الاثنين ١٧ آذار (مارس) ٢٠٠٨

رؤيـة حـول الفكـر العمـراني الإسلامـي

بقلم: نـــورة أحمد حامد الحارثي

أولا: تعريف المدينة:

ا- التفسير اللغوي:

أصل كلمة مدينة ترجع إلى كلمة دين وهي آرامية عربية ذات أصل سامي، و الديان في اللغة: الآرامية وفي العبرية تعني القاضي بينما عرفت عند الأكاديين والآشوريين بالدين أي القانون، ومصدرها في الآرامية مدينتا وتعني القضاء. وتوافق هذه التفسيرات ما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف وما أشارت إليه المعاجم العربية. من أن كل المواضيع التي أطلق عليها لفظ مدينة كان عليها حكام وملوك وفيها على وجه التحقيق الصيغة القضائية، والدينية، والإدارية، والسياسية.

ب- التفسير الاصطلاحي:

فهي تشير إلى تحديد كيانها المادي والاجتماعي إذ أنها تعني إقامة تكتلات بشرية داخل أسوار المدن والأمصار والقرى والديار وفي هذا دلالة حضارية لإقامة السور الذي يعني الأمن والأمان لساكني المدينة ووجود سلطة في المدينة ممثلة في الحاكم أو الملك، وما يميزها من منشآت حضارية ارتبطت بحياة ساكنيها.

أيضا يتصل التفسير الجغرافي والفقهي بهذا المعنى، وهي تعني المكان الذي يوجد به سلطان يقيم الحدود، وقاضي ينفذ الأحكام.

ماهية المدينة الإسلامية:

التعاريف الإسلامية لمفهوم المدينة وازن بين المنظور المادي والمنظور الاجتماعي فالفكر الإسلامي استوعب في إدراكه المقاييس والمعايير التي تميز المدينة الإسلامية.

أمثلة: وضع قدامة بن جعفر المعايير التي تبين السبب في نشأة المدن وذلك في إطار فكري واسع بين منزلة الإنسان بين المخلوقات ويرتبط بطبيعة الإنسان وهي تعكس إدراك معايير الكثافة السكانية وتنوع النشاط الاجتماعي واختلاف الطبقات وضرورة وجود السلطة التي تنظم وتسوس هذه الهيئة الاجتماعية.

كتابات الجغرافيين المسلمين:

تعكس كتابات الجغرافيين المسلمين المعايير التي تميز المدينة عن غيرها من مراكز الاستيطان الحضري فلها مسميات وأوصاف ترتبط برؤية واضحة تميزها وفق معايير محددة مثل: مدينة كبيرة، ومدينة صغيرة، ومدينة متوسطة، وكورة،وقصبة، وقرية وهي تصنيفات مرتبطة برؤية واضحة تميز كلا منها وفق معايير حضرية محددة كالمعيار السياسي وما يرتبط به من وجود السلطة الإدارية، والقضائية، وكبر المساحة، وزيادة الكثافة السكانية، ووجود الأسواق، وتوفر الخدمات العامة، والأسوار المحيطة بها لذلك صنف الجغرافيون كتبهم حسب نوعية نشاطها كالمدينة الحصن، والمدينة التجارية وتكشف دراسة الجغرافيين عن تطور المدن وازدهارها وانحدارها وأحيان اندراسها فكتاباتهم مرآة لأحداث المدن.

منهـج الفكـر العمرانـي

مميـزات الفكـر العمرانــي:

1) الشمولية: امتاز الفكر العمراني بالشمولية في مبادئه العامة وبالتخصصية في جزيئات التطبيق.

يبدأ بالأعم الأشمل كسياسة عامة وينتهي إلى التخصص الدقيق في كل فرع من الفروع.

يعكس النظام الإداري للدولة الإسلامية والذي يكون الحاكم على رأسه ومعاونيه وينتهي إلى القاعدة العريضة من أفراد الأمة.

يعرض سياسة العمران للدولة بصفة عامة ثم ينتقل إلى الفكر الموجه لتخطيط المدن إلى أن يصل إلى الحرف والصناعات المتصلة بالعمران وهي عبارة عن كتلة واحدة تتأثر معا في كل جزيئاتها.

2) التنوع في المصادر: تعددت المصادر التي تعرضت للفكر العمراني الإسلامي كالمهتمة بالاجتماع السياسي، والمصادر الفقهية، وكتب الحسبة والمصادر التاريخية والجغرافية التي تتحدث عن المدن وتخطيطها، وكتب الآداب والوثائق ومصادر القضاء الإسلامي، والمصادر المهتمة بالجوانب الأثرية.

أولا: وجهة النظر العمرانية في كتب التاريخ الاجتماعي السياسي:

أ- أهـم الكتـب فـي هـذا المجـال:

أحمد بن محمد بن الربيع ت 272هـ في كتابه سلوك المالك في تدبير الممالك على التمام والكمال فقد كتبه للخليفة العباسي المعتصم سنة 227هـ.

الماوردي: في كتابه الأحكام السلطانية.

لابن حزم في كتابه السياسة.

ابن خلدون في كتابه المقدمة.

ابن الأزرق في كتابه بدائع السلك في طبائع الملك.

ب- أراء كتب التاريخ الاجتماعي السياسي في العمارة:

1) تكثير العمارة من أركان الملك فهو الركن الخامس بعد إقامة الشريعة والوزارة وإعداد الجند، وحفظ المال.

2) إن الاهتمام بالعمارة من مظاهر الملك وواجباته؛ لأن هذا يؤدي إلى رخاء العيش فتكثر مصادر الزكاة وتحقق العدالة الاجتماعية.

3) العمارة سبيل الملك لما تدره من الأموال، فالعمارة هي المحرك الرئيسي للحركة الاقتصادية.

4) يذكر ابن خلدون أن الملك للعمران بمنزلة الصورة للمادة، وهو الشكل الحافظ لوجودها.

5) يذكر ابن الأزرق أن العلاقة وثيقة بين زيادة العمران والرخاء والترف، وبين قلتها والبؤس والضيق فالتدرج بينهما حسب درجة العمران.

6) أشار ابن الأزرق إلى: أسباب ازدهار العمارة والمتمثلة في الآتي:

أ- العدل.

ب- الاهتمام بالمزارعين وعدم إهمالهم وهي رؤية عمرانية واعية فقد نشأت كثير من المدن في الأقاليم الزراعية لتمدها بالاحتياجات الغذائية.

ج- تقليل الوظائف على المعتمرين لأن هذا مدعاة للنشاط وكثرة الإنتاج.

7) أشار ابن الأزرق إلى: أسباب انحلال العمارة وضعفها والمتمثلة في:

أ- الظلم الواقع على الناس فتكسد أسواق العمران.

ب- الاعتداء على أملاك الغير وحقوقهم.

ج- تسخير الرعايا بها لأن هذا يؤدي إلى اغتصاب قيمة عملهم وهذا ينم عن نضج في الفكر وارتقاء في المستوى الحضاري الذي أفرزته الحضارة الإسلامية.

ثانيا: وجهة النظر العمرانية في كتب المدن وتخطيطها:

1) تأصيل الفن المعماري: منذ أن ظهر الإسلام على خريطة العالم كقوة سياسية ظهرت مدن إسلامية هي بمثابة مراكز حضارية حملت لواء الحضارة بعد سقوط روما سنة 476م.

2) التأكيد على إظهار اهتمام الحكام المسلمين بالعمارة وإيضاح استصدار ديوان خاص بها في العهد المملوكي وهو ديوان العمارة على يد السلطان الناصر محمد بن قلاوون.

3) وضحت هذه الكتب التطور الفكري المتعلق بتخطيط المدن وإنشائها.

4) مراعاة اختيار الموقع فابن الربيع وضع ستة شروط جغرافية وإستراتيجية لاختيار المدينة كسعة الماء وجودة الهواء وقربها من المرعى والاحتطاب وتحصين منازلهم ثم أعقبها بثمانية شروط في رؤية توسعية شمولية لتخطيط المدينة الإسلامية مهتما بالجوانب الوظيفية والسياسية لمجتمع المدينة الإسلامية مما يؤكد على أصالة المدينة الإسلامية وعمق ونضج الفكر الإسلامي.

5) بعد ستة قرون جاء ابن خلدون وابن الأزرق بأفكار متطورة مستفادة من التجربة تتعلق باختيار مواقع المدن وتخطيطها فارتأيا أنه لابد عند إنشاء المدينة من أمرين مهمين،وهما أصلين:

الأصل الأول: دفع المضار:

1) مضار أرضية: تكون على مرتفعات إما على هضبة أو باستدارة بحر أو نهر بها أو تكون بمكان ممتنع بحيث لا يوصل إليها إلا بعبور الجسر أو القنطرة.

2) مضار سماوية: ودفعها باختيار مواضع طيبة الهواء لأن ركود الهواء يساعد على سرعة تعفن الأجسام.

الأصل الثاني: جلب المنافع:

تتأتى بمراعاة عدة أمور منها:

توفر الماء، والمرعى، والمزارع، والاحتطاب.

المدينة البحرية تكون في منطقة جبلية وآهلة بالسكان لتمتنع من العدو.

ثالثا: وجهة النظر العمرانية في المصادر الفقهية:

أولا: أهم الكتب الفقهية المتحدثة عن العمارة:

الإعلان بأحكام البنيان لابن الرامي.

كتاب الجدار لعيسى التطيلي.

ثانيا: آراء المصادر الفقهية في العمران:

1) جذرت كتب الفقه أسس العمارة بما احتوته من أحكام البناء التي تخضع للسياسة الشرعية.

2) تحدثت عن التعريف بالبناء وأدلة مشروعيته.

3) تحدثت عن تحديد ماليته من حيث هو عقار أو منقول مع التعريفات لكل منها.

4) تحدثت عن أحكام الأبنية من حيث نوعها هي مساجد أو أربطة أو حصون أو أسوار أو قناطر وغيرها.

5) تحدثت عن أحكام الأبنية من حيث ما يتعلق بتخطيطها وإنشاء الوحدات المعمارية كالميضآت وغيرها وما يتصل بالزخارف الجدارية عليها.

6) تعرضت لمدى صلاحيات البناء من حيث مواصفات البناء والمقاييس المعتبرة سواء من حيث المادة المستخدمة أو الطول أو العرض.

7) توجيه عمال البناء بإتقان صنعتهم.

8) وضحت الشروط الأربعة الأساسية الواجب توافرها في البناء وهي:
المتانة، والمنفعة، والجمال، والاقتصاد.

9) وضحت القواعد والأحكام في سبيل عدم الإضرار بالآخرين مثل عدم ارتفاع البناء على الجيران وحقوق الجار وحق المرور وحقوق البيع والشراء وإحياء أرض الموات.

ثالثا: أثر الآراء الفقهية:

1) أثرت الأحكام الفقهية للبنيان في تخطيط المدينة وشوارعها فأصبح الشكل يتبع الوظيفة فأصبحت المدن تتماشى مع الأطر العامة للأحكام الإسلامية كوجود المساجد والحمامات.

2) أثرت في علاقة التكوينات المعمارية ببعضها البعض اتصالا واستقلالا وكان ذلك التوزيع في ظل المبدأ الإسلامي " لا ضرر ولا ضرار ".

3) عملت الأحكام الفقهية في استقرار الهيئة الاجتماعية للمدينة الإسلامية حيث ترقى بالسلوك الاجتماعي إلى مرتبة الكمال.

أثـر الفكـر العمرانـي الإسلامـي

عكست المستوى الحضاري للفكر العمراني ومدى اهتمام المسلمين بالعمران.

عكست هذه النوعية من المصادر استفادة الفكر الإسلامي من خبرات الأمم السابقة.

كثرت المؤلفات التاريخية المتصلة بتاريخ المدن وتخطيطها إذ أفرد للكثير من المدن تواريخ خاصة.

كيـفـية نشـأة المـدينـة الإسلامـية

ارتبطت نشأتها وتطورها بمعايير حضارية تأثرت إلى حد كبير بتاريخ الإسلام وتطور حضارته.

أولا كيفية النشأة: نشأة المدينة الإسلامية بعد هجرة الرسول . إلى يثرب حيث حولها إلى مدينة بمفهوم حضاري وذلك عن طريق الآتي:-

أولا: اجتماعيا:

1) دعا المصطفى إلى تذويب القبيلة بدعوته إلى التآخي في الإسلام وأكد على رابطة ذوي الأرحام وهو تنظيم يجمع عددا من البطون والعشائر في قبيلة واحدة في محيط رابطة القرابة.

2) دعا إلى الرابطة الدينية في تنظيم ديني وحربي واجتماعي تحت راية واحدة فأدى ذلك إلى خلق مجتمع متماسك تربطه روابط قوية تساعده على تحقيق قيم الإسلام وتطبيقها.

3) عمل على تنمية الشعور بالانتماء إلى الأرض فظهرت دلالات حضرية استيطانية كأهل قباء وأهل المدينة وأهل الطائف.

ثانيا: إداريا:

1) أقر مبدأ الاستخلاف على المدن والأقاليم واتخذ العمال ولم يخضعوا غالبا للتقليد القبلي نظرا لطبيعة المدينة الجغرافية فهي تقع على سهل يمتاز بخصوبة أراضيه وكثرة مياهه.

2) وجدت الأسواق المنفصلة عن المنطقة السكنية لأسباب دفاعية واجتماعية فوجدت السقائف وهي بمثابة ديوان القبيلة، وبعد هجرة الرسول . تغيرت معالمها العمرانية تغيرا كبيرا فقد وحد كيانها وجعلها مركزا حضاريا واتخذت الطابع السياسي والإداري كحاضرة للدولة الإسلامية.
ثالثا: النشاط الحضاري العمراني في المدينة:

1) بدأت الأعمال الإنشائية للتكوينات المعمارية بإنشاء المسجد النبوي الذي هو نواتها وأصبح لكل حي مسجد واتخذ مصلى العيد في ساحة فضاء.

2) اختطت منازل المهاجرين في الأرض التي وهبها الأنصار للرسول

3) منح الاقطاعات للصحابةy وامتد التقسيم العمراني إلى خارج المدينة المنورة.

4) كانت توزيع الخطط في يد الرسول باعتباره الحاكم الأعلى للمسلمين ومنهجه في توزيع الخطط يهدف إلى تجميع كل قبيلة في خطة خاصة بها وتركت تقسيم الخطة للقبيلة وفقا لظروفها وإمكاناتها في الإنشاء والتعمير وروعيت النظرة المستقبلية لامتداد العمران.

5) اتخذ الرسول . سوق واحدة في وادي مهزور واستعمل عمر بن الخطاب علي سوق المدينة وأقر نظام مراقبة الأسواق فكان يمر بنفسه ويوضح الأسس الإسلامية في التعامل.

نتائج نشأة المدينة الإسلامية:

سارت الاقطاعات فيما بعد على المنوال الذي اتخذه الرسول

انسحب نظام الخطط على المدن الإسلامية فأصبح لكل مدينة خطط تربط بين سكانها صلات محورية في إطار اجتماعي أشمل من قبل الحكومة المركزية.

أصبح في كل حي مسجد لإقامة الصلوات الخمس أما الصلوات الجامعة فكانت في المسجد النبوي باعتباره الجامع.

إقرار أحياء الأرض الموات وفق القواعد والأصول التي تساعد على زيادة العمران وظل الإقطاع ساريا حتى وصل إلى نضجه في العهد الأيوبي والمملوكي.

اتخذت المدينة نموذجا ومنهجا في تكوينات المدينة الإسلامية العمرانية التي نشأت بعد ذلك وأطلق عليها مدن الهجرة أو مدن الأمصار وأصبحت قواعد عسكرية ومدنية، ومن أمثلة هذه المدن:

مدينة البصرة: التي تأسست سنة 15هـ على يد عتبة بن غزوان ثم تطورت في هيكلها المعماري على يد أبو موسى الأشعري فبنى المسجد ودار الأمارة، وحفر المياه لتزويدها به. ثم جاء عبد الله بن عامر وشجع العمران ومنح الاقطاعات واتخذ الأسواق وأصبحت ذات مركز إداري. ثم جاء زياد بن أبية وعمل على إعادة تنظيم المدينة وتحديد تقسيماتها الطبوغرافية والسكنية وشجع إنشاء الوحدات المعمارية و بنى مدينة الرزق، وأسس الأسواق، واتخذ الشرط حيث بلغت 4... شرطي وبهذه الإصلاحات تحولت من مجرد معسكر حربي إلى مدينة ذات معايير مدنية واضحة ارتبطت بأحداث التاريخ الإسلامي.

مدينة الكوفة: أنشئت سنة 17هـ على يد سعد بن أبي وقاص . كمعسكر حربي بعد إذن الخليفة الفاروق. ووفقا لتوجيهاته التخطيطية حيث حددت الشوارع الرئيسية والفرعية والأزقة واتخذت الخطط وبني المسجد والسوق ودار الأمارة.

مدينة الفسطاط: أنشئت سنة 21 على يد عمرو بن العاص الذي أمره الفاروق أن يبني مدينة لا يفصلها عنه ماء وأنشأ المسجد واتخذت خطط القبائل حيث بلغت 47 خطة عند إنشائها فقد قامت على أساس القبيلة باعتبارها هيئة مؤسسيه قائمة ولم تجمع الأضداد المختلفة اجتماعيا معا. وبعد أن انتشر الإسلام وازداد عدد المسلمين أصبح الموالي جزء من نسيج المجتمع وتكوينه وكانت لهم مناشط واسعة.

مدينة واسط: بناها الحجاج سنة 75هـ فاتخذ المسجد، وبنى القصر، والسوران وحفر الخندق، وأنزل أصحاب الحرف والصناع إلى تلك المدينة، واتخذ القصر بجوار المسجد وسط المدينة دلالة على اتخاذ القصور الفخمة كمراكز إدارية.
مدينتا بغداد وسامراء:أنشئتا في العصر العباسي وهما تمثلان نضج وتبلور النظام المعماري حيث اكتست ثوب الفخامة فقد خططتا بتنظيم واضح الهدف والرؤية فمنذ نشأتهما بدأتا كمدن ملكية.

أسبــاب نشــأة المــدن:

1) تنوعت الأسباب فقد ارتبطت بعوامل اقتصادية وحربية ودينية حيث تبدأ بنواه عمرانية ثم تتطور تبعا للعوامل البيئية والمحلية.

2) توفر المقومات الحضارية كزيادة عدد السكان فمثلا بلغ سكان البصرة بالعصر الأموي 6.. ألف نسمة، وبلغ سكان قرطبة بعهد المنصور نصف مليون نسمة.

3) ارتقاء الصناعة ساعد على التطور العمراني في البلاد الإسلامية.

4) ساعدت سياسة الحكام إلى تطور المدن وازدياد عمرانها.

5) دور الوقف في ازدياد التكوينات المعمارية فقد وجد منذ عهد الرسول ولكن أثر في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية مع بداية ق6هـ حيث عضد مجهودات الدولة كإقامة المساجد والأربطة والزوايا والخانقات والمدارس والمزارات والسقايات وغيرها حيث شملت أكثر من 2. نوع كما تبرز أهمية الوقف في المحافظة على المنشآت الوقفية فكان لشروط الواقفين أثر في امتداد الاتجاه التعميري وإنشاء التكوينات المتعددة.

6) الثراء الاقتصادي الذي صاحب الدولة الإسلامية فأنشأ الخلفاء والولاة المدن.

7) الارتباط السياسي لتطور المدن بتغير الخريطة السياسية للعالم الإسلامي بمعنى الاستقرار السياسي ساعد على تطورها ونموها.

8) إتاحة الحكام للعامة بالمشاركة في اختيار مواضع المدن وعمارتها من العامة.
9) مشاركة الدولة في بناء المساكن للفئات التي لا تستطيع البناء فتكاملت سياسة الإعمار تكاملا نشأ عن مراعاة المجتمع وخدماته ومرافقة فتطورت المدن وازدهرت

1.) دور التجارة في نشأة المدن.

تخـطيـط المـديـنة الإسـلامـية

تخطيط المدينة:

يقصد بتخطيط المدينة عملية تحديد، وتعريف أفضل طريق لتحقيق أهداف معينة ثم اختيارها وفقا لاعتبارات معينة للتوصل إلى أفضل الموارد البيئية.

الخطة:

تعني مساحة من سطح الأرض تغيرت بالتركيب العمراني فقط بينما يشتمل التخطيط كل ما يتعلق بالمدينة طبيعيا وحضاريا وسكانيا وعمرانيا وإقليميا.

أهداف المدن الإسلامية:

1) أهداف حربية: حيث بدأت كهيئة عسكرية ثم تطورت إلى هيئة مدينة كالبصرة والكوفة والفسطاط.

2) أهداف إدارية: كمدينة واسط.

3) أهداف سياسية: لتكون حواضر أو عواصم للدول المتتابعة كبغداد والقاهرة وفاس.

4) أهداف كمدن مزدوجة الأغراض: فتكون في البداية مناطق ارتكازية تحصينية ثم تتخذ للدفاع ومع مرور الزمن اتخذت الطابع المدني كالرباط ومدريد.

5) أهداف دينية: أي أنها نشأت ونمت بعوامل دينية كالنجف وكربلاء والكاظمية ولكنها ذات سمات إسلامية.

عـوامـل اختيار موقـع المديـنة الإسـلامـية:

حددها ابن الربيع في ستة شروط مما يؤكد عمق الإدراك بهذه المعايير والشروط التي تميز المواقع الصالحة لإنشاء المدن، وتتمثل في الشروط الآتية وهي:

الشرط الأول: سعة الماء: فهو شرط أساسي في اختيار مواقع المدن فعليه تقوم الحياة وهي نظرة مستقبليه لازدياد متوقع في عمران المدينة.

الشرط الثاني: إمكان الميرة المستمدة: وهي تفسر بإيجاز النظرة الاقتصادية في التخطيط وهو توفير الغذاء فهو شرط أساسي لنشأة المدن واستمرار حياتها فيكون موقعها مرتبط بالإقليم وبالطرق التجارية الرئيسية فينعكس ذلك على رخائها واقتصادها فمثلا كانت القاهرة والفسطاط والعسكر والقطائع والموصل عند ملتقى الطرق التجارية ومن المدن الساحلية المهدية والمرية واستتبع ذلك الاهتمام بالمراسي.

الشرط الثالث: اعتدال المكان وجودة الهواء: ويؤكد هذا الشرط أهمية المناخ والاعتبارات الصحية في اختيار المسلمين لمواقع مدنهم نظرا لأهمية التفاعل بين الإنسان وبيئته الطبيعة ومن ذلك ما أشار به الفاروق . على الجيش الإسلامي بأن يغادر المدائن لما أصابهم من الوهن والضعف وأثر المناخ في تخطيط التكوينات المعمارية كاتخاذ الواجهات والمظلات والعناصر الأخرى المتصلة بالتهوية والإضاءة.

الشرط الرابع: القرب بين المرعى والاحتطاب: فصل ابن خلدون وابن الأزرق ذلك فتوفر الزرع والمرعى والوقود والغذاء والأخشاب اللازمة للبناء من مقومات ازدهار المدن لتأمين مصادرها واحتياجاتها الأولية.

الشرط الخامس: التحصين: عند اختيار الموقع لا بد من التحصين الذي يعين على دفع الأخطار وتبرز أهمية التحصين الطبيعي فقد تحيط بها حرات أو تحيط بها خندق مائي كالأنهار.

شروط تخطيط المدينة:
ذكر ابن الربيع ثمانية شروط تعتبر الهيكل العام والأساسي للمدينة الإسلامية وتركزت على توفر المرافق العامة باعتبار أن السلطة مسؤولة عن توفرها وهي تدل على النظرة العضوية لكيان المدينة الإسلامية فهي بجملتها دار واحدة وهي:

1. توفر الماء.

2. تقدير الطرق والشوارع حتى لا تضيق.

3. بناء المسجد بوسطها.

4. تقدر أسواقها.

5. أن لا يجمع أضداد قبلية مختلفة.

6. أن يجعل خواصه محيطين به.

7. يحوطها بسور.

8. ينقل إليها أهل العلم والبضائع حتى يستغنوا عن الخروج إلى غيرها.

ومع نشأة المدن وضحت ثلاثة محاور رئيسية تؤثر في بقية العناصر الأخرى وهي:

المسجد الجامع

والسوق

ودار الأمارة

وذلك للتكامل الوظيفي فيما بينهم وأصبح هذا هو تخطيط تقليدي لكافة المدن الإسلامية.

المسجد الجامع: المسجد يمتاز بوسطية التخطيط العام للمدينة الإسلامية.

السوق: تبلورت تجربة الأسواق حيث صنفت التجارات والحرف وتنوعت الأسواق والمنشآت التجارية ومع التوسع في الأنشطة التجارية ظهرت مدن للعامة تجارية مثل إنشاء الكرخ قرب بغداد، وزويلة بجانب المهدية المدينة الملكية حتى لا يضيقوا على من يسكنها من الحكام.

دار الأمارة: تكون مجاورة للمسجد الجامع وملاصقة له وقد تغيرت أشكالها نظرا لتغير الظروف السياسية والأمنية وخاصة بعد تحول نظام الحكم إلى ملكي عضوض

السمـات العامـة لتخطيـط المديـنة الإسلامـية

كيفية تخطيط المدينة الإسلامية:

1) تخطيط المدينة قام على أسس معينة نابعة من قيم الدين الإسلامي لتفي بحاجات المجتمع المادية الروحية الفردية والجماعية.

2) الأحكام الفقهية كانت بمثابة القانون العام الذي ينظم بناء المدينة.

3) امتداد المنشآت والتكوينات المعمارية عند أطراف المدينة الأم ساعد على اتساع رقعة المدينة ولكنها ارتبطت بها ارتباط عضوي ووظيفي.

تحصين المدينة الإسلامية:

1) انطلاقا من أهمية الأمن بتوفير تحصين المدينة اعتبر الإسلام بناء الأسوار والأبراج والقلاع والحصون من الوسائل التي تحافظ على النفس والمال.

2) تحصين المدينة يبدأ منذ اختيار الموقع الذي اشترط المفكرون المسلمون فيه أن يكون حصينا بطبيعته ليسهل الدفاع عن المدينة.

3) إعاقة العدو لمنعه من مهاجمة المدينة، وإقامة أسوار من الردم بارتفاعات مختلفة حول الخندق أو القناة ووضعت أسوار ترابية، ثم تطور المفهوم إلى إنشاء حصون عالية يصعب تسلقها.

4) التخطيط الحربي قام على أساس خطوط حربية دفاعية متتابعة تحقق إعاقة المهاجمين وتمكن المدافعين من ضربهم.

5) في القرن الثاني الهجري روعي في تخطيط المدن الإسلامية متانة تحصيناتها فاتخذت شكل مستدير.

6) التخطيط العام للمدن الإسلامية يقوم على إنشاء الخندق الذي يمثل خط دفاعي واقي وهو السور الخارجي ذو المداخل المنكسرة والسور الداخلي وزود بأبراج وسلالم.

7) تصميم المدن الحربي يمكّن من خلاله التحكم في الدخول والخروج ويكون قصر الخلافة والمسجد الجامع محاط بسور داخلي مركزي يعد الخط النهائي لحماية مركزية السلطة.أمثلة: قرطبة: بنى لها الناصر أبوابا سنة 3.1هـ،أيضا زاد المرابطين والموحدين أبوابا لها تسمى الأبواب ذات المرافق.

8) نتيجة التطور الجديد في نوعية التسلح وانتشار المفرقعات في تطور المدفعية لم تعد الأسوار الحجرية قادرة على تحمل ضربات المدفعية فكان لابد من تقويتها بالكثبان الرملية وخفض ارتفاعها لحجبها عن يد العدو وأدى ذلك إلى تعميق الخندق أمامها وأصبحت حصون أرضية مختفية مثل الاستحكامات في مدينة عسير في المملكة العربية السعودية التي يرجع إنشائها إلى العصر العثماني.

9) انتشار البنادق والمدافع أدى ذلك لاتخاذ فتحات الرمي في الأسوار والأبراج مثل قصر المصمك مدينة بالرياض بالمملكة العربية السعودية.

الأثر العلاقاتي بين التحصين وتخطيط المدينة الإسلامية:

1) أثرت في جوانبها المادية، حيث أثرت في مساحتها التي أصبحت محدودة فنظام التحصين يكون أوفق كلما صغرت المساحة.

2) نمو المدن المسورة يمتد خارج الأسوار حيث يأخذ محلات سكنية متكاملة تسمى أرباض بنية لها أسوار وكل ربض اتخذ تكوينات معمارية مستقلة.

3) أثر الظروف السياسية والحربية التي تعرضت لها خريطة العالم الإسلامي في استحداث التحصينات الحربية للدفاع عن نفسها خاصة المدن الثغرية لأنها كانت مسرحا للحروب.

4) بناء القلاع لاتخاذها قواعد هجومية.

5) أثناء الحروب الصليبية اتخذت الأبراج المستطيلة، وكانت الأبواب شديدة التحصين والأبواب منعطفة وبزوايا قائمة، وكانت عبارة عن سلسلة من الغرف.

6) المرافئ الخاصة بالمدن الساحلية كانت تقام لها حصون أو أبراج دفاعية وقوية وتمتد بينها سلاسل حديدية تشكل بوابة الميناء وتنتصب عندها المجانيق والعرادات لقصف السفن المعادية.

7) ازدياد كثافة سمك الجدار الساترة وهي العمود الفقري لأي منشأة حربية لتقاوم القصف والهزات الأرضية.

8) أثر الاعتداءات على الحجاج أدى إلى حماية منازل الحج وطرقة فأدى ذلك إلى استحداث إنشاءات التحصينات والقلاع اللازمة لتأمين طرق الحج، وبالتالي صد هجمات المعتدين على قوافل الحجاج التي قد يتعرضون لها فاهتم الحكام المسلمين على اختلاف دولهم بطرق الحج ومحطاته حفاظا على سلامة الحجاج.

9) أثر فساد الحياة السياسية وانعدام السلطة السياسية القادرة على توفير الأمن أدى إلى انتشار فكرة التحصين للدفاع عن الأحياء السكنية.

1.) ظهرت التحصينات القوية لتأمين الحاكم والسلطة وتخطيط شوارعها وتكويناتها المعمارية كالمسجد الجامع والقصر ودار الأمارة والدواوين والمرافق العامة الأساسية والثانوية.

11) أدت إلى ظهور باب السر في العصور التي سادت فيها الفتن والاضطرابات كالعصر المملوكي فلم يقتصر إنشاء أبواب السر على القلاع ومراكز السلطة ولكنه ساد قصور وبيوت الأمراء المنتشرة في أرجاء الدولة الإسلامية.

12) إنشاء نقاط دفاعية متينة للحراسة والاستطلاع أدى ذلك إلى الضرورة الإنشائية للتكوينات التحصينية.

13) أنشئت القلاع خارج المدن لحماية المدن من الهجوم مثل قلعة المرقب بالشام.

14) فرضت الحاجة إلى فرض أكثر من قلعة في المدينة الواحدة كاللاذقية.

15) المدن التي كانت سرير الملك أو مقر للسلطة وجه التخطيط فيها لحماية الحاكم ووقايته من الأخطار الداخلية والخارجية فكانت مقر للحكم والإدارة وأنشأت بجوارها مدن للعامة بها كل المستلزمات المعمارية وهي ترتبط عضويا ووظيفيا بالمدينة الأم.

16) امتداد أثر تأمين الحاكم على تخطيط منازلها:

أ- أدى تأمين الحاكم على نفسه إلى جعل المدينة لها حارات تقفل عليها دروب ليسهل التحكم في عزلها عن بعضها البعض والسيطرة على أي اضطراب أو حوادث تؤثر في حالة الأمن بها.

ب- أدى تأمين الحاكم على نفسه إلى بتكثيف الجند والشرطة القائمة على ضبط الأمن فأدى ذلك إلى توفير مواضع الحراسة في أبواب المدينة الرئيسية.
شـوارع المديـنة الإسلامـية وطرقـاتـها

أهمية الشوارع: تأصلت العلاقة الوظيفية بين شوارع وطرق المدينة وتكويناتها المعمارية فبرزت كمحور رئيسي في التخطيط لنشأة المدينة الإسلامية، كنتيجة حتمية لامتداد التعاون والتفاهم داخل القرى والمدن فنشأت طرق القوافل التجارية لتكون مقاطع للطرق لأهداف مختلفة.

مميزات وصفات الشوارع في المدينة الإسلامية:

1) اعتبرت الشوارع هي الأصل في تخطيط المدن الإسلامية وتتفرع منها الشوارع الفرعية.

2) اختلفت مقاييس الشوارع سلبا وإيجابا تبعا لمكانة المدينة وأهمية الشارع ذاته.
3) تدرجت من الضيق إلى الاتساع.

4) تنوع الشوارع فمنها: ما هو شوارع عامة: وتكون مستقيمة متسعة. و شوارع خاصة: تتسم بالضيق والالتواء.

5) مقاييس الشوارع: الشوارع الخاصة ترك تحديدها لأصحابها وإذا اختلف في تحديده يرجع في ذلك لقول المصطفى " إذا تدارأتم في شارع فاجعلوه سبعة أذرع ".

6) أثر الظروف المناخية كحركة الشمس واتجاه الريح في الطرق والشوارع.

7) اتخاذ الطرق الخاصة الغير ملتوية ونافذة للمناطق السكنية كنوع من الخصوصية للبيوت المشتركة.

8) أثر الشمس في اتجاه الشوارع ففي المناطق الحارة تكون الشوارع من الشمال إلى الجنوب لأن ذلك يساعد على عدم تعرض الشوارع وواجهات البيوت للشمس.

9) أثر التحول الإنشائي الوظيفي لبعض المدن نتيجة لتغيير الأوضاع السياسية مثل مدينة القاهرة التي تحولت في العهد الأيوبي من مدينة ملكية إلى عامة أدى ذلك إلى تحولات جذرية في عمران المدينة وتكويناتها وأزيلت القصور الفاطمية فتطلب ذلك إنشاء شبكة جديدة من الطرق الفرعية والخاصة
.
1.) التسلط الشخصي لبعض الأفراد أدى إلى تغير هيئة بعض الطرق والشوارع كفتحها على بعضها البعض أو إلغاء لبعضها تحقيقا لأغراض خاصة.

11) أثر تقسيم الإرث أو البيع أو الاستبدال أو تحويل وظائف المباني إلى مباني أخرى غير التي أنشئت من أجلها فتتغير وظيفتها وبالتالي يتم تغيير الطرق والشوارع العامة تبع لذلك.

12) تحكمت القوانين الفقهية في تخطيط الشوارع الإسلامية.

13) تأثرت الشوارع وهي بمثابة الشرايين للمدينة الإسلامية بالعوامل المناخية.

14) كانت الرحاب والميادين وهي المساحات الخالية من البناء لاستعراض الخيل والجند وإقامة الألعاب أو لمصلى العيد تشكل نقاط التقاء مجموعة من الشوارع أو السكك والأزقة.

15) نظرا لأن علاقة الشارع بالإنسان علاقة منطقية تشعره بكيانه فقد أدى إلى إعطاء الإنسان التجول البصري فاهتموا بجمالية الشوارع ونظافتها وإنارتها وكان للمحتسب ومعاونيه دور في المحافظة على حق الطريق في إطار القيم الإسلامية أدى إلى احتفاظ الشوارع بهذه القيمة الجمالية الأصيلة الحضارية.

16) تركز الأسواق والحوانيت على جوانبها ورؤية المواكب الرسمية التي تجوب الشارع الأعظم كل ذلك جعلها مضاءة مما أكسبها جمالا وجاذبية.

17) أهمية القناطر أدت إلى تنوع الطرق وتعددها وخصص البعض للمرور وللتنزه والاستمتاع بالمشهد الجميل.

18) استخدام السميرات والمعبرانيات للتخفيف من حركة المرور المكثفة حيث بلغ عددها في نهر دجلة أيام الناصر لدين الله 3. ألف وهو أمر يكشف عن وسائل التنقل بين أرباض المدن التي تتخللها الأنهار.

19) الاهتمام بتجميل وإضاءة شوارع المدينة وتبليطها فقد سبقت المدينة الإسلامية مدن أوروبا في هذا الاهتمام فقد كان المرء في قرطبة يسير عشرات الكيلو مترات في ضوء المصابيح في الوقت الذي لم تنر شوارع لندن إلا بعدها ب" 7.. " عام بينما تضاء جميع الشوارع والمآذن والمساجد بصور مكثفة في مواسم الاحتفالات.

2.) رصفت الشوارع مثل قرطبة وبعض المدن التي تسقط عليها الأمطار بغزارة لتجنب الوحل مثل صنعاء التي اشتملت شوارعها على مجاري لتصريف مياه الأمطار.

كيـفيـة تخـطـيط الشـوارع الإســلامــية:

تأثر تخطيط شوارع المدينة الإسلامية بنظام التحصينات والأسوار فيها من حيث:
1) اختيار موقعها الحصين المرتفع أو المحاط بعوائق مادية انعكس على الطرق الموصلة إليها.

2) إحاطتها بأسوار حدد مساحتها وامتدادها وبالتالي أرباضها فكان للتحصينات أثر كبير على عدد ومقاييس واتجاهات شوارعها.

3) تأثرت بمقاييس الأبواب، كذلك نظرا لإحاطة البوابات بأبراج زودت بالسقاطات وتخطيطها كان من الاتساع إلى الضيق ثم إلى الاتساع ثم الانعطاف يسارا.

4) ضيق الشوارع الجانبية أدى إلى الاستغناء عن الشوارع كعنصر تهوية وإضاءة والاعتماد على الفناء الداخلي.

5) أثر نظام تأمين الخليفة أو الوالي في المدينة الإسلامية على وجود طرق أرضية " أنفاق " تربط بين القصور والمدينة.

6) أثر تأمين الحاكم في تخطيط شوارع وسكك المدينة الفرعية فقد عملت لها دروب تغلق عليها وقت الفتن والاضطرابات ومثال ذلك بغداد.

7) تأثير المسجد الذي يعتبر من المحاور الرئيسية في التخطيط وامتاز بوسطية مكانه وتفرعت إليه الشوارع الرئيسية للتمكن من إلقاء الخطب الدينية فأثر على الشوارع والأزقة الفرعية المتصلة به.

8) إنشاء الأرباض خارج المدن الرئيسية وبناء المساجد بها أدى ذلك إلى تخطيط الشوارع وتوجيهها.

9) الأسواق أثرت في تخطيط الشوارع فأنشئت الأسواق الأسبوعية خارج المدينة فأدى ذلك إلى إنشاء شوارع فرعية للتخفيف على شوارع المدينة الرئيسية.

1.) توصيل الماء أدى إلى التأثير على شوارع المدينة.

مقايـيس الشـوارع واتجـاهـاتـها:

أسباب التنوع: هناك عوامل للتنوع في مقاييسها واتجاهاتها فمنها ما هو متصل بتخطيط المدينة، ومنها ماهو متصل بمناخها، وأيضا بتضاريسها، وبالقيم الإسلامية.

الوصف العام: ضيق الشوارع وإلتوائها.

أمثله:

مدينة البصرة: كان شارعها الأعظم 6. ذراع والشوارع الباقية 2. ذراع وعرض الأزقة سبعة أذرع.

مدينة الكوفة: حدد الخليفة الفاروق . شوارعها بسبعة أذرع ولا يرتفع البناء أكثر من طابق وتحديد ارتفاع المباني بهذه الهيئة يزيد الإحساس باتساع شوارعها.

ولكن لم يكن هذا تقليدا متبعا في جميع تخطيطات المدن الإسلامية فمع نمو المدينة الإسلامية وتحولها إلى مراكز حضارية عمرانية زاد الاهتمام بالشوارع الرئيسية فيها مثل:

أ- مدينة واسط: عند تأسيسها وجد بها أربعة شوارع رئيسية، عرض الواحد 8. ذراع.

ب- مدينة سامراء: كانت شوارعها الرئيسية عرضها 1.. متر، وهي من أعرض الشوارع في العواصم العالمية حتى الآن.وهذا يشهد بمدى الرقي المعماري للعمارة الإسلامية.

وظـيفة شـوارع فـي المـديـنة الإسـلامـية:

1) الشوارع تمثل شرايين اتصال وحركة تربط بين تكويناتها المعمارية.

2) ترتبط بشكل مباشر بوسيلة النقل المستخدمة وهي الدواب سواء في الركوب أو حمل الأثقال.

3) ارتبطت كثافة المرور في الشوارع بكثافة السكان فقد اشتملت على بعض المنشآت على جانبي الشوارع.

4) لعب السقاؤون دورا مهما في حياة المجتمع الإسلامي حيث كانوا ينقلون الأخبار بين أهل المنازل التي يتعاملون معها.

5) دور الرحالة والوافدين في حركة المرور وحركة الحياة في شوارع المدينة
.
6) دور البائعين والجائلين وأصحاب الحرف فهم يصلون إلى كل أجزاء المدينة.

7) تتأثر الكثافة المرورية في المواسم والأعياد للرغبة في شراء المتطلبات.

8) شهدت الشوارع جوانب من الاحتفالات في المواسم والأعياد والمناسبات السارة.

9) دور الشوارع في مواكبة الاحتفالات الاجتماعية كاحتفالات الزفاف والاحتفال بالمناسبات الدينية كالإعلان عن مواكب رؤية هلال شهر رمضان وما يصاحب ذلك من ابتهاج فتعلق الفوانيس المضاءة فرحا بمقدم رمضان، وحضور صلاة العيد يخرج السلطان والخليفة إلى مصلى العيد ويكون خارج المدينة، كذلك مواكب الإعلان عن قرب موعد الحج وموكب خروجه للبلاد المقدسة.

نظافـة الشـوارع والطـرقـات:

دور الحكام في الارتفاق بالشوارع والطرقات حيث أمروا بالآتي:

منعوا الحيوانات المكروهة من المرور كالكلاب لنجاستها.

منع النساء من النياحة على الأموات في الشوارع.

عملوا على مطاردة الشحاذين والمعدمين فيها.

دور المحتسب في الارتفاق بالشوارع والطرقات حيث يقوم بالآتي:

يمنع احتمال الحطب والشوك وغيرها لأنها تؤثر في نظافة الشوارع.

يراقب نظافة الشوارع، ويمنع رمي النفايات على جوانبها.

يؤمن عدم اختلاط الرجال بالنساء في الشوارع وخاصة في يشييع الجنائز.

يمنع الرجال من الجلوس في طرقات النساء إلا لحاجة.

ينبه أصحاب المباني الآيلة للسقوط من أن تسقط وتتسبب في أذى المارة والجيران.

الأحكام الفقهية: دعت إلى إصلاح الطرق وتنظيفها.

أصحاب المباني: قاموا بتنظيف الشوارع التي تطل على مبانيهم، وأسواقهم وحوانيتهم ورشها بالماء.

أهمـية الشـوارع فـي المديـنة الإسـلامـية:

مكان لإعلان النداء لأغراض اجتماعية شخصية تهدف إلى مشاركة فئات المجتمع في مناسباتهم الاجتماعية.

مكان لإعلان عن زيادة فيضانات الأنهار كنهر النيل.

مكان لإعلان دوران المحمل بحيث تخبر سلطات المدينة من يعتزم الحج للاستعداد له.

استغل العامة مرور موكب الحاكم في شوارع المدينة للتعبير عن مشاعرهم وعرض مطالبهم.

مكان لإعلان المراسيم العامة التي تريد السلطة إخبار العامة بها.

مكان للتشهير بالخارجين على الدولة، واستخدام الأجراس والنداء معا ليزيد من انتباه العامة بالشوارع فيتحقق الغرض الإعلامي.

عكست الشوارع أحداث الصراع السياسي فكانت مكان لقتل الخارجين على السلطة والمجرمين بقتلهم وتعليقهم على الأبواب الرئيسية للمدن التي يمر العامة بها بصورة مكثفة.

إطـلالـة ولمـحة سريعـة علـى أبـرز المنـشآت والمرافـق العامـة فـي المديـنة الإسلامـية

حفلت المدينة الإسلامية بالعديد من التكوينات والمنشآت العامة المعمارية،وذلك تبعا لتنوع الأغراض في المدينة الإسلامية وإن اختلقت في تطورها تبعا للمراحل التاريخية التي مرت بها المرافق العامة في المدينة الإسلامية.

أولا: المنشآت الدينية:

تعددت المنشآت الدينية في المدينة الإسلامية وتنوعت بتنوع وظائفها والتي انبثقت أصلا من وظيفة المسجد الجامع، وكانت تابعة له.

أولا:المسجد الجامع:

أهمية المسجد الجامع:

يعتبر المسجد من أهم المنشآت العامة في المدينة الإسلامية لما له من دور أساسي في حياة المجتمع، قام بوظيفته الدينية كمركز لبحث الشؤون السياسية والدينية والتربوية والاجتماعية ففيه يستقبل الوقود والسفراء، وتخطب فيه الجمع والأعياد، وينظم شؤونهم ويعلمهم أمور دينهم. وكان الخلفاء يعلنون من منبر المسجد الأحداث التي تواكب الفتوحات الإسلامية، ويلقي الخليفة أو الأمير خطابه السياسي الذي يوضح فيه كيفية مسيرته السياسية ومسؤولياته وواجب الرعية نحوه، فالمسجد بمثابة جامعة وبرلمان ويقوم بوظائف متعددة.

تخطيط المسجد:

1) كان المسجد يقع في وسط المدينة باعتباره النواة الأساسية في تخطيطها وتخطط حوله الخطط والشوارع والسكك والأزقة. واتخذ بوسطية المدينة كمركزية لها ليكون قريبا من كل أطراف المدينة حتى يسهل على المصلين التوجه إليه سواء من أهل المدينة أو من المناطق المجاورة لها.

2) مع نمو المدينة وتزايد سكانها أصبحت الحاجة ملحة لتوسعة المسجد الجامع ليتسع لأعداد المصلين المتنامية، فأصبحت ظاهرة توسيع المساجد ظاهرة عامة في تاريخ الكثير من المساجد الجامعة في المدينة الإسلامية كمسجد البصرة والكوفة وبغداد.

3) مع اتساع رقعة العمران في المدينة الإسلامية أدى إلى الاتساع الكبير الممتد في أرباض عديدة اتخذت هذه الأرباض هيئة المدينة الأم وأنشئت فيها المساجد الجامعة

4) ومع امتداد عمران المدينة وكثافة سكانها مع مرور الزمن باتت الحاجة ملحة لإقامة عدة مساجد جامعة.

ثانيا: دار الأمارة:

1. الموقع: أوجبت الضرورة الوظيفية لدار الأمارة مجاورتها للمسجد الجامع. فتكون دارة الأمارة في وسط المدينة لأنها تمثل مركز الإدارة فهي الجهاز الإداري الذي يشرف على جميع الشؤون الإدارية كالوالي والقاضي وصاحب الشرطة.

الأسـباب:

اقتداء بالمصطفى: .فقد بنى الرسول . منزله ملاصقا للمسجد الجامع.

ما وقع في مدينة الكوفة في سنة 17هـ في ولاية سعد بن أبي وقاص أن تسلل أحد اللصوص دار الأمارة بعد أن ثقب جدارها وسرق المال المحفوظ في بيت مال المسلمين وشكا سعد إلى الفاروق فأمره أن يجعل داره ملاصقة لجدار المسجد.

ما وقع في مدينة البصرة في سنة 44هـ في ولاية زياد بن أبيه فرأى أن لا يمر بين يدي المصلين عند توجهه للمحراب فحول دار الأمارة إلى قبلة المسجد ليصل الوالي إلى قبلة المسجد مباشرة وأصبح ذلك تقليدا معماريا في قصور الخلفاء ودور الأمارة في المدن الإسلامية ثم استتبع تأمين دار الأمارة عزلتها عن مساكن العامة والأسواق.

2. وفي المدن التي انفصل فيها المسجد الجامع عن القصر أو دار الأمارة ربطت بينها بشوارع متسعة تتسع لمواكب الخلفاء والولاة.

3. ربط المسجد بدار الأمارة بساباط يؤدي إلى المقصورة مباشرة.

ثالثـا: المـدارس:

بدايتـها: مع نهاية القرن الخامس الهجري ظهرت إلى حيز الوجود منشآت دينية ارتبط ظهورها بأحداث العالم الإسلامي في حينها فقد ظهرت المدارس على يد فقهاء السنة ثم تبنتها الدولة وأصبحت مؤسسات رسمية عنيت بإنشائها لتخريج أجيال المتفقهين بالمذهب السني لمقاومة التيار الشيعي الذي أخذ يهدد المذاهب السنية.

أمثـلة: اهتم السلاجقة والأيوبيون والأتابكة بإنشائها ووصلت إلى أرقى مستوى من التنظيم والإدارة حيث أرست تقاليد راسخة علمية تأثرت بها الجامعات الأوربية.

أثر نظام الوقف: ساعد نظام الوقف على إنشاء العديد من المدارس، وعلى استمراريتها في أداء وظيفتها من أراض وعقار للاهتمام بعمارتها، وأوقفت عليها الرباع والخانات والحوانيت فانعكس ذلك على المظهر المعماري للمدينة الإسلامية خاصة في عصر السلاجقة والعثمانيين.

رابعـا: منشـآت التصـوف:

انتشرت داخل كيان المدينة الإسلامية منشآت دينية للتصوف من خانقاه وزوايا وأربطة تلازم ظهورها مع المدارس فقد ظهرت فئة من العامة تدعوا إلى الزهد والتقشف ونبذ الترف والرفاهية وقوي التصوف في العهد العباسي ودخلت الخلافة في صراع معهم بتحريض من الفقهاء فتبلور النظام الصوفي وانتشر فكره وأتباعه فأنشئت لهم مباني خاصة يختلون فيها للعبادة. وانتشرت الربط بكثرة نتيجة لانتشار التصوف. والخانقاه بدأت في نهاية " ق 5 هـ" وأوقفت عليها الأوقاف واتخذت شكل سياسي حيث أدخلها صلاح الدين مصر للقضاء على أتباع المذهب الشيعي بعد سقوط الفاطميين.

طرائقها: أنشئت لها زوايا بجانب الخانقاه ولكل طريقة شيخ ومذاهب وأتباع منها الرفاعية، والتيجانية، والكيلانية، والنقشبندية.

آثار المرافـق الدينـية:

زادت أعداد هذه المنشآت وأصبحت من التكوينات المعمارية الدينية في المدينة الإسلامية.

ساهمت في استحداث مرافق عامة كالميضآت والأسبلة والكتاتيب والمكتبات وتوفير الخدمات العامة للقاطنين والوافدين كإيجاد وحدات سكنية.

كان لكل منشأة جهازها الإداري المستقل عن إدارتها ورعاية أمورها.

كفلت الدولة بسلطتها القضائية والتنفيذية رعاية هذه المنشآت من خلال ديوان الأوقاف.

شاركت هذه المنشآت في بناء حياة وحضارة المجتمع الإسلامي.

خامـسا: الحمـتمـات العامـة:

أهميتـها: أنشئت كحاجة وظيفية في الإسلام مرتبطة بدعوته للتطهر والنظافة.

تصميـم الحمـام: غالبا يشمل على تصميم معماري حيث المدخل الصغير المؤدي إلى غرفة المشلح لخلع الملابس وحفظها وبه مجلس معلم الحمام الذي يأخذ الأجور ويشرف على العمل بالحمام وتتصل بها الحجرة الباردة مزودة بأحواض مائية عبر أنابيب فخارية ويتصل بها حجرة ثالثة هي الحجرة الساخنة وهي مزودة بمغطس. والحجرات بها قباب تسمح بدخول الضوء دون الهواء.

الأرضية: مفروشة بالرخام ليسهل تنظيفها.

البناء: يستخدم الآجر والرخام والحجر لتتحمل الماء ليقوم الحمام بوظيفته.

آثـارهـا:

خضعت لإشراف المحتسب واستوجب تصميم أحواض الماء وقنواته لتغيير الماء.

أنشئت حمامات للرجال وأخرى للنساء وبعضها أستخدم للنساء بوقت والرجال بوقت آخر وكان يصرف للطلاب في بعض المنشآت الدينية مخصصات شهرية للاستحمام بالحمامات العامة.

كثرت نتيجة لما تدره من ريع وفير نتيجة لازدياد المدينة فزادت أعداد الحمامات.

سـادسا: البيـمارستـانـات:

ماهيتــها:

هي من المنشآت التي توفر الخدمات العلاجية والطبية للعامة وأول ظهور لها في عهد الوليد بن عبد الملك سنة 88هـ اهتم بتخصيص مرتبات مالية لذوي الاحتياجات الخاصة.

تولى السلاطين والأمراء إنشائها، وأوقفوا عليها الأوقاف لتستمر في أداء وظيفتها.

مثال: بيمارستان أحمد بن طولون بالقطائع، أتاحه للعامة الغير قادرين على نفقات العلاج فقد اشتمل على أقسام للعلاج متنوعة كقاعة لمرضى الحميات، وللرمد، وللجراحة، وقسمه قسمين: للرجال و النساء، وزوده بمطبخ، وموضع للأدوية، والأشربة، ومكان للتدريس.

سابعا: الأسـواق:

من الملامح للمدن الإسلامية أنها ذات طابع تجاري، والأسواق مراكز للنشاط التجاري.

وفي الإطار الزمني وجدت أسواق سنوية وأخرى أسبوعية.

وفي الإطار المكاني وجدت أسواق داخل المدن: تنوعت حسب مساحتها ونشاطاتها.وأسواق خارج المدن: تكون قريبة من أبوابها وأسوارها، وتكون أوسع حيث يأتي سكان المدينة وخارجها للاتجار فيها.

فالأسواق أحد الركائز الاقتصادية وهي تعكس الازدهار المادي للمدن.

نبــذة تاريخــية عن الأســواق:

نشأة الأسواق في عهد الرسول . وكانت عبارة عن مساحة خالية من البناء. وفي العهد الأموي في عهد معاوية بن أبي سفيان بدأ بالبناء في سوق المدينة. أما في عهد عبد الملك بن مروان فقد بنيت عدة قيساريات.والقيسارية: هي عبارة عن وكالة تجارية أو تجمع تجاري كقيسارية العسل وقيسارية الحبال.

تبلـور فكـرة الأسـواق:

في العهد الأموي: ظهرت فكرة الأسواق المغطاة ففي عهد هشام بن عبد الملك عمم هذه الفكرة على معظم أسواق المدن الإسلامية، وكان عامله على العراق خالد القسري هو أول من بنى الأسواق، وسقفها، وحدد مواضع لكل مجموعة من البائعين المتخصصين في تجارة معينة.

في العهد العباسي:
تطور نظام تخطيط الأسواق فكانت بغداد تشتهر بأسواقها في كل حي من أحيائها في عهد الخليفة المنصور.

وفي القرن الثاني الهجري أنشأ المنصور مدينة الكرخ، وعند تخطيطها طلب قطعة من القماش، ورسم السوق عليها،وخصص لكل حرفة منطقة معينة خاصة بها.

وفي عهد المعتصم أصبح إنشاء الأسواق المتخصصة نمطا تقليدا في تخطيط المدينة الإسلامية.

اتجاه الأسواق في المدينة الإسلامية: اتخذت اتجاهين رئيسين هما:

1) التكوين المعماري الأول: تبلور بنائيّا في العهد الأموي عندما بنيت الأسواق وكانت عبارة عن مجموعة من الحوانيت تطل على مساحة مكشوفة في الوسط، وتعلوها وحدات سكنية تؤجر لمن يريد.

2) التكوين الثاني: هو نمط الحوانيت المتراصة على جانبي الشارع الرئيسي أو الشوارع الفرعية، وصنفت حوانيته تصنيفا تجاريا يمنع وقوع الضرر، وهذا يساعد على مراقبة الأسواق.

ثامنا: المنشآت المائية:

تحكم الماء في اختيار موقع المدينة منذ نشأتها، وتنوعت أساليب تغذية المدينة بالماء بتنوع مصادره: كالأنهار، والعيون، والآبار.

أمثلة:

مدن تعتمد على الأنهار وإنشاء القنوات فقد مد المنصور قناة من نهر دجلة والفرات إلى مدينة بغداد في عقود وثيقة من أسفلها محكمة بالصاروج، والآجر. وتنفذ في الشوارع والأرباض صيفا وشتاء. أيضا شق المتوكل قناتين إلى مدينة سامراء.

مدن تعتمد على مياه الأمطار، فقد عملت بها مصايد الماء، والصهاريج،والمواجل كمدينتي تونس والمهدية.

مدن تعتمد على الآبار والعيون والأنهار شقت لها قنوات إلى المدن والتكوينات المعمارية بها كالفنادق والبيمارستانات والمدارس، مثل قناطر ابن طولون، فقد شقت القنوات على هيئة عقدية تجتمع عند كل عقدة مجموعة من القنوات بني عليها خزان، وهي بمثابة نقطة التحكم في توزيع المياه.

أنشئت للمجموعات المعمارية الكبيرة شبكات تغذي وحداتها المختلفة بالماء من مصادر مختلفة كمجموعة السلطان قلاوون في القاهرة التي حفر لها بئرا خاصة وأنشئت لها ساقية إلى مصنع كبير مرتفع يغذي المدرسة ووحداتها والبيمارستان ووحداته في نظام هندسي وقلد هذا النظام في منشآت المماليك في القاهرة.

شاركت الدولة والعامة في تأمين مصادر الماء إلى منشآتهم.

وهناك صهاريج عامة لسقيا العامة يوجد بعضها فوق سطح الأرض والآخر تحت الأرض، وانتشرت كذلك الأحواض.

الحيـاة السياسـية فـــــــــي المديـنة الإسلامـية

أهم مميزات الحياة السياسية في المدينة الإسلامية:

1. أدرك المسلمون أهمية الدور السياسي في نشأة المدينة الإسلامية، وتبلور ذلك بوضوح فيما كتبه قدامة بن جعفر في تصوره في كيفية نشأة المراكز الحضرية.

2. رسم الإسلام المنهج السياسي الواضح للأمة الإسلامية، وتعدى ذلك إلى تنظيم علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الأمم.

3. تشكلت المؤسسات السياسية بالمدينة الإسلامية، وتميزت بوجود مستويين من المؤسسات هما:

المستوى العام للدولة: و تشكل المدينة عاصمتها.

المستوى الخاص بالمدينة: كتكوين مدني فرعي في الدولة في المؤسسات الخاصة بها، وكذلك شكلت المدن الكبيرة مراكز إدارية لأقاليمها، وتبعتها المدن الأقل في تنظيم متدرج يشمل كل مراكز الإقليم الاستيطانية.

4. إن إنشاء المدن واختيار مواقعها وتوجيه العمران فيها من مهمات السلطة المركزية.

5. ارتباط النمو السريع لمدن الهجرة باشتداد حركة الفتح وبعد أن هدأت الفتوحات اتجهت سياسة التعمير إلى تحويلها لمدن مستقرة.

6. تغير الحكم من شوري إلى ملكي أثر في المنشآت المعمارية فمثلا أنشأ الحجاج مدينة واسط للسيطرة على البصرة والكوفة. وأنشأ المنصور بغداد تجنبا لمخاوف ثورة أهل الكوفة.

7. ارتبط إنشاء مدن العواصم باعتبارات سياسية لتحقيق هدف الاستقرار السياسي في فترة التأسيس.

8. تأثر التكوين المادي للمدن الإسلامية بوظيفتها السياسية كعاصمة للدولة، ونشأت تكوينات معمارية كقصر الحكم، والدواوين، وبيوت الضيافة.

9. أدى الصراع السياسي المستمر إلى تغيرات في الخريطة السياسية تبعها تغيرات في عمران المدن.

1. أثر السياسة الحربية لإنشاء المدن التي تؤدي الغرض الأمني كمدينة المعمورة التي بناها الموحدون.

11. ارتباط اختيار موقع المدن الإسلامية بالعوامل السياسية التي صاحبت إنشائها.

12. الاهتمام بالعنصر البشري وتشجيعه على عمران المدينة رغبة في التوجيه والإصلاح ليتحقق التكامل فتبنى الأرباض، وتشحن بالناس وتشجيع الهجرة إليها.

13. انعكاس الرسم الملكي على تخطيط ونوعية التكوينات المعمارية فمثلا تؤكد شوارع القاهرة على رؤية سياسية فاطمية لإضفاء الفخامة والمهابة على الكيان السياسي الفاطمي.

14. الإشراف على دور الضرب كشارة من شارات الملك، فشكلت تكوين معماري مهم.

15. المنشآت الضخمة المعمارية هي رموز مهمة، ووسيلة للدعاية السياسية، ودليل على قوة الدولة.

الحيـاة الاجتمــاعـــــية فـــــــــي المديـنة الإسلامـية

العوامل المؤثرة في الحياة الاجتماعية في المدينة الإسلامية:

1. الصراعات السياسية الداخلية تؤدي إلى انصراف السلطة عن الإصلاحات الاجتماعية والمرافق العامة وتحقيق الرفاهية لجميع أفراد المجتمع فمثلا في العصر العباسي أدى الصراع بين الأمين والمأمون إلى اختلال الأمن في بغداد. وفي العصر الفاطمي أدى الصراع بين شاور وضرغام إلى إحراق مدينة الفسطاط وغيرها كثير فتؤدي تلك الخلافات السياسية إلى تبعثر الجهود وتفتت الوحدة الاجتماعية.

2. الأحوال الاقتصادية فمثلا اهتم العصر الأموي بالمجال الزراعي بينما العصر العباسي اهتم بتكثيف النشاط التجاري فأدى ذلك إلى ازدهار عمران المدن. وقد أصبحت القاهرة في العهد المملوكي أكبر مدينة في العالم لسيطرة المماليك على طرق التجارة العالمية المارة بأراضيها.

3. الحياة الدينية والفكرية عكست آثارها على التخطيط والتكوين العمراني فمثلا عندما ظهرت الدولة الفاطمية سعت إلى السيرة على العالم الإسلامي وعملت على نشر مذهبها الشيعي، وأنشأت المؤسسات الفكرية، والدينية فنهض العالم السني دفاعا عن نفسه لإيقاف المد الشيعي.

4. اختلاط الأجناس خلال العهود الإسلامية فمثلا اعتمد العباسيين على الفرس ثم الترك.

5. فئات المجتمع من أهل الذمة، والرقيق ساعدوا على ازدهار الصناعات وبالتالي انتعاش الأسواق في المدن الاسلامية.

أثـر الحيـاة الاجتـماعـية فـي المديـنة الإسلامــية:

1. رسخت القواعد الإسلامية المبادئ الاجتماعية فلا ضرر ولا ضرار لذلك أبعدت المنشآت التي تسبب أضرار كأفران الفخار، والجير، والمدابغ، والصناعات التي تحدث ضجيج في الوحدات السكنية.

2. تصنيف الأسواق في المدينة الإسلامية لدفع الضرر حيث يساعد على تكثيف البائعين، ويزيد رواد السوق.

3. تركز القطاع الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة المحيطة بالمسجد الجامع.

4. من مبدأ لا ضرر ولا ضرار ومن مبدأ الخصوصية أثر في التكوين المعماري للحفاظ على نظام الأسرة، والتستر على حرماتهم.

5. تضمنت الأحكام الفقهية مسائل كثيرة نظمت فتح النوافذ، والمظلات بما يمنع الأذى، ويحقق المنفعة، ويصبح الحكم الفقهي مع الزمن قاعدة سلوكية اجتماعية عامة.

6. المنازل تنوعت حسب ظروف المساحة وإمكانية الإنسان وظروف العصر، واختلاف المناخ فللخصوصية أفتى الفقهاء بإنشاء السترات البنائية التي تعلو سطوح المنازل، وسترات للسلالم الصاعدة. وفي العهد العثماني أصبح المنزل يتضمن قسم للرجال، واستقبالاتهم ويضم القاعات والمجالس، والمقاعد المخصصة بمرافقها ويسمى " السلاملك ". وقسم يشمل: غرف المعيشة، وقاعات النوم ويسمى " الحرملك " ووزعت كأجنحة، وغرف يكفل الخصوصية لأفراد الأسرة.

7. الاهتمام بغرف الاستقبال داخل منازل المدن الإسلامية كالفسطاط والقاهرة وسامراء وغيرها.

8. الاهتمام بعنصر الماء والزروع في وسط فناء المنازل، والمنتديات والحمامات بطريقة تتفق مع الخصوصية.

9. التكثيف السكاني استدعى إلى زيادة المرافق كالمساجد الجامعة، والبيمارستانات.

1.. التكثيف السكاني استدعى إلى زيادة الحمامات وشبكات الصرف الصحي.

11. أثرت المظاهر الاجتماعية في ازدياد الحمامات كمظاهر اجتماعية، وإعلامية كاستخدام الحمام كدليل الشفاء، وإعلان الزواج.

12. الزيادة السكانية أدت إلى زيادة الوحدات السكانية والحوانيت وغيرها

13. أدى التحول الاقتصادي الذي شهده العصر العباسي إلى ظهور طبقة رأسمالية تضم كبار التجار، والموظفين زادت فعاليتها فأدى ذلك إلى توسع المعامل، وتكثيف الزراعة.

14. أدت ارتفاعات الأسعار إلى حدوث فوضى عامة في بعض العصور الإسلامية فأدى ذلك إلى استحداث مدن جديدة.ومثال ذلك ما أحدثته سيطرة الجند الأتراك في العصر العباسي فأدى ذلك إلى بناء سامراء.

15. أدى وظيفة المحتسب إلى حصر المخالفات من أصحاب المهن والحرف.

16. نتيجة لظهور "الأخية" وهي مكونات حرفية في استانبول في ق6هـ / 13م حيث أدى إلى استحداث نظام يضم جمعية أصحاب الحرفة الواحدة فنشأت النقابات فظهرت للترقي في الحرفة وأقامت احتفالات تقليدية، وإن كانت جذور هذا النظام ترجع إلى عصر أقدم من ذلك فمن مظاهر الحياة الاجتماعية لأصحاب الحرف في المدينة الإسلامية العرض الفني التي تعرض فيها كل حرفة روائع بضائعها ومهارات أبنائها في موكب له طابع خصوصي تشارك فيه كل الحرفة في يوم معين من السنة كعيد لأهل الحرفة الواحدة، كما حدث في بغداد في أواخر العهد العباسي وهو تقليد ظل متبعا إلى وقت قريب في بعض المدن الإسلامية.

16. إن الجوانب الاجتماعية هي الإطار المادي للمدينة الإسلامية باعتبارها الوعاء الذي يشمل كل الأنشطة الحياتية حيث اتضحت في مدى تحكمها في الحياة الاجتماعية.

قائمة المصادر والمراجع:

 
1. المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم،،طبعة ليدن،19.6م.
2. ياقوت الحموي، معجم البلدان،بيروت: دار إحياء التراث،1417هـ-1997م.
3. القزويني، آثار البلاد وأخبارا لعباد،بيروت:دار صادر،د.ت.
4. ابن خلدون، المقدمة، ط 5، بيروت: دار القلم،1984م.
5. ابن الأزرق، بدائع السلك في طبائع الملك، تحقيق: محمد عبد الكريم، بيروت: الدار العربية، 1977م.
6. ابن الرامي، الإعلان بأحكام البنيان، تحقيق: عبد الرحمن الأطرم،رسالة ماجستير جامعة الملك سعود،14.3هـ-1983م.
7. محمد عبد الستار عثمان، المدينة الإسلامية،القاهرة: دار الآفاق العربية،1419هـ-1999م.
8. جمال حمدان،جغرافية المدن، القاهرة: 1498هـ-1977م.
9. محمد سليمان وآخرون،العمارة العربية الإسلامية في العراق،العراق: دار الرشيد،14.2هـ-1982م.
1.. السيد عبد العزيز سالم،تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس،الإسكندرية: مؤسسة شباب الجامعة،1997م.
11. ابن الأخوة، معالم القرية في أحكام الحسبة، تحقيق: محمد شعبان، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب،1397هـ-1976م.
12. خليل السامرائي،وثائر حامد،المظاهر الحضارية للمدينة المنورة في عهد النبوة، الموصل،1984م.
13. كامل محمد حيدر،العمارة العربية الخصائص التخطيطية للمقرنصات،بيروت:دار الفكر،1994م.
14. محمد عبد الستار عثمان،العمارة الحربية بين النظرية والتطبيق،مجلة كلية الملك خالد العسكرية، العدد:7،السنة: 1415هـ-1984م.
السيد عبد العزيز سالم،التخطيط ومظاهر العمران في العصور الإسلامية الوسطى، مجلة المجلة، العدد: 8، أغسطس 1478هـ-19
بقلم: نـــورة أحمد حامد الحارثي

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى