الجمعة ٣١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم إيناس أحمد الحبشي

تائهات

مركز كبير بل ضخم تم إفتتاحه مؤخراً في وسط المدينة...

لم تسعها الفرحة والسعادة للإنتظار يوماً آخراً لزيارته هي ورفيقاتها، خطواتها تسابق الجميع، وفي كل خطوة تتسائل عن الذي ستشتريه منه، وأي محل ستزوره أولاً...؟، بل أي واجهةٍ ستمتع بها عيناها أولاً...؟ وأي مقهى سيعيرها كوبه لترشف منه قهوتها المفضله...؟، لا تعلم...والواقع بأنه لا وقت لديها لتعلم...

تسارعت خطواتها أكثر... وتجاهلت من معها أكثر وأكثر... وتخبطت بشكل لا يُتصور...! تائهة في تلك الممرات الفسيحة، حائرة بأي المحلات تبدأ...

أتتجه يميناً أم شمالاً...؟، وأي طريقٍ فيهم أقصر...؟ لا يهم... فلديها من الوقت والمال الكثير في كل الأحوال...

دخلت المحل الأول...

ونظرت إلى ذلك الثوب المنسدل الطويل، وانبهرت بتلك الخيوط الذهبية التي تتخلل خيوطه، وإلى البريق المنبعث من نهاية أكمامه، ولم تتردد في الحصول عليه، هو وغيره.. وإثنين آخرين...

وفي المحل المجاور له...

كانت الأحذية الإيطالية الفاخرة مرصوصة بشكل متقن وفريد، والأضواء الصغيرة المسلطة نحو كل حذاء تبخ من سحر الجذب ما لا يبخه أي ضوء عادي آخر...!

توجهت نحو أكثر الأركان سحراً وجاذبيه، وهو الركن العالي، وما يضم في جوفه من أحذية ذوات كعوب خيالية التصميم والجمال...

وكان النصيب قد وقع على الإرجواني منهم، كونه يحمل من التميز ما لا يحمله أي حذاء آخر...

وأثناء الدفع... وقعت عيناها على المتجر المقابل، لكن إسمه العربي لم يكن بذي المقام المناسب لها، لذا نجا من مداهمتها له بإعجوبة، واندفعت من المحل وخيلاؤها يلطخ خطواتها الجريئة، تجر خلفها خادمتان آسيويتان تحملان لها ما إبتاعته من تلك المحال...

وفي المتجر الثالث...

كانت التحف المنزلية وأطقم الأواني موزعة في جميع الإتجاهات، مرصوصة ومرتبه بطريقة فنية مبتكره، تبهر كل من رآها وتجبره على التأمل في طريقة عرضها أكثر من التأمل في ذاتها، إضافة إلى قسم الشموع وطريقة عرضه التدريجيه، من الأصغر والأفتح لوناً إلى الأكبر حجماً والأقتم قعراً، إبداعات وُجدت لتأسر الزبائن وتقنعهم بالتخلي عن الحكمة والإقتصاد...

مكثت في المتجر هي وصديقاتها أجمع بعد أن اتصلت بهن واجتمعن ما يقارب الساعتان والنصف تعبء كل منهن عربتها بكل ما احتاجه منزلها ومالم يحتاجه، تعبئة ً خاوية لإرضاء غرورهن والضمير...

وهكذا اندفعت... وانطلقت... وتدحرجت من محل إلى آخر مع صديقاتها الأربعة المقربات، يتضاحكن ويتعازمن على مطعم تارة.. ومقهى تارة أخرى.. ومسرح سينمائي.. وغيره من متاجر المرطبات والمثلجات لا تسعهن السعادة لتحقيق رغباتهن في الشراء.. والإقتناء.. والحصول.. والإمتلاك.. دون أدنى حاجةٍ أو تبرير...

قاربت الساعة على العاشرة مساءاً...

والخمسة في السعادة غارقات، عائدات إلى بيوتهن فرحات، ليجدن أولادهن في ضياع، وبناتهن في شتات، وأزواجهن في غفلةٍ وسبات، وهنّ... يتهيأن لزيارة آخرى تكشف لهن عن خطوط الموضة ومدى التحضر لإثبات الذات...!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى