الثلاثاء ٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم إبراهيم محمود إستنبولي

صراخ حاد يملأ المكان

قصائد للشاعر الروس يبوريس باسترناك

ولد بوريس ليونيدوفيتش باسترناك – الشاعر في 10 شباط من عام 1890 في موسكو.

وفي عام 1922 أصدر مجموعته الشعرية " أختي - أيتها الحياة "، التي وضعت الشاعر باسترناك على الفور في مصاف أساتذة الكلمة الشعرية المعاصرة. ومن هذه المجموعة انطلق باسترناك كظاهرة فريدة في عالم الشعر.

أعطى اهتماما كبيراً للترجمة في الثلاثينيات (قام بترجمة أعمال شكسبير، غوته، شيلر، ريلكه، فيرلين وغيرهم إلى الروسية.. )
استغرق باسترناك في كتابة رواية " دكتور جيفاغو" سنوات طويلة لينتهي منها في نهاية الخمسينيات. تم نشر الرواية خارج الاتحاد السوفييتي السابق في عام 1958 ونال الكاتب جائزة نوبل للآداب عليها. وقد كان ذلك سبباً لهجوم حاد من قبل الجهات الرسمية ضد الرواية وضد الكاتب.. وعلى أثر ذلك تم طرد باسترناك من اتحاد كتاب الاتحاد السوفييتي. ونتيجة للحملات المسعورة ضده فقد اضطر الكاتب إلى رفض الجائزة. وقد كان لهذه القصة أثر سلبي كبير على الشاعر والكاتب.. بل إنها ساعدت على تقليص سنوات عمره .

أُعيدَ الاعتبار للشاعر والكاتب في عام 1987 في زمن _ البيريسترويكا وقبيل انهيار الاتحاد السوفييتي..
وفي 30 أيار من عام 1960 توفي باسترناك بعد صراع مرير مع سرطان الرئة.

1
من قصيدة " تعريف الشعر ":

هو– صفيرٌ حادٌ يملأ المكان،
هو– خشخشةٌٌ لقِطع ِ جليدٍ تتكسرْ،
هو- ليلٌ يُجمِّدُ الورقَ الأخضرْ،
هو– مبارزةٌ بين بُلْبليَن

2
ارتجال

سربَ المفاتيح1 أنا بيدي أطعمتْ
على وقْعِ صفْقِ الأجنحة، طبطبةِ الماءْ
وصياحِ عقابْ.
مددتُ يداي، وقفتُ على رؤوس قدميَّ،
التفّتِ الأكمامُ، ولامسَ الليلُ مرفقي.
وكان ظلام. وكانت هي البحيرةْ
والأمواج. – وطيور من فصيلة أحبك،
كانت مستعدة ،على الأرجح لتميتك،
قبل أن تموت،
تلك المناقيرُ السود المتينة الصاخبة.
وكانت هي البحيرةُ. وكان ظلام.
وكانت تتوهج نساءٌ ممتلئة
وقد دُهنت بقطران منتصف الليل.
وكانت موجة قد قضمت قعر
المركب. وطيور تتشاحن على مرفقي.
والليل يلعب بالماء في خليج السد.
وبدا، ما لم تُزقّ الأفراخ كفاية،
فالإناث ستُميتُ على الأرجح،
من أن تموت،
تلك الترانيم في الحلق المشوه الصاخب.

3
مريم المجدلية
I

مع أول الليل، يكون شيطاني جاهزاً
لأحاسَب لقاء الماضي.
وتأتي لتنهش قلبي
ذكريات الفجور،
عندما كنتُ، أنا عبدة نزوات الرجال،
مجنونة حمقاء،
وكان الشارع ملجأي.
لم يبق سوى دقائق معدودة،
ثم سيحلُّ صمت القبور.
لكن قبل أن تنقضي،
سوف أهشِّمُ حياتي أمامك،
كما لووعاء الأباستر
وقد بلغتُ الحد الأقصى.
أوه، في أي مكان كنتُ سأجد نفسي،
يا معلمي ويا منقذي،
لولم يكن الخلود ينتظرني
قرب الطاولة في الليالي،
كما هوالزائر الجديد،
الذي وقع في شباك الحِرْفة.
ولكن قلْ لي، ما معنى الخطيئة،
ما الموت، ما الجنة، وما اللهيب المتقد،
طالما أنني التصقتُ معك
أمام أعين الجميع،
كما هوفرخ الشجر،
مع حزن بلا حدود .
عندما سأتعلّم، ربما يا يسوع،
أن أحتضن العارضة الرباعية للصليب،
وقد استندت قدماك على ركبتيَّ،
حيث سأندفع نحوالجسد
وقد فقدتُ حواسي،
لكي أجهّزك للدفن.
1949

مريم المجدلية
II

على مرأى من الناس،
قبل عيد الحصاد ،
وبعيداً عن هذا الزحام
أغسل قدميك الطاهريتن
من السطل بسلام.
أبحث ولا أجد النعال.
لا أرى شيئاً بسبب الدموع.
إذ نزلت على عيني كالغشاوة
خصلات الشعر المنفلت.
أنا خبأتُ قدميك الطاهرتين تحت الثوب،
سكبت عليهما دموعي، يا يسوع،
وربطتهما بخيط الخرزات عند الكاحل،
ودفنتهما في شعري، كما في عباءة.
أرى المستقبل بكل تفاصيله،
كما لوأنك أوقفته بالضبط.
فأنا الآن قادرة على التنبؤ
كما تتنبأ قارئات civill.
غداً ستسقط الستارة في المعبد،
وسنجتمع حلقة في إحدى الزوايا،
وستهتز الأرض تحتنا،
ربما شفقة بي.
سيعيد جنود الحراسة اصطفافهم،
وسيبدأ طواف الفرسان،
وكإعصار في يوم عاصف،
سينطلق هذا الصليب
نحوالسماء فوق الرأس.
سأرتمي على الأرض عند قدمي الصليب،
سألبث خاشعة وسأعض شفتي.
فلأجل احتضان الكثيرين – ستفتح
ذراعيكَ في نهاية الصلب.
لمن في العالم تلك الرحابة،
هذا العذاب وهذه العَظَمة؟
أيوجد كل هذا الكم من الأرواح والحيوات في العالم؟
وكل هذا العدد من القرى، الأنهار والغابات؟
لكن ما أن تمر ثلاثة أيام بلياليها
ويدفعون بي إلى ذاك الفراغ،
بحيث أني سأكبر خلال
الفترة الرهيبة قبل البعث.
1949
قصائد للشاعر الروس يبوريس باسترناك

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى