الأربعاء ٢ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم محمد علي الرباوي

الفرح المشتعل

ذاتي اشْتَقْتُ إِلَيْكِ. اشْتَقْتُ إِلى أَنْ أَلْتَفَّ صَغيراً بَيْنَ غَلائلِكِ الرَّطْبَةِ. أَنْ أسْمَعَ عُصْفُورَكِ يَتْلو جَهْراً مَا يَتَيَسّرُ مِنْ أَشْعَارِ العِشْقِ اللافِحِ. إِنّ الأَحْجَارَ الفَوّارَةَ قَدْ فَصَلَتْني عَنْكِ هِيَ الآنَ تُطَوِّحُ بي بَيْنَ أَقاليمِ الْحُزْنِ تُكَبِّلُني بِبِحارِ الْهَمِّ القاتِلِ يا ذاتي ما عُدْتُ – كَمَا بِالأَمْسِ أَراكِ: مَلامِحُكِ الْمَأْلُوفَةُ تَـهْـرُبُ مِنِّي كَيْفَ أُعيدُ إِلى عَيْنَيَّ جَداوِلَها الرَّقْرَاقَةَ كَيْفَ أُعيدُ إِليَّ القُوَّةَ حَتّى أَجْمَعَ بَيْنَ الصَّخْرِ وَبَيْنَكِ في مَأْدُبَةٍ لا يَحْضُرُها إِلاَّنا أَتَمَرَّدْتُ عَلَيْكِ أَنَا أَمْ أَنْتِ تَمَرَّدْتِ عَلَيَّ فَهَلْ لي أَنْ أَعْرِفَ مَنْ مِنّا الْمَسْؤُولُ وَمَنْ مِنّا القاتِلُ مَنْ مِنّا الْمَقْتولُ هِيَ السّاعةُ قامَتْ وَكِلانا مِنْ أَشْراطِ السّاعَةِ يا ذاتي زَلْزَلَةُ السّاعَةِ شَيْءٌ أَرْعَبَ هَذَا الْبَلَدَ الْمَقْهورَ وَأَرْعَبَنا مَعَهُ فَالنّاسُ سُكارى في الطُّرُقاتِ وَما هُمْ بِسُكارى لَكِنَّ عَذابَ القَهْرِ شَديدٌ وَعَذابَ الْجُوعِ مَريرٌ وَعَذابَ الْوَحْدَةِ قَهّارٌ. أَوَلَمْ يُنْفَخْ في الصُّورِ فَكَيْفَ تُداهِمُنَا اليَوْمَ قِيامَتُنا هَلْ أَمْواتاً كُنّا في مَنْطَقَةٍ مَنْ يُدْفَنُ فيها لا يَسْمَعُ غَيْرَ دَبيبِ الأُفِّ وَغَيْرَ حَفيفِ الْخَوْفِ وَهَذا الصُّورُ

الْمَأْمورُ لَهُ في الأَرْضِ هَديرٌ كَيْفَ قِيامَتُنا حَلَّتْ فَتَشَتَّتْنا كَالأَصْداءِ تَكَسَّرْنا كَالأَصْدافِ تَهَدَّمْنا كَالأَسْوارِ تَبَدَّدْنا كَالْغَيْمَةِ هَذَا حَبْلُ الشَّوْقِ إِلَيْكِ اليَوْمَ يَشُدُّ خَمَائِلَ قَلْبي الْمُتَهالِكِ إِنّي الآنَ أَحِنُّ إِلَيْكِ أَحِنُّ إِلى أَنْ أُسْجَنَ في أَدْغالِكِ أَنْ أَلْتَفَّ كَبيراً بَيْنَ غَلائِلِكِ الرَّطْبَةِ عَلًَّ امْرَأَةً خَضْرَاءَ البَشْرَةِ زَرْقاءَ الشَّعْرِ تَحُطُّ عَلى صَدْرِي الْمُتْعَبِ تُخْرِجُنِي مِنْ هَوْلِ الأَحْلامِ وَمِنْ رُعْبِ الأَوْهامِ. لِماذا أَصْبَحْنا مِنْ أَشْراطِ السّاعَةِ ها إِني نَحْوَكِ آتٍ يَسْبِقُنِي خَوْفِي الدّامِسُ آتٍ يَسْبِقُنِي هَمِّي القارِسُ يَسْبِقُنِي ظِلِّي اليائِسُ آتٍ حينَ أَعودُ إِلَيْكِ وَحينَ تَعودينَ إِليَّ يَعودُ إِلَيْنا السَّمْعُ يَعودُ إِلَيْنا البَصَرُ الثّاقِبْ/فَإِذَا يُنْفَخُ في الصُّورِ نُحِسُّ مَعاً أَنّا نَرْتَجُّ فَنَسْتَسْلِمُ لِلْفَرَحِ الْمُشْتَعِلِ

نَسْتَسْلِمُ يا ذاتي لِلْفََرَحِ الْمُشْتَعِلِ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى