الثلاثاء ١٧ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم حلمي الزواتي

ابتسامَة عَلى شَفَتي الجُرْح

تَلَمَّسْتُ وَجْهَكِ

أَلْغَيْتُ كُلَّ مَراسيم قَتْلي

وَ حَطَّمْتُ كُلَّ المَشانِقْ

وَأَشْعَلْتُ في الليْل كُلَّ الحَرائِقْ

وَ لُذْتُ بِقَلْبِكِ

أَبْحَثُ عَنْ مَوْعِدٍ لِلْحَياهْ

وَ كانَ الخَليجُ يُعانِقُ أَمْواجَ يافا

وَ كانَ الخَليجُ يُقَبِّلُ شُطآنَ حَيْفا

وَ كانَ..

وَ كانَ..

وَ كانْ

وَ كُنْتُ أَنا وَالزَّمانْ

أُضَمِّدُ جُرْحي بِجُرْحِكْ

وَ أَعْصِبُ قَلبي بِقَلْبِكْ

(أَشُدُّ جِراحي بِخَيْطٍ،

بِخُصْلَةِ شَعْرٍ

تُلَوِّحُ مِنْ فَوْق طَرْفِكْ)

تَلَمَّسْتُ وَجْهَكِ

أَمْسَكْتُ جُرْحيَ

أَعْلَنْتُ أَنَّ البِدايَةَ ضِدَّ النِّهايَهْ

وَ أَنَّ النِّهايَةَ ضِدَّ البِدايَةِ

لَسْتُ أُبالي..

فَأَنْتِ النِّهايَةُ، أَنْتِ البِدايَةُ

فيكِ الظَّلامُ وَ فيكِ الضِّياءْ

وَ أَنْتِ التُّرابُ

وَ أَنْتِ الفَضاءْ

(2)

تَلَمَّسْتُ وَجْهَكِ

أَبْحَرْتُ... أَبْحَرْتُ مِنْ دون ماءْ

ذَرَعْتُ المُحيطاتِ طولاً وَ عَرْضا

وَ كانَتْ زَواتا تُعِدُّ الغَداءْ

وَ كانَتْ عُيونُ النّواطيرِ تَغْتالُ ظِلِّي

وَ تُعْلي المَقاصِلَ

تَقْتُلُ فينا اخْضِرارَ السَّنابِل

عِنْدَ المَساءْ

وَ كانَتْ ضُلوعي تَفِرُّ بَعيداً وَ تَمْضي

تُمارِسُ فِيَّ مَعاني العَناءْ

تَقيسُ المَسافَةَ بَيْني وَ بَيْنَكِ

ما أَعْظَمَ العِشْقَ حينَ يَكونُ ابْتلِاءْ!

وَ حينَ أُسافِرُ لا فَرْقَ عِندي

فَكُلُّ الصُّخورِ بِحارٌ وَ كُلُّ البِحارِ صُخورٌ

وَ أَنْتِ بِحاري

وَ كُلُّ ابْتِداءٍ إِلَيْهِ انْتِهاءْ

سِوى حُبِّنا لَن يَزولَ

فَنَحْنُ اتَّحَدْنا مَعَ الغَيْم وَ النَّوْءِ عِنْدَ الشِّتاءْ

وَ في الصَّيْفِ،

نَحْنُ اندَمَجْنا مَعَ الشَّمْسِ أُمِّ الضِّياءْ

وَ في شَهْرِ آذارَ

كُنَّا الزُّهورَ

وَ كُنَّا الطُّيورَ

وَ كُنَّا الرُّواءْ

وَ في السِّجْن في لَحْظَةِ الانْتِظارِ

تَوَحَّدَ فينا الصُّمودُ كَسَيْفٍ مَضاءْ

وَ حينَ أَعَدُّوا الفُؤوسَ

وَ جَزُّوا الجُذوعَ

انْتَفَضْنا...

تَجَذَّرَ في جَبْهَتَيْنا النَّماءْ

وَ كُلُّ ابْتِداءٍ إِلَيْهِ انْتِهاءْ

سِوى حُبِّنا لَنْ يَموتَ

فَنَحْنُ ابتِداءٌ

بِدون انْتِهاءْ

(3)

تَلَمَّسْتُ وَجْهَكِ

أَسْرَجْتُ قَلْبِيَ

أَسْنَدْتُ وَجْهِيَ لِلشَّمْس

أَغْمَضَتُ جَفْنَيَّ حُبًّا وَ حِلْما

وَ كانَتْ ذوائِبُ شَعْرَكِ تَغْزو جَبيني

فَيَهْرُبُ حِلْمي وَ أَبْقى

وَ قَلْبي الجَريحُ تَدلّى

وَ غاصَ بَعيداً بَعيدا

فَقَلبي يُحِبُّ البِحارَ

وَ يَعْشَقُ في الليْل وَجْهَ النَّهارِ

وَ يَزْرَعُ ظِلَّكِ وَرْداً وَ غارا

وَ كانَتْ دِمائي تُغَطِّي الطَّريقْ

مِنَ الشَّرْق حَتَّى المُحيطِ

أعَدُّوا الحُشودَ وَ صَفُّوا الجُنودْ

وَ شَقُّوا ضُلوعي...

وَ أَعْلَوا مَشانِقَ عِنْدَ الحُدودْ

حَزينٌ أَنا يا دِمائي

لِماذا تُضيئينَ دَرْبَ الجُناهْ؟

لِماذا تَكونينَ شَمْعاً يَموتُ لِيَحْيا الطُّغاهْ؟

لِماذا..

لِماذا..

لِماذا؟

وَ يا ذُلَّ هذا السُّؤالْ..!

مُحالٌ..

مُحالٌ..

مُحالٌ..

مُحالْ

وَ سَيْفُ النّواطيرِ ،

جُنْدُ النّواطيرِ ،

يَغْزونَ قَلبي وَ روحِيَ

وَ الليْلُ يَغْرِسُ فينا العَياءْ

وَ بَيْنَ الدُّخولِ وَ بَيْنَ الخُروج

استدارَتْ عُيوني

غامَتْ مِنَ الجَلْدِ

شاهَدْتُ رَبَّ السَّماءْ

وَ في لَحْظَةِ الانْبِهارِ

اسْتَوَيْتُ عَلى النَّطْع

كابَرْتُ

أَمْسَكْتُ سَيْفَ الطّواغيطِ في كِبْرِياءْ

تَحَسَّسْتُ قَلْبَكِ

فَتَّحْتُ عَيْنَيَّ

أَنْهَيْتُ كُلَّ مَواعيدِ ذَبْحي

وَ جَدَّدْتُ عاماً لأَجْل البَقاءْ

(4)

تَلَمَّسْتُ وَجْهَكِ

أَلْغَيْتُ كُلَّ مَواعيدِ قَتْلي

وَ أَبْحَرْتُ في مَرْكَبٍ لا يُضاءْ

وَ فوجِئْتُ بِالليْل يَأْتي سَريعاً

وَ بِالمُخْبِرينَ الغِلاظِ الوُجوهِ

يَشُقونَ دَرْبي

يَشُدونَ زِنْدي بِدون حَياءْ

قَرَأْتُ التَّعاويذَ،

أَسْلَمْتُ أَمْري لِرَبِّ العِبادْ

فَأَلْفَيْتُ ماءَ الخَليج اسْتَحالَ دِماءً

وَ نَفْطاً

وَ ناراً

وَ داءْ

وِ في لَحْظَةِ الانْصِهارِ

تَوحَّدْتُ فيكِ

فَجاءَ الجُنودُ وَ صاحوا

صَمَتُّ..

صَمَتُّ..

صَمَتُّ

وَ كانَتْ جِراحي تَنِزُّ اخْضِراراً

وَ تُمْطِرُ خِصْباً لِتَرْوي الظِّماءْ

وَ ما كانَ حُلْماً...

أَضَأْتُ جِراحي

اسْتَدَرْتُ،

اتَّكَأْتُ عَلى الشَّمْس

أَلْقَيْتُ بَعْضَ القَصائِدْ

فَنامَ الجُنودُ وَ نامَ الزَّمانْ

تَسَلَّلْتُ،

عانَقتُ ظِلّكِ

أَقْدَمْتُ لِلْخَلْفِ شَيْئًا يَسيراً

فَصاحَتْ جِراحي بِذي الصَّوْلَجانْ:

هُوَ الحُبُّ يا قاتِلونَ

هنا مَنْبَعُ النُّورِ وَ العُنْفُوانْ

(5)

تَلَمَّسْتُ وَجْهَكِ

خالَفْتُ كُلَّ مَواعيدِ حَرْقي

وَ دارتْ بِنا الأَرْضُ وَ الشَّمْسُ سِتِّينَ عامْ

وَ زادَتْ بِسَبْع غِلاظٍ شِدادْ

وَ كُنْتُ أَطوفُ البِلادْ

وَ كانَ أَبو ذر قُرْبي..

يَجوبُ الصَّحاري،

يَعيشُ المَنافِيَ في كُلِّ وادْ

تَلَكَّأْتُ..

أَلْصَقْتُ جُرحي عَلى الجُرْح

يَوْمَ التَّنادْ

وَ أَمْصَرْتُ..أَعْرَقْتُ،

أَدْبَرْتُ..أَقْبَلْتُ في كُلِّ نادْ

فَصاحَ الغَفارِيُّ:

ما بِكَ..؟

في النَّجْم يَوْماً

وَ في الأَرْض يَوْماً،

وَفي الشَّمْس عامْ!

تَرَجَّلَ جُرْحي عَنِ الشَّمْسِ

قالَ:

فَدَيْتُكَ!!

أَرْضٌ تُباعُ وَ شَعْبٌ يُضامْ

(6)

تَلَمَّسْتُ وَجْهَكِ

جدَّدْتُ عاماً لأَحْيا

(وَ سافَرْتُ..

أَبْحَرْتُ..

عَبْرَ التُّخوم البَعيدَهْ

وَ كُنْتِ جَوازي وَ كُنْتِ الحَقيبَه)

وَ كُنْتِ الدِّماءَ التي في عُروقي

وَ كُنْتِ الحَبيبَهْ

وَكانَ الجُنودُ يَصوغونَ مَوتي

يَحُفونَ رَكْبَ الخَليفَهْ

فَيَشْحَذُ كُلٌ مُداهُ عَلى بابِ جُرْحي

وَ يَمْضونَ تيهاً

وَ زَهْواً

وَ كِبْرا

(وَ تُفْقَأُ عَيناي دون اكْتِراثٍ

فَأَلتاعُ..

أَغْسِلُ وَجْهي بِشَعْرِكِ

أَزْدادُ حُباًّ

وَ أَزْدادُ نورا)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى