الجمعة ٣٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم محمد متولي محمود

اللعبة

ارتديت جلبابي البلدي والطاقية وخرجت من داري أتمشى على شاطئ المتوسط فوجدتها هناك خمرية أعرابية تجلس هي والشمس على صفحة الماء المتألقة..يتداعبان..يغمسان أسلاكاًً حريرية من شعر ذهبي في البحر الدافئ..جلست بجانبها فابتسمت..سألتني وعيناها تضحكان " تعال أريك لعبة؟" أومأت إيجاباً فاستلت خنجراً من تحتها وجزت به عنقها..راحت صرخات الفناء تنطلق من كل قطعة فيها ومن جرحها الذي ينز بالدماء سيلاًً دافقاً على جسدها وملابسها قبل أن يصب في البحر..قفزت أستصرخ النجدة وأركض بلا هدف فوجدت أهلها يحيطون بي من كل حدب وصوب يضربونني بلا أدنى رحمة أو تفاهم بأيديهم وبأرجلهم..بأدوات حديدية وغير حديدية وأعينهم وألسنتهم تصرخ بكراهية "قاتل.

راحت المناظر تتقلب أمامي تباعاً..الوجوة تبيض ثم تسود..تنمو لهم أنياب وأذناب وقرون ثم تختفي..والكون يحمر ثم يعتم.

أفقت فوجدتهم حولي..هم والأعرابية التي لا يزال جرحها ينز دماً..يتضاحكون بلا توقف..قالوا كلمات تمزقها القهقهات "ما رأيك في اللعبة؟على فكرة نحن نحبك كثيراً".

لملمت أشلائي وكدماتي ودمائي المتجلطة على جسدي وقمت أنصرف..فراحوا يقذفونني بالحجارة وضحكهم يزداد اشتعالاً..لم أهتم..رحت أتخبط في الكون الذي انقلب إلى جوف هوة مظلمة باحثاً عن داري بلا جدوى وعلامات الاستفهام والتعجب تطرق رأسي المتصدع مع طرق الجراح..والحجارة تلاحقني غزيرة أينما ذهبت..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى