السبت ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٥
بقلم معين شلبية

الموجة عودة

ولماذا أسامح يا أصحاب ؟

هل أحد منكم يحمل أمتعة الصبح مكاني

هل من يقرأ في حزني النكبة

ويشارك في موت الليل مقاساة العتمة

ويمزق شريانا في أحشاء زماني

كانت في قلبي تتفتح زهرة

كانت في روحي زنبقة مرة

مر العمر ويا ليته... ما مرّ.

كانت في قلبي تتفتح طفلة

تتململ في رحم الأحزان.. تعاني

كانت في روحي أنثى

ترسم أجنحة الشمس وأعقاب البسمة

لكن سهاما من قوس أحبائي

بعثت في عز الصبح إلى روحي ... فأصابت !

ماذا أفعل يا أصحاب ؟

هل يوجد من يحمل منكم أتعاب الأمة

هل أحد منكم يقرأ أسفار البحر

ويرشف من قاع الكأس بقايا الجمرة ؟

وتقول الطفلة:

ماذا أفعل كي تجعلني حبلى!؟

ماذا أكتب يا أغراب؟

هل يوجد من يفهم فيكم ما قد أكتب؟

قد أكتب عنكم كل خطاياكم

وأعانق فيكم في عز الظهر عذابي

لتكون الثورة

لتكون الثورة

لتكون الثورة..

ماذا أعمل يا عشاق؟

هل أحد منكم يعرف طعم الجرح المالح

في صدر القبلة؟

هل أحد منكم يعرف كيف يكون الحب

على جسر العودة؟

هل أحد منكم يعرف كيف تغيب الروح

على خصر الخيمة؟

هل أحد منكم يعرف كيف يجوع القلب

وتنتحر الشهوة...؟!

ماذا أفعل يا احباب؟

سراب هذا ... هذا سراب

واصل شهوتك المائية

واصل أحلام الزوجة

فغدا ستعانق تلك الموجة

الموجة عودة

الموجة عودة

الموجة عودة.

لمحة عن معين شلبية

 ولدت في الرابع عشر من تشرين أول عام 1958 في قرية المغار الجليلية التي تطل على بحيرة طبرية وتحيطها غابة من أشجار الزيتون الخضراء. عشت طفولة معذبة شأن أطفال فلسطين بعد نكبة شعبنا؛ تأثرت بحالات المعاناة التي عشناها حتى رافقتني إلى يومنا هذا، وكانت كافية لأن تجعلني أسيرها ومحكوما بها إلى الأبد.

 أنهيت دراستي الابتدائية في قريتي المغار عام 1972 والثانوية في قرية الرامة عام 1976.

 خلال دراستي الثانوية أصابتني أعراض الشعر الحقيقية وبدأت أتعرف على الثقافات واطلع على شعرها؛ ثم بدأت بنشر قصائدي في المنشورات الوطنية، الصحف الفلسطينية والعربية واختار قراءاتي من الإغريق مرورا بالمتنبي حتى محمود درويش.

 التحقت بقسم اللغة العربية والإدارة العامة في جامعة حيفا حيث بدأت مرحلة جديدة من الحياة حيث مارست النشاط السياسي، الثقافي، الاجتماعي، والنقابي إلى يومنا هذا.

 شاركت في أمسيات ومهرجانات ثقافية، شعرية، محلية، عربية وعالمية عديدة..خاصة في مصر والأردن وحزت على شهادات تقدير عديدة وأخيرا على درع تكريم شعراء ومبدعي فلسطين.

 عملت بكد وجهد على تحقيق التطلعات الوطنية لشعبنا من خلال المواقع الوطنية العديدة؛ واعتبر إن حياتي ليست سوى وميض في خوالد المكان والزمان، ولكنها دائمة الصراخ، دائمة السفر، دائمة التخيّل.

 أسسنا صديقي الشاعر سليمان دغش وأنا الحزب التقدمي الاشتراكي، وأحد مؤسسي جمعية ابن رشد للثقافة والفنون وعضو في اتحاد الكتاب العرب.

 تناولت نتاجي الأدبي عدة دراسات نقدية.
أصدرت معظم أعمالي الأدبية دار الأسوار – عكا، لصاحبها الكاتب يعقوب حجازي.

 الكتابة، سفر تكويني الخاص، تسوية أخلاقية بين تجربتي الإنسانية وبين هاجس البحث عن سؤال الحرية، الحقيقة والعدالة في جو استثنائي شخصي وذاتي يبدأ من الصرخة الأولى ويمتد نحو التصاعد الغامض المتوتر والقلق الذي لا يتوقف على حال من اجل بناء تجانس كينوني بين الجماعي والفردي، بين الأنا والآخر، بين العشق والمرأة، بين الأرض والوطن.

ولكن يبقى سؤال الكتابة مبحراً في الأزرق كما يبدو، معاناة لا شفاء منها، دهشة مشبعة بالوعي والهوس، تحك المخيلة، تداعب اللاوعي كي تصل إلى اللذة التي لا أحب الوصول إليها في هذا العالم الغائب، الضيق والسحيق.

 وهكذا، ولدت من رحم المعاناة حاملاً جواز سفر في عالم الفن والجمال، أحك الفضاء الواسع المسكون بالإبداع والظمأ، أعانق رجالا في الشمس، باحثا عن أوراق الزيتون في هذا الزمن الخريفي، راسما جدارية الحياة والموت حاملا سؤال الحرية والحقيقة في عالم مختل، مدهش وغريب.
كنت ابحث عن الحلم الأول، عن الألم الأول مشعلا الحرائق في كل مكان، محترفا الحزن والانتظار، تائها في سبر غور حالة القدرة على معرفة نفسي وموسيقى الكون.

كنت ابحث عن الوعي الأول المثير، المغامر العنيد والمشتعل بنار العشق، طارحا السؤال الثقيل: سؤال الحياة والموت.

في تلك الحالة الاستثنائية، الإنسانية الشاملة في جوهرها المتألق، المتوتر، الحائر والمأزوم، كنت اسأل لأعود مع اقرب عاصفة كي أخترق جدار الذاكرة، وكلما داهمتني هذه الحالة كنت استعيد توازني في عالم لا يرحم. كنت استرخي في غيبوبة الوجع، هناك، على شاطئ البحر، اتألم زرقته وأتمنى الخلاص حتى تفيض الروح دهشة، تمردا ورؤىً.
هذا الرحيل المستمر، تعبيري عن التجربة الحياتية على حقيقتها؛ يتداخل صراخي في غمار الأحزان، تتشابك الصور المضطربة، يتسع الهامش.. وتمضي غيمة.

وهكذا استمر هذا الحضور اللامتناهي حتى يومنا هذا.
لقد أصبت بخيبات أمل عديدة منذ طفولتي الأولى؛ أخذتني حالات الخوف والقلق في غمرة الدفاع عن دفاعي الذي تجلّى إمامي كلمح الوطن. قاومت بشتى أشكال التعبير الإنساني الظواهر السلبية وعبّرت عن انفعالي بتطويعه الطوعي لذاك الصوت الذي يسكن شقوق السؤال.. ولكن هيهات يشبعني هاجس يسكن الأفق.
سكنت غابات عينيها، سكنت الضلوع، وقلت:
الحب دائماً...

واستمر قلبي يرفع صرخات الاحتجاج وهو ينادي:
القلب لا يتحمل زمنين رديئين. التفت فلم أجد إلا ظلي... وسقطت جميع الأقنعة.أنا ألان وحدي أقاسي عذاب النص، أعانق بشغف ورغبة حرارة المرأة التي ما زالت النيران تشتعل في ثيابها، وتعود كما تعود الدائرة إلى نقطة البيكار، وكأن لسان حالها يهمس:

أيها الفتى: أنت قد رأيت في غربتك مدنا كثيرة، فخبرني: أية مدينة أطيب؟
قلت: تلك التي فيها من اختطفت قلبي!
فدعيه يستدفئ حول بيتك، ونامي.

مؤلفاته الشعرية:

  1. الموجة عودة 1989 دار الأسوار - عكا
  2. بين فراشتين 1999 دار الأسوار - عكا
  3. ذاكرة الحواس 2001 المؤسسة العربية - القدس
  4. طقوس التوحد 2004 دار الأسوار - عكا
  5. هجرة الأشواق العارية. دار الأسوار - عكا تحت الطبع.

الأعمال النثرية:

  1. تأملات 1992 النهضة للنشر والتوزيع - حيفا
  2. مساء ضيّق 1995 أبو رحمون للنشر - عكا
  3. شطحات 1998 منشورات البطوف - حيفا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى