الأربعاء ٥ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم زياد يوسف صيدم

شيطان فاطمة

الانتصار

أسرع بلال باصطحاب فاطمة من يدها حيث أحس بجسمها يرتجف من خلال برودة يدها نتيجة لساعات الانتظار فقد اقتربت الساعة على الواحدة بعد منتصف الليل ولم يعد بالإمكان عودتها لتوقف المواصلات المؤدية إلى بيتها ولكنها أسرعت بالقول له جئت لأبيت عندك الليلة..!! فصعد معها إلى شقته وبدت في وضع لا يحسد عليه من الارتباك والحيرة وسرعان ما هدأت عندما أحست بثقته وطمأنينته وأسرع بعمل فنجان من الحليب وأضاف عليه قليلا من قهوته وقدمه مع قطع من البسكويت فشعرت بنوع من الدفيء في جسدها وأردف قائلا تريدين النوم الآن أجابت ليس بعد ففي عينيها كلام لم تستطع تأجيله إلى الصباح ....

بدأت من نهاية المشهد الحزين بالنسبة لها عندما باحت بما يجول في فكرها فقالت حاول اغتصابي في غياب أختي كالعادة فامتنعت في هذه المرة ؟؟؟ وهربت من البيت فأصابه وجوم وهل فعلها الحيوان سابقا أجابت نعم ومرات كثيرة!! حيث لم أشكو ولم أتفوه بكلمة إلى أختي حليمة حتى لا ننتهي خارج المنزل وهى بعدها حامل ولها 3 أطفال أصغرهم ما يزال رضيعا...انتهت من شرب الحليب كما انتهت من سرد آخر مشهد محزن بطله زوج أختها وابن بلدهم للأسف بل إنها مأساة واضحة لاسيما وهم من أسرة مسلمة كما أفادت لي سابقا....دخل غرفة النوم الوحيدة انتزع من الدولاب غطاءين واستبدل شراشف السرير وقال لها أنت ستنامين هنا الليلة وأنا سأفترش هذه الكنبة التى نجلس عليها الآن وابتسم قائلا لها لا عليك في الصباح سنرى ما يمكن فعله لمساعدتك....وهنا خرج الشيطان حزينا من غرفة نومه بل و مهزوما أمام هذا الرجل بصفاته الحميدة والنادرة في عالم يطغى عليه المادة والمصالح .

استيقظ على صوت فناجين وحركة في زاوية المطبخ المفتوح على الصالون ولما فتح عيناه كانت فاطمة قد أزاحت ستارة البلكونة فسطعت أشعة الشمس الدافئة فتقدمت منه وقد عملت القهوة والحليب وصنعت سندوتشات من الجبن وحضرت صحن من البيض المقلي ووضعت كل هذا على صينية واستبقت ذلك بكلمة صباح الخير بلال وهى أول مرة يسمعها بلغته العربية منذ سنوات فابتسم وقال وفطور جاهز أيضا ما شاء الله ونظر إليها فوجد في عينيها شيئا من طمأنينة وهدوء فحمد الله ثم تناولا الفطور وأشعل سيجارته وشعر براحة والتفت إليها سائلا هل ما زلتي تعملين أم لا أجابت كنت اعمل حاضنة أطفال في مركز حضانة ثم تركت العمل فقال لها سأساعدك في إيجاد عمل لك وهذا هو الطريق السليم الآن فقد فكرت طوال الليل لتنظيم التحركات المجدية بالنسبة لحالتك ففيها خلاصك وفعلا بدأ في إجراء عدة مكالمات لصديقات له ومن رقم إلى آخر حتى انفرجت أساريره بابتسامة واضحة وبحركة نصر من يديه قبل إن ينادى يا فاطمة مبروك وجدت لك عملا محترما الذي تتقنيه انه حضانة طفلين في منزل محترم وتكونين حرة بعد عودة صاحبة المنزل وان شئت في تقديم خدمات أخرى بعد ذلك تستطيعين الإقامة والنوم ما عدا يومي العطلة فلك أن تختاري وهذا شيء لا يقدم للجميع ولكن ستكونين على ضمانتي يا فاطمة أمام أصدقائي هنا فهل أنت مستعدة لتلك الثقة؟ . فسارعت إليه تقبل رأسه ويديه فنفض نفسه قائلا لا يا فاطمة ليس أنا من يستغل ضيفته ومن استجارت به فلا تجرحي شعوري وتحطمي مبادئي التى ما زلت أحافظ عليها.....ثم جعلها تتلفن إلى أختها حليمة وأخذ منها التليفون وتحدث إليها وكانت تبدو سيدة متزنة وواعية وقدم نفسه على انه صديق لفاطمة وأعطاها تليفون مكان عملها الجديد الذي سيبدأ من الغد فشكرته كثيرا وتمنت أن يكون السمبوسك قد أعجبه فرد بالإيجاب والثناء عليهم فأوصته بأختها فرد عليها بألا تخشى عليها فهي في ضيافته حتى تأخذ عملها الجديد كما وأعطاها عنوانه ورقم التليفون وبالمثل فعلت حليمة.....

خرج ليحضر الطعام فطلبت منه إحضار بعض لوازم طبخة مميزة تريد له أن يتذوقها فاحضر كل ما يلزم وخرج إلى أصدقائه وتركها بحرية تعمل ما تشاء في قطع الدجاج التى احضرها وعندما عاد وجدها وقد أخذت حمامها ولمعت عيناها وبشرتها السمراء الداكنة وقد لبست إحدى بيجاما ته لأنها غسلت ملابسها فهي لا تملك شيئا سوى ما ترتدي على جسمها وقد ابتسمت له قائلة هل تشتم رائحة مميزة فقال بلى وهى تنبعث من الفرن هناك كما أضاف وأشتم بيجامتى عليك فضحكت وضحك معها....فقالت اغسل يديك وانتظر الغذاء يا عزيزي ...فأكلا معا وكان طعمه فعلا مميزا وطيبا للغاية فشكرها فردت بقولها أنا من أشكرك..!! وفى أول المساء رن جرس التليفون فرد هو وقد كانت صديقته التى طلبته على العشاء لهذه الليلة وقبل خروجه أوصى فاطمة بان تتعشى وحدها وان لا تغلق الباب بالترباس حتى يتمكن من فتح باب الشقة عند عودته متأخرا...

عاد بعد منتصف الليل ودخل الشقة بهدوء فلم يجد ترتيب الكنبة التى سينام عليها كما حدث بالأمس فلم تكن الشراشف ولا الغطاء عليها فجلس يدخن سيجارته وهو يحدث نفسه كيف لفاطمة أن تنسى ترتيب الكنبة ؟؟ وقرر أن يدخل غرفة النوم بهدوء ليأخذ ما يلزمه من الدولاب وبينما هو في التفكير وإذ بفاطمة تخرج من غرفة النوم وتمسك بيديه وتسحبه إلى داخل الغرفة لتقول له أنت ستنام هنا الليلة فرد عليها وأنت هناك على الكنبة وضحك فقالت لا كلانا هنا ..سننام سويا على هذا السرير !!!وهى تقترب منه شيئا فشيئا وتحتضنه بشبق غريب حتى ألصقت صدرها على صدره فشعر بإحراج شديد وعدم رغبته بعلاقة لا مبرر لها بالنسبة له وحتى لا يشعر بأنه يتقاضى أجرا على ما يفعله من خير تجاه امرأة لجأت له وقت الشدة لا تستطيع تقديم ثمنا إلا بشكل طبيعي من جسدها وهى المفجعة والجريحة من ذاك الحيوان القذر زوج أختها ....فتخلص من الموقف متحججا بأنه مرهق جدا ولا يستطيع ذلك الليلة فأومأت قائلة فهمت لقد أنهكتك صديقتك هذه الليلة !! أهي شقراء ؟؟ وبان عليها حزن وغيرة ممزوجتين ولكنه الحزن كان طاغيا أكثر !! ولم يشأ أن يجعلها تفكر بان اللون قد أحجبه عنها فقال لها يا فاطمة أنت فتاة جميلة وجذابة جدا ومفاتنك وأنوثتك طاغية وكل رجل يشتهى أن تكوني له زوجة أو عشيقه أو صديقة حميمة ولكن دعي هذا الأمر الآن فانا لا أريد ثمنا لما أقدمه لك يا فاطمة وفكري في غدا وركزي التفكير فهو اليوم الأول بالنسبة إليك على طريق الخلاص والاستقلال واستعدى لذلك وهذا ما أريده منك فعله الآن وإذ بها تلقى بجسدها كله عليه وأخذت تجهش بالبكاء وبدموع كالنهر الجارف...فهدأ من روع اللحظة وحن عليها بكلماته اللطيفة وقام بمرافقتها حتى السرير وقام بتغطيتها وطبع قبلة على جبينها وقد رأى فمها يرتجف ويديها ما تزال عالقتين بقميصه....واخذ حاجياته من الدولاب ورد باب الغرفة ورائه بهدوء منسحبا نحو الكنبة وهو يهز رأسه ويتمتم مسكينة يا فاطمة واقسم أن يضعها على الطريق السليم لتعيش كريمة معززة فهي في ضيافته بل وقد لجأت إليه ولن يخذلها ولن يستغلها .....

أوصلها في اليوم التالي إلى مكان عملها الجديد حسب العنوان وعاد وقد أحس بسعادة لا توصف وقلب مطمئن ثم انطلق إلى صديقته الشقراء يحدثها عن القصة كلها فشعرت بامتعاض وغيره عليه وألم حقيقي عليها ولكنها نظرت إليه نظرة إعجاب وتقدير وعانقته بحب أكثر وأسرت له بكلمات مضمونها انه إنسان ليس بعادي ومجنونة من تتركه يذهب عنها ...!فشعر برجولته الصادقة وهمس بين نفسه يا ستار استر.....مرت 5 أيام متتالية كانت فاطمة قد تكلمت معه يوميا تطمئنه عن حالها وعن سعادتها وسرور أهل البيت منها وفى نهاية الأسبوع دق جرس الشقة صباحا من الطارق أجابت أنا فاطمة يا بلال دخلت منشرحة الصدر تظهر أنوثتها على غير عادتها فقد غيرت من ملابسها المزركشة لتلبس بلوزة وبنطا لا وتضع شيله على رأسها تلتف على رقبتها وتتهدل إلى صدرها البارز ...وأسرعت بالقول سأقضى يومي العطلة معك وسأكون لك الخادمة والعشيقة ولن أسألك عن صديقتك أبدا وأنا اسعد إنسانة في الوجود كانت تتكلم ببساطة واقتناع كامل وبسعادة واضحة.....

فانتفض بلال وقال لها ماذا تقولين يا فاطمة ؟؟ اقبل صداقتك ولكن أن أكون عشيق لك فلا يمكن فانا وصديقتي متحابين ولا يمكن أن....فوضعت يدها على فمه قائلة بصوت ضعيف مرتجف لا تكمل أرجوك وأومأت برأسها إلى الأرض وكأن خنجرا قد طعنها فامسك بها وضمها إلى صدره وطبع قبلة على جبينها وقال لا عليك يا فاطمة سنقضى هذا اليوم معا ولن اكسر بخاطرك !! فابتهجت ورمت بنفسها مرة أخرى على صدره فهي في وادي. وهو في وادي آخر!!

وللقصة بقية.

الانتصار

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى