (ص 149).

* * *

وعنوان (زغاريد المقاثي) مركب من الزغاريد التي ستبعث بسبب النصر الذي لا بد سيكون.

مجبورة الخاطر زغردت-

زغردت عيوش:

لعيون الغايب، زغردت:

يا رب.. وتعيدو..

لعيون صابر زعردت:

يا رب هنيك..

لعيون سامح زغردت:

يا خي...!

 (.. واتمشى على الصفصاف..!)

وهذه الجمل القصيرة في النبض والإيقاع توحي بسرعة تدفق الأفعال وانسيابها فيمر الزمن أو العالم، كأنه دولاب يواصل مسيرته ولا يتوقف.

طلع نجم سهيل وبرد الحجر..

هل سعد الذباح وسقعتو معاه..

مر شهر كانون وحملت الوديان..

قلت هدايا عباس وصارت نادرة..

المطر حابس، حبس صابر..

كثرت قعدات الشيخ في ديوان المختار..

والخربة على حالها: يوم كرع الجنود ويوم فر من الجنود..

أجا شباط: شبط وخبط وريحة الصيف فيه..

راح سعد الذابح.. وأجا سعد السعود..

ازرع خمسين وعد خمسين:

بعدها، بأيار احمل منجلك: وغار!

رجعت شباب الخربة للأرض..

زرعوا قمح وشعير.. عدس وفول وثنوا المرج لزراعة المقاثي..

والمقاثي التي فيها البطيخ- ذو اللون الأخضر والبذور السود واللب الأحمر وما تحته من اللون الأبيض هذه هي ألوان العلم الفلسطيني.

(عليكم بالبطيخ، السنة سنة بطيخ)

كان يقول الشاعر ويكرر:

عليكم بالبطيخ أبو البزر الأسود. الإفرنجي ما بنفع في المرج.. (ص 161).

عقد النوار.. ما في نفل

واخضر المرج.. كلو.

كبر البطيخ.. واستوى.

طق من السوا.. نقط عسل.

قددوا البطيخ..

نشروه على الحيطان..

أكلت الخلق منو.. شبعت طيورها..

ظل المرج.. والحيطان.. بحر بطيخ..

طخوه العسكر بالرصاص لكن زاد حمارو..

نهبوا منه كثير.. كثير

من عماهم.. خش دورهم!

وجبال تنادي جبال .. تنادي جبال..

بطيخ يا بطيخ .. لون السما بلونو ..

بطيخ يا بطيخ ..

للمقاثي زغردوا ..

صبايا كبار .. صبايا صغار (ص 162)

وفي الختام لا بد من تسجيل بعض الملاحظات:

أ- لا ضرورة لتجزئة الراوية في ثلاثة كتب – كما أشار المؤلف في تقديم الكتاب ، وذلك لأن القارئ لا يقف كثيرًا أمام ألغاز ملحة وداعية للتشويق الروائي، فليست الرواية ضخمة إلى هذا الحد التي نضطر إلى تقسيمها وتحديدها.

ب- برغم أن اللغة كانت طيعة على ألسنة الشخصيات طواعية مقنعة، إلا أننا نلاحظ تردد الكاتب بالتعبير في النحو كاستعمال (أبو) وفي تقديري أن (أبو العبد) تركيب صحيح ولا ضرورة إلى تغيير إعرابي، وقد أجاز ذلك النحاة القدماء.

ج- ومن الغفلة في الطباعة أن اسم (سامح) ينقلب إلى (سامر) في صفحات متعددة (ص 52- 53، 63- 64).

وقد تغيّر الطباعة اسمًا، فيتغير فهم السياق كقوله (دخل سمعان فندقًا رخيصًا) والأصح دخل العبد (ص 71).

د- هناك ملاحظات شكلية طباعية أخرى تتعلق بالإخراج، لكنني أرى ضرورة الإشارة إليها لأن الجوهر طغى على العرض.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى