الأحد ٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم حميد طولست

المدير

المدير

أبوابه موصدة، وحتى تصل إلى هذه الأبواب الموصدة، لابد أن تمر على أشخاص يحملون مسميات ومناصب مختلفة، وحتى تمرر ما تريد إلى ذاك الذي يتربع وراء الأبواب الموصدة، لابد أن تتحدث أولاً إلى كل هؤلاء، ولابد من تمضية وقت كبير معهم لتشرح طلبك للواحد تلو الآخر، ورغم تحملك المبذول، وصبرك المشهود، وسعة صدرك، ربما يدفع بك الحنق لأن تفقد الذرة الأخيرة المتبقية من المنطق ومن العقل ومن القيم ومن المبادئ.. فستغني عن الوصول إلى القابع وراء تلك الأبواب الموصدة.. فكيف لمدير هذا حاله أن يقود التنمية أو أن يسهم في البناء؟؟؟.

القرية الباكية

ذرفت العيون الدموع، وإعتصر الألم القلوب، وسكنت الحسرة الأحشاء، وخيم على القرية جو جنائزي بعد أن عاد ثلة من شبابها يحملون على الأعناق جثة هامدة غيبها الموت عن الأهل والأحبة.

الطيبون حياتهم قصيرة كما يقولون، وأن الموت يسرق الأعمار قبل أن نشبع منها.

لقد ظلت لسنين تمني النفس بالفرج والاستقرار ونيل المراد..وبدأب نادر، ومتابرة لا تعرف الكلل، حاولت إنجاز بعضا من أمانيها. لكن أحلامها ترملت وهلكت أمانيها وخبا نورالأمل وذبلت زهوره بين كذب ونفاق ولامبالاة المحيطين بها.
ودون أن تدري ما تخفيه لها الأقدار في جوفها، وما تكنزه الظروف في أحشائها، إرتمت في أحضان الفلك المثقوب تخوض معترك المياه والخطوب، ظلت في صراعها الدامي مع الأمواج العاتية، تارة تغالبها وتارة تغلبها، إلى أن لفظتها مياه اليم فوق رمال القرية الباكية.

أولويات

دلف من بوابة المستشفى العمومي ويده تتحسس جنبه العليل الذي أرقه منذ شهر كامل.

وقف قليلا لكي يميز الإتجاه نحو جناح الفحص الباطني، سرع مشيته، استوقفته يافطة كتب عليها بالخط العريض " ثمن الفحص 20درهما ". دس يده بإشفاق في جيب سترته القديمة المهترئة و أخرج الورقة المالية، بدت نظرته ساهمة،حدث نفسه: عشرون درهماً كاملة؟؟؟ أليس الأولى أن أشتري بها لإبنتي حذاء باليا

من جوطية بوجلود ؛ حذاء؟؟؟ هناك أمر أولى من الحذاء... فهي في حاجة الى مثلث ومسطرة... ولو اشتريت المثلث والمسطرة لفضل لي من المبلغ حوالي عشرة دراهم تمكنني من جلب بعض الخضر الكافية لمدة أسبوع بكامله من السلالين. فاصغر أولادي إشتاق الى البطاطس المقلية، وزوجتي المسكينة لم تتذوق مند أمد طعم "التكتوكة " اللذيدة بالطماطم والفلفل والباذنجان.أما أنا.. فما الذي اشتاق إلى أكله؟؟؟ ترى ألا يزال طعم الخيار كما هو؟؟؟

و بهدوء أعاد الورقة المالية إلى جيبه وعاد من حيث أتى متحسسا جنبه العليل في إنتظار تعميم التغطية الصحية... ومجانية التطبيب...؟؟؟؟؟؟؟

 [1]

عنف بالأطوبيس

صعدت الى الحافلة المزدحمة، وقفت مثتاقلة تحت الكشح الممتلئ، نظرت الى الأشباح المعلقة حولها نظرة مقموعة.إقتربت، لفحه ريحها، شده مغناطيسها، أسره جسدها الممتلإ، تلاطمت مكبوتات ذاكرته، انفجرت جوارحه، فاض دمه، زادت دقات قلبه، تحركت شعيرات عانته. أطلقها زفرة جريحة من أعماق متورمة لروح معطوبة بتراكمات الثوق وعُقد العلاقات. سلخ القدسية، ألغى المسافات الخلقية، إنزلق الى الغي، وتحت صخب اللحظة، فرض بقوة علاقة جسدية. لم تطاوعه ليبني حوارا بهيميا، انتفضت، انسابت بين الأجساد المحنطة، اختفت، نزلت قبل الوصول


[1ملحظة: جطية بوجلد سوق دائم الإلبسة القديمة أعيد بناءه بعد الحريق المهول الذي عرفه قبل سنوات. والسلالين سوق عشوائي للخضر والفواكه إشتهر برخص أثمنته، يبتدء من باب محروق الشهير الى مدخل الطالعة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى