الجمعة ٤ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم إمتياز المغربي

هل أصبحت قضايا الشرف مبرر لقتل النساء

لم أنس حتى اليوم صراخها، الذي كنت استمع إليه من خلف الحائط الفاصل ما بين بيتنا وبيت أهلها، كان الصراخ يأتي مخنوقا، ولكننا سمعناه بصعوبة. في البداية اعتقدنا انه شجار عائلي كالمعتاد، ولكن وبعد أن أرهفنا السمع أكثر تبين انه صوت صراخ وانين ام عماد التي تبلغ من العمر 41 عاما. التصقت جميع عائلتي بالحائط لتيقن أكثر مما يدور، حيث وصل إلى أسماعنا صوت الضرب المتواصل والصراخ من جانب المغدوره، كانت تستغيث وبالمقابل كان الضرب يزاد ويتواصل. اعتقدنا في هذه المرة أنها في شجار مع أهلها وان الأمر أدى إلى الضرب، ولكن الضرب والأنين تصاعد مع صراخ أصوات أخرى، كانت الشتائم تنطلق من قبل كل من كان يحضر حفلة القتل المتعمد، استمر ذلك لعدة ساعات، ولكننا لم نستطع أن نتوجه إلى بيتها لان أهلها سيعتبرون أننا نتدخل في أمورهم الخاصة، ولم نكن نعلم بالمطلق أن ما كان يجري خلف الحائط هو عملية إعدام بالتدريج المخطط له مسبقا.

وبعد ساعات لف جسد المغدوره بقطعة قماش بيضاء، وحملت إلى سيارة كانت تنتظر على الشارع، قذفت الجثة في صندوق السيارة، وانطلقوا، ومرة أخرى اعتقدنا أنهم قد أشفقوا على حالتها، وأنهم أخذوها إلى المشفى، ولكن بقي سؤال لدي في حينها، وهو أنهم إذا قرروا أن يأخذوها إلى المشفى، فلماذا قذفوا بها في صندوق السيارة؟

كان الفزع يملأ قلوبنا عندما ضجت الحارة في اليوم التالي، بصراخ ونحيب نساء الحي، وعندما استفسرنا عن الأمر كان الرد أنهم عثروا على أم عماد وهي ملقاة على احد القبور وهي تنزف بشدة وتأن، وأخذها بعض المارة بالمقبرة إلى احد المستشفيات، ولكنها فارقت الحياة. حينها عرفت سبب إلقائها في صندوق السيارة بشدة، كان القاتلون قد اعتقدوا أنها ماتت، وقاموا برميها على احد القبور لإثبات شرف عائلتهم كما يقولون!

طبعا كالعادة لا يوجد شهود على أن أم عماد قد أقامة علاقة غير شرعية، ولكن الجميع اكتفوا بادعاء زوجة الأخ التي كانت تطمع في الحصول على البيت بالكامل، وكان ما أرادت.

في قانوننا الفلسطيني لا يوجد نص صريح لحماية المرأة من القتل على خلفية ما يسمى بشرف العائلة، وكثيرا ما تحدث جرائم قتل ويتذرع القاتل أو القاتلون بأنهم ارتكبوا جريمتهم على خلفية ما يسمى بشرف العائلة.

واذكر أن هناك نساء أخريات قتلن باستخدام أساليب عدة ومنها السم، والسقوط في بئر، والانتحار المفتعل، وانفجار غامض، وغيره. وذلك يعود للمخططين الذين يعملون على صياغة قصة القتل بأوجه عدة. وتشارك نساء العائلة غالبا في عملية القتل أو الإعداد له أو التحريض، فمن وجهت نظرهم أنهم بذلك يغسلون شرف العائلة.

كم من عائلة أقدمت في السابق على قتل ابنتها على خلفية ما يسمى بشرف العائلة، لمجرد الشك، وبقيت تلك العائلة تدفع ثمن فعلتها حتى اليوم، لان الكبار يقولن لصغار عائلة فلان قتلت ابنتها وهنا قبرها، ولكن بالمقابل هناك الكثير من العائلات التي تتبع الأمر وتحقق به وتحاول معالجته، وهذا يكون أفضل لكي لا يتحمل احد ما إثم القتل العمد.

كلنا يعلم كيف جاءت إحدى النساء لنبي محمد صلى الله عليه وسلم، واعترفت أنها حامل من الزنا، وكيف انه أمرها أن تفكر في اعترافها، ولا ننسى كيف وضعت شروط عدة دقيقة للغاية في موضوع إثبات جريمة الزنا، فإذا كان هذا هو حال الإسلام فعن أي شرف يتحدثون من يقومون بقتل النساء.

إذن هل أصبح قتل النساء موديل، أم انه الموروث الاجتماعي الذي يجحف إلى جانب القانون بحق النساء، فل يتذكر كل منا أن القتل من الكبائر التي حرمها الله، فكيف نقوم نحن الذين ندعي التقدم والتطور بقتل النساء، ونعود في تلك اللحظات إلى عقلية الأمي الجاهل، فهناك أمي ولكن مثقف، أما من يقدم على قتل المرأة فقط لأنه يشك فهو اقل فعلا من أن يوصف بالإنسان.

ولا ادري هنا إذا أصبحت فعلا قضايا الشرف مبرر لقتل النساء، فمن يقوم بقتل أخته نتيجة شجار عائلي مفتعل، أو الزوج الذي يقتل زوجته لأنه ذكر فقط، والمرأة التي تقوم بضع السم في طعام ابنتها لأنها تريد أن تحافظ على شرف العائلة، وغيرها، بالله عليكم عن أي شرف يبحثون؟!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى