الأربعاء ١٨ شباط (فبراير) ٢٠٠٩
بقلم حليمة الجندي

سؤالي المعلق

عندي سؤال معلق..
يمين المظلة في مدخل بيتنا
وهو ليس باليتيم
فلدي مجموعة أظن مهمة و قيمة
مسائل لا تحصى و إشكاليات..
تتدحرج على بطنها
منذ اخترع العرب الصفر..
أو قبل ذلك بعام أو ألف سنة
وجمعها هواية عندي بالوراثة.. ومزاج
لذا تعمدت ركنها في مكان مرئي جدا
لتذكرني كل صباح و كل عشية..
أنني مازلت أسكن في ذات العنوان
وأني لم أخسر بعد رهاني..
ولا نزعة الاحتجاج
 
وليس سؤالي المعلق بالعميق
يحلل في كل المختبرات
سلوك (نوعي)
يبحث عن جواب لسؤال طريف
هل الأصل في الإنسان الخير أم الشر؟
فيعزل في أنابيب الاختبار طبائعنا
يصب عليها المحاليل بكل الألوان
وفي الصورة النمطية للعالم المخبول..
تنفجر فيه التجارب كشهب اصطناعية
صنعها طفل من أقصى آسيا..
بأصابعه الأربعة وذراعه المبتور
حتى تضيء سماء بشريتنا في رأس السنة
وتعكس شبابها المتجدد
وهي تشرب نخب النمرود و آشور
 
وسؤالي المعلق بعيد عن هموم الأمة الكبرى
و قضاياها الجوهرية
عنوان إقامتها هي الأخرى..
مثلي.. لم يتغير..
في شتوها قصيدة شعر أو خطبة تقدمية
وفي الصيف أغنية كالزكاة أو الصدقة..
من حين لحين
 
مطربة متأثرة على الشاشة..
تبكي النكبة و المنكوبين
سال الكحل الأسود على خديها..
في أدب و نظام..
تأخذها الكاميرا من زوايا مختلفة
حسب رؤية مخرج متفنن
وزميلها يلوح بقبضته كأسد الغابة
يدعونا للاطمئنان..
ويقسم بأيمانه المغلظة
وبالطلاق ثلاثا..
أننا سنصلي في القدس قريبا جدا
 
وسؤالي المعلق لا علاقة له بالسياسة أو بالنظام
فسؤال كهذا لايمكن تعليقه لا من وجهه ولا من قفاه
زلق هواه..
فتراه يأتيك محلولا..
مع أوراق ميلادك و تصريح الوفاة
 
ثم إن للسياسة آلهة
وسدنة يسبحون باسمها..
وكهان يتلون الصلوات دون انقطاع
ويقدمون أصحاب الأسئلة قرابين
ويشعلون البخور الشرقي في معابد خاصة
كالنوادي..
لا تقبل انتساب أمثالي ممن هب ودب..
فأنا تقنيا من الرعاع
والأسئلة محرمة فيها على كل حال
سواء أكنت منعما بقبولهم..
أو خارج حلقة الذكر والانتفاع
 
وسؤالي المعلق
ليس فيه نقد من أي نوع..
فأنا مواطنة مثالية
ولا تبرم أو ضيق درع..
وسؤالي ليس فيه إحساس مرير مغموس في زبدية حنق..
تصدر سطحه كالسمن عفن العتاقة
وليس صيحة استنجاد تتردد من دار السلام
صدى لوا معتصماه.. على لسان الهباء في صفاقة
ولاهو استنهاض ولا استمداد ولا استذكار
ولاستمرار ولا إحياء لفكرة ولاهم يحزنون
 
يا زمانا عيروك في أشعارهم والنثر
مقمط في مسوح صعلوك و كل جفاك
يا خاذلا قومي وفاضا ميثاق ربعي
وقد كنت حليفهم الأعز متروك سواك
 
يا مهدور الدم مذ انهزمنا هل من سؤال
أو جواب يخفف وزر ما اقترفت يداك
اليوم يا زماننا تمنح حق الدفاع فانهض
وردد إن استطعت الزعم إلى نحرعداك
 
وبيني وبينك يا صديقي لن تستطيع..
لأنك أقصر الحيطان ولأنك أنت البردعة..
وإني والله متعاطفة معك
ولكنك سؤالي المعلق..
و الدليل الحي على أني هاهنا
حية أرزق..
فأنا وأهلي امتهنا الأسئلة..
لا لنعرف الحقيقة..
لا تسيء بنا الظن
فهذه خطيئة توقفنا عن اقترافها منذ سنين
نحن كالتلميذ في آخر الصف..
يرفع أصبعه ليوهم المعلمة انه عارف للجواب
فتتجاوزه لتحرج الساكت في آخر الصف المقابل
فالسكوت عندنا دليل على الجهل
أو قل إن شئت الغباء
والكلام أو نية الكلام رياضة قومية
شريطة أن يكون بلغة الإشارة أو بلغة الطير
أو أن يكون مرخصا
فهو سلاح خطير..
ونحن رعية محتاجة لكل الحماية الممكنة
 
ما قلت يا زماننا في ما سلف؟
مالي أراك تضرب كفا بكف؟
كأني بحجة أهلي قد أفحمتك..
وأثبتت خيانتك أمام المحكمة
تكلم كما شئت يا سيدي..
فأنت أجنبي وقانوننا لا يسري عليك
 
(أما اكتفيت يا لائمي من هتك سترتي
عريتني كالدمية وألبستني على هواك
ووصمتني بكل قبيحة و أنا الحليم
وجعلتني خائن خبزك وإدامك
والسبب الأزلي لكل شيء دميم
فإن عطست فانا السبب
وإن حرر لك شرطي المرور مخالفة
فأنا أيضا السبب
وإن ضيعت أرضك خوفا.. مقبوض الثمن
وأدنيت الخد مداسا لكل الجزم
فإن الملام هو أنا
 
يا من قنعت بالسؤال
علقته فعلقك
وأشهرت في الدنيا اعتزالك
و دخلت سلك الدروشة..
لا زاهدا ولكن..
لأنه الخيار الأسلم
فصرت الضحية والشهيد
والهدف المحبب لكل قناص محدث
أو حامل لغل بائت أو جديد
والكفارة الأكثر شعبية في عصرنا
لجبر أضرار (الظالمين) باسم (العبيد)
أنا لست مثلك يالائمي..
متقمص دور الضحية أو راض به
ولست أقبل صاغرا بتقسيمهم والأخذ بأسبابه
ولست اقبل أن أقدم غنيمة حرب بين القبائل
أو أكون فأر تجارب أو نعجة مستنسخة
أنا أعرف ما الرفض..
نظرية و ممارسة
وإني صدقا.. لم يثرني اتهامك
ولكني انفعلت إشفاقا عليك
يا لائمي..
أنظر مليا حولك
تجد الزمان هوهو..
وأنت المقلوب رأسا على عقب
طواعية لم يرغموك..
ولكنك أدمنت الشقلبة
يا هذا أجبني..
واكفف أذاك..
أ الوجه أرى يا لائمي منك..
أم هذي قفاك..؟)

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى