الأحد ١٣ تموز (يوليو) ٢٠٠٨
بقلم نوري الوائلي

الكفارة

يا جسم قد حلت بك الآلام
وانسد عرق والحشى أسقام
 
يا جسم مالك قد غدوت مفككا
والحزن حولك فاتك ضرغام
 
الجسم للأرواح مثل مكامن
تغدو نفوسا ترتروي وتنام
 
ما أجمل الأبدان وقت ينوعها
فالجسم خام والقوام ريام
 
الروح من هون العظام تململت
والروح قد ضاقت بها الأجسام
 
الجسم للأمراض أصبح موطنا
كمَوَاطن حكمت بها الظلاّم
 
اين الخدود الحمر اين بريقها
اين الأديم الدر حين يدام
 
اين العيون الخضر حين تلوحها
فكأن فيها للجمال زحام
 
اين المحاسن في الجسوم وقد رسى
فيها المزلزل والقذى وحطام
 
وجع العليل سواده لا ينجلي
وسريره شوك به وسهام
 
ولسانه مر المذاق كانما
فيه المرارة مضغة وطعام
 
مغص بحوض الكليتين طريحه
كالبز يقتله الهوى ورجام
 
العين تعشو في الظلام وطيفه
والنور فيها طاله الأعتام
 
هذي العظام تنخرت فنتاجها
الظهر محني والعصى أقدام
 
كصرير باب في المفاصل عازف
من ضيقها ونمت بها الآلام
 
الذهن من هم الحياة مزلزل
والفكر قد لعبت به الأوهام
 
حزني لمن عاش الليالي جالسا
من ضيق صدر والسعال ضرام
 
جسد تناهشه المصائب والعدى
مرض وحرمان سطا وحِمام
 
حمى الزكام الى الشباب مصائب
كيف المصاب إذا غزت أورام
 
في كل يوم أشتكي من علة
فكأن جسمي للبلاء مقام
 
بعض من الأوجاع عسعس عالمي
وأصاب جلدي عارض وجذام
 
الضرّ ربي مسّني متواترا
أنت الكريم وكاشف وسلام
 
الم بضرسي كالسعير قساوة
ونحول قلبي للشهيق لجام
 
مرّت عليّ مصائب ونوائب
من ثقلها مادت لها الأهرام
 
ليلي سكون رغم نار تألّمي
والصبر فيه بالسميع عصام
 
صبرا أصارع بالرجاء مواجعي
صبري دعاء والسكوت كلام
 
سوء الغذاء فلا محالة ممرض
وكثيره سمّ لنا وحرام
 
الغيض يقتل والتلوث والعمى
واليأس موتٌ فى الرؤى وصدام
 
الأرض قد ملئت مفاسد آدم
وشروقها يعلو به الأجهام
 
ظهر الفساد , وفي البحور والثرى
لم يبق قطعا للحياة نظام
 
غابت عن الأرض الضمائر والتقى
وانساب فيها عابث وركام
 
الجسم يضعفه الزمان وغدره
والعسر يرهق والأسى هدّام
 
رغم العلوم فسادنا من جورنا
مرض وفقر مطبق وخصام
 
قد غير الأنسان كل طبيعة
فإذا الفساد بنفسه أحكام
 
أمراض من عاش المواجع صابرا
نعم تزكي والجنان ختام
 
حاشاك ربي ان دعاك معسّر
ويعود منك مكبّلا ويضام
 
يا خالق الأنسان تعرف صنعه
فرضاك في كسب الشفاء لزام
 
الجود حتما فاق كل حوائج
فلقد دعا ربي بكن معتام
 
أنت المشافي واللطيف ومنقذ
لولاك ما شفيت لنا أسقام
 
للمؤمنين بلاءهم زاد لهم
وثوابهم عند العزيز وئام
 
فأنين عبد مؤمن لمواجع
كفارة , وجزاءه الأكرام
 
وقعُ المواجع في فؤاد يائس
كالطفل يذبحُ والذبيحُ حَمام
 
العمر يوم في مراحل سيره
فجر وظهر قد علا وظلام
 
بثلاث آلاء نعيش سعادة
ستر وتقوى والنفوس سلام
 
لو كانت الأمراض يوما امرءا
لقتلته , فالقتل فيه غرام
 
كفارة اللآثام علّة مؤمن
تجلي الذنوب ويشفها العلاّم
 
الصبر في الأمراض مكسبه الرضا
وجنان ربّك للوفاة سهام
 
راجعْ مسيرَك ان بلغت مُعافيا
فبلاءُ دهرك للصلاح إمام

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى