الأحد ١ آب (أغسطس) ٢٠٠٤
بقلم محمد رشيد ناصر ذوق

اللغة العربية و علم الحساب اللغوي

اللغة والكتابة هي جزء من علوم الانسان التي يتعلمها في سياق حياته لكي يقوم باستعمالها في هذه الحياة وهي تماما مثل كل العلوم التي تعلمها الانسان ، كالجبر والحساب ، وتاتي دائما هذه اللغة مطابقة لنضوج مستعملها ، مثلا لا يستطيع استاذ الجبر ان يكتب لتلاميذه مسائل حسابية او جبرية قبل ان ان يعطيهم الاساس الذي تقوم عليه هذه العلوم ، ويكفي بعد ذلك ان يقوم بتعليمهم نماذج من المسائل حتى يقوموا بحل المسائل الاخرى ، ومن هذا المفهوم نستطيع ان نفهم اللغة التي يتعلمها الانسان رويدا رويدا منذ نعومة اظافره او يتعلمها كهلا بنفس الاسلوب ، ومن الاسلوب عينه نفهم الكتابة العربية غير المشكلة والتي يستعملها عدد كبير من الناس بواسطة الحافظة العقلية لمسائل مماثلة ، ويتم تشكيلها للمبتدئين الذين يتلقون الاصول والمسائل اللغوية لكي ينسجوا على منوالها .

اذا اللغة تتركز في الدماغ بواسطة ما نسميه علم الحساب اللغوي وتصبح معلومة لدى المتعلمين ، والا فما فائدة التعليم اذا كان المبتدئون والمتقدمون يستطيعون القراءة والكتابة بنفس الاسلوب . هذا ما يدعيه الدعاة الى استعمال الحروف اللاتينية واللغات الغربية الذين يزعمون ان هذه اللغات تلفظ كما تكتب لذلك فهي سهلة على كل الناس ، ولكن هل فعلا هذه هي الحقيقة .

الامثلة من اللغات الغربية تقول عكس ذلك فلا يوجد لغة في الدنيا استطاعت حل مسالة الكتابة، أكثر مما فعلت اللغة العربية ، والسبب يعود لتعدد اللهجات في اللغة الواحدة ، ومن حي الى حي ومن مدينة الى اخرى ، مثلا في الانكليزية through و threw تلفظان ثرو وتكتب كل منها بشكل مختلف وفي الفرنسية نصف الحروف التي تكتب لا تلفظ ، مع ان العربية تكتب وتلفظ كل الحروف ، و يبقى على الكاتب او القاريء استعمال علم الحساب اللغوي العربي حتى يقرا بشكل صحيح ، والفرق ان في العربية القرشية والسامية ( تشكيلا - اصواتا ) لا تكتب الا للمبتدئين ولكنها تقدر تقديرا عند المتعلمين حسب المفهوم و المعنى للجملة ، بينما الغربية ( الاوروبية ) تكتب عددا من ( الحروف - الاصوات ) التي لا تقرأ عند المتعلمين وتدرس للمبتدئين فنرى التلميذ وهو متحير من سبب وجود هذه الحروف في الكلمة رغم انها لا تلفظ ابداً . مما يجعلنا نستنتج ان في نظام كتابة اللغات الاوروبية نقص رهيب وحاد على عكس ما يدعيه الناس .

إذا أخذنا مثلا ، الموقع الجغرافي الذي نسميه مراكش ، فان كتابته بالحروف اللاتينية ينتج عنها كلمات عدة مثل Marrakish Mourrakosh Morrocosh بينما في الكتاية العربية تبقى كلمة واحدة لا تتغير .

ان الكتابة العربية هي النمط الراقي الذي استطاع ان يحل في طياته مشكلة اللهجات ومشكلة الالفاظ واللغة المنطوقة التي هي اساس التمايز بين القبائل وبين افراد القبيلة الواحدة ايضا.
في الكتابة العربية نرى ان اللغة المكتوبة هي اساس التوحد بين كل القبائل واللهجات الانسانية .

يجب ان نعترف بشكل مطلق ان اللغة ( بمفهومها الحديث في الغرب ) هي اهم اسس التمايز الاجتماعي الحاصل في العالم وهي مصدر اكثر الحروب اذا لم نقل انها الستار الذي تقف وراءه القوى المحركة لهذه الحروب, كما ان هذا التمايز يوقع العديد من الناس والعلماء على حد سواء في تعاريف وتسميات مختلفة فيكون استعمال هذه الكلمات عشوائيا وفي غير محلها او في معناها الفرعي لا الاصلي جريمة كبرى قد ينتج عنه فكر ضائع ومشتت.

يقول الاستاذ مارسلين بول في كتابه بقايا البشر المتحجرة ( منذ امد طويل شدد اصحاب عقول راجحة , سواء من المؤرخين او علماء الطبيعيات, على الغموض المؤسف الذي تخلفه مثل هذه الكلمات , سلالة - شعب - امة - لغة - حضارة - طبقة - ومع ذلك يستعمل اليوم بطريقة تعسفية كثيرون من المؤلفين المشهورين كلمة سلالة في معنى جد محرف حينما يتكلمون عن الجموع ( او التجمعات ) البشرية يجب ان نعلم جيدا ان فكرة السلالة التي تمثل دائما النموذج الجسدي وتنبيء بتقارب دموي تمثل مجموعا طبيعيا في جوهره يمكنه الا يكون له صلة مع حقيقة الشعب والقومية واللغة والاخلاق .... لذلك لا توجد سلالة بريتانية ( في فرنسا) بل شعب بريتاني ولا سلالة فرنسية بل امة فرنسية ( هذا راي الكاتب طبعا !!!) ولا سلالة ارية بل لغات ارية ولا سلالة لاتينية بل حضارة لا تينية )) - وهنا نرى كم ان فكر الاستاذ مارسلين نفسه لا يخلو من الغموض في شرح هذه الكلمات , ويشير اوجين بيتار هو ايضا الى خطر استعمال غير الواضح لكلمة سلالة فيقول :(( كم من سلالات وكم من لغات وكم من حالات في علم الاجتماع تلفها كلمة واحدة رهيبة))-ارمان كوفيليه-مدخل الى علم الاجتماع-ترجمة نبيه صقر - منشورات عويدات -صفحة 196
لذلك وكما يعترف علماء الاجتماع ان ضبط اللغة هو اهم الامور التي يعتني بها الكاتب الهادف الى افهام افكاره قبل الخوض في الكتابة او الكلام ولكي يكتمل التفاهم بين الكاتب والقاريء , فكم حريا بالانسان ان يقوم بضبط اللغة العربية العالمية المنتشرة في كل الدنيا في مفردات مشتركة , مرورا بمراحلها المتعددة بدا من نقطة الانطلاق , وعندها ندرك كم ان مفاهيم الانسانية متقاربة وموحدة , ونحن وغيرنا لا بد لنا من فهم كلمة سلالة قبل الخوض في موضوع يشملها او قبل ادراجها في كلامنا وكتاباتنا .

واعادة تعريف كلمات اساسية ومحاولة تقريبها من حقيقتها الانسانية المجردة عن المصالح الضيقة وناخذ ذلك من مصدر لغوي قديم موثوق ( التوراة الانجيل القرآن ) و من مصادر لغوية متنوعة ( الملحمات و الاساطير ) ليكون لها الحكم الاخير في تحديد معاني الكلمات ولاعادة استعمالها في المفهوم الاجتماعي وفي كل المفاهيم الاخرى . وحيث اننا نرى ان القران الكريم انزل بالعربية , والتوراة والانجيل كما يعتقد اهلهما انهما انزلا بالارامية - التي هي العربية أي الارابية بالابدال بين ( الباء والميم) فالقول والدعوة الى ( الارامية الفصحى ) او( الارابية الفصحى ) او (العربية الفصحى) هي دعوة الى لغة واحدة وهي الدعوة الى توحيدالاصول والفروع للغة عربية عالمية تجمع الناس ولا تفرقهم.
فكما ان ابراهيم كان اراميا ونطق بالارامية ( الارابية القديمة ), والمسيح كان اراميا ونطق بها ايضا . يقول القران مخاطبا محمد عليه الصلاة والسلام (( انما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ))- كما يقول مخاطبا الناس كافة (( إنا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )) وما عسى الانسان ان يتذكر أو ان يعقل سوى ان لسان محمد عليه الصلاة والسلام هو الاقرب الى لسان ابراهيم و الى لسان عيسى والى لسان ابيه ادم .

لذلك نرى بعض المسيحيين في لبنان يقومون باعتماد النصوص القرآنية الدقيقة في ترجمة الاناجيل من اليونانية الى العربية الفصحى مثل قول الانجيل عن مريم التي كان يترجم سابقا ( لم تعرف رجلا ) اصبح الان يترجم ( لم يمسسها بشر ) .

فالقران انما انزل بالعربية (( انا انزلناه قرانا عربيا )) و التوراة والانجيل انما انزلت ( بالعربية استنتاجا وقياسا على ما يقول القرآن الكريم) :

((وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا ))، و يفهم من ذلك ان القرآن انما هو مصدق للسان عربي آخر هو التوراة .
يقول الرسول الكريم محمد ( عليه الصلاة و السلام ) " أسماعيل هو أول من فتق لسانه بالعربية المتينة " مما يجعلنا ندرك أن عربية اسماعيل تأخذ صفة المتينة ، بينما عربية القرآن تأخذ صفة المبينة ، أما العربية الاولى فإننا نطلق عليها اسم العربية الادمية ( نسبة الى آدم ) .

و هنا نتوقف عند كلمة لسان التي تعني ( اللهجة التي ينطق بها الناس - وقد تختلف الالسن في اللغة الواحدة أيضا و انما المقصود بها اللفظ ) ، وقد يصل بنا الامر الى القول ( لكل انسان لسان ) إذا ادركنا ان لكل فرد من البشر طريقة و اسلوب في اللفظ و التعبير و الكتابة .

ونعود الى تعريف عدد من الكلمات: سلالة - قبيلة- شعب -امة- لغة- حضارة - طبقة وغيرها وغيرها باللغة العربية , والسلالة كما يقول بيتار(( حدث حيواني )) او ما يقصد به عمل بيولوجي يطابق تعريف القران للسلالة (( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين )) ..(( ثم جعلنا نسله من سلالة من ماء مهين )) , اما بما يتعلق بالشعب والقبيلة فان الترتيب القراني يجعل الشعب اقل نفرا من القبيلة (( انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم )) فكانت البداية من ذكر وانثى ثم من شعب ثم من قبيلة فيكون معنى شعب جزء من القبيلة او شعبة منها ويؤكد ذلك التعريف القول بالشعوبية وهو التشعب عن كل اساس يعود الى فرع خاص .

اما بما يتعلق بالامة والتي تترجم الى كلمة ( ناسيون ) وهي في الاصل كلمة عربية هي اناسيون ( جمع انسي ، واناسي ) العربية ومعناها مجموعة من الناس اجتمعوا لامر معين قد لا تشكل بالضرورة ارض او مكان جغرافي (( ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون )) والكلام يقصد به عدد من الانبياء والتابعين منهم الاموات ومنهم الاحياء . و(( من ذريتنا امة مسلمة لك )) لنبي يدعو لذريته بان يكونوا امة مسلمة و (( تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ماكسبتم )) و (( ووجد امة من الناس يسقون )) و (( كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين )) ومن هذا السياق نرى ان كلمة امة تعنى مجموعة من الناس وجدت في ظرف معين لامر معين ان كان للسقاية ام للايمان ام للاقتصاد والتجارة ام لعمل الخير والمعروف (( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف )).

لذلك فان هذا التخبط العالمي الذي يعتمد على التقسيم الجغرافي او المكاني او اللغوي والاثني والعرقي او اللوني لبني البشر والذي يطلق عليه كل منهم معنى امة او سلالة هو كلام بالمطلق لا يعني بالضرورة حتمية التعصب له او الدعوة له لمجرد القول به او بها امة جغرافية لشعب معين دون غيره من الشعوب .

يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( ليست العربية باحد منكم من اب او ام انما هي اللسان ) ، فالعربية ليست سلالة انما هي لغة ، اذا من تكلم بالعربية فهو عربي ومن تكلم بغير ذلك فهو الى غير ذلك يعود لان افكاره ولغته تنطبع بطابع اللغة مهما كان حدود سكنه او اعتقاده فلا تفريق بين الناس في الاسلام الا لامرين ( الكفر و الايمان ) و هذان لا تحدهما الجغرافيا و لا تضمهما بقعة من الارض .
وناتي الى امر اللغة او اللسان، لقد قسم القرآن الكريم اللغة الى عربية و أعجمية فقط و ليس هناك غيرها بشكل مطلق , فالنطق هو الذي يستطيع الانسان ان يتوحد فيه بان يكون هناك لغة مشتركة بين البشر , فلا يمكن لكل البشرية ان تسكن في مدينة واحدة او بلد واحد , فالامة المكانية هي تقسيم اداري او عصبي للناس على اساس حدود سكنهم . والامة الفكرية او الدينية هي التقسيم للناس على اساس اعتقادهم و مذاهبهم , والامة الاقتصادية هي احدى اسس التنافس وبالتالى التقسيم . والامة للسقاية والشرب فيها الشارب والمنتظر او المحروم من الشرب , وتبقى اللغة التي تستطيع ان تجمع كل الناس في وقت واحد فيستطيعون التحدث بها و التكلم بها والوصول الى التماثل اللساني في كل العصور والازمنة وهذا ما قصد به رسول الله المساواة بين البشر لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى , لان اللغة هي الحالة التي يتكون منها فكر الانسان وفعله في مركز دماغه قبل ان يترجم الى عمل .

ففي القران الكريم ورد ذكر اللسان (( لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم )) - (( وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم )) -(( لسان الذين يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين )) - (( هو افصح مني لسانا فارسله معي ردءا يصدقني ))

من هنا نرى ان اللسان اما عربي او أعجمي لذلك كان كلام الرسول بالتحديد حول هذه النقطة ( لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى) - فمن تكلم بالعربية بشكل صحيح فهو عربي ومن لم يستطع ذلك وهو يحاول فانه اعجمي من المتقين اما ان كان يصر على العجمة فانه يصر على الابقاء على نفسه من غير بيان لان اللسان العربي القرآني وحده له صفة البيان والفصاحة ، وهو اللسان الذي اراده الله تعالى أن يكون المنير للعقل الانساني ( إنا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) .

نعلم اليوم ان العلماء قسموا اللغات الى سامية ( وهي القريبة الشبه بالعربية ) والهندية الاوروبية ( وهي البعيدة الشبه عن اللغات السامية حسب زعمهم وان كانت تشبهها ايضا) . والحقيقة ان الموضوع يتعلق بالعجمة والعروبة , فكل ما سماه العلماء سامي وهو قريب من العربية فهو اقرب الى الفصاحة وكل ما اطلقوا عليه اسم الهندي- الاوروبي - فهو ابعد قليلا عن الفصاحة , او بتعبير ادق يستوجب تحقيقا اكثر وتدقيقا اكثر لاعادته الى العربية والفصاحة ولكن اعادته الى اللغة العربية ليس بالمستحيل .
والامثلة كثيرة ناخذ منها ( انا ارفض - اياي ارفض ) بالعربية الفصحى تلفظ ارفظ ( ايو رفوزو -اي رفيوز - جو رفيوز ) باللغات الاعجمية فيها قليل من العجمة ولكن عربيتها ظاهرة في ( انا - اياي ) و في ( رفظ - رفوز ) .
و ( كما تهيم ) بالعربية الفصحى تلفظ ( كا ما تو هي مو ) ولكنها بالايطالية والفرنيسة تلفظ ( كومه تي هامو ) او ( كوم تي هام ).

فكلمة ( كما ) العربية يماثلها ( كومي ) او ( كوم ) و كلمة ( هام ) العربية يماثلها ( هام )
ولتحديد الاصول اللغوية العالمية ناخذ مثلا من كل ما في هذه الارض من ظواهر , فما ان هناك في الارض مركز و محيط كذلك نرى ان للغة الفصاحة مركز ومحيط -يستند الى اصول تاريخية جغرافية ما - وفي الارض اجناس والوان للبشر تجعلنا نظن ان الاختلاف بينها كبير فهناك الاحمر والاسود والاصفر لكننا نلاحظ ان الاحمر يشتد سواده حتى يصبح زنجيا او يشتد بياضه حتى يصبح اصفرا , والعلاقة تتحدد جغرافيا حسب بعده او قربه من نقطة ارتكاز ( جغرافية ) , وكذلك اللسان ففيه المركز والفضاء وفيه لون لساني وسط منه تشتد العجمة حتى يصبح اعجمي , وكلما ابتعدنا عن هذا المركز وجدنا ان اعادة الكلمات الى الفصحى العربية يحتاج لشرح اكبر.( و جعلناكم امة وسطا )
فالانسان واحد في اصله ومبتدئه لكن البيئة والمناخ طبع كل واحد بطابعه الخاص، لكن هذا لا يخرجه عن انسانيته فالوان الناس من رجل واحد والسنتهم من رجل واحد ايضا .

نعود الى كلمة قومية ( واصلها قوم ) التي تستعمل في عصرنا بشكل حديث وتعني مجموعة من الناس يسكنون في بلد او بلاد واحدة موحدة جغرافيا واقتصاديا واداريا , ولسانيا او يؤمنون بدين واحد , وقد تندرج على مدينة واحدة او جزيرة .

من هنا كان استعمالها بشكل واسع في عصرنا للدلالة على التمايز والتفرد ( والعصبية ) , ولا نستطيع الخروج من هذه العصبيات الا اذا اعدنا تعريف هذه الكلمة بالعودة الى اصولها فتصبح مدلولا على تجمع من الناس لامر ما معين و قد يصل هذا التجمع الى ثلاثة اشخاص فقط او الى شخصين ، (( ان قوم لوط - كانوا قرية واحدة وكان لوط معاصرا لابراهيم وكانوا جميعهم ينطقون بلغة مشتركة لكن قوم لوط كان لهم لهجتهم التي قد تختلف ولو بحرف واحد او لفظ واحد عن غيرها وهذا نراه في كل البلاد )) كما ان السياق القرآني يذكر قوم لوط و كانهم يختلفون عن قوم ابراهيم رغم تجاورهم بالسكن و التاريخ من هنا نرى ان الاية القرآنية تحدد لفظ (( الا قوم لوط )) .

أما الاية القرآنية :(( وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم )) فإنها تدل على ان الرسول يجب ان يكون على علم بطبيعة لهجة قومة و فكرهم بان يكون من قبيلتهم او قريتهم او ملتهم ,. وهذا ينطبق كليا على محمد عليه الصلاة والسلام كنبي امي ( من مصدر ام ) اذا احتسبنا ان قبيلته ام القبائل وقريته ام القرى و لسانه و لغته ام اللغات , فيكون الناس جميعهم قوم محمد لذلك ارسل محمد الى الناس كافة و هو الرسول الذي ارسل بلسان قومه ، اي بلسان كل الناس .

اللغة الاولى للبشر

من خلال ايجاد الصلة الوثيقة بين لغات البشر اليوم يمكن لنا ايجاد فقه لغة عالمية على اساس انها اللغة الاولى للبشر و تحديد علم حساب لغوي ايضا .

وهذا العلم هو عملية حسابية لعدد الكلمات واللفظات التي تستعملها لغة ما لتمكين المستمع والقاريء من فهم موضوعها ، وهذا الامر قديم وصل الينا في امثال شعبية منها ( خير الكلام ما قل ودل ) . اذا انها العملية التي يتم فيها حل مسالة لغوية او جبرية او هندسية و ضبطها بايجاد قواعد اساسية لاعادة صياغة هذه المسائل او الجمل بالطرق الاقصر والاسهل وهو ما نسميه ( الايجاز = الاعجاز) انه التوصل الى كتابة اللغة وقول جملها التي تعبر عن المعنى الدقيق باقل عدد من الكلمات ، وندرك بعد ذلك ان صياغة الكلام العربي هو الافضل في علم الحساب اللغوي لانه يؤدي الى ادراك المعنى الدقيق باقصر الطرق .

من مميزات اللغة العربية ايضا في الايجاز و الاعجاز انها اللغة التي لا تحتاج لفعل يكون في الجملة بحيث انها تقرر الامر مباشرة فبدلا من ان نقول ( سمير يكون يكتب ) فإنه يكفي بأن نقول ( سمير يكتب ) و لا تحتاج ايضاً الى ضمير ( هو أو هي ) بل إن الجملة العربية تختصر ليصبح فيها ضمير مستتر يقدر تقديراً ، فففي العربية لا نقول ( هو يكتب ) بل إن كلمة و احدة تكفي ( يكتب ) .

فلو اردنا أن نكتب هذه الابيات باللغة الانكليزية أو الفرنسية أو غيرها :

تتهادى دوما في دلع و تداعب شعرها بدلالِ
تسترق النظر بعينيها و شفاهها بحر الاهوال

فإننا يجب أن نقولها هكذا:

هي تتهادى دوما في دلع و هي تداعب شعرها في دلال
هي تسترق النطر بعينيها هي ، و شفاهها هي بحر الاهوال

وفي هذا النمط من الكتابة زيادة لعدد الكلمات لا نراه في العربية ابدا.

مع كل ذلك يتبجح بعض المتفرنجين بان اللغة العربية لم تعد قادرة على استيعاب العلوم الحديثة وانه يتوجب علينا دراسة هذه العلوم باللغة ( الفرنسية او الانكليزية او الروسية ...الخ ) ولكننا نتساءل هل فعلا حقق هؤلاء في هذا الامر قبل ان يعتقدوه ام انه التقليد الاعمي لكل ما يقوله الغرب .

قد يستغرب البعض حين يعلمون ان كل لغات اوروبا لا تستعمل لغتها الوطنية في تحصيل العلوم بل تستعمل المصطلحات اللاتينية الموروثة عن العصور القديمة والوسطى لانهم لم يجدوا لها مرادفا في لغاتهم بعد مثلا :

في ( علم الاحياء ) بالعربية يقابلها biology

هناك خلية تسمى الخلية المضطربة يقابله
Pseudopodia باللاتينية (التي تعني السير الخاطئ) وشرحها لا بد منه لاهل الفرنسية حتى يدركوا انها السير الخاطيء (حيث أن كلمة podia تعني قدم) ، لذلك نرى ان الغربيين مضطرين لتحصيل علومهم ان يلفظوا و يحفظوا الكلمات باللاتينية و يقوموا بشرحها وترجمتها الى الفرنسية او غيرها من اللغات الاوروبية على عكس تحصيل هذه العلوم بالعربية حيث يمكننا من قول المعنى بشكل عربي مباشر (علم الاحياء) و (الخلية المضطربة) و لا نحتاج الى تعلم اللفظ اللاتيني إلا للتواصل مع الغرب.

الا ترون معي ان الخلية المضطربة ، تعبر عن معناها دون شرح مستفيض .

لقد حرص الغربيون على الاستمرار في تحصيل علومهم على الاصول اللاتينية لكل المفردات العلمية حتى لا يصابوا بالانعزال اللغوي ، فاجتمعوا على الالفاظ و التسميات اللاتينية للعلوم التي يتلقونها .

وبعد ليفهم هؤلاء المتعلمين ان هذه الحقيقة لم تعد تخفى على احد وان التقليد الاعمى للغرب لم يبق له سوى حفنة قليلة من المتفرنجين وانه أصبح خرافة في نظر العارفين ، فعلى المترجمين العرب الذين يتولون مهمة ترجمة العلوم الحديثة من الغرب الحرص على ايجاد المعنى العربي و الشرح الكافي لهذه العلوم ، و أن يقوموا بإعفاء المتعلم من التشويش الذهني الذي ينتجه تعلم هذه العلوم بالفرنجو-عربية .

وفي هذا السياق لا بد لنا من أخذ العبرة من سورية الحديثة التي إستطاعت أن تننشر هذه العلوم الحديثة بين طلاب جامعاتها باللغة العربية الفصحى .


مشاركة منتدى

  • السلام عليكم
    ما معنى كلمة "دلع" في اللغة العربية الفصحى ؟ او فتاة مدلعة او تتكلم بدلع
    كلمة دلع لا يوجد لها معنى بشكل مباشر في اللغات الاخرى وانا اعتقد انا هناك كلمة اخرى في لغتنا العربية تحمل نفس المعنى ويمكن ترجمتها
    هل احد يعرف ما هي تلك الكلمة ؟؟؟؟؟
    ارجو المساعده

  • ياخي هل نسيت ان لغة التيفيناغ اقدم واحسن وابلغ الى المستمع انت وصفت العربية على انها لغة العلم انا لانكر ذالك لكن كانت لغة العلم الان في الحاضر العالم يجمع على ان الانجليزية هي لغة العلم الناس تخترع والناس وصلت الى القمر ياخي وانت تفخر في العربية على ان لامثيل لها

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى