الأربعاء ١٨ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم ديما سحويل

اصوات صور

في زاويا إحدى الغرف المعتمة علبة مزركشة يعلوها الغبار......

في الليل تصدر من تلك العلبة...... أصوات بكاء ونحيل وصراخ وعتاب وضجر وقلق...

وفي النهار تصدر أصوات قهقهات ومجادلات ونقاشات ومزاح وفرح ومرح.

صاحبة المنزل امراة عجوز تجلس على مقعدها الخشبي الهزاز تحيك كرات الصوف الملونة تطرب لتلك الاصوات الصادرة من الغرفة، وكانها تستمع الى موسيقى الجاز...

ولكن هذه الاصوات كانت مصدر ازعاج للجيران ظنوا ان تلك العجوز الوحيدة تنام و تنسى جهاز الراديو او التلفاز دون ان تغلقهما....

ظلت تلك الاصوات تعلو وتعلو ليلا ونهارا.....وتزداد تلك العجوز فرحا وقلقا وحزنا

تتقلب مع تقلبات صدى تلك الاصوات....

الى ان سئم الجيران من تجاهل ذلك الازعاج واضطروا لابلاغ الشرطة عن مصدر ذلك الازعاج....
وفي اصبوحة احد الايام طرق رجال الشرطة باب السيدة العجوز واصدروا امرا بالتفتيش لمصادرة الراديو سبب الازعاج...

لم تعترض السيدة العجوز ظلت جالسة على كرسيها وتهزه وصودر الراديو......

وفي الليل استمرت الاصوات المزعجة وقدمت شكوى ثانية ضد المراة العجوز

واضطر رجال الشرطة طرق بابها مرة اخرى وصودر جهاز التلفاز ولم تعترض السيدة العجوز ايضا..

وفي نهار اليوم التالي عادت الاصوات من جديد........

واضطر رجال الشرطة لطرق بابها للمرة الثالثة وهذه المرة برفقة الجيران ليساعدوهم في البحث عن مصدر الازعاج راحوا يفتشون ويفتشون... وتتبعوا موجات تلك الاصوات حتى اكتشفوا انها تصدر من غرفة مغلقة...

طلب احد رجال الامن فتح الباب الموصد...

ترددت العجوز قليلا وقالت بصوت متحشرج ولكن تلك الغرفة لم تفتح منذ زمن...، ولا توجد بها اي اجهزة كهربائية.....

ولكن ما باليد حيلة...
اضطرت العجوز لفتح الباب الموصد... دخل رجال الشرطة كانت الغرفة معتمة فتحوا مصابيحهم وراحوا يفتشون في زوايا الغرفة...

التفت احد رجالة الشرطة للسيدة العجوز، هل لك ابناء

صمتت السيدة وبعد فترة اجابت انها غرفة ابنائي وكلهم مغتربون

وقع مصباح احد رجال الشرطة على الصندوق
وريدا رويدا بدات تصدح الاصوات منه

نظروا الى السيدة: هل يمكننا فتحه

اومأت برأسها ايجابا

فلم يجدوا فيه إلا صورا بالأبيض والأسود

تعجبوا: وهل تصدر تلك الصور كل هذه الاصوات...

ابتسمت السيدة وثم بكت، رحل ابنائي ولم يعودوا يسالوا عني....
فلم يتركو لي الا صورهم القديمة التي تحاكي بعضها صباحاو مساءا
يتجادلون ويبتسمون ويركضون ويسبحون وياكلون ويشربون... يعيشون يومياتهم واعيش معهم...

ان صادرتم الصندوق سوف تصادرون ما تبقى لي من ايام.....

ولكن سيدتي القانون يحتم علينا التحفظ على مصدر الازعاج بناء على الشكوى المقدمة ضدك....

اه لطالما كانوا مصدر ازعاج...

ولكن ازعاجهم يحيني.....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى