الجمعة ٢٩ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم رامي نزيه أبو شهاب

الذبابُ والمدينة ُ

الحيرةُ
تقعُ عليّ كما
هي مُومس
تقضمني وتتركُ دمي
على طربيزةِ الصّالة
سائلاً لزجا
أحملُ بقية من دمي
أسيرُ عبرَ الرّدهة نحو
شرفةٍ ثَملة
أنثرُ دمي على المدينة ِ
وأعودُ أدراجي مُتوسلاً
سباتاً طويلا ً
كحلزون الشّاطئ
أقفلُ نبعَ الذّاكرة
كما حصن طروادة
تستيقظُ المدينةُ باكرا ً
وقد اجُتيحت بورودٍ جورية حمراء فاتنة
فقأتْ أشواكُها عيونَ سكانها الآمنين
وأججتْ بوادرَ الخطيئة
ها هي تنسحبُ على السّماء
كدثارٍ رمادي
في يومٍ شتائي قاحل
كل الطّروس في المكتبةِ العامة
لم تُخبّر
لم تُحدّث
لم تروي
عمّا سيحصل أو لعلهُ حصل
لم تعدْ النساءُ تُنجب
و جفّ الضّرع
ويبسَ العود
وحالتْ بين المدينةِ أسترةٌ من فولاذ
تجولتني المدينةُ ولم أتجولْها
معتصماً بخطيئتي
دخانٌ ينبعثُ من البيوت
لم يبقَ في المدينةِ سوى
الذبابِ
فقط ْ
بقي فوقَ أعمدة الكهرباء
يتربعُ
يتأرجح بين حبالِ الغسيل
يرفرفُ كما رايات النصر
تدقُ على أرضٍ مُوات
خواءٌ يُجهض
كلَّ ممارسة حب
مُزمعة
بين عاشقين
في دُجى زقاقٍ مُنتن
الأجسادُ الناصعةُ الخفيفةُ
ذاكَ اللّحم الطافحُ باللون الوردي
باتَ قاتماً
دمي هناكَ زهرة دحنون تضيء
أسفلتَ شارعٍ غائر
بلعنةِ من مرّ عليه
سقطَ نيزكٌ قربي
فاحترقتُ و صعدتُ روحي فلم تتجاوزْ
غلافَ الضّجر
بدأتْ أنقّبُ عمن يضعني في قَبر
بلا طقسٍ دينيٍّ زائد
لم أجدْ جثةً تحملُ جثة
فمضيتُ في المدينة
تائهاً
أبحثُ عني
وعنها
وعنهم.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى