الثلاثاء ٢٧ أيار (مايو) ٢٠٠٨
مسرحية من فصل واحـد
بقلم رضا سليمان

الكعكة

تفتح الستار عن حجرة تحتوى على أثاث عتيق مكون من سرير صغير فى ناحية اليمين وإلى جواره ترابيزة صغيرة عليها دورق ماء وكوب ومنفضة سجائر بها أعقاب مختلفة الألوان ، وعلى مقربة مكتب عليه أوراق وأقلام وعدد من الكتب ، وعلى الحائط الخلفى مكتبة تحتوى على العديد من الكتب والمجلدات الضخمة .. وفى الجهة المقابلة ستارة عتيقة وفى المواجهة مباشرة الباب الوحيد للحجرة ..
 
يتمدد على السرير رجل عجوز فى السبعينات يرتدى ثيابا عتيقة ونظارة سميكة العدسات وبين يديه مجلد يتصفحه فى روية وتؤدة ويكتب بعض الملاحظات على هامش الكتاب ..
نسمع عدة طرقات على باب الحجرة ذات إيقاع منتظم .. ينظر العجوز ناحية الباب فى توتر ثم يبتسم عندما يستمع إلى الطرقات بذلك الإيقاع والتى تدل على أنها شفرة معينة ، فيضغط العجوز ذر جانبى فيفتح الباب الذى يظهر منه شاب فى الثلاثين من عمره ..
 
يقف العجوز محاولا إخفاء سعادته بوصول الضيف خلف قناع من الوقار والتروى ويمد يديه ليصافح الشاب ويحتضن يده بين راحتيه ثم يشير له بالجلوس فوق كرسى بجانب المكتب دون أن ينبس بكلمة .. يستمر الصمت لحظات والعجوز يتفحص ضيفه برقة وعذوبة خال للشاب أنهما حقيقيان ..
 
العجوز كنت على يقين من قدومك إلىّ ، رغم مرور كل هذه المدة ..
الشاب كان علىّ أن أفكر كثيرا قبل أن أٌقدم على مثل هذه الخطوة ..
العجوز أى خطوة تقصد ؟
الشاب الانصات إليك ..
العجوز أوترى أن مثل هذا الأمر يحتاج إلى كل هذا التفكير ؟!
الشاب نعم ..
العجوز لِمَ ؟
الشاب لا أدرى بالضبط لِمَ .. ولكنه إحساس داخلى ، وشعور بعدم الراحة ..
العجوز ( يقترب منه أكثر ) منذ أن رأيتك فى الندوة التى ناقشنا فيها مستقبل اليهود فى القرن الحادى والعشرين واستمعت إلى وجهات نظرك وتحليلك للأمور وأنا مٌصرعلى أن لك عقل مختلف تمام الاختلاف عن أقرانك وأنه سيكون لك شأن وأى شأن ..
الشاب وما الذى أعجبك على وجه التحديد فيما تحدثت به فى الندوة ؟
العجوز ( يتوجه ويجلس فوق حافة السرير ) أصدقك القول ، لا شئ ..
الشاب ( وقد تغيرت ملامحه للحظة ) نعم ..؟!
العجوز هذه هى الحقيقة ..
الشاب ولكنك قلت ..
العجوز ( يقاطعه ) أنا لم أكذب عليك .. لقد أعجبت بك فعلا ، وبعين الخبير وجدت فيك قدرات خاصة لا يتميز بها الكثير وعلى ذلك دعوتك لزيارتى فى شقتى كى نناقش بعض القضايا معا ..
الشاب أى قضايا ؟
العجوز مستقبلنا .. مستقبل اليهود فى الفترة القادمة ..
الشاب لقد ناقشنا ذلك فى الندوة و ..
العجوز ما ناقشناه فى الندوة يا عزيزى كان حديث استهلاكى وحوار للدعاية العالمية فقط ..
الشاب ( يقف ويقترب من العجوز ) هل هناك أفكار ومعتقدات أخرى غير ما تحدثنا عنه فى تلك الندوة ؟
العجوز ليس بالضبط ..
الشاب لا أفهمك ؟
العجوز إجلس واسترح وسوف أشرح لك كل شئ ..
الشاب لن أجلس قبل أن أفهم ..
العجوز لا يوجد أى تغيير فيما قلناه ، ولكن التغيير في المضمون وفحوى الكلمات والجمل وما يختفى خلف وبين السطور وهذا ما آردت أن أشرحه لك على انفراد ..
الشاب وها أنا ذا ..
العجوز أود أن أستمع إلـيك أولا ، مـا هـى أهـم جزئية تود المناقشة فيها ؟
الشاب المساواة بين الشعوب والحق فى الديمقراطية .. ذلك الشعار الذى خرجنا به من الندوة ..؟
العجوز خير النتائج هو ما ينتزع بالعنف والارهاب لا بالمناقشات الأكاديمية ( يخرج من درج المكتب سكين حاد ) أترى هذا السكين ؟
الشاب ( مستغربا ) نعم ..
العجوز مثل هذا السكين يستخدم فى خدمة الإنسان .. أليس كذلك ؟
الشاب بلا شك ..
العجوز ونفس هذا السكين ( يلوح به فى الهواء ) يٌقتل به الإنسان ..
الشاب ( يهتز ) نعم .. هذا صحيح ..
العجوز كذلك الديمقراطية والشعارات التى نطلقها بين الحين والآخر يا بنى ..
الشاب كيف ؟
العجوز لقد أوغرنا صدور الأمريكان وذهبنا بخيالهم إلى القرون الماضية والعصور الاستعمارية الأولى تحت مسمى نشر الديمقراطية فى العراق وكانت النتيجة ما يعرفه الجميع ..
الشاب الاحتلال الأمريكى للعراق ..
العجوز الطفل الأمريكى المدلل ..
الشاب ( بدهشة ) الطفل الأمريكى المدلل ؟؟!!
العجوز ( ضاحكا ) لا تندهش .. فهكذا أسميه دائما ، وهو كذلك .. نعم هو طفل ساذج يتحرك إلى أى اتجاه نراه .. وهو مدلل بالطبع سيما ونحن نترك له كل مايريد من أدوات تساعده على استكمال لعبته وتسعده فى الوقت ذاته ..
الشاب لا أفهمك مرة ثانية ..
العجوز كل فرد فى هذا الوجود يود لو ينظر له الأخرون نظرة إعجاب وأن يٌشار إليه بالبنان وأن تتحدث عنه كافة وسائل الإعلام وتتشدق بأفعاله وهنا تكمن العبقرية ..
الشاب أى عبقرية ؟
العجوز أن تصور للجميع أن ما يحدث يعتبر بطولة ومجد لن يمحى على مر التاريخ ، تماما كما فعلنا فى غزو العراق ، فقد صورنا للعالم أجمع أنها نهاية عصر من الديكتاتورية وبداية عصور الديمقراطية والحرية ..
الشاب ( مترددا ) ولكن .. ولكن كل من ينظر للأمر نظرة فاحصة يكتشف ما ترمى إليه و ..
العجوز (يقاطعه بانفعال )و من هؤلاء الذين سينظرون لما نفعله بنظرة فاحصة؟
الشاب أى فرد ..
العجوز لا يهمنا أى فرد يا ولدى .. كل ما يهمنا هو من يمتلك التحكم فى زمام الأمور ويملك عصا التحكم .. وهؤلاء صنيعتنا .. ويرون الأمور كما نود أن يروها .. وهنا يجب أن أذكرك بالبرتوكول الأول ..
الشاب أذكره جيدا ..
العجوز تذكره ولا تعمل به .. لا تفكر من خلاله ، ماذا يقول البرتوكول الأول ؟
الشاب ذوى الطباع الفاسدة من الناس أكثر عددا من ذوى الطبائع النبيلة و خير النتائج هو ما ينتزع بالعنف والارهاب لا بالمناقشات الأكاديمية ، كما ذكرت أنت منذ لحظات ..
العجوز ( يكمل ) وكل إنسان يسعى إلى القوة وكل فرد يريد أن يٌصبح ديكتاتورا على أن يكون ذلك فى استطاعته وما أندر من لا ينزعون إلى إهدار مصالح غيرهم توصلا إلى أغراضهم الشخصية .. إن الحرية السياسية ليست حقيقة ، بل فكرة ، ويجب أن يعرف الإنسان كيف يسخر هذه الفكرة عندما تكون ضرورية ، فيتخذها طعما لجذب العامة إلى صفه إذا كان قد قرر ان ينتزع سلطة منافس له .. وهذا ما حدث فى العراق يا بنى ..
الشاب وما النفع الذى ..
العجوز ( ضاحكا ) هذا ما انتظرته منك .. هو أن تسأل عن النفع الذى سيعود علينا نحن ..
الشاب نعم .. هذا ما آردت ان أعرفه .. ما هو النفع الذى سيعود علينا بعد احتلال الأمريكان للعراق ..؟
العجوز فى البداية يجب أن تعرف النفع الذى سيعود على الطفل الأمريكى المدلل ..
الشاب لقد أخبرتنى أنها أضواء الشهر وسطور فى التاريخ يريدها الزعماء ..
العجوز بالإضافة إلى ذلك هناك المكسب المادى .. من الدروس التى أود أن تتعلمها جيدا هو بحثك الدائم عن المكسب المادى فالمكسب المعنوى وحده ليس كافيا وخصوصا أن المكسب المادى متاح وميسور ..
الشاب نفط العراق ؟
العجوز وهل هذا أمر يسير .. عن طريقنا وطرق أخرى تمر أنابيب ضخ النفط إلى السفن العملاقة التى تنفض ما فيها داخل أمريكا ، هذا بالإضافة إلى ثروات طبيعية نفيسة أخرى ..
الشاب وهل ما يتم إنفاقه على الحرب فى العراق يعادله ما يتم الحصول عليه من نفط وثروات نفيسة أخرى ؟
العجوز ( ضاحكا بشكل هيستيرى ) وأعظم ألاف المرات يا ولدى خاصة وأن ما يحدث ينطلق بسرعة رهيبة وفى اتجاهين متضادين ..
الشاب أى اتجاهين ؟
العجوز كلما كنزنا نحن و الأمريكان من ثروات العراق والدول العربية كلما ازدادوا فقرا ..
الشاب ( وقد فهم ) نعم .. نعم ..
العجوز وهذه الثروات سيزداد الإقبال عليها وخاصة بعد احتكارنا لها فنرفع ثمنها إلى أرقام خيالية تتضاءل إلى جوارها ما يتم إنفاقه اليوم على الغزو وخلافه ..
الشاب ولكن هناك من يٌقتل فى هذه العمليات من الأمريكان ..
العجوز أى أمريكان ؟! إنهم جنود مرتزقة .. نعم حصلوا على الجنسية وحصلوا على وظائف فى الجيش ولكن هذا ما تم إلا خصيصا لمثل هذه الحروب وعلى ذلك فليقتل من يقتل ..
الشاب وهل يعلم هؤلاء الجنود ذلك ؟
العجوز بالطبع لا .. إنهم ما ذهبوا هناك إلا لتطبيق وإرساء دعائم الديمقراطية هؤلاء يا بنى من أولئك الأفراد المبهورين بالشعب الأمريكى ، هؤلاء منذ الجدود يبذلون كل شئ من أجل العيش والاندماج وسط المجتمع الأمريكى ..
الشاب وعلى ذلك فإن كل ما يتحدث به الأمريكى فهو شئ مقدس ..
العجوز إن تهجم علىّ أحد الأن فى بيتى هذا ، ألن تدافع عنى ؟
الشاب سوف أفعل ..
العجوز وهم يفعلون .. يدافعون عن أمريكا بعد أن أوهمناهم وأوهمنا العالم أجمع بأن هذا الرجل القابع على رأس الحكم فى العراق يريد الفتك بحياتهم وباستقرار أسرهم التى تعيش فى هناءة وهدوء فى الوطن الأم ، الوطن الرحيم .. أمريكا ..
الشاب ولماذا العراق وقائده ؟
العجوز لماذا العراق ؟ لأنه بلد يحتوى على ثروات هائلة وعدد سكانه بالمقارنة بدولة أخرى مثل مصر يعتبر قليل غير أن سكانه لديهم نزعات عرقية واتجاهات دينية ، ولماذا العراق أيضا ؟ لأنه يمثل خطر علينا فى دولتنا إسرائيل وبعد القضاء عليه سوف نستخدم منه قاعدة للتصدى للخطر الأكبر ..
الشاب إيران ؟
العجوز نعم ..
الشاب والمتصدى هم الأمريكان ..
العجوز ( ساخرا ) حلفاؤنا يا بنى ..
الشاب ولماذا قائد العراق ؟
العجوز ( بأسى ) لأنه القائد العربى الوحيد الذى لم نستطع خداعه يا بنى ..
الشاب لهذا تم إعدامه ؟
العجوز كانت هناك تيارات وخلايا تتكون وستحاول بأى شكل إطلاق سراحه وقد يلتف حولها العامة وهنا تكمن الكارثة ..
الشاب فقضيتم على كل هذه الأمال فى مهدها ؟
العجوز نعم ..
الشاب بدأت أفهم النفع الذى يعود علينا نحن من الاحتلال الأمريكى للعراق ..
العجوز وأكثر مما تتخيله يا بنى ..
الشاب مثل ماذا ؟
العجوز الأمريكان لا يهمهم أكثر مما ذكرته لك ، وهنا ندخل نحن تحت مسميات عده ، منها الشركات متعددة الجنسيات وخلافه ندخل ونشترى الأرض ونقيم المستعمرات اليهودية ..
الشاب المحمية من الأمريكان ..
العجوز ( بسعادة ) بدأت تفهم يا بنى .. نعم بدأت ترى الأمور بوضوح الأن ..
الشاب نكرر البداية التى حدثت فى فلسطين .. نشترى الأراضى ونقيم المستعمرات ونتوسع و .. و ..
العجوز بالضبط .. أتعرف أن العراقيين يهاجرون خارج بلادهم اليوم ويبيعون ما يملكون ـ لنا طبعا ـ ويلجأون إلى بلاد أخرى تأويهم سواء كانت عربية أم أجنبية ..؟
الشاب تماما كما حدث فى فلسطين ..
العجوز ما دامت التجربة قد نجحت من قبل ، لم لا نكررها اليوم ؟!
الشاب الحق معك .. مع فارق جوهرى ..
العجوز وما هو ؟
الشاب أننا لم ندخل أية حروب ولم نخسر يهوديا واحدا ..
العجوز نعم .. فخيار الحرب أصبح مستبعدا تماما من حساباتنا ، ما دمنا نحصل على كل ما نريد ونحن فى أمان ..
الشاب وبلا مقابل ..
العجوز لا .. هناك مقابل طبعا ..
الشاب وما هو ؟
العجوز عقولنا التى نجهدها فى التفكير .. سهرنا الدائم لدراسة الأمور ونقل خبرات الأباء ( يشير إلى نفسه ) إلى الأبناء ( يشير إلى الشاب ) أهذا قليل ؟
الشاب فى مقابل ما نحصل عليه .. نعم قليل ..
العجوز هذا لأنك لم تقدر نفسك كيهودى حق قدره .. فنحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ..
الشاب ومفسديه ..
العجوز ومفسديه ومحركى الفتن فيه وجلاديه ..
الشاب هذه مقولة الدكتور أوسكار ليفى ..
العجوز فأنت أسمى البشر ويجب على الجميع أن يخدمونك ، وإن كان الآخرون يقاتلون ويٌقتلون فى سبيل شعوبهم وحصولهم على الحريات ، فنحن نفكر ونعمل فى صمت ثم هناك أجدادنا ممن أفنوا حياتهم فى سالف الأيام كى يروا هذا اليوم الذى يكون لليهود فيه دولة تسود العالم ، وها هو اليوم قد أوشك ..
الشاب ولماذا لا نتوسع ونقيم دولتنا العظمى الأن ما دمنا أزحنا معارضينا ودخلنا دولة العراق ؟
العجوز هنا يجب أن تتذكر ما ينص عليه البرتوكول الثانى ..
الشاب أحفظه .. يلزم لتحقيق أغراضنا ألا تحدث أى تغييرات إقليمية عقب الحروب ، فبدون التعديلات الإقليمية ستتحول الحروب إلى سباق إقتصادى ..
العجوز ( يكمل ) وعندئذ تتبين الأمم تفوقنا فى المساعدة التى نقدمها ، وسنختار من بين العامة رؤساء إداريين ممن لهم ميول العبيد ولن يكونوا مدربين على فن الحكم ولذلك فمن السهل أن يتحولوا إلى قطع من الشطرنج ضمن لعبتنا وفى أيدى مستشارينا العلماء والحكماء الذين دربوا على حكم العالم منذ الطفولة الباكرة ..
الشاب يتدربون على حكم العالم ؟!
العجوز نعم .. منذ نعومة أظافرك ونحن نتابعك ..
الشاب إذا لم يكن لقاؤنا الأول ذلك الذى كان فى الندوة ؟
العجوز بالطبع لا .. ولكنه كان الوقت المناسب للمصارحة ..
الشاب ( شاردا ) .. إذاً ..
العجوز لا ترهق نفسك فى التفكير الأن .. ويكفيك فخرا كل ما وصلنا إليه ، فسوف نترك لك ثراء عالمى وسطوة يهودية قوية ..
الشاب وماذا عن العرب إذا انتابتهم صحوة و ..
العجوز ( ضاحكا ) لن تنتابهم أية صحوات طالما ظلوا متفرقين مشتتين وهذا من أهم أهدافنا ..
الشاب تقصد زرع بذور الخلافات الدائمة بينهم ؟
العجوز هو ذاك بلا شك ..
( جرس الباب )
الشاب هل تنتظر أحد ؟
العجوز إنه عامل المطعم الذى يحمل طعام الغذاء لكلينا ..
الشاب لست جوعان ..
العجوز سنأكل معا ..
( يتوجه إلى الباب ويفتحه ، فيظهر منه شاب عربى فى زى عمال المطاعم وقد حمل على يديه أطعمة معلبة )
العربى الطعام الذى طلبته يا سيدى ..
العجوز هل أتيت بالكعكة ؟
العربى ( يقدم علبة مزركشة فخمة ) ها هى يا سيدى .. أفضل ما لدينا كعكة عربية لذيذة ..
العجوز ضعهم هناك .. فوق المكتب .. ( يشير ناحية المكتب )
العربى ( يتوجه ناحية المكتب ، يشاهد الشاب فيبتسم له ) ها هم يا سيدى .. بالهناء والشفاء ..
العجوز ( وقد خطرت له فكرة ) يبدو من هيئتك أنك عربى أيها الفتى ؟
العربى نعم يا سيدى .. أنا من أصل عربى ، وأعمل هنا فى دول الغرب ..
العجوز ولم تركت بلادك وأتيت إلى هنا ؟ ( ينظر إلى الشاب اليهودى نظرات ذات معنى )
العربى السعى خلف المال يا سيدى ..
العجوز ألا يوجد المال فى بلادكم ؟
العربى موجود .. ولكن ..
العجوز ماذا ؟
العربى تسيطر عليه قلة.. سوء توزيع ..
العجوز لا تجزع .. فسوف يأتى اليوم الذى تٌزاح هذه العقليات المتحجرة وتكون هناك عدالة فى التوزيع ..
العربى ليت هذا يحدث يلا سيدى ..
العجوز وهل كونت ثروة من عملك هنا ؟
العربى ليست ثروة بالمعنى الشائع ..
العجوز وأين هى ؟
العربى فى البنك ..
العجوز بنوك عربية ؟
العربى لا .. هنا .. بنوك غربية ..
العجوز ولم لم تودعها فى بنوك عربية ؟
العربى يا سيدى .. إن من يملكون الثروة الحقيقية فى البلاد العربية يأتون بها ليودعونها فى البنوك الغربية ..
العجوز يعتبرون أن فى ذلك نوعا من الأمان سيما إذا انقلبت عليهم شعوبهم فسيجدون وقتها بلادا أخرى تتلقاهم هم وثرواتهم ..
العربى نعم يا سيدى ..
الشاب ( يجارى العجوز ) هم حقا عمليون يا سيدى ..
العجوز نعم .. هنا ثرواتهم فى أمان ..
العربى أيريد سيدى شيئا آخر ؟
العجوز أشكرك يا فتى .. هذا الطعام خالص الثمن ..
العربى أعلم يا سيدى .. ولكن ..
العجوز ولكن ماذا ؟
الشاب أحسبه يريد بقشيشا ..
العربى كما تشاؤون ..
العجوز ( يتصنع الحزن ) كم أنا حزين من أجل ذلك .. لا يوجد لدى أى أموال صغيرة الوقت الحالى ( إلى الشاب اليهودى ) أمعك نقودا صغيرة ؟
الشاب ( يتحسس جيوبه ) أنا .. لا ..
العجوز ( إلى العربى ) أمعك أنت نقودا صغيرة ؟
العربى (بسذاجة ) نعم يا سيدى ( يخرج حافظته ويعطيه منها نقودا ) تفضل يا سيدى ..
العجوز ( يأخذ منها جزءا ويعطيه الأخر ) أشكر لك حسن تعاونك .. تفضل .. هذا لك .. ( يأخذه العربى وهو فى حيرة من أمره ثم يتبع العجوز الذى يدفعه بهدوء إلى الباب ) مع السلامة وفى المرات القادمة سيكون لك بقشيشا أكثر من هذا ..( يغلق الباب خلف العربى ويعود إلى الشاب )
الشاب أعطيته بقشيشا من ماله ؟
العجوز ( يلوح بما فى يده من مال ) بل وحصلت منه على مبلغ آخر ..!!
الشاب إنه فتى غبى ..
العجوز لا .. ما فعل ذلك إلا بدافع من الحرج .. ذلك الحرج الذى قد يجعلهم يتركون حقوقهم كاملة وهذا ما نستغله نحن أحسن استغلال ..
الشاب تماما .. فإنهم يودعون أموالهم فى بنوكنا ثم يعملون لدينا بأموالهم ويحصلون على النذر اليسير من أرباح أموالهم بينما النصيب الأكبر لنا
العجوز أرأيت ..
الشاب ماذا ؟
العجوز إننا نجتهد ونٌعمل عقولنا .. فالمسألة يا بنى ليست فيمن يملك الثروة وإنما فيمن يملك العقل الذى يستطيع إدارة هذه الثروات ..
الشاب ( بسعادة ) ونحن نمتلك هذه العقول ..
العجوز نعم .. وإن ظهرت فيهم عقلية ورفضت أن تنصاع لنا نقضى عليها وبمنتهى السرعة ..
الشاب كما حدث مع قادة العراق ..
العجوز الحقيقة .. التاريخ ملئ بأحداث مشابهة .. فعلها أجدادنا .. والأن يا بنى
الشاب والأن ماذا ؟
العجوز فلنقتسم الكعكة العربية ..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى