الأحد ٦ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم محمد أبو الفتوح غنيم

الجَليدُ السّاخِن

(1)
هِيَ كَالجَليدِ بُرودُها وَسُكونُها
في صَمتِها بَل كُلُّها
لَكِنَّها في الأَصلِ
بُركانٌ يَثورُ مُكابِراً في جَوفِها
مَهلاً أَرى
حِمَماً مِنَ الدَّمعِ الخَجولِ
تَجاسَرَت وَتَقاطَرت
مَا بَينَ أَشواقٍ وَإِخفاقٍ
وَتَأبينٍ لِروحِ الطِّفلِ
أَن ماتَت ضَحِيَّةَ عَينِها
 
(2)
وَتُحيلُ كُلَّ مَصائِبِ الدُّنيا
نَصيباً مُزمِنا
وَكَأَنَّما الأَقدارُ تَنفيها
وَتَبغَضُ بَعضَها
وَهي الَّتي قَد ضَيَّعَت
أَحلامَها بِغَبائِها وَبِغَدرِها
لَمَّا تَخَلّى قَلبُها
وَالآنَ أَرمُقُها
بِجانِبِ سَيِّدٍ لِلحُسنِ
أَرصُدُهُ وَأَغبِطُهُ
وَأَخشى أَن تَدورَ عَليهِ دائِرَةٌ
فَتُذهِبَ عَنهُ رَونَقَهُ
وَتَقتُلَ فيهِ مَعناً
رُبَّما إِن ماتَ لا يَحيا بِها
 
(3)
وَسَأَذكُرُ اليَومَ الَّذي
لَمَّا رَفَعتُ أَسِنَّةَ الأَقلامِ مُنتَشِياً
فَقُلتُ لَكُم إِذَن
قولوا لَها
أَنّي قُتِلتُ بِحُبِّها
وَبِأَنَّني لازِلتُ أَذكُرُ صَوتَها
وَبِأَنَّني لا لَستُ أَعرِفُ شَكلَها
لَكِنَّها
في القَلبِ تَنبِضُ وَحدَها
 
(4)
عَبثاً سَأَلتُ
وَفي الفُؤادِ تَزاحَمَت وَتَقاتَلَت
وَتَناحَرَت أَفكارُ مَن
وُئِدَت بِجَفنَيهِ السَّعادَة
مَن يا تُرى تِلكَ الَّتي
لَمَّا أَراها يَمَّمَت
شَطرَ الصَّديقِ أَغارُ مِن
إِنصاتِهِ لِحَديثِها، تَرتيلِها
مِن كُلِّ شُكرٍ أَو إِشادة
أَهي الَّتي؟!!
قالوا نَعَم الآنَ تَعرِفُ شَكلَها
فَدَعَوتُ أَن وَفِّقهُما وَاجمَعهُما
فَكفى قُلوبٌ قُتِّلَت
وَتَعَذَّبَت مِن أَجلِها
 
(5)
لا تَحسَبوني ساخِطاً أَو حاقِداً
أَو شامِتاً أَو ساخِراً
فَالآنَ تَفعَلُ
بَعضَ ما قالَت مُحالاً عِندَها
هَل جَرَّبَت
ضَعفَ المُحِبِّ لِوَهلَةٍ
أَو جَرَّبَت
شَوقَ المُحِبِّ لِنَظرَةٍ أَو هَمسَةٍ
يا لَيتَها ما جَرَّبَت
لَو أَنَّها قَد جَرَّبَت
سُهداً يُمَزِّقُ جَفنَها
 
(6)
أَتَصَدَّعَ الآنَ الجَليدُ
بِنارِ شَوقٍ خالِدٍ
أَم ذِكرَياتُ الحُبِّ وَالآمالِ
في جُنحِ الضَنى سَتَلُفُّها
لِلخَيرِ يا رَبَّ الأَماني دُلَّها
وَلِكُلِّ مَن باتَ اللَيالي باكِياً
وَلِكُل مَن أَضناهُ شَوقٌ قاتِلٌ
وَلِكُلِّ مَن قَرَأَ القَصيدَ
لِكُلِّ مَن قَد وَدَّني
أَو وَدَّها
ادعوا لَها

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى