الثلاثاء ٢٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم كريم الصياد

اعْتِقَالُ مَاسِحِ الْأَحْذِيَةِ

هَذَا الْعِشَاءْ
هَذَا يُؤَذِّنُهُ الْحُسَيْنْ
لْكِنَّهُ ابْتَلَعَ النِّدَاءْ
وَمَضَى..يَئِنّْ
إِذْ إِنَّ زَائِرَهُ الْغَرِيبَ أَبَى بِدَهْشَةِ سَائِحٍ
خَلْعَ الْحِذَاءْ .!
* * *
وَأَنَا أَطُوفُ عَلَى الْمَقَاهِي وَالْأَجَانِبِ فِى الْمَسَاءْ
ِفى رَاحَتِي صُنْدُوقُ مِهْنَتِيَ الْمُسِنّْ
أَجْثُو أَمَامَهُمْ الْعَرَايَا الْأَغَنِيَاءْ
وَبِنِصْفِ عَيْنْ
أَطْلِي حِذَاءَ الْجَالِسِ الْهَادِي بِرُكْنْ
فَلَعَلَّهُ يُلْقِي بِعُمْلَتِهِ الْعَسِيرَةِ فِى يَدِي
أَوْ عَلَّنِي
أُلْقِي بِنَظْرَتِيَ الْحَسِيرَةِ تَكْتَفِي
مِنْ لَمْعَةٍ بِبَيَاضِ حُسْنِ فَتَاتِهِ
تَحْتَ الرِّدَاءْ !
* * *
لِي طِفْلَةٌ آيَاتُ حُسْنْ
هَلْ عَيْنُهَا لَوْنُ السَّمَاءْ ؟
هَلْ خَدُّهَا لَوْنُ الْحَيَاءْ ؟
هَلْ قَلْبُهَا لَوْنُ الْوَفَاءْ ؟
هَلْ رُوحُهَا شَفَّافَةٌ ..
مِنْ دُونِ لَوْنْ ؟
وَأُحِبُّهَا ..لَكِنَّنِي .. أَغْفُو بِحُزْنْ
إِذْ إِنَّهَا خَجِلَتْ كَثِيرًا حِينَمَا ..
عَلِمَتْ صَدِيقَتُهَا بَأَمْرِي مَرَّةً
رَعَشَتْ هُنَالِكَ يَوْمَهَا مِنْهَا الشَّفَهْ
يَا لَلْيَالِي الْمُؤْسِفَهْ !
مرٌّ أَنَا
مرٌّ أَنَا بِلِسَانِهَا
مِثْلَ الدَّوَاءْ .!
* * *
وَأَشَارَ لِي ذَا الْأَجْنَبِيُّ بِطَرْفِ جَفْْنْ
فَأَتَيْتُ أُسْرِعُ أَنْحَنِي
وَكَأَنَّنِي
مِنْ دُونِ وَزْنْ
لَكِنَّنِي..
فَوْرًا تَعَرَّفْتُ الْحِذَاءْ
فَنَـزَعْتُهُ .. طَوَّحْتُهُ .. نَحْوَ الْفَضَاءْ
وَنَهَضْتُ أَجْرِي هَاتِفًا :
يَا سَيِّدِي..
يَا.. يَا..حُسَيْنْ
لَا .. لَنْ تَمُوتْ
لَنْ يَقْتُلُوكَ لِمَرَّتَيْنْ !
* * *
وَهُنَا أَتَى جَمْعُ الْعَسَاكِرِ وَالشُّهُودْ
فَرَأَيْتُهُمْ .. لَكِنَّ رَأْسِي غَابَ فِي صَدْرِي ،
وِغَابَ الصَّدْرُ فِي الْأَمْعَاءِ ،
وَالْأَمْعَاءُ غَابَتْ تَحْتَ أَقْدَامِ الْجُنُودْ
وَأَنَا أَصِيحُ لِكَيْ أُجَنّْ :
هَذَا الْحِذَاءْ
لَنْ أَمْسَحَهْ
هَذَا الْحِذَاءْ
لَنْ أُصْلِحَهْ
هَذَا الْحِذَاءْ
لَنْ .. لَنْ .. وَلَنْ .!
... ... ...
 
فِي الْفَجْرِ بَعْدَ الْإِعْتِقَالْ
-فِيمَا يُقَالْ –
سَمِعَ الْعَدِيدُ مِنَ الْجُلُوسِ عَلَى الْمَقَاهِي فِِي الْمَكَانْ
بَعْدَ الْأَذَانْ
سَمِعُوا الْبُكَاءْ .!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى