الخميس ١٥ أيار (مايو) ٢٠٠٨
بقلم راندا رأفت

الجامعة المصرية بعد مائة عام

لم يكن انشاء جامعة القاهرة قرار من الحكومة المصرية، لكنة قرار قومي شعبي في المقام الأول.

فقد تبلورت فكرة تأسيس الجامعة ونمت وفقا لرغبة قومية، فقامت حركة عامة تدفع الشعب إلى التزود من التعليم العالي؛ الذي ازداد تعطش المصريين له، بعد أن تبنت النخبة الوطنية هذه الفكرة حتى ينطلق الفكر المصري من كل قيد، وتقدم كل أنواع المعرفة لكل طبقات المجتمع أغنيائهم وفقرائهم؛ حتى يمكن النهوض بالبلاد إلى مراقي المدنية والحضارة الحديثة.

ونتيجة لذلك شكلت لجنة لجمع الأموال لهذا المشروع عن طريق الاكتتاب حتى تم تشيدة بأموال الشعب.

تبنى هذه الفكرة شخصيات مصرية بارزة وأعرب بعض الوطنين عن استعداهم للتبرع لهذا المشروع، وقد تم نشر هذا المشروع في جميع الصحف القائمة وقتذاك: لتعريف الناس والاكتتاب فيه، وسميت الجامعة باسم الجامعة المصرية واتفق على أن تكون عمومية لجميع الناس بلا تميز بين الدين والجنس ولا يكون لها صبغة سياسية ولا علاقة لها برجال السياسة او المشتغلين بها.

وعلى الرغم من وقوف المعتمد البريطاني اللورد كرومر ومجلس النظار للجامعة بالمرصاد، حيث كانت فكرتها تمثل كطابوسا للانجليز لرغبتهم أن تظل الأمة المصرية في جهل وظلام ولخشيتهم من وجود طبقة مثقفة تنادي باستقلال الأرض.

فقد اعتمد المصريون على أنفسهم دون انتظار المساعدة من الحكومة، وتم عمل صناديق من الخشب في وسطها ثقب مستطيل الشكل مثبت عليه عبارة مكتوبة باللغتين العربية والانجليزية ( صندوق الاعانة لانشاء الجامعة المصرية)، وقد وزعت هذه الصناديق على محلات التجارة العمومية والمسارح وعلى عمد البلاد ومشايخها الى جانب ذلك طبع عدة دفاتر تحتوي كل منها على الف ورقة قيمة الواحدة منها عشرة مليمات ووزعت على الاهالي لشرائها مساهمة منهم في بناء الجامعة
كما قامت بعض اللجان التي شكلت للقيام بالدعوة إلى الاشتراك في الاكتتاب بالقاء الخطب في حديقة الازبكية واوضحت ضرورة أن يساهم كل فرد في مشروع الجامعة بما يقدر.

ولم يقتصر الأمر على ذلك فقد اتخذت خطوات علمية في هذا السبيل فقامت مديرية الغربية بتحصيل مبلغ 7 قروش من كل فدان يقع في زمامها للمساهمة في مشروع انشاء الجامعة، وبعد أن عممت الدعوة للاكتتاب تم زيادة عدد اعضاء الجمعية العمومية للجامعة، ومن التحليل الاجتماعي لهم يتضح أنهم يمثلون كافة طبقات الشعب، وإن معظمهم من خريجي الحقوق كما أنهم يمثلون عنصري الأمة ففيهم المسلمون وفيهم المسيحسون ويمثلون أيضا كافة الاتجاهات السياسية وقتذاك.

وبعد أن ازدادت حركة الاكتتابات تم وضع مشروع الجامعة تحت الرعاية الخديوية، وفي 20 مايو 1908 اجتمعت اللجنة الدائمة للجامعة وقررت وضع لائحة داخلية لتنظيم شئونها وتقرير رسالتها وبيان أهدافها واتفق على أن تكون لغة التعليم في الجامعة هي اللغة العربية.

وفي 21 من ديسمبر 1908 افتتحت الجامعة رسميا وابتدأ التنفيذ بقسم الآداب، وتبعه فرع العلوم الاقتصادية والسياسية، ثم قررت الجامعة انشاء فرع نسائي، كما قررت انشاء فرع لتدريس العلوم الجنائية.

وهكذا كانت الجامعة ثمرة من ثمرات الجهاد الوطني وأثر عظيم من أثار الطموح المصري إلى الكمال.

ولما واجهت الجامعة صعوبات مالية في سنواتها الأولى تبرعت الأميرة فاطمة بنت الخديوي اسماعيل بهبة كبيرة، فاوقفت عليها 661 فدانا من أطيانها، ووهبتها قطعة أرض مساحتها 6 افدنة لبناء مقر لها، كما تبرعت بجواهرها لإقامة الجامعة من عثرتها المالية

هذا خلاصة البحث الذي قدمة الدكتور عبد المنعم ابراهيم الجميعي (أستاذ التاريخ الحديث وامعاصر بجامعة القاهرة) في الاحتفال الذي أقامته لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة احتفالا بمرور 100 عام على انشاء الجامعة المصرية، تحت عنوان: الجامعة المصرية بعد مائة عام... إلى أين؟.

كما تناول الاحتفال عدد من الأبحاث التي تلقي الضوء على موقف الجامعة المصرية في عهديها الأهلي (1908: 1924) وعهدها الحكومي (1925:1952) من قضايا التنوير، ومسارات الحركة الطلابية على مدار التاريخ: فقد كانت الحركة الطلابية نقطة تحول مهمة في تاريخنا الوطني، ولم تنس الاحتفالية دور المرأة في الجامعة وكفاحها حتى تحتل المكانة مرموقة التي تحتلها الآن.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى